الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وَعمارَة (أَيْضا) اخْتلف فِي (صحبته) ، وَالْأَشْهر كسر عينه، وَبِه جزم ابْن مَاكُولَا وَآخَرُونَ، وَقَالَ صَاحب «الإِمَام» : إِنَّه الْمَعْرُوف فِيهِ. وَحَكَى أَبُو عمر، وَالْبَيْهَقِيّ، وَعبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي الضَّم أَيْضا، وكل من حَكَاهُ قَالَ: الْكسر أشهر وَأكْثر، إِلَّا أَن أَبَا عمر قَالَ:(الْأَكْثَرُونَ عَلَى الضَّم) ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنه لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء (عمَارَة - بِالْكَسْرِ - غَيره) .
الحَدِيث الثَّامِن
عَن عَلّي بن أبي طَالب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: «أَنه جعل الْمسْح ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن للْمُسَافِر وَيَوْما وَلَيْلَة للمقيم» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم مُنْفَردا بِهِ، من حَدِيث شُرَيْح بن هَانِئ، قَالَ:«أتيت عَائِشَة رضي الله عنها أسألها عَن الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَت: عَلَيْك بِابْن أبي طَالب فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافر مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ. فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن للْمُسَافِر وَيَوْما وَلَيْلَة للمقيم» .
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» بِأَلْفَاظ:
أَحدهَا: عَن شُرَيْح، عَن عَلّي، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فِي الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ:«للْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن وللمقيم (يَوْم) وَلَيْلَة» .
(ثَانِيهَا بِهِ) : «رخص لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَة أَيَّام للْمُسَافِر وَيَوْما وَلَيْلَة (للحاضر) » .
ثَالِثهَا: عَن شُرَيْح قَالَ: « (سَأَلت) عليًّا عَن الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: رخص لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فِي الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَر يَوْمًا وَلَيْلَة، وللمسافر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن» .
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَذكر فِيهِ من الْآثَار أثرا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كَيْفيَّة الْمسْح: وَالْأولَى أَن يضع كَفه الْيُسْرَى تَحت الْعقب واليمنى عَلَى ظُهُور الْأَصَابِع، و (يُمر) الْيُسْرَى (إِلَى) أَطْرَاف الْأَصَابِع من أَسْفَل واليمنى إِلَى السَّاق، وتروى هَذِه الْكَيْفِيَّة عَن ابْن عمر رضي الله عنه وَلَا يحضرني من رَوَاهُ عَنهُ
هَكَذَا، وَالَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَنهُ «أَنه كَانَ يمسح أَعلَى الْخُف وأسفله» كَمَا (أسلفته) فِي آخر الحَدِيث الرَّابِع.
خَاتِمَة رَأَيْت أَن أختم بهَا الْبَاب: اعْلَم أَن الرَّافِعِيّ لما صدر الْبَاب بِحَدِيث أبي بكرَة، وَصَفوَان قَالَ: وَالْأَحَادِيث فِي بَاب (الْمسْح) كَثِيرَة. وَهُوَ كَمَا قَالَ، فقد رَوَاهُ (الجم) الْغَفِير مِنْهُم.
قَالَ الإِمَام أَحْمد: لَيْسَ فِي قلبِي مِنْهُ شَيْء فَفِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثا عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (مَا رفعوا) إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ وَمَا وقفُوا.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ عَنهُ: فِيهِ سَبْعَة وَثَلَاثُونَ صحابيًّا. وَرَوَى الْحسن بن مُحَمَّد عَنهُ كَالْأولِ، وَكَذَا قَالَ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» .
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: فِيهِ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ.
وَقَالَ أَبُو عمر: (وَرَوَاهُ) عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ نَحْو أَرْبَعِينَ مِنْهُم، وَأَنه استفاض وتواتر.
وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وروينا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَني سَبْعُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ «أَنه عليه السلام كَانَ يمسح عَلَى الْخُفَّيْنِ» وَعبارَة الْمَاوَرْدِيّ: حَدَّثَني سَبْعُونَ بدريًّا. قَالَ: وَأَرَادَ أَنه سمع ذَلِك عَن بَعضهم؛ لِأَنَّهُ لم يدْرك سبعين بدريًّا.
وَذكر (ذَلِك) إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش قَالَ: ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، قَالَ: مسح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ، وَأَبُو بكر الصّديق، وَعمر بن الْخطاب، وَعُثْمَان بن عَفَّان، وَعلي بن أبي طَالب، وَسعد بن أبي وَقاص، وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، وَأَبُو الدَّرْدَاء، وَزيد بن ثَابت، وَقيس بن سعد بن عبَادَة، وَابْن عَبَّاس، وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان، وَعبد الله بن مَسْعُود، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ، وَخُزَيْمَة بن ثَابت، والبراء بن عَازِب، وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، وَأنس بن مَالك، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، والمغيرة بن شُعْبَة، وَصَفوَان بن عَسَّال، وفضالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ، وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ.
وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: وَمِمَّنْ روينَا عَنهُ الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنه أَمر بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا فِي السّفر والحضر بالطرق الحسان فِي مصنفي بن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق. فَذكر جمَاعَة مِمَّن ذكرنَا (عَن سُفْيَان) ، وَزَاد وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف (وَابْن عمر، وسلمان، وبلال، وَعَمْرو بن أُميَّة، وَعبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء الزبيدِيّ) وعمار، وَسَهل بن سعد، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَلم يرو عَن غَيرهم مِنْهُم خلاف إِلَّا الشَّيْء الَّذِي لَا يثبت عَن عَائِشَة، وَابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة. قلت: قَالَ أَحْمد فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: إِنَّه بَاطِل لَا يَصح. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: فِي الْبَاب (عَن) جماعات، فَذكر جمَاعَة مِمَّن ذكرهم سُفْيَان وَأَبُو عمر، وَزَاد:
وَبُرَيْدَة، ويعلى بن مرّة، وَعبادَة بن الصَّامِت، وَأُسَامَة بن (شريك) وَأَبا أُمَامَة، وجابرًا يَعْنِي ابْن عبد الله، وَأُسَامَة بن زيد.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : روينَا جَوَاز الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ عَن جماعات. فعددهم، وتداخل بَعضهم فِيمَا ذَكرْنَاهُ عَن سُفْيَان، وَالتِّرْمِذِيّ، وَأبي عمر، وَزَاد: وَعَمْرو بن الْعَاصِ، وَجَابِر بن سَمُرَة، وَأَبا زيد الْأنْصَارِيّ.
قلت: وَرَوَاهُ أَيْضا أبي بن عمَارَة كَمَا سلف قَرِيبا، وثوبان رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَعبد الله بن رَوَاحَة رَوَاهُ تَمام الرَّازِيّ فِي «فَوَائده» وَمُسلم [أَبُو] عَوْسَجَة رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي «معرفَة الصَّحَابَة» ، وَعَائِشَة رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأم سعد الْأَنْصَارِيَّة، رَوَاهُ ابْن مَنْدَه فِي «معرفَة الصَّحَابَة» ، وَبُدَيْل بن وَرْقَاء، رَوَاهُ العسكري فِي «الصَّحَابَة» و [أَبُو] طَلْحَة رَوَاهُ الخرائطي فِي «مَكَارِم الْأَخْلَاق» ، وَمَالك بن سعد رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي «الْمعرفَة» أَيْضا، وَقَالَ: مَجْهُول. وَأَوْس بن أَوْس رَوَاهُ أَحْمد، وَطَلْحَة بن عبيد الله، وَالزبير بن الْعَوام، وَسَعِيد بن زيد، وَعبد الله بن (مُغفل) ، وعامر بن ربيعَة، وعَوْف بن مَالك، وَعَمْرو بن حزم،
وعصمة بن مَالك، و (أَبُو) ذَر الْغِفَارِيّ، (و) ربيعَة بن كَعْب، وَرَافِع بن خديج، وخَالِد بن عرفطة، و (أَبُو) سعيد الْخُدْرِيّ، وَأبي بن كَعْب، وَسمرَة بن جُنْدُب، وَالْعَبِيد، وشبيب بن غَالب (الْكِنْدِيّ) ، وفروة بن مسيك، وَمَالك بن قهطم، وَمَالك بن ربيعَة، وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، ومعاذ بن جبل، وَبشر بن سعيد، و (أَبُو) بكرَة، و (أَبُو) ثَوْر، و (أَبُو) جُحَيْفَة، ويسار، ومَيْمُونَة، أَفَادَ ذَلِك ابْن مَنْدَه فِي «مستخرجه» ، فَاجْتمع من كَلَام هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة (وَمِمَّا زِدْته) أَنه رَوَاهُ ثَمَانُون صحابيًّا، وَللَّه الْحَمد عَلَى ذَلِك وَعَلَى جَمِيع نعمه فَإِنَّهُ من الْمُهِمَّات.
وَيُسْتَفَاد مِمَّا ذكرنَا فَائِدَة جليلة: وَهِي أَن الْمسْح رَوَاهُ من جملَة الصَّحَابَة الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَقد اجْتمع ذَلِك أَيْضا فِي رفع الْيَدَيْنِ كَمَا ستعلمه فِي بَابه، وَنقل النَّوَوِيّ فِي أَوَائِل «شَرحه لمُسلم» فِي كَلَامه عَلَى حَدِيث:«من كذب عَلّي مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار» أَن بَعضهم ذكر أَنه رُوِيَ عَن اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ صحابيًّا وَمِنْهُم الْعشْرَة، وَأَنه لَا يعرف حَدِيث اجْتمع عَلَى رِوَايَته إِلَّا هَذَا، (وَلَا حَدِيث رَوَاهُ أَكثر من سِتِّينَ صحابيًّا إِلَّا هَذَا) ، وَقد علمت أَن حَدِيث الْمسْح رَوَاهُ أَكثر من
هَذَا الْعدَد مَعَ الْعشْرَة، وستعلم مَا فِي (حَدِيث) رفع الْيَدَيْنِ (فِي بَابه) إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(آخر الْجُزْء الْخَامِس عشر يتلوه: بَاب الْحيض، والجزء السَّادِس عشر) .