الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن يَحْيَى بن عُرْوَة، عَن [عبد الله بن] عبد الْعَزِيز الْعمريّ قَالَ:«لما اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عليًّا عَلَى الْيمن (دَعَاهُ فَأَوْصَاهُ) قَالَ: قَدِّم الوضيع عَلَى الشريف، والضعيف عَلَى الْقوي، وَالرِّجَال عَلَى النِّسَاء» .
لم يرمه عبد الْحق بسوى الْإِرْسَال، وَقَالَ ابْن الْقطَّان: فِي إِسْنَاده جمَاعَة لَا يعْرفُونَ. قَالَ: والعمري هُوَ الزَّاهِد، وحاله فِي الحَدِيث مَجْهُولَة، وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة غير هَذِه.
الحَدِيث الْخَامِس
هَذَا الحَدِيث كثيرا مَا يتَكَرَّر فِي كتب الْفُقَهَاء وَالْأُصُول والمحدثين ويعتمدون عَلَيْهِ، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف بِإِجْمَاع أهل النَّقْل - فِيمَا أعلم - وَقد أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْحَارِث بن عَمْرو عَن أنَاس من أهل حمص من أَصْحَاب معَاذ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما أَرَادَ أَن يبْعَث معَاذًا إِلَى الْيَمين
…
» فَذكره بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، ثمَّ رَوَاهُ من رِوَايَة الْحَارِث بن عَمْرو، عَن أنَاس من أَصْحَاب [معَاذ عَن] معَاذ بن جبل «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما بَعثه إِلَى الْيَمين
…
» بِمَعْنَاهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحَارِث
بن عَمْرو عَن [رجال] من أَصْحَاب معَاذ [أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم] من حَدِيث الْحَارِث أَيْضا عَن أنَاس من أهل حمص عَن معَاذ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث الْحَارِث بن عَمْرو عَن معَاذ، كَذَا وجدت فِي النُّسْخَة الَّتِي نظرت مِنْهَا. وَأخرجه أَحْمد كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد ثَانِيًا. قَالَ ابْن عدي فِي «كَامِله» : قَالَ البُخَارِيّ فِي «التَّارِيخ» : الْحَارِث بن عَمْرو بن أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة الثَّقَفِيّ، عَن أَصْحَاب معَاذ، عَن معَاذ، وَرَوَى عَنهُ أَبُو عون وَلَا يَصح وَلَا يعرف إِلَّا بِهَذَا، وَهُوَ مُرْسل. قَالَ ابْن عدي: والْحَارث بن عَمْرو وَهُوَ مَعْرُوف بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكره البُخَارِيّ عَن معَاذ لما وَجهه النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيمن. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا الحَدِيث لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَيْسَ إِسْنَاده عِنْدِي مُتَّصِل.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : رَوَاهُ شُعْبَة، عَن أبي عون، عَن الْحَارِث بن عَمْرو، عَن أَصْحَاب معَاذ، عَن مُعاذ. وأرسله عبد الرَّحْمَن
بن مهْدي وجماعات، وَقَالَ أَبُو دَاوُد عَن شُعْبَة قَالَ مرّة: عَن معَاذ، وَأكْثر مَا كَانَ يحدثنا عَن أَصْحَاب معَاذ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَرُوِيَ [عَن مسعر] عَن أبي عون مُرْسلا، والمرسل أصح. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي كِتَابه «الْمُحَلَّى شرح المجلى» : هَذَا حَدِيث لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ لم يروه أحد إِلَّا الْحَارِث بن عَمْرو - وَهُوَ مَجْهُول لَا نَدْرِي من هُوَ - عَن رجال من أهل حمص - لم يسمهم - عَن معَاذ. وَقَالَ فِي رسَالَته فِي إبِْطَال الْقيَاس: هَذَا الحَدِيث الْمَأْثُور وَهُوَ عِنْدهم، وَهُوَ حَدِيث غير صَحِيح؛ لِأَنَّهُ عَن الْحَارِث بن عَمْرو الْهُذلِيّ أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة الثَّقَفِيّ، وَلَا يدْرِي أحد من هُوَ، وَلَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث. ذكر ذَلِك البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه الْأَوْسَط» فِي الطَّبَقَات ثمَّ هُوَ أَيْضا عَن رجال من أهل حمص من أَصْحَاب معَاذ، وَلَا يجوز الْأَخْذ بِالدّينِ عَمَّن لَا يُدْرَى من هُوَ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذ عَن الثِّقَات المعروفين. قَالَ: وَقد اتّفق الْجَمِيع عَلَى أَنه لَا يجوز شَهَادَة من لَا يُدْرَى حَاله، وَنقل الحَدِيث شَهَادَة من أعظم الشَّهَادَات؛ لِأَنَّهَا شَهَادَة عَلَى الله وَعَلَى رَسُوله، فَلَا يحل أَن يتساهل فِي ذَلِك أصلا. قَالَ: وقدموه قوم لم ينألوا بِالْكَذِبِ فَقَالُوا: إِن هَذَا الْخَبَر مَنْقُول نقل التَّوَاتُر. وَهَذَا كذب ظَاهر؛ لِأَن نقل التَّوَاتُر هُوَ أَن يكون نَقله فِي عصر متواتر من مبتدئه إِلَى مبلغه، وَأما مَا رَجَعَ من مبدئه إِلَى وَاحِد مَجْهُول فَهَذَا ضد التَّوَاتُر، وَهَذَا لم يعرف قطّ قَدِيما، وَلَا ذكره أحد من الصَّحَابَة عَنْهُم وَلَا من التَّابِعين عَن مسلمة عَن أبي عون حَتَّى
