الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحق فِي «أَحْكَامه» وَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ مُنكر الحَدِيث. وَضَعفه جدًّا، وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يحل ذكره إِلَّا عَلَى سَبِيل الْقدح، يضع الحَدِيث عَلَى مَالك وَابْن أبي ذِئْب وَغَيرهمَا من الثِّقَات. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: رَوَاهُ عمر بن رَاشد، عَن يَحْيَى، عَن أبي هُرَيْرَة، من النَّاس من يرويهِ هَكَذَا عَن عمر، وَرَوَاهُ عَلّي بن الْجَعْد [عَن عمر بن رَاشد] عَن يَحْيَى عَن أبي سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسل، قَالَ: وَعمر شيخ ضَعِيف الحَدِيث.
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث اسْتدلَّ بِهِ الرَّافِعِيّ رحمه الله عَلَى [لَا] أَنه تقبل شَهَادَة الْكَافِر مُطلقًا أَعنِي ذميًّا كَانَ أَو حربيًّا شهد عَلَى مُسلم أَو كَافِر، قَالَ الْأَصْحَاب: وَلَا حجَّة فِيهِ أَي عَلَى تَقْدِير صِحَّته إِن سمع شَهَادَتهم عَلَى أهل دينهم؛ لِأَنَّهُ لَو دلّ لَهُم فَإِنَّمَا يدل بِالْمَفْهُومِ وهم لَا يَقُولُونَ بِهِ، وَلَا يُقَال أَنهم يَقُولُونَ بِهِ فَكيف خالفتموه؛ لأَنا نقُول فِي الْوَضع الَّذِي لَا يكون غَيره أَقْوَى مِنْهُ، وَهنا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَأَيْضًا فَإِن دَلِيل الْخطاب إِنَّمَا يَقُول بِهِ فِي الْمَوْضُوع الَّذِي لَا يؤول إِلَى إبِْطَال تعلقه أما إِذا أَدَّى إِلَيْهِ فَلَا نقُول بِهِ؛ لِأَن النُّطْق أَقْوَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَصله وَالْأَصْل إِذا بَطل بَطل الْفَرْع وَالْأَمر هَاهُنَا كَذَلِك.
الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تقبل شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا زَان وَلَا زَانِيَة» .
هَذَا الحَدِيث يرْوَى من طرق:
إِحْدَاهَا: من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَله خمس طرق عَنهُ:
أَولهَا: عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن سُلَيْمَان الدِّمَشْقِي، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «رد شَهَادَة الخائن والخائنة، وَذي الغِمر عَلَى أَخِيه، ورد شَهَادَة القانع لأهل الْبَيْت وأجازها لغَيرهم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» كَذَلِك سندًا ومتنًا، ثمَّ رَوَاهُ بالسند الْمَذْكُور بِلَفْظ: قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا زَان وَلَا زَانِيَة، وَلَا ذِي غمر عَلَى أَخِيه» ثمَّ قَالَ: الْغمر: الحنة والشحناء. وَقَالَ غَيره: الْعَدَاوَة. وَقَوله: «عَلَى أَخِيه رَأَيْته فِي نُسْخَة كَذَا فِي الْأُخوة وبخط بعض الْقُضَاة «الأحنة من الْعَدَاوَة» وَهُوَ ظَاهر.
ثَانِيهَا: من حَدِيث مُحَمَّد بن رَاشد، عَن سُلَيْمَان، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، [عَن أَبِيه] ، عَن جده «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رد شَهَادَة الخائن والخائنة، وَذَوي الْغمر عَلَى أَخِيه، ورد شَهَادَة القانع لأهل الْبَيْت [وأجازها] لغَيرهم» والقانع: الَّذِي ينْفق عَلَيْهِ أهل الْبَيْت. وَسليمَان هَذَا هُوَ الْمَذْكُور فِي الطَّرِيق الأول أَيْضا وَهُوَ أموي مَوْلَاهُم دمشقي الْأَشْدَق، قَالَ خَ: عِنْده مَنَاكِير. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَمُحَمّد هَذَا
هُوَ المكحول وَفِيه مقَال وَثَّقَهُ أَحْمد وَالْجَمَاعَة، وَقَالَ دُحَيْم: يذكر بِالْقدرِ. وَقَالَ أَبُو مسْهر: كَانَ يرَى الْخُرُوج. وَقَالَ [أَبُو مسْهر] : كَانَ يروي الْخُرُوج. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ من أهل النّسك لَكِن لم يكن الحَدِيث من صناعته، وَكَانَ يَأْتِي بالشَّيْء عَلَى التَّوَهُّم، وَكَثُرت الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته فَاسْتحقَّ ترك الِاحْتِجَاج بِهِ. وَأخرج هَذَا الحَدِيث تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» من طَرِيق أبي دَاوُد هَذِه وَقَالَ: اخْتلف فِي الِاحْتِجَاج بِهَذَا (وَنقض رِوَايَته) .
ثَالِثهَا: من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة النَّخعِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:«لَا يجوز للشَّهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا مَحْدُود فِي الْإِسْلَام، وَلَا ذِي غمر عَلَى أَخِيه» رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه، وَابْن أبي شيبَة فِي «تصنيفه» وَلَفظه:«الْمُسلمُونَ عدُول بَعضهم عَلَى بعض إِلَّا محدودًا فِي فِرْيَة» .
وَالْحجاج هَذَا قد عرفت حَاله غير مرّة.
رَابِعهَا: من حَدِيث آدم بن فائد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا مَحْدُود فِي الْإِسْلَام، وَلَا ذِي غمر عَلَى أَخِيه» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» كَذَلِك، وآدَم هَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مَجْهُول. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا يحْتَج بِهِ.
