الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمكَاتب عبدٌ مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم» .
هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ أَيْضا بعد هَذَا من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده بِلَفْظ «مَا بَقِي عَلَيْهِ من كِتَابَته دِرْهَم» وَذكره بِلَفْظ «قنّ» بدل «عبد» وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور بِاللَّفْظِ الأول ومداره عَلَى عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. وَلكنه رُوِيَ من طرق مُتَكَلم فِي بَعْضهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» بِاللَّفْظِ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن سُلَيْمَان بن سليم الْكِنَانِي، عَنهُ. وَإِسْمَاعِيل هَذَا فِيهِ مقَال، لَكِن قَالَ أَحْمد: مَا رَوَى عَن الشاميين فَهُوَ صَحِيح. وَسليمَان هَذَا الَّذِي رَوَى عَنهُ حمصي فَالْحَدِيث إِذن صَحِيح، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «الرَّوْضَة» : إِنَّه حَدِيث حسن. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عَبَّاس الْجريرِي عَنهُ بِلَفْظ: «أَيّمَا عبد كَاتب عَلَى مائَة أُوقِيَّة فأداها إِلَّا عشرَة أَوَاقٍ فَهُوَ عبد، وَأَيّمَا عبد كَاتب عَلَى مائَة دِينَار فأداها إِلَّا عشرَة دَنَانِير فَهُوَ عبد» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور من حَدِيث الْعَلَاء الْجريرِي عَنهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» من حَدِيث عَبَّاس
الْجريرِي بِلَفْظ: «أَيّمَا عبد كُوتِبَ عَلَى ألف أوقيه فاداها [إِلَّا عشرَة أَوَاقٍ فَهُوَ عبد، وَأَيّمَا مكَاتب كُوتِبَ عَلَى مائَة دِينَار فأداها] إِلَّا عشرَة دَنَانِير فَهُوَ عبد» ثمَّ قَالَ: هَذَا [حَدِيث] صَحِيح الْإِسْنَاد. وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم فِي «صَحِيحه» عَن عمر بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي، نَا عَمْرو بن عُثْمَان، نَا الْوَلِيد، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عَطاء، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا نسْمع مِنْك أَحَادِيث أفتأذن لنا أَن نكتبها؟ قَالَ: نعم. فَكَانَ أول مَا كتب كتاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل مَكَّة: لَا يجوز شَرْطَانِ فِي بيع وَاحِد، وَلَا بيع وَسلف جَمِيعًا، وَلَا بيع مَا لم يضمن، وَمن كَانَ مكَاتبا عَلَى مائَة دِرْهَم فقضاها [إِلَّا عشرَة دَرَاهِم فَهُوَ عبد، أوعلى مائَة أُوقِيَّة فقضاها] إِلَّا أُوقِيَّة فَهُوَ عبد» وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَنهُ مَرْفُوعا وَلَفْظهمَا: «أَيّمَا عبد كُوتِبَ عَلَى مائَة أُوقِيَّة فأداها إِلَّا عشرَة أَوَاقٍ ثمَّ عجز فَهُوَ رَقِيق» ثمَّ قَالَ النَّسَائِيّ: حجاج ضَعِيف لَا يحْتَج بحَديثه. وَرَوَاهُ أَحْمد من هَذِه الطَّرِيق وَاللَّفْظ إِلَّا أَنه قَالَ: «فأداها إِلَّا عشرَة أَوَاقٍ» فَهُوَ رَقِيق وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث يَحْيَى بن أبي أنيسَة عَنهُ وَلَفظه: عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخْطب
يَقُول: «من كَاتب عَبده عَلَى مائَة أُوقِيَّة فأداها إِلَّا عشرَة أَوَاقٍ - أَو قَالَ عشرَة دَرَاهِم - ثمَّ عجز فَهُوَ رَقِيق» وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي «التَّذْكِرَة» : يَحْيَى هَذَا كَذَّاب. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن حبَان السالف عَمَّن رَوَاهُ عَن عَمْرو بن عُثْمَان بِهِ: «يَا رَسُول الله، إِنَّا نسْمع مِنْك أَحَادِيث فتأذن لنا أَن نكتبها؟ قَالَ: نعم. فَكَانَ أول مَا كتب كتاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل مَكَّة: لَا يجوز شَرْطَانِ فِي بيع وَاحِد، وَلَا بيع وَسلف، وَلَا بيع مَا لم يضمن، وَمن كَانَ مكَاتبا عَلَى مائَة دِرْهَم فقضاها إِلَّا عشرَة دَرَاهِم فَهُوَ عبد، أَو عَلَى مائَة أُوقِيَّة فقضاها إِلَّا أُوقِيَّة فَهُوَ عبد» قَالَ النَّسَائِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر، وَهُوَ عِنْدِي خطأ. وَقَالَ ابْن حزم عَطاء هَذَا هُوَ الْخُرَاسَانِي، وَلم يسمع من عبد الله بن عَمْرو. وَكَذَلِكَ قَالَ عبد الْحق.