يعلق بِهِ الْمُتَأَخّرُونَ، فانبثق إِلَى أتباعهم ومقلديهم فعرفوه، وَمَا احْتج بِهِ قطّ أحد من الْمُتَقَدِّمين؛ لِأَن مخرجه واه ضَعِيف، وَرَوَاهُ مَعَ ذَلِك عَن أبي عون شُعْبَة، وَأبي إِسْحَاق: سُلَيْمَان بن فَيْرُوز الشَّيْبَانِيّ فَقَط لم يروه غَيرهمَا، وَكِلَاهُمَا ثِقَة حَافظ، وَاخْتلفَا فِيهِ فَرَوَاهُ شُعْبَة، عَن أبي عون، عَن نَاس من أَصْحَاب معَاذ من أهل حمص «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
» وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ - هُوَ أَبُو عون - قَالَ: «لما بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
» الحَدِيث، قَالَ: وَأَيْضًا فَمن الْبَاطِل الْمَقْطُوع بِهِ أَن يُضَاف مثل هَذَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَن يَقُول عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام لِمعَاذ: «إِن لم تَجِد فِي كتاب الله - تَعَالَى - وَلَا فِي سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» وَهُوَ عليه الصلاة والسلام قد سُئِلَ عَن الحمُرُ فَقَالَ: «مَا أنزل الله عَلّي فِيهَا شَيْء إِلَّا هَذِه الْآيَة الفاذة (فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره) فَلم يحكم فِيهَا عليه الصلاة والسلام بِحكم الْبَتَّةَ بِغَيْر الْوَحْي، فَكيف يُجِيز ذَلِك لغيره وَهُوَ عليه الصلاة والسلام قد أَتَانَا بقوله من ربه الصَّادِق (مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:(لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم) فَلَا سَبِيل إِلَى وجود شَرِيعَة لله - تَعَالَى - فَرضهَا فِي الْكتاب وَلم يسنها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فصح أَن هَذَا اللَّفْظ لَا يجوز أَن يَقُوله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. هَذَا آخر كَلَام الْحَافِظ أبي مُحَمَّد بن حزم مُلَخصا.
وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : هَذَا الحَدِيث لَا يسند وَلَا يُوجد
من وَجه صَحِيح. فَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب «الْوَهم وَالْإِيهَام» : الْحَارِث هَذَا لَا يعرف لَهُ حَال، وَلَا نَدْرِي رَوَى عَنهُ غير أبي عون مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا حَدِيث لَا يَصح وَإِن كَانَ الْفُقَهَاء كلهم يذكرُونَهُ فِي كتبهمْ ويعتمدون عَلَيْهِ. قَالَ: (ولعمري مَعْنَاهُ صَحِيح) إِنَّمَا ثُبُوته لَا يعرف؛ لِأَن الْحَارِث بن عَمْرو مَجْهُول، وَأَصْحَاب معَاذ من أهل حمص لَا يعْرفُونَ، وَمَا هَذَا طَرِيقه فَلَا وَجه لثُبُوته. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر فِي المُصَنّف الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا الحَدِيث: اعْلَم أنني فحصت عَن هَذَا الحَدِيث فِي المسانيد الْكِبَار وَالصغَار، وَسَأَلت من لَقيته من أهل الْعلم بِالنَّقْلِ عَنهُ، فَلم أجد لَهُ غير طَرِيقين: أَحدهمَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن حَفْص بن عمر، عَن شُعْبَة، عَن أبي عون، عَن الْحَارِث بن عَمْرو بن أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة، عَن أنَاس من أهل حمص من أَصْحَاب معَاذ، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَثَانِيهمَا: عَن مُحَمَّد بن جَابر اليمامي، عَن أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء، عَن رجل من ثَقِيف، عَن معَاذ، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَالطَّرِيق الأول مَدَاره عَلَى الْحَارِث بن عَمْرو وَهُوَ مَجْهُول. وأناس من حمص لَا يعْرفُونَ، وَلم يبين أَنهم سَمِعُوهُ من معَاذ. قَالَ: وبمثل هَذَا الْإِسْنَاد لَا يعْتَمد فِي أصل من أصُول الشَّرِيعَة وَيحمل بذا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع. وَالطَّرِيق الثَّانِي: رَوَاهُ مُحَمَّد بن جَابر اليمامي - عَلَى ضعفه - عَن أَشْعَث، عَن رجل من ثَقِيف وَرجل لَا يعرف لَا يعْتَمد عَلَيْهِ. ثمَّ نقل كَلَام ابْن عدي فِي «كَامِله» الَّذِي قدمْنَاهُ أَولا، ثمَّ قَالَ: وأقبح مَا رَأَيْت عَلَى هَذَا الحَدِيث قَول الْجُوَيْنِيّ فِي
