الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَورد أَيْضا (الْأَمر) بِالْغسْلِ لكل صَلَاة لأم حَبِيبَة لكنه ضَعِيف.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي «سنَن أبي دَاوُد» وَالْبَيْهَقِيّ «أَنه عليه السلام أمرهَا بِالْغسْلِ لكل صَلَاة» ضَعِيفَة لَا يَصح الِاحْتِجَاج بِشَيْء مِنْهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا صَحَّ فِي هَذَا مَا أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» «أَنه عليه السلام أمرهَا أَن تَغْتَسِل فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة» .
قَالَ الشَّافِعِي: إِنَّمَا أمرهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَن تَغْتَسِل وَتصلي، وَلَيْسَ فِيهِ أَنه أمرهَا أَن تَغْتَسِل لكل صَلَاة، وَلَا أَشك أَن غسلهَا كَانَ تَطَوّعا غير مَا أمرت بِهِ، وَذَلِكَ وَاسع لَهَا
…
هَذَا لفظ الشَّافِعِي، وَكَذَا قَالَ شَيْخه سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَاللَّيْث بن سعد، وَغَيرهمَا.
الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
عَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: «كَانَت النُّفَسَاء تجْلِس عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» .
هَذَا الحَدِيث جيد، رَوَاهُ أَحْمد والدارمي فِي «مسنديهما» وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ، (وَالْبَيْهَقِيّ) فِي
«سُنَنهمْ» من حَدِيث عَلّي بن عبد الْأَعْلَى عَن أبي سهل عَن مُسَّة - بِضَم الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة - الْأَزْدِيَّة، وكنيتها: أم بُسَة - بِضَم الْبَاء وَفتح السِّين - كَمَا قيدها الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» وبخط ابْن المهندس فِي «تَهْذِيب الْكَمَال» للمزي بِفَتْحِهَا خطأ عَن أم سَلمَة بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، إِلَّا أَن لفظ أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَإِحْدَى روايتي الإِمَام أَحْمد:«كَانَت النُّفَسَاء عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تقعد بعد نفَاسهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ لَيْلَة» وَهُوَ لفظ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» زَاد أَبُو دَاوُد (والدارمي) وَالتِّرْمِذِيّ: «وَكُنَّا نطلي عَلَى وُجُوهنَا بالورس من الكلف» وَهَذِه الزِّيَادَة رَوَاهَا أَيْضا أَحْمد وَابْن مَاجَه.
وَلَفظ الدَّارَقُطْنِيّ: «كَانَت النُّفَسَاء عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ تقعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكُنَّا نطلي وُجُوهنَا بالورس من الكلف» .
وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» كَلَفْظِ التِّرْمِذِيّ وَمن تَابعه، إِلَّا (أَنه) قَالَ فِيهِ:«وَكُنَّا نطلي وُجُوهنَا بالورس والزعفران» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِزِيَادَة عدم قَضَاء الصَّلَاة عَلَيْهَا، وَهَذَا لَفظه: عَن كثير بن زِيَاد قَالَ: حَدَّثتنِي الْأَزْدِيَّة قَالَت: « [حججْت] فَدخلت عَلَى أم سَلمَة فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، إِن سَمُرَة بن جُنْدُب يَأْمر (النِّسَاء) يقضين
صَلَاة الْمَحِيض؟ فَقَالَت: لَا يقضين، كَانَت الْمَرْأَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ تقعد فِي النّفاس أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا يأمرها النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ بِقَضَاء صَلَاة النّفاس» .
(وَرَوَاهُ) الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» أَيْضا، وَذكر اللَّفْظ الأول شَاهدا لَهُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من وَجه آخر عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْعَرْزَمِي، عَن أَبِيه، عَن الحكم بن عُتيبة، عَن مَسة، عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ «أَنَّهَا سَأَلته: كم تجْلِس الْمَرْأَة إِذا ولدت؟ (قَالَ) : تجْلِس أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَن ترَى الطُّهْر قبل ذَلِك» وَهَذِه الرِّوَايَة (مبينَة) للروايات السالفة إِذْ لَا يُمكن أَن تتفق عَادَة (نسَاء) عصر فِي نِفَاس أَو حيض، (وَالْمعْنَى) : كَانَت تُؤمر النُّفَسَاء أَن تجْلِس إِلَى الْأَرْبَعين. وأعل هَذَا الحَدِيث بِوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: بالطعن فِي أبي سهل (رَاوِيه) عَن مسَّة، واسْمه كثير بن زِيَاد، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : كثير بن زِيَاد لَيْسَ لَهُ ذكر فِي «الصَّحِيحَيْنِ» . وَذكره أَبُو حَاتِم فِي «كتاب الْمَجْرُوحين» وَاسْتحبَّ مجانبة مَا انْفَرد بِهِ. قلت: وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد
وَثَّقَهُ البُخَارِيّ من رِوَايَة أبي عِيسَى عَنهُ، وَذكر أَنه لَيْسَ لمسة إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
ثَانِيهَا: أَن مسَّة هَذِه مَجْهُولَة، قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب «الْوَهم وَالْإِيهَام» : عِلّة هَذَا الْخَبَر، مَسّه الْمَذْكُورَة، وَهِي تكنى أم بسة، وَلَا يعرف حَالهَا وَلَا عينهَا، وَلَا تعرف فِي غير هَذَا الحَدِيث. (قَالَه) التِّرْمِذِيّ فِي «علله» . (قَالَ) : فخبرها هَذَا ضَعِيف الْإِسْنَاد ومنكر الْمَتْن، فَإِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مَا مِنْهُنَّ من كَانَت نفسَاء (أَيَّام) كَونهَا مَعَه إِلَّا خَدِيجَة، فَإِن تَزْوِيجهَا كَانَ قبل الْهِجْرَة، فَإِذن لَا مَعْنَى لقولها:«قد كَانَت الْمَرْأَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ تقعد فِي النّفاس أَرْبَعِينَ لَيْلَة» إلاأن تُرِيدُ بنسائه غير أَزوَاجه من قَرَابَات وَبَنَات وسريته مَارِيَة. وَكَأَنَّهُ تبع فِي ذَلِك أَبَا مُحَمَّد بن حزم فَإِنَّهُ قَالَ: مسَّة مَجْهُولَة.
وَالْجَوَاب عَن الْعلَّة الأولَى: أَن أَبَا سهل قد وَثَّقَهُ أَئِمَّة هَذَا الْفَنّ: البُخَارِيّ وَيَحْيَى بن معِين وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَقَوْلهمْ مقدم عَلَى تَضْعِيف ابْن حبَان (لَهُ) .
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» : هَذَا حَدِيث لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث أبي سهل، عَن مسَّة، عَن أم سَلمَة. قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل - يَعْنِي:
البُخَارِيّ -: عَلّي بن عبد الْأَعْلَى ثِقَة. وَأَبُو سهل ثِقَة، وَلم يعرف (مُحَمَّد) هَذَا الحَدِيث إِلَّا من حَدِيث أبي سهل.
وَقَالَ الْخطابِيّ: حَدِيث مسَّة هَذَا (أَثْنَى) عَلَيْهِ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، وَقَالَ: مسَّة هَذِه (أزدية)، وَاسم أبي سهل: كثير بن زِيَاد، وَعلي بن عبد الْأَعْلَى ثِقَة.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» : هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: وَلَا أعرف فِي مَعْنَاهُ غير هَذَا. ثمَّ ذكر الشَّاهِد الَّذِي أسلفناه عَنهُ.
قلت: وتوثيق البُخَارِيّ لَهُ لَا يُعَارضهُ عدم ذكره فِي «الصَّحِيحَيْنِ» .
وَأما الْجَواب عَن الْعلَّة الثَّانِيَة فَلَا نسلم لِابْنِ حزم وَابْن الْقطَّان دَعْوَى جَهَالَة عين مسَّة، فَإِنَّهُ قد رَوَى عَنْهَا جماعات:(كثير بن) زِيَاد وَالْحكم بن عتيبة - كَمَا أسلفاه - وَزيد بن عَلّي بن الْحُسَيْن، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَاكِم، وَرَوَى (أَيْضا) مُحَمَّد بن كناسَة، عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي، عَن الْحسن، عَن مسَّة أَيْضا، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَة رووا عَنْهَا فارتفعت جَهَالَة عينهَا.
وَأما جَهَالَة حَالهَا، فَهِيَ مُرْتَفعَة بِبِنَاء البُخَارِيّ عَلَى حَدِيثهَا وَتَصْحِيح الْحَاكِم لإسناده، فَأَقل أَحْوَاله أَن يكون حسنا (لَا جرم) قَالَ