الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وَكَذَا ترْجم البُخَارِيّ عَلَيْهِ بَاب من قَالَ ليؤذن فِي السّفر مُؤذن وَاحِد، وَترْجم عَلَيْهِ بتراجم أخر مِنْهَا: الْأَذَان للْمُسَافِر إِذا كَانُوا جمَاعَة، (وَمِنْهَا رَحْمَة النَّاس والبهائم من كتاب الْأَدَب) وَمِنْهَا إجَازَة خبر الْوَاحِد.
فَائِدَة: قَوْله «رَقِيقا» - هُوَ بقافين - وَفِي بعض رِوَايَات البُخَارِيّ (بفاء وقاف) قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم، «ورأيتموني» مَعْنَاهُ: علمتموني، «والشببة» جمع شَاب مثل: كَاتب وكتبة، وسافر وسفرة، وَيجمع أَيْضا عَلَى شباب، قَالَه الْهَرَوِيّ. قَالَ: وَلَا يجمع فَاعل عَلَى فعال (غَيره) وَفِي حد الشَّبَاب اخْتِلَاف ذكرته فِي شرح الْعُمْدَة فِي كتاب النِّكَاح فَرَاجعه مِنْهُ.
الحَدِيث الثَّالِث
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي سعيد الْخُدْرِيّ: «إِنَّك رجل تحب الْغنم والبادية، فَإِذا دخل وَقت الصَّلَاة فَأذن وارفع صَوْتك؛ فَإِنَّهُ لَا يسمع صَوْتك (حجر) وَلَا شجر وَلَا مدر إِلَّا شهد لَك يَوْم الْقِيَامَة» .
هَذَا الحَدِيث تبع فِي إِيرَاده كَذَلِك الْغَزالِيّ فِي «وسيطه» ، وَالْغَزالِيّ تبع إِمَامه إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَالْإِمَام تبع (القَاضِي) الْحُسَيْن، وَكَذَا هُوَ
مَذْكُور فِي شرح ابْن دَاوُد (للمختصر) وَهُوَ من مُتَقَدِّمي الْأَصْحَاب، وَكَذَا هُوَ فِي الْحَاوِي (للماوردي) وَهُوَ (تَغْيِير) للْحَدِيث، وَصَوَابه مَا ثَبت فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» وَغَيره، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ (أَنه) قَالَ لَهُ:«إِنِّي أَرَاك تحب الْغنم والبادية، فَإِذا كنت فِي غنمك [أَو] باديتك فَأَذنت بِالصَّلَاةِ فارفع صَوْتك بالنداء؛ فَإِنَّهُ لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن جن وَلَا إنس (وَلَا شَيْء) إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة» . قَالَ أَبُو سعيد: (سمعته) من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذَا لَفظه وَهُوَ مَعْدُود من أَفْرَاده، وَكَذَا أخرجه مَالك فِي موطئِهِ وَأخرجه الشَّافِعِي عَنهُ كَذَلِك، غير أَنه لم يذكر فِيهِ «بالنداء» وَلم يذكر فِيهِ الْمُؤَذّن، بل قَالَ:«مدى صَوْتك» فصوابه أَن الْقَائِل لذَلِك (هُوَ) أَبُو سعيد للراوي عَنهُ، لَا جرم اعْترض ابْن الصّلاح فَقَالَ: أصل هَذَا الحَدِيث ثَابت، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك، وَأخرجه البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» عَن (ابْن) أبي أويس، عَن مَالك، لَكِن (قَول)
صَاحب الْكتاب - يَعْنِي الْغَزالِيّ - وَشَيْخه: أَنه عليه السلام قَالَ لأبي سعيد: «إِنَّك رجل تحب الْغنم والبادية» وهم وتحريف (إِنَّمَا) الْقَائِل لذَلِك أَبُو سعيد للراوي عَنهُ، وَهُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة. وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «تنقيحه» : هَذَا الحَدِيث مِمَّا غَيره المُصَنّف وَشَيْخه وَالْمَاوَرْدِيّ وَالْقَاضِي حُسَيْن والرافعي وَغَيرهم من الْفُقَهَاء، فَجعلُوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم هُوَ قَائِل هَذَا الْكَلَام لأبي سعيد، وغيروا لَفظه أَيْضا، فَالصَّوَاب مَا ثَبت فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» و «الْمُوَطَّأ» وَجَمِيع كتب الحَدِيث، ثمَّ سَاق رِوَايَة البُخَارِيّ السالفة وَقَالَ: هَذَا لفظ رِوَايَة البُخَارِيّ وَسَائِر الْمُحدثين وَغَيرهم، وَأَبْدَى الشَّيْخ نجم الدَّين بن الرّفْعَة فِي «مطلبه» عذرا حسنا لهَؤُلَاء الْجَمَاعَة فَقَالَ: لَعَلَّ الْحَامِل للْقَاضِي عَلَى ذَلِك جعل قَول أبي سعيد: (سمعته) من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. عَائِدًا إِلَى كل مَا ذكره أَبُو سعيد للرواي عَنهُ، وَيكون تَقْدِيره: سَمِعت مثل مَا ذكرت لَك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك صَحَّ مَعَه مَا ذكره المُصَنّف وَمن (تبعه) بِاعْتِبَار الْمَعْنى لَا بِصُورَة اللَّفْظ، قَالَ: وَقد رَأَيْت فِي شرح ابْن دَاوُد (للمختصر) - وَهُوَ من مُتَقَدِّمي الْأَصْحَاب قبل الشَّيْخ أبي حَامِد وَأَتْبَاعه - مَا أودعهُ الْغَزالِيّ غير أَنه لم يقل فِيهِ: «فَأذن» وَلَكِن قَالَ فِيهِ: «فَأَذنت» - كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ - وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ أَمر بِالْأَذَانِ بل الْمَأْمُور فِيهِ رفع الصَّوْت إِن وجد الْأَذَان، وَلِهَذَا اسْتدلَّ بِهِ القَاضِي عَلَى رفع الصَّوْت فَقَط وَلَعَلَّه (المسموع) من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا (هَذَا القيل)، وَلَقَد أوردهُ البُخَارِيّ فروَى عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: (