الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعنهُ أَنه قَالَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: إِنَّه حَدِيث مُنكر.
الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» وَالنَّسَائِيّ فِي «سنَنه» وَأَبُو حَاتِم بن حبَان وَالْحَاكِم فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث الضمرِي [عَن الْبَهْزِي] واسْمه زيد بن كَعْب - عَلَى مَا قَالَه الْخَطِيب فِي مبهماته وَغَيره - «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج يُرِيد مَكَّة وَهُوَ محرم حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذا حمَار وَحشِي عقير، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله: دَعوه فَإِنَّهُ يُوشك أَن يَأْتِي صَاحبه. فجَاء الْبَهْزِي - وَهُوَ صَاحبه - إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، شَأْنكُمْ بِهَذَا الْحمار. فَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر فَقَسمهُ بَين الرفاق، ثمَّ مَضَى حَتَّى إِذا كَانَ بالأثاية بَين الرُّوَيْثَة وَالْعَرج إِذا ظَبْي حَاقِف وَفِيه سهم، فَزعم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر رجلا يقف عِنْده لَا يرِيبهُ أحد من النَّاس حَتَّى يُجَاوِزهُ» . وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» بِنَحْوِهِ.
فَوَائِد: الأولَى: قَالَ الْخَطِيب فِي «مبهماته» : الرجل الْمَأْمُور
بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ ليحفظه هُوَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه.
قلت: وَوَقع فِي «سنَن ابْن مَاجَه» من حَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن أَبِيه طَلْحَة «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعطَاهُ حمَار وَحش وَأمره أَن يفرقه فِي الرفاق» قَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «أَطْرَافه» : قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة: هَذَا الحَدِيث لَا أعلم رَوَاهُ هَكَذَا غير ابْن عُيَيْنَة، وَأَحْسبهُ أَرَادَ أَن يختصره فَأَخْطَأَ فِيهِ، وَقد خَالفه النَّاس فِي هَذَا الحَدِيث، رَوَاهُ مَالك وجماعات من حَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة، عَن عُمَيْر بن سَلمَة، عَن رجل من بهز، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا جَمِيعًا فِي حَدِيثهمْ:«فَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر أَن يقسمهُ فِي الرفاق وهم محرمون» وَلَعَلَّ ابْن عُيَيْنَة حِين اخْتَصَرَهُ لحقه الْوَهم؛ لِأَن فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة فَقَالَ: عَن أَبِيه. والبهزي يُقَال إِن اسْمه زيد بن كَعْب وَهُوَ من بني سليم، وَهُوَ صَاحب الظبي الحاقف.
قلت: وَقد رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ النَّاس أَحْمد فِي «مُسْنده» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي آخر كتاب المناقب فِي تَرْجَمَة عُمَيْر بن سَلمَة الضمرِي قَالَ: «بَينا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محرم إِذا نَحن بِحِمَار وَحش معقور فَذَكرته للنَّبِي (فَقَالَ: دَعوه. فَأَتَاهُ الَّذِي عقره وَهُوَ رجل من بهز
…
» الحَدِيث كَمَا سلف، وَإِسْنَاده صَحِيح. ثمَّ اعْلَم أَنه وَقع فِي «الْمُهَذّب» للشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ تَغْيِير فِي اسْم رَاوِي هَذَا
الحَدِيث الَّذِي أوردناه فَقَالَ: رجل من فهر بهاء مَكْسُورَة وَرَاء.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» : وَكَذَا نَقله بعض الْأَئِمَّة الْفُضَلَاء عَن خطّ المُصَنّف وَهُوَ غلط وتصحيف، وَالصَّوَاب: رجل من بهز. بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالزاي.
الْفَائِدَة الثَّانِيَة: «الروحاء» مَمْدُود: قَرْيَة جَامِعَة لمزينة عَلَى لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة بَينهمَا أحد وَأَرْبَعُونَ ميلًا. قَالَه أَبُو عبيد الْبكْرِيّ. وَقَالَ الْمُحب فِي «أَحْكَامه» : الروحاء منهل مَعْرُوف قَرِيبا من الْمَدِينَة.
الْفَائِدَة الثَّالِثَة: مَعْنَى «عقير» : معقور، كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
الرَّابِعَة: فِي ضَبطه أَسمَاء الْأَمَاكِن الْوَاقِعَة فِيهِ: «الأُثاية» بِضَم أَولهَا ثمَّ مُثَلّثَة وبهاء فِي الْآخِرَة قبلهَا يَاء مثناة تَحت. كَذَا ضَبطهَا الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» بِضَم أَولهَا. وَقَالَ الْحَازِمِي فِي «المؤتلف والمختلف» : أثاية رَوَاهُ قوم أَثَاثَة وأثانة بالثاء الْمُثَلَّثَة وبالنون، وَالصَّحِيح هُوَ الأول بِفَتْح همزته وكسرتها مَوضِع فِي طَرِيق الْجحْفَة، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة خَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخًا. وَعبارَة الْمُحب فِي «أَحْكَامه» أَنه مَوضِع مَعْرُوف بغرب مَكَّة، وَهِي مقَالَة بِالضَّمِّ وَبَعْضهمْ يكسرها. والرويثة اسْم مَوضِع قريب مِنْهَا. و «العرج» بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، كَذَا ضَبطه الْحَازِمِي فِي «أَسمَاء الْأَمَاكِن» : عقبَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة عَلَى جادة الْحَاج.
وَقَالَ الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» : هِيَ عقبَة بَينهَا وَبَين الرُّوَيْثَة أَرْبَعَة و [عشر] ميلًا، وَبَين الرُّوَيْثَة وَالْمَدينَة أحد وَعِشْرُونَ فرسخًا، وَمن
العرج إِلَى السقيا سَبْعَة عشر ميلًا، وَالْعَرج من بِلَاد [أسلم] . قَالَ كثير: إِنَّمَا سمي العرج لتعريجه. وَعبارَة الْمُحب فِي «أَحْكَامه» : «العرج» - بِإِسْكَان الرَّاء ثمَّ جِيم - قَرْيَة جَامِعَة من عمل الْفَرْع عَلَى إِمَام الْمَدِينَة و «العرج» أَيْضا مَوضِع بِالطَّائِف، وَإِلَيْهِ ينْسب العرجي من ولد عُثْمَان بن عَفَّان لشكاية من أجل مَال كَانَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ الْقَائِل: أضاعوني
…
الْبَيْت.
الْفَائِدَة الْخَامِسَة: «الحاقف» هُوَ المنحني الْعَاجِز عَن الِامْتِنَاع. قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب، وَعبارَة الْمُحب فِي «أَحْكَامه» : حَاقِف أَي: منحني كَأَنَّهُ قَائِم قد انحنى فِي نَومه لَا يرِيبهُ وَلَا يزعجه وَلَا يتَعَرَّض إِلَيْهِ.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَذكر فِيهِ من الْآثَار أثرا وَاحِدًا وَقد سلف فِي أثْنَاء الحَدِيث التَّاسِع عشر.