الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكتاب فتركته. قَالَ: وَقد استقصيت فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث بعض الِاسْتِقْصَاء عَلَى مَا أرَى إِلَيْهِ اجتهادي وَكتب فِيهِ كَمَا قَالَ إِمَام أَئِمَّة الحَدِيث شُعْبَة فِي حَدِيث عبد الله بن عَطاء عَن عقبَة بن عَامر لما طلبه بِالْبَصْرَةِ والكوفة وَالْمَدينَة وَمَكَّة، ثمَّ عَاد الحَدِيث إِلَى شهر بن حَوْشَب فَتَركه، ثمَّ قَالَ شُعْبَة: لِأَن يَصح لي مثل هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أحب إِلَيّ من وَلَدي ووالدي وَالنَّاس أَجْمَعِينَ. قَالَ الْحَاكِم: وَقد صَحَّ هَذَا الحَدِيث وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين. وَخَالف ابْن الْقطَّان فَقَالَ فِي «كِتَابه» حجر بن حجر لَا يعرف، وَلَا أعرف أحدا ذكره [فَأَما] عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ [فالرجل] مَجْهُول الْحَال، والْحَدِيث من أَجله لَا يَصح.
قلت قد صحّح ابْن حبَان من طريقهما، وَعبد الرَّحْمَن أشهر من حجر، فَإِنَّهُ رَوَى عَنهُ جمَاعَة، وَقد وثقهما مَعَ ابْن حبَان الْحَاكِم كَمَا سلف، وَاخْتَارَ الْبَزَّار طَريقَة يَحْيَى بن أبي المطاع، وَهُوَ ثِقَة كَمَا شهد لَهُ بذلك دُحَيْم وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا.
الحَدِيث الثَّامِن عشر
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ [اهْتَدَيْتُمْ] » .
هَذَا الحَدِيث غَرِيب لم يروه أحد من أَصْحَاب الْكتب الْمُعْتَمدَة وَله طرق.
أَحدهَا: عَن حَمْزَة بن أبي حَمْزَة الْجَزرِي النصيببي عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رَفعه:«أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ أَخَذْتُم بقوله اهْتَدَيْتُمْ» رَوَاهُ عبد بن حميد هَكَذَا فِي «مُسْنده» وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْفَضَائِل، وَحَمْزَة هَذَا واهٍ، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَا يُسَاوِي فلسًا. وَقَالَ البُخَارِيّ والرازي: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ أَحْمد: مطروح الحَدِيث. وَقَالَ ابْن عدي: عَامَّة مروياته مَوْضُوعَة. وَقَالَ ابْن حبَان: ينْفَرد عَن الثِّقَات بالموضوعات حَتَّى كَأَنَّهُ كالمتعمد لَهَا، لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي، عَن وهب بن جرير، عَن أَبِيه، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ من اقْتَدَى بِشَيْء مِنْهَا اهْتَدَى» رَوَاهُ الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب» وجعفر هَذَا واهٍ، قَالَ أَبُو زرْعَة: حدث بِأَحَادِيث لَا أصل لَهَا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يضع الحَدِيث وَقَالَ مرّة: مَتْرُوك وَقَالَ ابْن عدي: كَانَ يتهم بِوَضْع الحَدِيث وَكَانَ يسرقها، وَيَأْتِي بِالْمَنَاكِيرِ عَن الثِّقَات. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ يقلب الْأَخْبَار فَلَا يشك أَنه كَانَ يعملها. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: هَذَا الحَدِيث من بلايا جَعْفَر هَذَا.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا «مَا لم تُؤْتوا بِهِ من كتاب الله، وَلم يكن مني سنة، فَإلَى أَصْحَابِي فَإِنَّهُم كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ
اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَلَى مَا نَقله الْخَطِيب فِي كتاب من رَوَى عَن مَالك من حَدِيث جميل بن يزِيد، عَن مَالك، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر وَجَمِيل هَذَا لَا أعرفهُ، وَرَوَاهُ ابْن عبد الْبر فِي كتاب الْعلم من هَذَا الْوَجْه.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل أَصْحَابِي مثل الْملح لَا يصلح الطَّعَام إِلَّا بِهِ، وَمثل أَصْحَابِي مثل النُّجُوم لَا يهتدى إِلَّا بهَا، فَبِأَي قَول أَصْحَابِي أَخَذْتُم بِهِ اهْتَدَيْتُمْ» رَوَاهُ أَبُو ذَر عبد بن أَحْمد الْهَرَوِيّ فِي كتاب السّنة من حَدِيث منْدَل بن عَلّي، عَن جوبير بِهِ. وَهَذَا طَرِيق ضَعِيف جدًّا، منْدَل واه، وجويبر مَتْرُوك، وَالضَّحَّاك ضَعِيف، وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُنْقَطع.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن عبد الرَّحِيم بن زيد الْعمي، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عمر بن الْخطاب رَفعه «سَأَلت رَبِّي فِيمَا اخْتلف فِيهِ أَصْحَابِي من بعدِي، فَأَوْحَى الله إِلَيّ: يَا مُحَمَّد، أَصْحَابك عِنْدِي بِمَنْزِلَة النُّجُوم فِي السَّمَاء بَعْضهَا أَضْوَأ من بعض، فَمن أَخذ بِشَيْء مِمَّا هم عَلَيْهِ من اخْتلَافهمْ فَهُوَ عِنْدِي عَلَى هدى» وَهَذَا ضَعِيف أَيْضا ومنقطع؛ فَإِن سعيد بن الْمسيب لم يسمع من عمر شَيْئا، وَعبد الرَّحْمَن ووالده ضعيفان كَمَا مر فِي أول الْكتاب فِي أثْنَاء بَاب الْوضُوء وَاضحا.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن أنس مَرْفُوعا بِهِ، رَوَاهُ الْبَزَّار فِي جُزْء لَهُ،
وَإِسْنَاده ضَعِيف أَيْضا، فتلخص ضعف جَمِيع هَذِه الطّرق، لَا جرم قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي رسَالَته الْكُبْرَى فِي إبِْطَال الْقيَاس والتقليد وَغَيرهمَا: هَذَا خبر مَكْذُوب مَوْضُوع بَاطِل لم يَصح قطّ. قَالَ: وَقَالَ الْحَافِظ أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّار: سَأَلْتُم عَمَّا يرْوَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا فِي أَيدي الْعَامَّة يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا مثل أَصْحَابِي كَمثل النُّجُوم - أَو قَالَ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ - فبأيها اقتدوا اهتدوا» وَهَذَا الْكَلَام لم يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ عبد الرَّحِيم بن زيد الْعمي، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَإِنَّمَا ضعف هَذَا الحَدِيث من قبل عبد الرَّحِيم؛ لِأَن أهل الْعلم سكتوا عَن الرِّوَايَة لحديثه. قَالَ: وَالْكَلَام أَيْضا مُنكر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يثبت، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا يَصح الِاخْتِلَاف بعده من الصَّحَابَة. هَذَا نَص كَلَام الْبَزَّار، وَقَالَ ابْن معِين: عبد الرَّحِيم هَذَا كَذَّاب لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث.
قَالَ ابْن حزم: وَرَوَاهُ أَيْضا حَمْزَة الْجَزرِي وَهُوَ سَاقِط مَتْرُوك. قَالَ: بل هُوَ مِمَّا يقطع عَلَى أَنه كذب مَوْضُوع؛ لِأَن الصَّحَابَة اخْتلفُوا فَحرم وَاحِد وحلل آخر مِنْهُم ذَلِك الشَّيْء الَّذِي حرمه صَاحبه، وَأوجب بَعضهم وأبطل غَيره مِنْهُم مَا أوجبه صَاحبه، لَو كَانَ هَذَا الْخَبَر حقًّا لكَانَتْ أَحْكَام الله - تَعَالَى - متضادة فِي الدَّين مُخْتَلفَة حَلَالا وحرامًا معَاذ الله، قد كذب هَذَا بقول الصَّادِق (وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا) قَالَ فصح أَن الِاخْتِلَاف لَيْسَ إِلَّا من عِنْد غير الله. قلت لَكِن فِي كتاب «الِاعْتِقَاد» لِلْحَافِظِ أبي بكر الْبَيْهَقِيّ بعد أَن ذكر حَدِيث أبي مُوسَى رَفعه «النُّجُوم أَمَنَة للسماء، إِذا ذهبت النُّجُوم أَتَى أهل السَّمَاء مَا