طَرِيق آخر: رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» مَوْقُوفا عَلَى ابْن عمر مَرْفُوعا «الْمكَاتب مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم» ذكره من حَدِيث عبد الْبَاقِي بن قَانِع - وَقَالَ: رَاوِي الْكَذِب - عَن مُوسَى بن زَكَرِيَّا، عَن عَبَّاس بن مُحَمَّد، عَن أَحْمد بن يُونُس، عَن هشيم، عَن جَعْفَر بن إِيَاس، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر فَذكره ثمَّ قَالَ: هَذَا خبر مَوْضُوع بِلَا شكّ لم نعرفه قطّ من حَدِيث عَبَّاس بن مُحَمَّد، وَلَا من حَدِيث أَحْمد بن يُونُس [وَلَا من
حَدِيث هشيم وَلَا] من حَدِيث جَعْفَر بن إِيَاس، وَلَا من حَدِيث نَافِع، وَلَا من حَدِيث ابْن عمر، إِنَّمَا يعرف من قَول ابْن عمر وَغَيره، وَلَا يُدْرَى من مُوسَى بن زَكَرِيَّا أَيْضا. وَقد رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ إِلَى معبد الْجُهَنِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ:«الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم» . ثمَّ قَالَ: ابْن حزم وَرُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان وَجَابِر وَأُمَّهَات الْمُؤمنِينَ: «الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم» . ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح عَن أحد مِنْهُم؛ لِأَنَّهُ [عَن] عمر من طَرِيق الْحجَّاج بن أَرْطَاة - وَهُوَ هَالك - عَن ابْن أبي مليكَة مُرْسل [و] من طَرِيق مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي وَهُوَ مثله أَو دونه. وَعَن سعيد بن الْمسيب من طَرِيق ابْن عمر مُرْسل. وَمن طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أَن عمر. وَمن طَرِيق ابْن وهب عَن رجال من أهل [الْعلم] أَن عمر وَعُثْمَان وَجَابِر بن عبد الله. وَالَّتِي عَن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من طَرِيق عمر بن قيس سندل وَهُوَ ضَعِيف [وَهُوَ عَن أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ من طَرِيق أبي معشر المدنى وَهُوَ ضَعِيف] لكنه صَحِيح عَن زيد بن ثَابت وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَابْن عمر. انْتَهَى.
قلت قد رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قتادةبة، عَن معبد الجهنيبة، عَن عمر قَالَ:«الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من هَذِه الطَّرِيق فَهَذِهِ طَريقَة صَحِيحَة لم
يذكرهَا، وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث سعيد بن مَنْصُور، نَا هشيم، عَن خَالِد، عَن أبي قلَابَة قَالَ:«كن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يحتجبن من مكَاتب مَا بَقِي عَلَيْهِ دِينَار» .
تَنْبِيهَات:
أَحدهَا: قَالَ الشَّافِعِي: لَا أعلم أحدا رَوَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذَا الحَدِيث - يَعْنِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده الْمُتَقَدّم - إِلَّا عَمْرو بن سعيد. قَالَ: وَعَلَى هَذَا فتيا الْمُفْتِينَ. قَالَ: وَلم أر من رضيت من أهل الْعلم يثبت هَذَا الحَدِيث. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الشَّافِعِي إِنَّمَا ذكر هَذَا الحَدِيث مُنْقَطِعًا، وَقد رَوَيْنَاهُ من أوجه مَوْصُولا عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرهَا.
قلت: وَقد علمت أَنه رُوِيَ من غير طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب، فَإِن عمر رَوَاهُ أَيْضا.
ثَانِيهَا: وَقع فِي أَحْكَام الْمجد بن تَيْمِية أَن هَذَا الحَدِيث لم يروه النَّسَائِيّ، وَقد عجبت مِنْهُ فَهُوَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَاب - أَعنِي كتاب الْعتْق - من طرق كَثِيرَة منتشرة كَمَا سلف، وَلم يعزه ابْن الْأَثِير فِي «جَامعه» إِلَيْهِ وَهُوَ من شَرطه أَيْضا.
ثَالِثهَا: قَالَ ابْن الْقطَّان فِي [كِتَابه]«أَحْكَام النّظر» : وَصَحَّ حَدِيث عَلّي وَابْن عَبَّاس:: الْمكَاتب يعْتق مِنْهُ بِقدر مَا أَدَّى، ويقام عَلَيْهِ الْحَد بِقدر مَا عتق مِنْهُ، وَيَرِث بِقدر مَا عتق مِنْهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ. قلت: وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ. ذكره من طرق،