الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى تسكين آخِره؛ فَإِنَّهُ الْمَعْرُوف فِي الْجَزْم، لكنه مُوَافق لما أسلفناه عَن الْمُحب الطَّبَرِيّ وَغَيره فِي (تَفْسِيره) لَهُ.
الحَدِيث الْخَامِس عشر
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البخاريُّ فِي «صَحِيحه» بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَفِي أَوله: عَن عمرَان قَالَ: «كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ: (صل) قَائِما
…
» الحَدِيث، زَاد النَّسَائِيّ:«فَإِن لم تستطع فمستلق (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا» ) .
وَأما الْحَاكِم فَإِنَّهُ أخرجه كَمَا سَاقه البُخَارِيّ، لكنه قَالَ: « (كَانَ) بِي الناصور
…
» وَهُوَ هُوَ. ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَلم يخرجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ؛ إِنَّمَا أخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا.
قلت: (قد) أخرجه كَمَا (أخرجته) أَنْت سَوَاء.
الحَدِيث السَّادِس عشر
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق: إِحْدَاهَا: من حَدِيث عَائِشَة بِلَفْظ: «وَكَانَ ينْهَى عَن عقبَة الشَّيْطَان) وَهُوَ حَدِيث طَوِيل، رَوَاهُ مُسلم مُنْفَردا بِهِ.
قَالَ الهرويُّ عَن أبي عبيد: (عقبَة) الشَّيْطَان هُوَ أَن يضع أليتيه عَلَى عَقِبَيْهِ بَين السَّجْدَتَيْنِ؛ وَهُوَ الَّذِي يَجعله بعض النَّاس الإقعاء. وَكَذَا قَالَه صَاحب «النِّهَايَة» قَالَ: وَقيل: هُوَ أَن يتْرك (عَقِبَيْهِ) غير مغسولين فِي الْوضُوء.
ثَانِيهَا: من حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه قَالَ: «نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الإقعاء فِي الصَّلَاة» .
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: وَالرِّوَايَة فِي إِبَاحَة الإقعاء صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. فَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس الْآتِي.
ثَالِثهَا: من حَدِيث عليٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلّي، أحبُّ لَك مَا أحبُّ لنَفْسي، وأكره لَك مَا أَكْرَهُ لنَفْسي، لَا تُقْعِ بَين السَّجْدَتَيْنِ» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحَارِث عَنهُ ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه من حَدِيث عَلّي إِلَّا من حَدِيث أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَلّي. وَقد ضعف بعض أهل الْعلم الْحَارِث الْأَعْوَر. قَالَ: وَالْعَمَل عَلَى هَذَا الحَدِيث عِنْد أَكثر أهل الْعلم يكْرهُونَ الإقعاء.
وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَيْضا ابْن مَاجَه من هَذِه الطَّرِيق، وَلَفظه:
«لَا تقع بَين السَّجْدَتَيْنِ» .
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى من حَدِيث عَلّي (وَأبي) مُوسَى «لَا تقع إقعاء الْكَلْب» وَفِي سَنَده مَعَ الْحَارِث: أَبُو نعيم وَأَبُو مَالك النخعيان؛ وَقد ضعفوهما.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيروَى أَنه قَالَ: «لَا تقعوا إقعاء (الْكلاب) » .
قلت: لَهُ طرق:
أَحدهَا وَثَانِيها: من حَدِيث عَلّي وَأبي مُوسَى، وَقد تقدّمت أَيْضا.
ثَالِثهَا: من حَدِيث الْعَلَاء أبي مُحَمَّد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا رفعت رَأسك من السُّجُود فَلَا تُقْعِ كَمَا يقعي الْكَلْب، ضع أليتيك بَين قَدَمَيْك، وألزق ظَاهر قَدَمَيْك بِالْأَرْضِ» رَوَاهُ ابْن مَاجَه والْعَلَاء هَذَا هُوَ ابْن زيد الثَّقَفِيّ، مَتْرُوك؛ كَمَا قَالَه أَبُو دَاوُد وَغَيره. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: وضَّاع. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا عَن أنس بِلَفْظ «أَنه عليه السلام نهَى عَن الإقعاء والتورُّك» .
رَابِعهَا: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: «نهاني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن (نقرة) كنقر الديك، وإقعاء كإقعاء الْكَلْب، والتفات كالتفات الثَّعْلَب» .
رَوَاهُ أَحْمد كَذَلِك، وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ:«القرد» بدل «الْكَلْب» وَفِي إِسْنَاده: لَيْث بن أبي سليم، وَقد علمت مَا فِيهِ فِي بَاب الْوضُوء، وَنقل النَّوَوِيّ فِي «الْخُلَاصَة» عَن الْحفاظ أَنهم قَالُوا: لَيْسَ فِي النَّهْي عَن
الإقعاء حَدِيث صَحِيح إِلَّا حَدِيث عَائِشَة السَّابِق.
قلت: وَبعده حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة كَمَا سلف عَلَى مَا فِي هَذِه التَّرْجَمَة من الْخلاف الشهير فِيهَا.
وَأخرج ابْن السكن فِي «صحاحه» عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه «أَنه عليه السلام نهَى عَن السدل، والإقعاء فِي الصَّلَاة» وَعَن أنس «أَنه عليه السلام نهَى عَن التورُّك والإقعاء فِي الصَّلَاة» .
وَهُوَ متساهل فِي هَذَا (التَّأْلِيف) .
تَنْبِيه: صَحَّ عَن طَاوس أَنه قَالَ: «قلت لِابْنِ عَبَّاس فِي الإقعاء عَلَى الْقَدَمَيْنِ، قَالَ: هِيَ السُّنة. فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا لنراه (جفَاء) بِالرجلِ! فَقَالَ: بل هِيَ سنة نبيك» .
رَوَاهُ مُسلم مُنْفَردا، وَقد ذكره الرافعيُّ فِي أثْنَاء الْبَاب، كَمَا سَيَأْتِي.
وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر «أَنه كَانَ إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الأولَى يقْعد عَلَى أَطْرَاف أَصَابِعه وَيَقُول: إِنَّه من السّنة» .
وَفِيه عَن ابْن عمر (أَيْضا) وَابْن عَبَّاس «أَنَّهُمَا كَانَا يقعيان» .
وَفِيه عَن طَاوس: «رَأَيْت العبادلة يقعون» .
وَفِي الْجمع بَين هَذَا وَبَين مَا سلف وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن أَحَادِيث الْإِبَاحَة مَنْسُوخَة بِأَحَادِيث النَّهْي. قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: لَعَلَّ ابْن عَبَّاس لم يعلم مَا ورد من الْأَحَادِيث الناسخة الَّتِي فِيهَا النَّهْي عَن الإقعاء. قَالَ الْخطابِيّ: وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَه.