الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الرَّابِع عشر
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّكْبِير جزم، وَالسَّلَام جزم» .
هَذَا الحَدِيث لَا أعلم من رَوَاهُ هَكَذَا مَرْفُوعا؛ وَإِنَّمَا أعرفهُ من قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: «التَّكْبِير جزم، وَالسَّلَام جزم» .
(كَذَا) نَقله (عَنهُ) التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» وَالْمُنْذِرِي فِي «مُخْتَصر السُّنن» قَالَ: «وَجزم» بِالْجِيم وَالزَّاي، وَرَوَى «حذم» بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَمَعْنَاهُ: سريع. الخدم فِي اللِّسَان: السرعة، وَمِنْه:«إِذا أَقمت فاحذم» أَي: أسْرع.
وَقَالَ المحبُّ الطَّبَرِيّ فِي «أَحْكَامه» : مَعْنَى جزمهما أَنَّهُمَا لَا يمدان، وَلَا يعرب التَّكْبِير؛ بل يسكن آخِره. وَتبع فِي ذَلِك ابْن الْأَثِير؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي «نهايته» :(أَرَادَ بِالْجَزْمِ أَنه لَا يمد وَلَا يعرب؛ بل يسكن) .
قلت: وَورد حَدِيث بِمَعْنى الْقطعَة الثَّانِيَة قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» بَاب مَا جَاءَ أَن حذف السَّلَام (سنة)(رُوِيَ) من حَدِيث
الْأَوْزَاعِيّ، عَن قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن (عَن الزُّهْرِيّ) عَن أبي سَلمَة، وَأبي هُرَيْرَة قَالَ:«حذف السَّلَام سُنَّة» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قلتُ: وَقَول أبي هُرَيْرَة هَذَا يدْخل فِي الْمسند عِنْد أَكثر أهل الحَدِيث، وَيُؤَيّد ذَلِك أَن أَحْمد وَأَبا دَاوُد وَالْحَاكِم (وَابْن السكن) أَخْرجُوهُ مَرْفُوعا صَرِيحًا من حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ أَيْضا عَن قُرَّة، عَن الزُّهْرِيّ (عَن أبي سَلمَة) عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «حذفُ السَّلَام سُنَّةٌ» .
قَالَ الْحَاكِم هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم؛ فقد اسْتشْهد بِقُرَّةَ فِي موضِعين من كِتَابه. قَالَ: وَوَقفه ابْن الْمُبَارك عَن الْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد - عَلَى مَا نَقله عَنهُ ابْن القطَّان -: إِن الْفرْيَابِيّ لما رَجَعَ من مكَّة ترك رَفعه. وَقَالَ: نهاني أَحْمد عَن رَفعه وَقَالَ (عِيسَى بن يُونُس الرَّمْلِيّ: نهاني ابْن الْمُبَارك عَن رَفعه) وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارقطنيُّ فَأجَاب فِي «علله» بِأَن وَقفه هُوَ الصَّوَاب.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : كَانَ الوقفُ تقصيرًا من بعض الروَاة.
قلت: صورته صُورَة (مَوْقُوف) وَإِلَّا فَهُوَ يدْخل فِي الْمسند كَمَا سلف عَن أَكثر المحدِّثين. وأعلَّه ابْن القطَّان بقُرَّةَ، وَقَالَ: لَا يَصح مَوْقُوفا وَلَا مَرْفُوعا، وقرَّة هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن حَيْوِيل بن نَاشِرَة الْمعَافِرِي
الْمصْرِيّ. قَالَ الأوزاعيُّ: مَا أحد أعلم بالزهري من قُرَّة.
وَقَالَ أَحْمد: مُنكر الحَدِيث جدًّا. وَقَالَ ابْن معِين فِي رِوَايَة: (ضَعِيف) وَأُخْرَى: ثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
وَقَالَ ابْن عدي: لم (أرَ لَهُ حَدِيثا) مُنْكرا، وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ.
وَذكره مُسلم فِي «صَحِيحه» مَقْرُونا بِعَمْرو بن الْحَارِث، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» . وَأخرج لَهُ فِي «صَحِيحه» حَدِيث «أحب عبَادي إِلَيّ أعجلهم فطرًا» ثمَّ قَالَ: هُوَ من ثِقَات مصر.
فَائِدَة: حذفُ السَّلَام قيل إِنَّه الْإِسْرَاع بِهِ، قَالَ ابْن الْمُبَارك:(أَن) لَا يمده (مدًّا) نَقله عَنهُ الترمذيُّ. وَقيل: أَن لَا يكون فِيهِ «ورحمةُ الله» يَعْنِي: فِي الصَّلَاة، ويردُّهُ مَا جَاءَ مصرَّحًا بِهِ من زِيَادَة:«وَرَحْمَة ُ الله» كَمَا ستعلمه فِي مَوْضِعه.
وَفِي «صِحَاح ابْن السَّكن» إِثْر هَذَا الحَدِيث؛ أَن الْأَوْزَاعِيّ سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: (مَعْنَاهُ) : إِذا سلم الإِمَام لم يصل السَّلام بجلوس حَتَّى يقوم (أَو) ينْصَرف.
وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ واستدلَّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى الرَّاجِح فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام أَنه لَا يمدها؛ بِخِلَاف بَاقِي تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات، فَقَالَ: لِأَنَّهُ عليه السلام قَالَ: «التَّكْبِير جزم» (أَي) لَا يمد. وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا دلَالَة فِيهِ إِلَّا