الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الرَّابِع
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاث هِيَ عَلّي فَرَائض وَلكم تطوع: النَّحْر، وَالْوتر، وركعتي الضُّحَى»
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه وَاضحا فِي بَاب صَلَاة التَّطَوُّع وأسلفنا الْكَلَام عَلَيْهِ هُنَاكَ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيروَى: «ثَلَاث كتبت عليّ وَلم تكْتب عَلَيْكُم: الضُّحَى، والأضحى، وَالْوتر» وَهَذِه الرِّوَايَة بِمَعْنى الأولَى.
الحَدِيث الْخَامِس
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا دخل الْعشْر وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره وبشره شَيْئا» .
هَذَا الحَدِيث أخرجه مُسلم فِي «صَحِيحه» بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث أم سَلمَة رضي الله عنها، وَفِي رِوَايَة لَهُ:«إِذا دخل الْعشْر وَعِنْده أضْحِية يُرِيد أَن يُضحي فَلَا يَأْخُذن شعرًا وَلَا يقلمن ظفرًا» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «إِذا رَأَيْتُمْ هِلَال ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فليمسك من شعره وأظافره» وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور الثَّانِي مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ: إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَرَوَاهُ مَوْقُوفا عَلَى أم سَلمَة ثمَّ قَالَ: هَذَا شَاهد للَّذي قبله.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّحِيح عِنْدِي أَنه مَوْقُوف. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره: قَالَ الشَّافِعِي: فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة عَلَى أَن الضحية لَيست بِوَاجِب لقَوْله صلى الله عليه وسلم: «وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي» وَلَو كَانَت الضحية وَاجِبَة أشبه أَن يَقُول: فَلَا يمس من شعره حَتَّى يُضحي. قَالَ أَصْحَابنَا: وَالْحكمَة فِي النَّهْي أَن يَبْقَى كَامِل الْأَجْزَاء ليعتق من النَّار.
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء الْبَاب: وَقد ورد أَن الله - تَعَالَى - يعْتق بِكُل عُضْو من الضحية عضوا من المضحي. وَهَذَا غَرِيب لَا يحضرني من خرجه.
وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : إِنَّه حَدِيث غير مَعْرُوف وَإنَّهُ لم يجد لَهُ سندًا يثبت بِهِ. هَذَا كَلَامه.
قلت: وَفِي «مُعْجم الطَّبَرَانِيّ» نَحوه من حَدِيث أبي دَاوُد النَّخعِيّ، عَن عبد الله بن حسن بن حسن، عَن أَبِيه، عَن جده مَرْفُوعا:«من ضحى طيبَة بهَا نَفسه محتسبًا بأضحيته كَانَت لَهُ حِجَابا من النَّار» .
وَأَبُو دَاوُد هَذَا كَذَّاب، قَالَ أَحْمد: كَانَ يضع الحَدِيث. وَمن الْعلمَاء من أبدى لذَلِك حِكْمَة أُخْرَى وَهِي التَّشَبُّه بالمحرم، وَللشَّافِعِيّ رحمه الله فِي قَوْله:«لَا يمس من شعره وبشره» تَأْوِيلَانِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد من الشّعْر شعر الرَّأْس وَمن الْبشر شعر الْبدن. وَعَلَى هَذَا لَا يكره تقليم الْأَظْفَار، وَقد سلف التَّصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يقلم الظفر، فَالْقَوْل بِعَدَمِ الْكَرَاهَة بعيد.