الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الإِمَام فِي «نهايته» : إِنَّه الصَّحِيح. وَلم يبين مَا يُقَابله، وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّه الدَّم الْكثير الغليظ الَّذِي يخرج من قَعْر الرَّحِم، ينْسب إِلَى الْبَحْر لكثرته وسعته.
قَالَ أهل اللُّغَة: والبحراني مَنْسُوب إِلَى الْبَحْر، وَهُوَ قَعْر الرَّحِم (كَمَا يخرج المَاء من قَعْر الْبَحْر) ، وزادوه الْألف وَالنُّون فِي النّسَب مُبَالغَة، (وَقيل: لِأَنَّهُ يخرج بسعة تدفق كَمَاء الْبَحْر) .
الحَدِيث الْعشْرُونَ
هَذَا الحَدِيث عَلَى شَرط الصَّحِيح رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور الْأَئِمَّة: مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» وَالشَّافِعِيّ فِي «الْأُم» وَأحمد والدارمي فِي «مسنديهما» وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمْ» ، وَابْن الْجَارُود فِي «الْمُنْتَقَى» من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار، عَن أم سَلمَة رضي الله عنها بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» وَغَيره: إِسْنَاده عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم.
قلت: وَأعله جمَاعَة بالانقطاع، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا حَدِيث مَشْهُور إِلَّا أَن سُلَيْمَان بن يسَار لم يسمعهُ من أم سَلمَة، وَكَذَا (قَالَ) فِي «خلافياته» أَن سُلَيْمَان لم (يسمعهُ) مِنْهَا، إِنَّمَا سَمعه من رجل عَنْهَا، كَذَلِك رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وَعبيد الله بن (عمر) وصخر بن جوَيْرِية، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان، عَن رجل عَنْهَا. وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي «الْوَهم وَالْإِيهَام» : هَذَا حَدِيث مُرْسل فِيمَا أرَى. وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي «شرح الْمسند» : إِنَّه مُرْسل. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ: لم يسمعهُ سُلَيْمَان مِنْهَا، وَرَوَاهُ مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان، عَن مرْجَانَة، عَن أم سَلمَة. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» :(قد) اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، فَرَوَاهُ مَالك، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان، عَن أم سَلمَة. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَسد بن مُوسَى، عَن اللَّيْث، عَن نَافِع. وَرَوَاهُ
كَذَلِك أَسد أَيْضا، عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر، عَن الْحجَّاج، عَن نَافِع بِهِ.
قَالَ: وَقيل بِإِدْخَال رجل بَين سُلَيْمَان، وَأم سَلمَة، فَرَوَاهُ اللَّيْث، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان أَن رجلا أخبرهُ عَن أم سَلمَة
…
الحَدِيث.
(رَوَاهُ) أَبُو دَاوُد من غير سِيَاقَة أَلْفَاظه كلهَا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَخْر بن جوَيْرِية، عَن نَافِع، ذكره أَبُو دَاوُد محيلاً عَلَى رِوَايَة اللَّيْث، وَسَاقه الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن الْجَارُود بِتَمَامِهِ من حَدِيث صَخْر، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان: أَنه حَدثهُ رجل عَن أم سَلمَة، وَكَذَلِكَ ذكر عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان، عَن رجل، عَن أم سَلمَة. ورأيته فِي «مُسْند السراج» لَيْسَ بَين سُلَيْمَان وَأم سَلمَة أحد.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان، عَن رجل من الْأَنْصَار:«أَن امْرَأَة كَانَت تهراق الدَّم» .
وَذكر المُصَنّف - أَعنِي الرَّافِعِيّ - فِي شَرحه للمسند مقَالَة الْبَيْهَقِيّ السالفة، وَأجَاب عَنْهَا فَقَالَ: ذكر الْبَيْهَقِيّ أَن سُلَيْمَان لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أم سَلمَة مستدلاً بِأَن اللَّيْث رَوَاهُ عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان، عَن رجل (عَنْهَا) ، وَكَذَلِكَ (رَوَاهُ) جوَيْرِية بن أَسمَاء وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة، وَعبيد الله بن (عمر) عَن نَافِع، لَكِن يُمكن أَن يكون سَمعه سُلَيْمَان من رجل (عَن) أم سَلمَة ثمَّ سَمعه مِنْهَا، فروَى تَارَة هَكَذَا وَتارَة هَكَذَا. قَالَ: وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي «التَّارِيخ» أَن سُلَيْمَان
بن يسَار سمع ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة وَأم سَلمَة. هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَهُوَ جمع حسن وَبِه يتَّفق الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور وَقد (جزم) صَاحب «الْكَمَال» بِأَن سُلَيْمَان سمع مِنْهَا، وَتَبعهُ (الْمزي) والذهبي.
فَائِدَة: يهراق، كَذَا جَاءَ عَلَى مالم يسم فَاعله - بِضَم الْيَاء وَفتح الْهَاء - أَي يصب. وَالدَّم مَنْصُوب عَلَى (التَّشْبِيه) بالمفعول، أَو عَلَى التَّمْيِيز عَلَى مَذْهَب الْكُوفِيّين. قَالَه صَاحب «الْمطَالع» وَيجوز أَن يكون منعوتًا بيهراق، و (قَالَ) الْمُنْذِرِيّ فِي «حَوَاشِيه» : الدَّم مَنْصُوب عَلَى التَّمْيِيز وَإِن كَانَ معرفه وَله نَظَائِر أَو يكون أجري مجْرى: نفست الْمَرْأَة (غُلَاما) . وَيجوز رفع الدَّم عَلَى (تَقْدِير)(إهراق) دماؤها، وَيكون الْألف وَاللَّام بَدَلا من الْإِضَافَة كَقَوْلِه تَعَالَى:(أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح) أَي عقدَة نِكَاحه أَو نِكَاحهَا.
وَالدَّم مخفف اللَّام عَلَى اللُّغَة الْمَشْهُورَة، وَفِي لُغَة شَاذَّة بتشديدها.
وَقَوله عليه السلام: «فلتترك» يجوز فِي هَذِه اللَّام - وَشبههَا فِي لامات الْأَمر الَّتِي يتقدمها فَاء، أَو رَاء أَو ثمَّ - ثَلَاثَة أوجه: كسرهَا، وإسكانها، وَيجوز فتحهَا عَلَى غرابة. وَقد تقدم مَعْنَى الاستثفار فِي حَدِيث حمْنَة الْمُتَقَدّم أول الْبَاب.