الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات» للنووي رحمه الله أَن اسْمه «أَبَا بكر» وَلَعَلَّه تَصْحِيف من النَّاسِخ، وَمِمَّا يُوضح ذَلِك أَنه ذكره هُوَ فِي «شرح مُسلم» «ومختصر المبهمات» كَمَا ذكره الْخَطِيب، وَقد تَابعه عَلَى هَذَا الْغَلَط بعض من صنف فِي زَمَاننَا فنقله عَنهُ وَأقرهُ عَلَيْهِ.
الحَدِيث الثَّانِي
عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وموقوفًا: «أَن الْمُدبر من الثُّلُث» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَاكِم، عَن الْأَصَم، عَن الرّبيع، عَن الشَّافِعِي، عَن عَلّي بن ظبْيَان، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ:«الْمُدبر من الثُّلُث» قَالَ الشَّافِعِي: قَالَ لي عَلّي بن ظبْيَان: كنت أحدث بِهِ مَرْفُوعا فَقَالَ لي أَصْحَابِي: لَيْسَ بمرفوع وَهُوَ مَوْقُوف عَلَى ابْن عمر، فوقفته قَالَ الشَّافِعِي: الْحفاظ يقفونه عَلَى ابْن عمر. قَالَ: وَلَا أعلم من أَدْرَكته من المفتيين اخْتلفُوا فِي أَن الْمُدبر وَصِيَّة من الثُّلُث. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عبيد الله الْكَاتِب [و] أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر وَجَمَاعَة قَالُوا: [نَا] عَلّي بن حَرْب، نَا عَمْرو بن عبد الْجَبَّار أَبُو مُعَاوِيَة الْجَزرِي، عَن
عَمه عُبَيْدَة بن حسان، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُدبر لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَهُوَ حر من الثُّلُث» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسْندهُ غير عُبَيْدَة بن حسان وَهُوَ ضَعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عمر من قَوْله.
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي «علله» عُبَيْدَة هَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مُنكر الحَدِيث. وَعَمْرو بن عبد الْجَبَّار لَا يعرف حَاله.
قلت: وَقد اتّفق الْحفاظ عَلَى تَصْحِيح رِوَايَة الْوَقْف وتضعيف رِوَايَة الرّفْع، فَمن ذَلِك مَا تقدم عَن الشَّافِعِي وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَمن ذَلِك أَن الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا سُئِلَ عَنهُ فِي «علله» فَقَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعا وموقوفًا وَالْمَوْقُوف أصح. وَقَالَ الْعقيلِيّ فِي «الضُّعَفَاء» بعد رِوَايَته لَهُ: لَا يعرف هَذَا الحَدِيث إِلَّا بعلي بن ظبْيَان. وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى: مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن هَذَا [الحَدِيث فَقَالَ أَبُو زرْعَة] حَدِيث بَاطِل. وَامْتنع من قِرَاءَته، وَقَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف عَلَى ابْن عمر. وَقَالَ عبد الْحق: إِسْنَاد الرّفْع ضَعِيف وَالصَّحِيح الْوَقْف. وَبَين ذَلِك ابْن الْقطَّان فِي «علله» مُوَافقا لَهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ جماعات مَرْفُوعا، وَالصَّحِيح مَوْقُوف كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي رضي الله عنه. قَالَ: وَرُوِيَ من وَجه آخر مُرْسلا؛ فَرَوَاهُ عَن أبي قلَابَة «أَن رجلا أعتق عبدا لَهُ عَن دبر، فَجعله النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الثُّلُث» ثمَّ رَوَى عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه
«أَنه كَانَ يَجعله من الثُّلُث» وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: «يعْتق من ثلثه» وَعَن شُرَيْح وَإِبْرَاهِيم مثل ذَلِك. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن عَلّي بن ظبْيَان كَمَا تقدم مَرْفُوعا وَقَالَ: هَذَا حَدِيث لَا أصل لَهُ. قَالَ: وَقَالَ عُثْمَان بن أبي شيبَة: هَذَا الحَدِيث خطأ.
قلت: وَمُرَاد هما طَريقَة الرّفْع؛ فَإِن طَريقَة الْوَقْف صَحِيحَة كَمَا تقدم عَن الْحفاظ، وَوَقع فِي «الْهِدَايَة» عَلَى مَذْهَب أبي حنيفَة زِيَادَة غَرِيبَة فِي هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: بعد «لَا يُبَاع وَلَا يُوهب» : «وَلَا يُورث» وَهَذِه الْأَخِيرَة غَرِيبَة هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى الْحَدِيثين.
وَأما الْآثَار فَثَلَاثَة:
الأول: عَن عمر رضي الله عنه «أَنه أجَاز وَصِيَّة غُلَام لَهُ [عشر سِنِين» .
هَذَا الْأَثر تقدم بَيَانه وَاضحا فِي آخر كتاب الْوَصَايَا.
الثَّانِي: «أَن عَائِشَة رضي الله عنها باعت مُدبرَة لَهَا سحرتها» .
هَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ الشَّافِعِي رضي الله عنه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة عمْرَة عَنْهَا، قَالَ الْحَاكِم: وَهُوَ صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم، وَتقدم بِلَفْظِهِ فِي بَاب دَعْوَى الدَّم والقسامة.
الثَّالِث: عَن ابْن عمر رضي الله عنه «أَنه دبر جاريتين [لَهُ] وَكَانَ يطؤهما» .
هَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» عَن نَافِع عَنهُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَنهُ.