الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث التَّاسِع بعد الْأَرْبَعين
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: (مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فِي يَوْم بعد الْعَصْر إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» من حَدِيث الْأسود ومسروق قَالَا:(نشْهد عَلَى عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: مَا كَانَ (يكون) يَوْمه الَّذِي كَانَ يكون (فِيهِ) عِنْدِي (إِلَّا) صلاهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي - يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر) . وَرَوَى هُوَ وَالْبُخَارِيّ عَنْهَا قَالَت: (مَا ترك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ) . وَقد سلف، وعنها:(صلاتان مَا تَركهمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي قطّ سرًّا وَعَلَانِيَة رَكْعَتَانِ (قبل) الْفجْر، وركعتان بعد الْعَصْر) وَقد سلف قَرِيبا حَدِيث أبي سَلمَة عَن عَائِشَة. وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان فِي «صَحِيحه» عَنْهَا:«مَا من يَوْم كَانَ يَأْتِي عَلّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا صَلَّى بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ» .
الحَدِيث الْخَمْسُونَ
عَن عَائِشَة رضي الله عنها (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بعد الْعَصْر وَينْهَى عَنْهَا) .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» من حَدِيث (ابْن) إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن (عَمْرو) بن عَطاء، عَن ذكْوَان مولَى عَائِشَة أَنَّهَا حدثته «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بعد الْعَصْر وَينْهَى عَنْهَا، ويواصل وَينْهَى عَن الْوِصَال» . وَابْن إِسْحَاق هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار (أَبُو) بكر، وَيُقَال: أَبُو عبد الله المطلبي، مَوْلَاهُم الْمدنِي الإِمَام صَاحب الْمَغَازِي، رَأَى أنسا، وَرَوَى عَن عَطاء وطبقته، وَعنهُ الْأَئِمَّة وَكَانَ مِمَّن يحوز (الْعلم) وَله غرائب فِي سَعَة مَا (رَوَى) وَهُوَ صَدُوق، وَحَدِيثه فَوق الْحسن، وَقد صَححهُ جمَاعَة. قَالَ أَحْمد: حسن الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة عَنهُ: كثير التَّدْلِيس. وَقَالَ ابْن (الْمَدِينِيّ: حَدِيث) حسن صَحِيح. وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَيْضا مُحَمَّد بن (شهَاب) وَشعْبَة وَابْن عُيَيْنَة وَأَبُو زرْعَة وَالْبُخَارِيّ، ووثقة الْعجلِيّ وَابْن سعد. وَقَالَ يَعْقُوب بن شيبَة: حَدِيثه صَحِيح. وَقَالَ ابْن معِين فِي رِوَايَة الدوري والساجي: ثِقَة. وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا وَاسْتشْهدَ بِهِ مُسلم فِي خَمْسَة أَحَادِيث.
وأفظع (مَالك القَوْل فِيهِ) فَقَالَ: هُوَ دجال من الدجاجلة، وَقد أنكر ذَلِك عَلَيْهِ غير وَاحِد حَتَّى قَالَ الْخَطِيب: أطلق مَالك لِسَانه فِي قوم
معروفين بالثقة وَالصَّلَاح، وَقَالَ ابْن نمير: لم يعرفهُ مَالك وَلم يجالسه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي: ذاكرت دحيمًا قَول مَالك فَرَأَى أَن ذَلِك لَيْسَ للْحَدِيث، إِنَّمَا ذَلِك؛ لِأَنَّهُ اتهمه (بِالْقدرِ) قَالَ ابْن نمير: وَقد كَانَ أبعد النَّاس (مِنْهُ - أَي) من الْقدر - وَذكر ابْن حبَان شبه (مقَالَته) هَذِه فِيهِ فَقَالَ فِي «ثقاته» : فِي أَتبَاع التَّابِعين: تكلم فِيهِ) رجلَانِ، هِشَام بن عُرْوَة وَمَالك بن أنس؛ أما هِشَام فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان: إِن ابْن إِسْحَاق حدث عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر؟ قَالَ: وَهل كَانَ يصل إِلَيْهَا؟ ! قَالَ ابْن حبَان: وَهَذَا لَيْسَ (مِمَّا) يجرح بِهِ الْإِنْسَان، وَذَلِكَ أَن التَّابِعين مثل الْأسود وعلقمة من أهل الْعرَاق، وَأبي سَلمَة وَعَطَاء ودونهما من أهل الْحجاز قد سمعُوا من عَائِشَة من غير أَن ينْظرُوا إِلَيْهَا، سمعُوا صَوتهَا، وَقبل النَّاس أخبارهم من غير أَن يصل إِلَيْهَا حَتَّى ينظر إِلَيْهَا عيَانًا، وَكَذَلِكَ ابْن إِسْحَاق كَانَ يسمع من فَاطِمَة والسّتْر من بَينهمَا مُسْبَل أَو بَينهمَا (حَائِل) بِحَيْثُ يسمع كَلَامهَا، فَهَذَا سَماع صَحِيح، والقادح فِيهِ بِهَذَا غير منصف.
