الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن جن وَلَا إنس وَلَا شَيْء إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة) .
فَائِدَة: المدى - بِفَتْح الْمِيم - مَقْصُور (وَيكْتب) بِالْيَاءِ، وَهُوَ الْغَايَة، وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك فِي الحَدِيث الْحَادِي وَالْعِشْرين - إِن شَاءَ الله تعالي.
الحَدِيث الرَّابِع
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا كَانَ أحدكُم بِأَرْض فلاة فَدخل عَلَيْهِ وَقت صَلَاة، فَإِن صَلَّى بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة صَلَّى وَحده، وَإِن صَلَّى بِإِقَامَة صَلَّى بِصَلَاتِهِ ملكا، وَإِن صَلَّى بِأَذَان وَإِقَامَة صَلَّى خَلفه من الْمَلَائِكَة صف أَوَّلهمْ بالمشرق وَآخرهمْ بالمغرب» .
هَذَا الحَدِيث تبع فِي إِيرَاده كَذَلِك القَاضِي وَغَيره وَهُوَ حَدِيث رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق، وَمَالك، وَالنَّسَائِيّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ، وَغَيرهم مطولا ومختصرًا وَبَعْضهمْ رَوَاهُ مَرْفُوعا (وَبَعْضهمْ مَوْقُوفا) .
أما عبد الرَّزَّاق بن همام فَأخْرجهُ فِي كتاب الصَّلَاة عَلَى مَا نَقله الضياء فِي «أَحْكَامه» من حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا كَانَ الرجل بِأَرْض (قِيّ)(أَي قفر) فحانت الصَّلَاة، فَليَتَوَضَّأ، فَإِن لم يجد مَاء فليتيمم، فَإِن أَقَامَ صَلَّى مَعَه ملكاه، وَإِن أذّن
وَأقَام صَلَّى خَلفه من جنود الله - تَعَالَى - مَا لَا يُرى طرفاه» .
وَأخرجه أَبُو مُحَمَّد بن حبَان - عَلَى مَا عزاهُ إِلَيْهِ صَاحب «الإِمَام» - عَن إِسْحَاق بن (حَكِيم) ، عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن (ابْن) التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان مَرْفُوعا بِهِ.
وَأما مَالك فَأخْرجهُ فِي «الْمُوَطَّأ» عَن يَحْيَى بن (سعيد)، عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يَقُول:«من صَلَّى بِأَرْض فلاة صَلَّى عَن يَمِينه ملك، وَعَن شِمَاله ملك، (وَإِن) أذن وَأقَام الصَّلَاة صَلَّى وَرَاءه من الْمَلَائِكَة أَمْثَال الْجبَال» .
وَقيل: إِن (فِي) رِوَايَة القعْنبِي: «أذن وَأقَام» حَكَاهُ صَاحب «الإِمَام» .
قَالَ الدارقطني فِي «علله» : وَهَذَا حَدِيث يرويهِ يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ اللَّيْث، عَن يَحْيَى، (عَن) ابْن الْمسيب، عَن معَاذ. وَخَالفهُ مَالك فَرَوَاهُ عَن يَحْيَى، عَن ابْن الْمسيب قَوْله. وَقَول اللَّيْث أصح، قَالَ: وَمن عَادَة مَالك إرْسَال الْأَحَادِيث وَإِسْقَاط رجل.
وَأما النَّسَائِيّ (فَأخْرجهُ) فِي كتاب المواعظ من «سنَنه» عَن سُوَيْد بن نصر، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن مل - وَهُوَ أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ - عَن سلمَان مَرْفُوعا:«إِذا كَانَ الرجل فِي أَرض فَتَوَضَّأ فَإِن لم يجد المَاء تيَمّم، ثمَّ يُنَادي بِالصَّلَاةِ، ثمَّ يقيمها (و) يُصليهَا إِلَّا أم من جنود الله صفًّا» قَالَ عبد الله: وَزَادَنِي سُفْيَان، عَن دَاوُد، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان:(يَرْكَعُونَ بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون عَلَى دُعَائِهِ) وَكتاب المواعظ من النَّسَائِيّ مَوْجُود فِي رِوَايَة حَمْزَة بن عَمْرو الْكِنَانِي فَحَذفهُ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر كَمَا نبه عَلَيْهِ (الْمزي) فِي «أَطْرَافه» .