كِتَابه «أصُول الْفِقْه» فِي بَاب إِثْبَات الْقيَاس: والعمدة فِي هَذَا الْبَاب عَلَى حَدِيث معَاذ. قَالَ: وَهَذِه زلَّة مِنْهُ آفتها التَّقْلِيد، وَلَو كَانَ عَالما بِالنَّقْلِ لم يرتكب هَذِه الْجَهَالَة؛ لِأَنَّهُ جعل عمدته حَدِيثا بِهَذَا الْوَهم الْوَاضِح. قَالَ: ثمَّ يَقُول: قد رَأينَا الْأَحَادِيث الْوَاضِحَة الْمُتَّصِلَة المخرجة فِي الْكتب الْمَعْرُوفَة تصرح بِخِلَاف هَذَا؛ فَمن ذَلِك حَدِيث أبي مُوسَى «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن وَأَبا مُوسَى قَالَ لَهما: يسرا وَلَا تعسرا، وتطاوعا وَلَا تنفرا. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى إِن لنا شرابًا يصنع بأرضنا من الْعَسَل يُقَال لَهُ: البتع، وَمن الشّعير يُقَال: المزر؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: كل مُسكر حرَام» حَدِيث مخرج فِي الصَّحِيح وَغَيرهَا من الْكتب، لم يخْتَلف فِي صِحَّته اثْنَان من أهل الْمعرفَة فيظن بِخِلَاف مَا ورد فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم الْمَقْطُوع الْمَجْهُول رُوَاته، وَأَن الْوَصِيَّة كَانَت لَهما، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء من ذَلِك. قَالَ: وَمِمَّا يدل عَلَى إبِْطَال حَدِيث معَاذ أَيْضا أَنا وجدنَا معَاذًا لما سُئِلَ لما لم يكن عِنْده فِيهِ نَص توقف وَلم يجْتَهد رَأْيه، من ذَلِك مَا رَوَى طَاوس عَنهُ قَالَ:«أُتِي معَاذ بن جبل بوقص الْبَقر وَالْعَسَل حسب، فَقَالَ: لم يَأْمُرنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيهمَا بِشَيْء» وَرَوَى التِّرْمِذِيّ فِي «سنَنه» عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن معَاذ «أَنه كتب إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يسْأَله
عَن الخضراوات وهى الْبُقُول، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْء» قَالَ: وَمِمَّا يدل عَلَى بُطْلَانه مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، عَن معَاذ قَالَ:«لما بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تقضين وَلَا تفصلن إِلَّا بِمَا تعلم، فَإِن أشكل عَلَيْك أَمر فقف حَتَّى تبينه أَو تكْتب إِلَيّ فِيهِ» .
قَالَ ابْن طَاهِر: فقد صَحَّ عِنْدِي فَسَاد حَدِيث معَاذ الْمَذْكُور لما أوضحته من وَهن إِسْنَاده، وَبِمَا أتبعته من الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة المخرجة فِي الصَّحِيح وَوَجَب ترك الِاحْتِجَاج بِهِ. هَذَا ملخص كَلَامه فِي التَّأْلِيف الْمَذْكُور. الحَدِيث الَّذِي أوردهُ من طَرِيق ابْن مَاجَه عجبت مِنْهُ سُكُوته عَلَى إِسْنَاده وَفِيه مُحَمَّد ابْن (سعيد) المصلوب وَهُوَ كَذَّاب وَضاع كَمَا أسلفته فِي كتاب الْجِنَايَات. وَقَالَ أَبُو عمر وَعُثْمَان بن الإِمَام أبي عَلّي حسن بن عَلّي بن دحْيَة «إرشاد البائنية وَالرَّدّ عَلَى المعتدي مِمَّا وهم فِيهِ الْفَقِيه أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ» : هَذَا الحَدِيث لَا أصل لَهُ، وَرِجَاله مَجْهُولُونَ، وَلَا يَصح عِنْد أحد من الْأَئِمَّة النقاد، وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور عِنْد ضعفاء أهل الْفِقْه لَا أصل لَهُ، يُوجب إطراحه. وَقَالَ: أحسن مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب مَا رَوَاهُ الشّعبِيّ عَن شُرَيْح القَاضِي «أَنه كتب إِلَى عمر بن الْخطاب يسْأَله فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن اقْضِ بِمَا [فِي] كتاب الله، فَإِن لم يكن فِي كتاب الله فَفِي سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِن لم [يكن] فِي سنة رَسُول الله وَإِلَّا فبمَا قَضَى بِهِ الصالحون، فَإِن لم يكن فِي كتاب الله وَلَا