وَأما مَالك؛ فَإِنَّهُ كَانَ ذَلِك مِنْهُ مرّة، ثمَّ عَاد إِلَى مَا يحب، وَذَلِكَ أَنه لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الْعَرَب وأيامهم من مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَكَانَ يزْعم أَن مَالِكًا من موَالِي ذِي أصبح وَكَانَ مَالك يزْعم أَنه من أنفسهم، فَوَقع بَينهمَا (لهَذَا) مُعَارضَة، فَلَمَّا صنف مَالك
«الْمُوَطَّأ» قَالَ (ابْن إسحاق) : ائْتُونِي بِهِ فَإِنِّي بيطاره، فَنقل ذَلِك إِلَى مَالك، فَقَالَ:(هُوَ) دجال من الدجاجلة يروي عَن الْيَهُود، وَكَانَ بَينهم مَا يكون بَين النَّاس، حَتَّى عزم مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَلَى الْخُرُوج إِلَى الْعرَاق فتصالحا حِينَئِذٍ، فَأعْطَاهُ مَالك عِنْد ذَلِك (الْوَدَاع) خمسين دِينَارا نصف ثَمَرَته تِلْكَ السّنة، وَلم يكن يقْدَح فِيهِ مَالك من أجل الحَدِيث، إِنَّمَا كَانَ يُنكر عَلَيْهِ تتبعه غزوات النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن أَوْلَاد الْيَهُود الَّذين أَسْلمُوا وحفظوا قصَّة خَيْبَر وَقُرَيْظَة وَالنضير وَمَا أشبههَا من الْغَزَوَات عَن أسلافهم، وَكَانَ ابْن إِسْحَاق يتتبع هَذَا عَنْهُم (ليَعْلَمَ، من غير أَن يحْتَج بهم، وَكَانَ مَالك لَا [يرَى] الرِّوَايَة إِلَّا عَن متقن صَدُوق فَاضل) يحسن مَا يروي، ويروي مَا يحدث.
قَالَ عَلّي بن الْحُسَيْن بن وَاقد: دخلت عَلَى ابْن الْمُبَارك وَإِذا هُوَ وَحده، فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، كنت أشتهي أَن أَلْقَاك عَلَى هَذِه الْحَالة. قَالَ: هَات. قلت: مَا تَقول فِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق؟ قَالَ: أما إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَدُوقًا - ثَلَاث مَرَّات.
وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: كَانَ (مُحَمَّد) بن إِسْحَاق ثبتًا فِي الحَدِيث. قَالَ ابْن حبَان: لم يكن أحد بِالْمَدِينَةِ يُقَارب ابْن إِسْحَاق فِي علمه وَلَا يوازيه فِي جمعه. وَكَانَ شُعْبَة سُفْيَان يَقُولَانِ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، وَهُوَ من أحسن النَّاس سياقًا للْأَخْبَار، وَأَحْسَنهمْ حفظا لمتونها، وَإِنَّمَا أُذي؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلس عَلَى الضُّعَفَاء؛ فَوَقع الْمَنَاكِير
فِي رِوَايَته من قبل أُولَئِكَ، فَأَما إِذا بَين السماع فِيمَا يرويهِ فَهُوَ ثَبت يحْتَج بروايته.
قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَدُوق، وَالدَّلِيل عَلَى صدقه أَنه مَا رَوَى عَن أحد من الجلة إِلَّا وَرَوَى عَن رجل عَنهُ؛ فَهَذَا يدل عَلَى صدقه. وَفِي رِوَايَة أَن عَلّي بن الْمَدِينِيّ سُئِلَ عَنهُ أَيْضا، فَقَالَ: ثِقَة قد أدْرك نَافِعًا (وَرَوَى) عَنهُ وَرَوَى (عَن رجل) عَنهُ، وَعَن رجل (عَن رجل) عَنهُ هَل يدل (ذَلِك) إِلَّا عَلَى الصدْق.
