الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سلف: عَن وَقتهَا الَّذِي كَانَ يُصليهَا فِيهِ غَالِبا.
ثَالِثهَا: قَوْله: «حَتَّى ذهب هوي من اللَّيْل» هُوَ بِفَتْح الْهَاء وَكسر الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء، وَيُقَال أَيْضا: بِضَم الْهَاء (حَكَاهُمَا) صَاحب الْمطَالع وَغَيره، وَالْفَتْح أفْصح وَأشهر، وَمَعْنَاهُ: طَائِفَة مِنْهُ. وَجزم الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي «أَحْكَامه» بِأَنَّهُ بِفَتْح الْهَاء وَأَنه الْحِين الطَّوِيل من الزَّمن، ثمَّ قَالَ: وَقيل إِنَّه (يخْتَص) بِاللَّيْلِ.
رَابِعهَا: يَوْم الخَنْدَق (و) هُوَ يَوْم الْأَحْزَاب، وَكَانَ فِي سنة أَربع من الْهِجْرَة، كَمَا نَقله البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» عَن مُوسَى بن عقبَة وَقيل: سنة خمس، وَسمي يَوْم الْأَحْزَاب؛ لِأَن الْكفَّار تحزبوا من كل قَبيلَة حَتَّى بلغُوا عشرَة آلَاف، فَلَمَّا بلغ خبرهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم شاور الْمُسلمين فِي أَمرهم، فَأَشَارَ سلمَان الْفَارِسِي (بِحَفر) الخَنْدَق، فَاسْتَحْسَنَهُ الْمُسلمُونَ وتقاسموا الخَنْدَق، وَكَانُوا ثَلَاثَة آلَاف، فحفروه فِي سِتَّة أَيَّام، وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يحْفر مَعَهم وَيَقُول: اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا
…
إِلَى آخِره وَكَانَ مُدَّة حصارهم خَمْسَة عشر يَوْمًا، ثمَّ أرسل الله (تَعَالَى) عَلَى الْكفَّار ريحًا وجنودًا لم يرهَا الْمُسلمُونَ فَهَزَمَهُمْ (الله) بهَا وَللَّه الْحَمد (والْمنَّة) .
الحَدِيث السَّادِس
«أَنه عليه السلام كَانَ فِي سفر فَقَالَ: احْفَظُوا علينا صَلَاتنَا - يَعْنِي رَكْعَتي
الْفجْر - فَضرب عَلَى آذانهم فَمَا أيقظهم إِلَّا حر الشَّمْس، فَقَامُوا فَسَارُوا هنيَّة، ثمَّ نزلُوا فَتَوضئُوا وَأذن بِلَال فصلوا رَكْعَتي الْفجْر وركبوا) .
هَذَا (حَدِيث) مُتَّفق عَلَى صِحَّته، أودعهُ الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من طَرِيقين: أَحدهمَا: من طَرِيق أبي قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: «سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة فَقَالَ بعض الْقَوْم: لَو عرَّست يَا رَسُول الله قَالَ: أَخَاف أَن تناموا عَن الصَّلَاة. قَالَ بِلَال: أَنا أوقظكم (فاضطجعوا) وَأسْندَ بِلَال ظَهره إِلَى رَاحِلَته فغلبته عَيناهُ فَنَامَ، واستيقظ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد طلع حَاجِب الشَّمْس فَقَالَ: يَا بِلَال أَيْن مَا قلت؟ ! قَالَ: مَا ألقيت عليّ نومَة مثلهَا قطّ. قَالَ: إِن الله قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا عَلَيْكُم حِين شَاءَ، يَا (بِلَال) قُم فَأذن (بِالنَّاسِ) بِالصَّلَاةِ. فَتَوَضَّأ، فَلَمَّا ارْتَفَعت الشَّمْس وابياضت قَامَ فَصَلى» هَذَا لفظ البُخَارِيّ.
وَرَوَاهُ مُسلم مطولا، وَفِيه: أَنه عليه السلام قَالَ: (احْفَظُوا علينا صَلَاتنَا. فَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالشَّمْس فِي ظَهره (قَالَ) فقمنا فزعين، ثمَّ قَالَ: اركبوا. (فَرَكبُوا) فسرنا حَتَّى إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس (ثمَّ نزل فَدَعَا) بميضأة كَانَت معي فِيهَا شَيْء من مَاء، (قَالَ) : فَتَوَضَّأ
مِنْهَا وضُوءًا دون وضوءٍ، ثمَّ أذن بِلَال بِالصَّلَاةِ فَصَلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ صَلَّى الْغَدَاة كَمَا كَانَ يصنع كل يَوْم» وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد:(ثمَّ أذن بِلَال (فصلوا) الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر، ثمَّ صلوا الْفجْر) .
الطَّرِيق الثَّانِي: (من) طَرِيق عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه: (أَنه عليه السلام نَام فِي مسير لَهُ عَن صَلَاة الصُّبْح، فَلَمَّا رفع رَأسه وَرَأَى الشَّمْس قد بزغت قَالَ: ارتحلوا. فَسَار بِنَا حَتَّى ابْيَضَّتْ الشَّمْس نزل فَصَلى بِنَا، هَذَا لفظ مُسلم، وَلَفظ البُخَارِيّ: (ارتحلوا، فَسَار غير بعيد، ثمَّ نزل فَدَعَا بِالْوضُوءِ فَتَوَضَّأ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلى بِالنَّاسِ
…
) الحَدِيث، وخرجا فِيهِ قصَّة.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث الْحسن عَن عمرَان بِلَفْظ: (فَأمر الْمُؤَذّن فَأذن ثمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر، ثمَّ أَقَامَ الْمُؤَذّن فَصَلى الْفجْر)، ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى مَا قدمنَا ذكره من صِحَة سَماع الْحسن من عمرَان وإعادته الرَّكْعَتَيْنِ. لم يخرجَاهُ و (لَهُ) .
