الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَحكي عَن الشّعبِيّ وَغَيره أَنه قَالَ: لم يكن فِي الْإِسْلَام [فتح] كصلح الْحُدَيْبِيَة.
الحَدِيث الثَّانِي
هَذَا الحَدِيث ذكره ابْن إِسْحَاق فِي «السِّيرَة» قَالَ: حَدثنِي عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَمن لَا أتهم، عَن مُحَمَّد بن مُسلم ابْن عبيد الله الزُّهْرِيّ قَالَ: «لما اشْتَدَّ عَلَى النَّاس الْبلَاء بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر وَإِلَى الْحَارِث ابْن عَوْف بن أبي حَارِثَة المري - وهما قائدا غطفان - فَأَعْطَاهُمَا ثلث ثمار الْمَدِينَة عَلَى أَن يرجعا بِمن مَعَهُمَا عَنهُ وَعَن أَصْحَابه، فَجَرَى بَينه وَبَينهمَا الصُّلْح حَتَّى كتبُوا الْكتاب وَلم تقع الشَّهَادَة وَلَا عَزِيمَة الصُّلْح إِلَّا المراوضة فِي ذَلِك، فَلَمَّا أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يفعل ذَلِك بعث إِلَى سعد بن معَاذ وَسعد بن عبَادَة فَذكر ذَلِك لَهما واستشارهما فِيهِ، فَقَالَا لَهُ: يَا رَسُول الله، أمرا تحبه فنصنعه أم شَيْئا أنزل الله لابد لنا من الْعَمَل، أم شَيْئا تَصنعهُ لنا؟ قَالَ: بل شَيْء أصنعه لكم، وَالله مَا أصنع ذَلِك إِلَّا أَنِّي رَأَيْت الْعَرَب قد رمتكم عَن
قَوس وَاحِدَة وكالبوكم من كل جَانب، فَأَرَدْت أَن أكسر عَنْكُم من شوكتهم إِلَى أَمر مَا. فَقَالَ لَهُ سعد ابْن معَاذ: يَا رَسُول الله، قد كُنَّا نَحن وَهَؤُلَاء الْقَوْم عَلَى الشّرك بِاللَّه وَعبادَة الْأَوْثَان لَا نعْبد الله وَلَا نعرفه وهم لَا يطمعون أَن يَأْكُلُوا منا ثَمَرَة إِلَّا قرَى أَو بيعا، أفحين أكرمنا الله بِالْإِسْلَامِ وهدانا لَهُ وأعزنا بك وَبِه؛ نعطيهم أَمْوَالنَا، مَا لنا بِهَذَا من حَاجَة، وَالله لَا نعطيهم إِلَّا السَّيْف حَتَّى يحكم الله بَيْننَا. قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَأَنت وَذَاكَ. فَتَنَاول سعد الصَّحِيفَة فمحا مَا فِيهَا من الْكتاب ثمَّ قَالَ: ليجهدوا علينا. فَأَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وعدوهم يحاصروهم» .
ثمَّ سَاق ابْن إِسْحَاق أحسن سِيَاقَة عَلَى عَادَته، وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» بِلَفْظ آخر فَقَالَ: ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِي، ثَنَا عقبَة بن سِنَان الدارع، ثَنَا عُثْمَان بن عُثْمَان الْغَطَفَانِي، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «جَاءَ الْحَارِث الْغَطَفَانِي إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، شاطرنا ثَمَر الْمَدِينَة. قَالَ: حَتَّى أَستَأْمر السُّعُود. فَبعث إِلَى سعد بن معَاذ وَسعد بن عبَادَة وَسعد ابْن الرّبيع، وَسعد بن خَيْثَمَة وَسعد بن مَسْعُود رضي الله عنهم فَقَالَ لَهُم: قد علمْتُم أَن الْعَرَب قد رمتكم عَن قَوس وَاحِدَة، وَأَن الْحَارِث يسألكم أَن تشاطروه ثَمَر الْمَدِينَة، فَإِن أردتم أَن تدفعوه عامكم هَذَا حَتَّى ينْظرُوا فِي أَمركُم بعد. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، أُوحِي هَذَا من السَّمَاء فالتسليم لأمر الله، أَو عَن رَأْيك أَو هَوَاك فَرَأَيْنَا تبع لهواك ورأيك، فَإِن كنت إِنَّمَا تُرِيدُ الْإِبْقَاء علينا فوَاللَّه لقد رَأَيْتنَا وإياهم عَلَى سَوَاء، مَا ينالون مِنْهَا ثَمَرَة إِلَّا بشرَاء أَو قرَى. فَقَالَ رَسُول الله: (هَؤُلَاءِ يسمعُونَ مَا تَقولُونَ. قَالَ: غدرت يَا مُحَمَّد. فَقَالَ