قَالَ ابْن حبَان: كَانَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق يكْتب عَن من فَوْقه وَمثله ودونه لرغبته فِي الْعلم وحرصه عَلَيْهِ (فَرُبمَا) يروي عَن رجل قد رَآهُ، ويروي عَن آخر عَنهُ فِي مَوضِع آخر، ويروي عَن رجل، عَن رجل عَنهُ، فَلَو كَانَ مِمَّن يسْتَحل الْكَذِب لم يحْتَج إِلَى الْإِنْزَال؛ بل كَانَ يحدث عَمَّن يرَاهُ ويقتصر عَلَيْهِ، فَهَذَا مِمَّا يدلك عَلَى صدقه وشهرة عَدَالَته فِي الرِّوَايَات. قَالَ يَحْيَى بن يَحْيَى وَذكر (عِنْده) مُحَمَّد بن إِسْحَاق: فوثقه. هَذَا آخر كَلَام ابْن حبَان، وَقد أوضح تَرْجَمته وأجاد.
وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الْقطَّان - وَهُوَ المدقق فِي النّظر -: (المتحصل) من أَمر ابْن إِسْحَاق الثِّقَة وَالْحِفْظ، وَلَا سِيمَا السّير (وَلم) يَصح عَلَيْهِ قَادِح.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله (ومنته) وَذكر فِيهِ من الْآثَار عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما «أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِض: تطهر قبل (طُلُوع) الْفجْر بِرَكْعَة يلْزمهَا الْمغرب وَالْعشَاء» وَهُوَ أثر مَشْهُور عَنْهُمَا (رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيّ) .
أما الأول (فَرَوَاهُ) من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن يَرْبُوع، عَن جده عبد الرَّحْمَن، عَن مولَى لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ:(إِذا طهرت الْحَائِض قبل أَن تغرب الشَّمْس صلت الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَإِذا طهرت (الْحَائِض) قبل أَن يطلع الْفجْر صلت الْمغرب وَالْعشَاء جَمِيعًا.
قَالَ الْخلال: (كَانَ) أَبُو عبد الله - يَعْنِي أَحْمد بن حَنْبَل - (يَقُول) مُحَمَّد بن عُثْمَان (هَذَا)(كَانَ) ثِقَة، فِي إِسْنَاده مولَى لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف - لَعَلَّه - يَعْنِي أَنه مَجْهُول - قَالَ: وَكَانَ ابْن عُيَيْنَة يهم فِيهِ فَيَقُول: سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن يَرْبُوع وَإِنَّمَا هُوَ عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن يَرْبُوع، قيل لأبي عبد الله: رَوَاهُ حَاتِم والدراوردي - يَعْنِي عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان - (فَأَيّهمَا) أحب إِلَيْك؟ قَالَ: حَاتِم، وَحمل عَلَى الدَّرَاورْدِي يحدث أَحَادِيث مَنَاكِير.
وَأما أثر ابْن عَبَّاس - وَهُوَ الثَّانِي - فَرَوَاهُ من حَدِيث زَائِدَة، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:(إِذا طهرت الْمَرْأَة (فِي) وَقت صَلَاة الْعَصْر فلتبدأ بِالظّهْرِ (فلتصلها) ثمَّ (لتصل) الْعَصْر، وَإِذا طهرت فِي وَقت الْعشَاء الْآخِرَة فلتبدأ (فلتصل) الْمغرب وَالْعشَاء» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ لَيْث بن أبي سليم، عَن طَاوس وَعَطَاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:(وَإِذا طهرت قبل الْفجْر صلت الْمغرب وَالْعشَاء) .
قَالَ: وَقيل (عَنهُ) عَنْهُمَا من قَوْلهمَا.
قَالَ: ورويناه عَن جمَاعَة من التَّابِعين سواهُمَا، وَعَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من الْمَدِينَة، وَقَالَ فِي «خلافياته» قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَاق: وَلَا أعلم أحدا من الصَّحَابَة خالفهما فِي ذَلِك - يَعْنِي ابْن عَوْف وَابْن عَبَّاس.
قلت: وَفِي الْكتاب الْمُسَمَّى ب (بالموضح أَوْهَام الْجمع والتفريق) . لِلْحَافِظِ أبي بكر الْخَطِيب من حَدِيث عبَادَة بن نسي، عَن ابْن غنم «أَنه سَأَلَ معَاذ بن جبل عَن الْمَرْأَة تطهر قبل غرُوب الشَّمْس؛ قَالَ: تصلي الْعَصْر. (قَالَ) : قبل ذهَاب الشَّفق؟ قَالَ: تصلي الْمغرب.
قَالَ: قبل طُلُوع الشَّمْس؟ قَالَ: تصلي الْفجْر. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنَا ويأمرنا أَن نعلم نِسَاءَنَا» .