طَرِيق ثَالِث: انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين قفل من غَزْوَة خَيْبَر سَار لَيْلَة حَتَّى إِذا أدْركهُ الْكرَى عرَّس وَقَالَ لِبلَال: إكلًا لنا اللَّيْل. فَصَلى بِلَال مَا قدر لَهُ، ونام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه، فَلَمَّا تقَارب الْفجْر (اسْتندَ) بِلَال إِلَى رَاحِلَته
مواجه الْفجْر فَغلبَتْ (بِلَالًا) عَيناهُ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى رَاحِلَته (فَلم) يَسْتَيْقِظ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا بِلَال وَلَا أحد من أَصْحَابه حَتَّى ضربتهم الشَّمْس (فَكَانَ) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَوَّلهمْ استيقاظًا فَفَزعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَي بِلَال فَقَالَ بِلَال: أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ - بِأبي [وَأمي] أَنْت يَا رَسُول الله - بِنَفْسِك فَقَالَ: اقتادوا. فاقتادوا رواحلهم شَيْئا، ثمَّ تَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة (فَصَلى) بهم الصُّبْح فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَالَ: من نسي الصَّلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله عز وجل قَالَ: (أقِم الصَّلَاة لذكري)، قَالَ يُونُس: وَكَانَ ابْن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى.
وَفِي لفظ آخر: «عرسنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم نستيقظ حَتَّى طلعت الشَّمْس، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ليَأْخُذ كل (رجل) بِرَأْس رَاحِلَته؛ فَإِن هَذَا منزل حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان. قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأ، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ (ثمَّ أُقِيمَت) الصَّلَاة (فَصَلى) الْغَدَاة» وَفِي لفظ: (ثمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ) .
وَفِي رِوَايَة غَرِيبَة لمُحَمد بن إِسْحَاق السراج فِي «مُسْنده» «أَنه صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَكَانَهُ بِأَصْحَابِهِ، ثمَّ قَالَ: اقتادوا (بِنَا) من هَذَا الْمَكَان، وصلوا الصُّبْح فِي مَكَان آخر) .
رَوَاهَا عَن عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، عَن سُفْيَان، نَا الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة (بِهِ) . قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي (الإِمَام) : وَهَذَا فِيهِ زِيَادَة إِن كَانَ مَحْفُوظًا.
وَفِي رِوَايَة «للطبراني» فِي أكبر «معاجمه» من حَدِيث سعيد بن الْمسيب، عَن بِلَال قَالَ:«كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفر، فَنَامُوا حَتَّى طلعت الشَّمْس، فَأمر بِلَالًا (فَأذن) ، ثمَّ صلوا رَكْعَتي الْفجْر، ثمَّ صلوا الْغَدَاة» .
ينظر فِي سَماع سعيد من أبي هُرَيْرَة (وبلال) ، وَفِي هَذِه الرِّوَايَة أَيْضا أَبُو جَعْفَر عِيسَى بن (أبي عِيسَى)) ماهان (الرَّازِيّ) ، وستعرف كَلَام الْأَئِمَّة فِيهِ فِي بَاب صفة الصَّلَاة إِن شَاءَ الله (ذَلِك) وَقدره.
وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق رَابِع.
من حَدِيث ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه هُوَ الَّذِي حرسهم، وَفِيه: «فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَصنعَ كَمَا يصنع من الْوضُوء وركعتي الْفجْر ثمَّ صَلَّى بِنَا
الصُّبْح، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِن الله عز وجل لَو أَرَادَ (أَلا) تناموا عَنْهَا لم تناموا، وَلَكِن أَرَادَ لمن بعدكم فَهَكَذَا لمن نَام أَو نسي» .
رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» وَله طَرِيق خَامِس من حَدِيث جُبَير ابْن مطعم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه وَلَفظه: ثمَّ (توضئوا) وَأذن بِلَال، ثمَّ صلوا رَكْعَتي الْفجْر [ثمَّ صلوا الْفجْر] .
وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا بالسند الْمَذْكُور وَاللَّفْظ إِلَّا أَنه قَالَ: «فصلوا الرَّكْعَتَيْنِ، ثمَّ صلوا الْفجْر» وَالْمعْنَى وَاحِد.
فَائِدَة: لَا تنَافِي بَين نَومه عليه السلام فِي الْوَادي عَن صَلَاة الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس، وَبَين قَوْله:(إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي) لِأَن الْقلب يقظان يحس (بِالْحَدَثِ) وَغَيره مِمَّا يتَعَلَّق بِالْبدنِ ويشعر بِهِ الْقلب، وَلَيْسَ طُلُوع الْفجْر من ذَلِك وَلَا هُوَ مِمَّا يدْرك بِالْقَلْبِ، وَإِنَّمَا يدْرك بِالْعينِ وَهِي نَائِمَة، وَأبْعد من قَالَ: إِن لنومه عليه السلام حَالَة ينَام فِيهَا الْقلب، وصادف هَذَا الْموضع وَحَالَة [لَا ينَام فِيهَا](وَأَنه) الْغَالِب من حَاله فَإِن فِيهِ ارْتِكَاب أَمر لَا مجَال لِلْعَقْلِ فِيهِ.