خَامِسهَا: من حَدِيث الْمثنى بن الصَّباح، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:« [لَا] تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا مَوْقُوف عَلَى حد، وَلَا ذِي غمر عَلَى أَخِيه» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» كَذَلِك، والمثنى هَذَا سبق تَضْعِيفه غير مرّة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعد أَن أخرجه من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ:[آدم بن فائد والمثنى بن الصَّباح لَا يحْتَج بهما و] رُوِيَ من أوجه ضَعِيفَة عَن عَمْرو، قَالَ:[وَمن] رَوَى من الثِّقَات هَذَا الحَدِيث «وَلَا مجرب» لم يذكر «المجلود» وَلم يذكر «الْمَحْدُود» فِيهِ، وَهُوَ الثِّقَة من جملَة من رَوَى هَذَا عَن عَمْرو فَلَا يلْزمنَا قَول خلاف من خَالفه.
الطَّرِيق الثَّانِي: من أصل طرق الحَدِيث حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تجوز [شَهَادَة] خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا [مجلود] حدًّا [وَلَا مجلودة] ، وَلَا ذِي غمر لِأَخِيهِ، وَلَا مجرب عَلَيْهِ شَهَادَة زور، وَلَا القانع لأهل الْبَيْت لَهُم، وَلَا ظنين [فِي وَلَاء] وَلَا قرَابَة» قَالَ الْفَزارِيّ: القانع: التَّابِع. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» كَذَلِك من رِوَايَة يزِيد بن زِيَاد الدِّمَشْقِي، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة. وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِك الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وَلم يذكر «القانع» وَرَوَاهُ
الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» دون قَوْله «وَلَا مجرب، وَلَا ظنين فِي وَلَاء وَلَا قرَابَة» لكنه قَالَ فِيهِ: يزِيد بن أبي زِيَاد الْقرشِي. وَهُوَ يزِيد بن زِيَاد أَيْضا - يُقَال فِيهِ هَذَا وَهَذَا - قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا يعرف هَذَا [الحَدِيث] من حَدِيث الزُّهْرِيّ إِلَّا من حَدِيثه، وَلَا نَعْرِف [مَعْنَى] هَذَا الحَدِيث، وَلَا يَصح عندنَا من قبل إِسْنَاده. قَالَ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أهل الْعلم أَن شَهَادَة الْقَرِيب جَائِزَة لِقَرَابَتِهِ. وَقَالَ [: قَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز شَهَادَة لرجل عَلَى] الآخر: وَإِن كَانَ عدلا إِذا كَانَ بَينهمَا عَدَاوَة، وَذهب إِلَيّ حَدِيث عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلا «لَا تجوز شَهَادَة صَاحب إحْنَة» يَعْنِي عَدَاوَة. وَكَذَلِكَ مَعْنَى هَذَا الحَدِيث حَيْثُ قَالَ:«لَا تجوز شَهَادَة صَاحب غمر» يَعْنِي صَاحب عَدَاوَة. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر وَلم يقْرَأ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا حَدِيث ضَعِيف. قَالَ: وَيزِيد ابْن زِيَاد وَيُقَال: ابْن أبي زِيَاد الشَّامي هَذَا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يزِيد هَذَا [ضَعِيف] لَا يحْتَج بِهِ. وَكَذَا ضعف هَذَا الحَدِيث من الْمُتَأَخِّرين ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» و «تَحْقِيقه» وَعبد الْحق فِي «أَحْكَامه» ، وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم
فَإِنَّهُ أخرجه فِي «محلاه» من طَرِيق أبي عُبَيْدَة وَقَالَ عَن يزِيد الْجَزرِي: أَحْسبهُ يزِيد بن سِنَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَائِشَة مَرْفُوعا «لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا ظنين فِي وَلَاء وَلَا قرَابَة، وَلَا مجلود فِي حد» . وَقَالَ: لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ عَن يزِيد وَهُوَ مَجْهُول؛ فَإِن كَانَ يزِيد بن سِنَان فَهُوَ مَعْرُوف بِالْكَذِبِ. هَذَا كَلَامه وَقد علمت أَنه يزِيد.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث عبد الْأَعْلَى بن مُحَمَّد، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الله بن عمر «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطب فَقَالَ: أَلا لَا تجوز شَهَادَة الخائن وَلَا الخائنة، وَلَا ذِي غمر عَلَى أَخِيه، وَلَا الْمَوْقُوف عَلَى حد» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» كَذَلِك، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يَحْيَى بن سعيد هُوَ الْفَارِسِي [مَتْرُوك] وَعبد الْأَعْلَى ضَعِيف.
قلت: وَيَحْيَى أَيْضا ضَعِيف ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مُنكر الحَدِيث وَهُوَ مَجْهُول. وَقَالَ النَّسَائِيّ: يروي عَن الزُّهْرِيّ أَحَادِيث مَوْضُوعَة مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يروي عَن الزُّهْرِيّ وَأبي الزبير وَهِشَام بن عُرْوَة مَنَاكِير مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن عدي: يروي عَن الثِّقَات البواطيل. فيلخص من هَذَا كُله أَنه حَدِيث ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ، لَا جرم قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : لَا يَصح من هَذَا شَيْء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعْتَمد عَلَيْهِ. قَالَ: وَيروَى عَن عمر «أَنه كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: الْمُسلمُونَ عدُول بَعضهم عَلَى بعض إِلَّا مجلودًا فِي حد، أَو مجربًا شَهَادَة