وَأما الطَّبَرَانِيّ (فَإِنَّهُ أخرجه) فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث أبي نعيم، نَا عِيسَى بن قرطاس، حَدثنِي الْمسيب بن (رَافع) لَا أعلمهُ إِلَّا عَن زر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا كَانَ الرجل بِأَرْض قي فحانت الصَّلَاة فَليَتَوَضَّأ، فَإِن لم يجد مَاء فليتيمم، فَإِن أَقَامَ صَلَّى مَعَه ملكاه، وَإِن أذن وَأقَام صَلَّى (خَلفه) من جنود الله من لَا يرَى طرفاه) .
وَأما الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ أخرجه من حَدِيث عبد الْوَهَّاب بن عَطاء، نَا
سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن سلمَان قَالَ:«لَا يكون (رجل) بِأَرْض قي فيتوضأ أَو يتَيَمَّم صَعِيدا طيبا فينادي بِالصَّلَاةِ، ثمَّ يقيمها (فَيصَلي) » وَفِي رِوَايَة: « (فيقيمها) إِلَّا أم من جنود الله (من) لَا يرَى (قطراه) أَو قَالَ: طرفاه» شكّ التَّيْمِيّ.
ثمَّ أخرجه من حَدِيث (يزِيد) بن هَارُون، نَا سُلَيْمَان، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان قَالَ:(لَا يكون رجل بِأَرْض قي فيتوضأ إِن وجد مَاء، (وَإِلَّا)(يتَيَمَّم) فينادي بِالصَّلَاةِ، ثمَّ يقيمها إِلَّا أَمَّ من جنود الله مَا لَا يرَى طرفاه - أَو قَالَ: طرفه) . ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح مَوْقُوف، قَالَ: وَقد (رَوَى) مَرْفُوعا (قَالَ) : وَلَا يَصح رَفعه، ثمَّ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن سلمَان مَرْفُوعا:(مَا من رجل يكون بِأَرْض قيًّ فَيُؤذن بِحَضْرَة الصَّلَاة، وَيُقِيم الصَّلَاة (فَيصَلي) ، إِلَّا (صَلَّى) خَلفه من الْمَلَائِكَة مَا لَا يرَى (قطراه) يَرْكَعُونَ بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون عَلَى دُعَائِهِ) .
وَرَوَاهُ ابْن طَاهِر فِي «تَذكرته» من حَدِيث يزِيد بن سُفْيَان، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان وَلَفظه:(من كَانَ بفلاة من الأَرْض، ثمَّ أذن وَأقَام، صَلَّى مَعَه من جنود الله مَا لَا يرَى طرفاه) . قَالَ: وَيزِيد هَذَا لَيْسَ بِحجَّة.
قلت: وَيروَى أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة مَرْفُوعا: (إِذا كَانَ الرجل بِأَرْض فلاة فَحَضَرَ وَقت (الصَّلَاة) ، فَأذن ثمَّ أَقَامَ وَرفع صَوته، ثمَّ صَلَّى صَلَّى خَلفه أَمْثَال الْجبَال من الْمَلَائِكَة، وَإِذا صَلَّى وَلم يُؤذن لم (يصل) مَعَه إِلَّا (ملكاه)) .
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي «حلية الْأَوْلِيَاء» من حَدِيث (ضَمرَة) عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء، عَن كَعْب الْأَحْبَار:(إِذا صَلَّى الرجل بِأَذَان وَإِقَامَة، صَلَّى مَعَه من الْمَلَائِكَة مَا يسد الْأُفق، وَإِذا صَلَّى بِإِقَامَة، صَلَّى مَعَه ملكاه) .
قلت: فَحَدِيث سلمَان الْمَوْقُوف هُوَ الْعُمْدَة، وَالْبَاقِي شَوَاهِد لَهُ، وَلَا يخْفَى التسامح فِي بَاب الْفَضَائِل.
فَائِدَة: قَوْله: «أَرض قيًّ - هُوَ بِالْقَافِ - أَي قفر كَمَا نبه عَلَيْهِ ابْن الصّلاح.
ثمَّ قيل: المُرَاد بِالْحَدِيثِ إِذا كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَنَحْوهَا؛ لِأَن الْمَدِينَة عَلَى يسَار الْكَعْبَة فَيصير (هُنَا صف) أَوله الْمشرق وَآخره الْمغرب،