الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيهمَا قَالَ: (وَفِي) رِوَايَة ابْن السكن: «دوِي نعليك» وَهُوَ قريب من مَعْنَاهُ، وَفِي «أَحْكَام الْمُحب الطَّبَرِيّ» فِي بَاب ذكر الصَّلَاة بعد الْوضُوء قبل الْكَلَام عَلَى تَحِيَّة الْمَسْجِد: الذف - بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَيروَى بِالْمُهْمَلَةِ - وَمَعْنَاهُ: حَرَكَة (نعليك وسيرهما) .
الحَدِيث الْحَادِي بعد الْأَرْبَعين
«أنَّه صلى الله عليه وسلم دخل بَيت أم سَلمَة رضي الله عنهما بعد صَلَاة الْعَصْر (وَصَلى) رَكْعَتَيْنِ، فَسَأَلته عَنْهُمَا فَقَالَ: أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد الظّهْر؛ فهما هَاتَانِ) .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» هُنَا تَعْلِيقا بِصِيغَة جزم، وَهَذَا لَفظه: وَقَالَ كريب عَن أم سَلمَة: (صَلَّى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: شغلني نَاس من عبد الْقَيْس عَن الرَّكْعَتَيْنِ) .
وَرَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» مُسْندًا مُتَّصِلا عَن حَرْمَلَة بن يَحْيَى، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن بكير، عَن كريب مولَى ابْن عَبَّاس «أَن عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر والمسور بن مخرمَة (أَرْسلُوهُ) إِلَى عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: اقْرَأ عليها السلام منا جَمِيعًا وسلها عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر [وَقل: إِنَّا أخبرنَا أَنَّك
تصلينهما] وَقد بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهَى (عَنْهُمَا) . قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكنت أصرف مَعَ عمر بن الْخطاب النَّاس عَنْهَا. قَالَ كريب: فَدخلت عَلَيْهَا وبلغتها مَا أرسلوني بِهِ، فَقَالَت: سل أم سَلمَة فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا، فردوني إِلَى أم سَلمَة، بِمثل مَا أرسلوني بِهِ إِلَى عَائِشَة. فَقَالَت أم سَلمَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينْهَى عَنْهَا، ثمَّ رَأَيْته يُصليهَا، أما حِين (صلاهما) فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْر، ثمَّ دخل وَعِنْدِي نسْوَة من بني حرَام من الْأَنْصَار فصلاهما، فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة فَقلت: قومِي (بجنبه) فَقولِي لَهُ: تَقول أم سَلمَة: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمعك تنْهَى عَن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ وأراك تصليهما، فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخري عَنهُ. قَالَت: فَفعلت الْجَارِيَة فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فاستأخرت عَنهُ، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: يَا بنت أبي أُميَّة، سَأَلْتِ عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر؛ إِنَّه أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس بِالْإِسْلَامِ من قَومهمْ، فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد الظّهْر؛ فهما هَاتَانِ» .
وَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ مُسْندًا فِي السَّهْو، وَفِي عبد الْقَيْس،
عَن يَحْيَى بن سُلَيْمَان، عَن ابْن وهب، عَن عَمْرو بِهِ وَقَالَ:«كنت أضْرب» بِالْبَاء.
وَفِي رِوَايَة غَرِيبَة للطبراني من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة بن نشيط، عَن [ثَابت] مولَى أم سَلمَة (عَنْهَا) : (أَنه عليه السلام انْصَرف إِلَى بَيتهَا فَصَلى [فِيهِ] رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، فَأرْسلت عَائِشَة إِلَى أم سَلمَة:[مَا هَذِه الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتك] فَقَالَت: إِنَّه عليه السلام كَانَ يُصَلِّي بعد الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، فَقدم عَلَيْهِ وَفد بني المصطلق فِي شَأْن مَا صنع بهم عاملهم الْوَلِيد بن عقبَة، فَلم يزَالُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذّن يَدعُوهُ إِلَى صَلَاة الْعَصْر فَصَلى الْمَكْتُوبَة، ثمَّ صَلَّى [عِنْدِي] فِي بَيْتِي تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ مَا صلاهما قبل وَلَا بعد» .
ومُوسَى هَذَا ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ أَحْمد: لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة «أَنه عليه السلام مَا تَركهمَا قطّ عِنْدهَا» .
وَفِي «صَحِيح البُخَارِيّ» عَنْهَا: «وَالَّذِي ذهب بِهِ مَا تَركهمَا حَتَّى لَقِي الله، وَمَا لَقِي الله حَتَّى ثقل [عَن] الصَّلَاة، وَكَانَ يُصَلِّي كثيرا من صلَاته قَاعِدا - يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر -، وَكَانَ عليه السلام (يُصَلِّيهمَا و) لَا يُصَلِّيهمَا فِي الْمَسْجِد مَخَافَة أَن يثقل عَلَى أمته، وَكَانَ يحب مَا يُخَفف عَلَيْهِم» .
فَائِدَة: وَقد أسلفنا أَنه عليه السلام شغله عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر نَاس من عبد الْقَيْس بِالْإِسْلَامِ من قَومهمْ وَأَن الطَّبَرَانِيّ رَوَى أَنه شغله عَنْهُمَا وَفد بني المصطلق فِي شَأْن عاملهم، وَفِي «مُسْند أَحْمد» أَنه شغله عَنْهُمَا الإ فتاء.
