الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيْت مقترنين. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ هَذَا نذرا - فَقطع قرانهما - إِنَّمَا النّذر مَا ابْتغِي بِهِ وَجه الله» وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ «أَن امْرَأَة أبي ذَر جَاءَت عَلَى الْقَصْوَاء - رَاحِلَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أناخت عِنْد الْمَسْجِد، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، نذرت لَئِن نجاني الله عَلَيْهَا لآكلن من كَبِدهَا وسنامها. قَالَ: بئس مَا جزيتيها، لَيْسَ هَذَا نذرا إِنَّمَا النّذر مَا ابْتغِي بِهِ وَجه الله» .
الحَدِيث الْخَامِس
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نذر فِي مَعْصِيّة، وكفارته كَفَّارَة يَمِين» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق: أَحدهَا - وَهُوَ أمثلها - من طَرِيق عمرَان بن الْحصين رضي الله عنهما مَرْفُوعا، رَوَاهُ كَذَلِك النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ. قَالَ الْحَاكِم:[هَذَا حَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّد بن الزبير بن الْحسن عَن عمرَان، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى بن مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي، عَن أَبِيه، عَن عمرَان] قَالَ: وَقد أعضله معمر عَن يَحْيَى بن أبي كثير، قَالَ: حَدثنِي رجل من بني حنيفَة عَن عمرَان. قَالَ: وَهَذَا الرجل هُوَ مُحَمَّد بن الزبير بِلَا شكّ، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَن يَقُول من بني حَنْظَلَة فَقَالَ: من بني حنيفَة، فَأَما قَوْله عليه السلام:«لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله» فقد
اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، ومدار الحَدِيث عَلَى مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي، وَلَيْسَ يَصح. هَذَا آخر كَلَام الْحَاكِم، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: رَوَاهُ جمَاعَة مِنْهُم يَحْيَى بن أبي كثير وَالثَّوْري وَأَبُو بكر النَّهْشَلِي وَغَيرهم، فَقَالُوا: عَن مُحَمَّد بن الزبير، عَن أَبِيه، عَن عمرَان، وَلم يذكرُوا السماع كَمَا [ذكره] جرير بن حَازِم، عَن مُحَمَّد بن الزبير، عَن أَبِيه، سَمِعت عمرَان بن حُصَيْن
…
الحَدِيث. قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الْوَارِث، عَن مُحَمَّد بن الزبير، عَمَّن سمع من عمرَان مَرْفُوعا. قَالَ: وَحَدِيث عبد الْوَارِث هَذَا أشبه؛ لِأَنَّهُ قد بَين عَورَة الحَدِيث. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي، عَن أَبِيه، عَن عمرَان. ثمَّ أخرجه الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن رجل من بني حَنْظَلَة، عَن عمرَان بن عدي. هَذَا الحَدِيث مَشْهُور بِمُحَمد بن الزبير الْحَنْظَلِي، عَن أَبِيه عَن عمرَان، وَاخْتلف عَلَيْهِ فِي إِسْنَاده وَمَتنه، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ مُنْقَطع، الزبير لم يسمع من عمرَان. قَالَ يَحْيَى بن معِين: قيل لمُحَمد بن الزبير: أسمع أَبوك من عمرَان؟ (قَالَ: لَا) . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَالَّذِي يدل عَلَى هَذَا أَن ابْن الْمُبَارك رَوَاهُ عَن عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي، عَن أَبِيه أَن رجلا حَدثهُ
«أَنه سَأَلَ عمرَان بن الْحصين
…
» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقيل: عَن مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي، عَن رجل صَحبه، عَن عمرَان. وَقيل: عَن مُحَمَّد بن الزبير، عَن الْحسن، عَن عمرَان قَالَ: وَهَذَا مُنْقَطع؛ فَلَا يَصح عَن الْحسن عَن عمرَان سَماع من وَجه صَحِيح يثبت مثله، قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: لم يَصح عَن الْحسن عَن عمرَان سَماع من وَجه صَحِيح يثبت. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَمُحَمّد بن الزبير الْحَنْظَلِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ، قَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث.
وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: إِن الْحسن لم يسمع من عمرَان. وَقَالَ هُوَ وجماعات: إِن الْحسن سمع من عمرَان. فَجزم ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» بِأَنَّهُ سمع مِنْهُ، ذُكِرَ ذَلِك فِي حَدِيث الْحسن، عَن سَمُرَة «كَانَت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان» وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ إِيرَاد شَيْخه ابْن خُزَيْمَة أَيْضا؛ فَإِن [الْحَاكِم] أخرج لَهُ حَدِيثا «فِي طيب الرِّجَال: ريح لَا لون لَهُ، وَطيب النِّسَاء لون لَا ريح لَهُ» وَهَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ؛ فَإِن مَشَايِخنَا - وَإِن اخْتلفُوا فِي سَماع الْحسن عَن عمرَان فَإِن - أَكْثَرهم عَلَى أَنه سمع مِنْهُ. وَقَالَ الْحَاكِم أَيْضا فِي «مُسْتَدْركه» فِي
أواخره فِي أَوَائِل بَاب الْأَهْوَال: لم يخرج البُخَارِيّ وَمُسلم هَذِه التَّرْجَمَة وَهِي الْحسن عَن عمرَان. قَالَ: وَذكر أَن الْحسن لم يسمع مِنْهُ. قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن الْحسن قد سمع من عمرَان بن حُصَيْن. وَجزم بِهِ فِي أَوَائِل «الْمُسْتَدْرك» فِي كتاب الْإِيمَان، وَكَذَا صَاحب «الْكَمَال» وَنقل الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» عَن عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ: قلت ليحيى بن معِين: الْحسن لَقِي عمرَان بن الْحصين؟ قَالَ: أما حَدِيث الْبَصرِيين فَلَا، وَأما حَدِيث الْكُوفِيّين فَنعم. وَذكر الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب لَا تَفْرِيط عَلَى من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا، حَدِيثا مُصَرحًا فِيهِ بِأَن الْحسن سمع مِنْهُ، وَهُوَ حَدِيث «التَّعْرِيس آخر اللَّيْل» ، وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَقَالَ صَاحب «الإِمَام» : رِجَاله ثِقَات.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، رَوَاهُ أَحْمد وَأَصْحَاب «السّنَن الْأَرْبَعَة» وَهُوَ مُنْقَطع وَإِن ذكره ابْن السكن فِي «صحاحه» لِأَن الزُّهْرِيّ لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أبي سَلمَة. كَذَا قَالَه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أَيُّوب
بن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن أبي بكر بن أبي أويس، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق ومُوسَى بن عقبَة، كِلَاهُمَا عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن أَرقم، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة. قَالَ أَحْمد بن شبويه: قَالَ ابْن الْمُبَارك فِي هَذَا الحَدِيث: حدث أَبُو سَلمَة فَدلَّ عَلَى أَن الزُّهْرِيّ لم يسمعهُ من أبي سَلمَة. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. قَالَ: وَهُوَ أصح من حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: سُلَيْمَان بن أَرقم مَتْرُوك الحَدِيث، خَالفه غير وَاحِد من أَصْحَاب يَحْيَى فِي هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا حَدِيث مقلوب الْإِسْنَاد. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا، وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: حدث [أَبُو] سَلمَة. وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث لم يسمعهُ الزُّهْرِيّ من أبي سَلمَة؛ فقد جَاءَ من طَرِيق آخر عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أَبَا سَلمَة قَالَ: (رُبمَا) يدل عَلَى أَن الزُّهْرِيّ لم يسمعهُ من أبي سَلمَة؛ وَإِنَّمَا سَمعه من (سُلَيْمَان بن أَرقم مَا أَنبأَنَا بِهِ شَيخنَا)
وَذكر بِإِسْنَادِهِ عَن الزُّهْرِيّ، عَن سُلَيْمَان بن أَرقم،
عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، وَهَذَا وهم من سُلَيْمَان؛ فيحيى بن أبي كثير إِنَّمَا رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي عَن أَبِيه عَن عمرَان مَرْفُوعا كَمَا تقدم، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث غَالب بن عبيد الله الْعقيلِيّ الْجَزرِي، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«من جعل عَلَيْهِ نذر فِي مَعْصِيّة، فكفارته كَفَّارَة يَمِين» .
وغالب هَذَا ضَعِيف بِمرَّة، قَالَ الْأَزْدِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث، لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
فتلخص ضعف هَذِه الطّرق بالانقطاع وَغَيره، وَمِمَّنْ ضعفه من الْمُتَأَخِّرين: النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدرقطني من رِوَايَة عَائِشَة وَعمْرَان. وَضعفهمَا فَقَالَ: وَاتفقَ الْحفاظ عَلَى ذَلِك. وَقَالَ فِي «الرَّوْضَة» : حَدِيث «لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين» ضَعِيف بِاتِّفَاق الْمُحدثين.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث كريب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من نذر نذرا فِي مَعْصِيّة فكفارته كَفَّارَة يَمِين» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِيه طول، وَذكر أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس وَإِسْنَاده جيد، وَأعله ابْن حزم فِي «محلاه» فَقَالَ: فِيهِ طَلْحَة بن يَحْيَى، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف جدًّا.