قَالَ أَحْمد فِي «مُسْنده» : ثَنَا حسن بن مُوسَى، ثَنَا ابْن لَهِيعَة، ثَنَا عبد الله بن هُبَيْرَة قَالَ: سَمِعت قبيصَة بن ذُؤَيْب يَقُول: (أَن عَائِشَة رضي الله عنه أخْبرت آل الزبير أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى عِنْدهَا رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَكَانُوا يصلونها، قَالَ قبيصَة: فَقَالَ زيد: يغْفر الله لعَائِشَة، نَحن أعلم برَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عَائِشَة، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك لِأَن نَاسا من الْأَعْرَاب أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بهجير، فقعدوا يسألونه ويفتيهم حَتَّى صَلَّى [الظّهْر وَلم يصل رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قعد يفتيهم حَتَّى صَلَّى] الْعَصْر، فَانْصَرف إِلَى بَيته فَذكر أَنه لم (يصل) بعد الظّهْر شَيْئا فصلاهما بعد الْعَصْر، يغْفر الله لعَائِشَة نَحن
أعلم برَسُول الله مِنْهَا، نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر» .
وَفِي الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أم سَلمَة «أَنه عليه السلام قدم عَلَيْهِ وَفد بني تَمِيم، أَو صَدَقَة (شغلوه عَنْهُمَا
…
» وَفِي «مُسْند أَحْمد» «قدم عليَّ مَال فشغلني عَنْهُمَا قلت: يَا رَسُول الله أفنقضيهما إِذا فاتتنا؟ قَالَ: لَا» وَأَرَادَ) شغله عَنْهُمَا بقسمته. كَمَا أخرجه ابْن مَاجَه.
وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:« (إِنَّمَا) صَلَّى عليه السلام الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر؛ لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَال (شغله) عَن (الرَّكْعَتَيْنِ) بعد الظّهْر فصلاهما بعد الْعَصْر، ثمَّ لم يعد لَهما» قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن.
وَصَححهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان؛ فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه» من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: «أَنه عليه السلام أُتِي بِمَال بعد الظّهْر، فَقَسمهُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْر، ثمَّ دخل منزل عَائِشَة فَصَلى (الرَّكْعَتَيْنِ) بعد الْعَصْر، وَقَالَ: شغلني هَذَا المَال عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر؛ فَلم أَصلهمَا حَتَّى [كَانَ] الْآن» .
قلت: فَلَعَلَّ (مَجْمُوع هَذِه) الْأَشْيَاء كَانَ (عِلّة) فِي التّرْك (وَتَكون الْقِصَّة وَاحِدَة) .
وَلَكِن فِي «مُسْند أَحْمد» من حَدِيث مَيْمُونَة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُجهز بعثًا وَلم يكن عِنْده ظهر، فَجَاءَهُ ظهر من الصَّدَقَة، فَجعل يقسمهُ بَينهم (فحبسوه) حَتَّى أرهق الْعَصْر، وَكَانَ يُصَلِّي قبل الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ أَو مَا شَاءَ الله، (وَصَلى) الْعَصْر ثمَّ رَجَعَ فَصَلى مَا كَانَ يُصَلِّي قبلهَا، وَكَانَ إِذا صَلَّى صَلَاة أَو فعل شَيْئا أحب أَن يداوم عَلَيْهِ» وَظَاهر هَذَا تعددها.
وَفِي أَفْرَاد مُسلم مثله من حَدِيث (أبي) سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن «أَنه سَأَلَ عَائِشَة رضي الله عنها عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر؟ فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر، ثمَّ أَنه شغل عَنْهُمَا أَو نسيهما، فصلاهما بعد الْعَصْر، ثمَّ أثبتهما، وَكَانَ إِذا صَلَّى صَلَاة أثبتها» . [قَالَ يَحْيَى بن أَيُّوب] : (قَالَ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر أحد رُوَاته) : «تَعْنِي داوم عَلَيْهَا» .
وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهَا: «أَنه عليه السلام دخل عَلَيْهَا بعد الْعَصْر فَصَلى
رَكْعَتَيْنِ فَقلت: يَا رَسُول الله، أحدث بِالنَّاسِ شَيْء؟ ! قَالَ: لَا (إِلَّا) أَن بِلَالًا عجل بِالْإِقَامَةِ فَلم (أصل) الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر، فَأَنا أقضيهما الْآن. قلت: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أنقضيهما) إِذا (فاتتنا) ؟ قَالَ: لَا» .
وَلما أخرج التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس السَّابِق قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة ومَيْمُونَة وَأبي مُوسَى قَالَ: وَقد رَوَى غير وَاحِد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم «أَنه صَلَّى بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ» وَهَذَا خلاف مَا رُوِيَ «أَنه نهَى عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس» وَحَدِيث ابْن عَبَّاس أصح حَيْثُ قَالَ: لم يعد لَهما» ، وَقد رُوِيَ عَن زيد بن ثَابت نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة فِي هَذَا الْبَاب رِوَايَات رُوِيَ عَنْهَا «أَنه عليه السلام مَا دخل عَلَيْهَا بعد الْعَصْر إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» .
وَرَوَى عَنْهَا عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا «أَنه نهَى عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، [وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس] » .
والذى أجمع عَلَيْهِ أَكثر أهل الْعلم عَلَى (كَرَاهِيَة) الصَّلَاة حِينَئِذٍ إِلَّا مَا اسْتثْنى من ذَلِك (مثل) الصَّلَاة بِمَكَّة (بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس) بعد الطّواف، فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رخصَة فِي ذَلِك.