الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يدْخل فِي التَّاء قَالَ: وَقد غلط من قَرَأَ «الَّذِي أتمن أَمَانَته» . وَقَوْلهمْ: اتزر عَامي والفصحاء عَلَى ائتزر.
فَائِدَة ثَانِيَة: قَوْلهَا رضي الله عنها «دف نَاس» هُوَ بتَشْديد الْفَاء أَي: جَاءَ. قَالَ أهل اللُّغَة: الدافة: قومٍ يَسِيرُونَ جمَاعَة سيرًا لَيْسَ بالشديد يُقَال لَهُم: يدففون تدفيفًا. والبادية والبدو بِمَعْنى، وَهُوَ مَأْخُوذ من البُدُو وَهُوَ الظُّهُور. وَقَوْلها:«حضر» هُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة، هَكَذَا رَوَاهُ الْأَكْثَر، وَقَيده بَعضهم بِفَتْح الضَّاد، وَالْمعْنَى وَاحِد وَهُوَ الترف، وَيجوز فتح الْحَاء وَكسرهَا وَضمّهَا ثَلَاث لُغَات حكاهن ابْن السّكيت وَغَيره. وَقَوْلها:«ويجملون الودك» هُوَ بِالْجِيم وَيجوز ضم الْيَاء وَفتحهَا وَهُوَ أفْصح وَهُوَ الإذابة.
تَنْبِيه: حَكَى الرَّافِعِيّ هُنَا خلافًا فِي أَنه لَو دفت دافة الْيَوْم فَهَل نحكم بِتَحْرِيم الادخار؟ قَالَ الرَّافِعِيّ: وَالظَّاهِر عدم التَّحْرِيم وَتَبعهُ فِي «الرَّوْضَة» .
قلت: لَكِن نَص الشَّافِعِي فِي «الرسَالَة» عَلَى خِلَافه، ذكره فِي بَاب «الْعِلَل» فِي الحَدِيث فاستفده.
الحَدِيث الْحَادِي بعد الْأَرْبَعين
رُوِيَ «أنَّه صلى الله عليه وسلم نهَى عَن ذَبَائِح الْجِنّ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي «ضُعَفَائِهِ» من حَدِيث عبد الله بن أذينة، عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور ثمَّ قَالَ: وَعبد الله بن أذينة شيخ
رَوَى عَن ثَوْر مَا لَيْسَ من حَدِيثه، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال. قَالَ: وَهَذِه نُسْخَة كتبناها عَنهُ، لَا يحل ذكرهَا فِي الْكتب إِلَّا عَلَى سَبِيل الْقدح فِيهَا. وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «مَوْضُوعَاته» من هَذَا الْوَجْه ثمَّ ذكر الْكَلَام الْمَذْكُور فِيهِ عَن ابْن حبَان أَيْضا، وَرَوَاهُ أَبُو عبيد فِي «غَرِيبه» ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيثه عَن عمر بن هَارُون، عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، عَن الزُّهْرِيّ يرفع الحَدِيث «أَنه نهَى عَن ذَبَائِح الْجِنّ» . قَالَ: وذبائح الْجِنّ أَن يَشْتَرِي الرجل الدَّار أَو يسْتَخْرج الْعين وَمَا أشبه ذَلِك فَيذْبَح لَهَا ذَبِيحَته للطيرة» . قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا التَّفْسِير فِي الحَدِيث مَعْنَاهُ أَنهم يَتَطَيَّرُونَ فيخافون إِن لم يذبحوا أَن يمسهم فِيهَا شَيْء من الْجِنّ يؤذيهم فَأبْطل النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَلِك وَنَهَى عَنهُ.
قلت: وَهَذِه الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا أَبُو عبيد وَالْبَيْهَقِيّ ضَعِيفَة لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: لانقطاعها وَهُوَ ظَاهر.
ثَانِيهمَا: أَن عمر بن هَارُون واهٍ مُتَّهم، قَالَ يَحْيَى: كَذَّاب خَبِيث لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَأما آثاره فستة:
أَحدهَا وَثَانِيها: عَن أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما «أَنَّهُمَا كَانَا لَا يضحيان مَخَافَة أَن يعْتَقد النَّاس وُجُوبهَا» .
وَهَذَا الْمَرْوِيّ عَنْهُمَا قَالَ الشَّافِعِي: بلغنَا أَن «أَبَا بكر الصّديق وَعمر رضي الله عنهما كَانَا لَا يضحيان كَرَاهَة أَن يُقْتَدَى بهما فيظن من [رآهما
أَنَّهَا] وَاجِبَة» ثمَّ سَاق الْبَيْهَقِيّ عقب ذَلِك من حَدِيث الْفرْيَابِيّ ثَنَا سُفْيَان، عَن أَبِيه ومطرف وَإِسْمَاعِيل، عَن الشّعبِيّ، عَن أبي سريحَة الْغِفَارِيّ قَالَ:« (أدركنا) أَبَا بكر - أَو رَأَيْت أَبَا بكر - وَعمر لَا يضحيان كَرَاهِيَة أَن يُقْتَدَى بهما» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو سريحَة الْغِفَارِيّ هُوَ حُذَيْفَة بن أسيد صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. ثمَّ ذكره بِإِسْنَادِهِ كَذَلِك، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : إِن الصَّحِيح رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ؛ لِأَنَّهُ سَمعه مِنْهُ. ثمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيّ مثل ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَأبي مَسْعُود البدري رضي الله عنه.
الْأَثر الثَّالِث: عَن عَلّي رضي الله عنه أَنه قَالَ: «من عين أضحيته فَلَا يسْتَبْدل بهَا» .
وَهَذَا الْأَثر غَرِيب لَا يحضرني من خرجه عَنهُ، ويغني فِي الدّلَالَة عَنهُ حَدِيث عمر السَّابِق.
الْأَثر الرَّابِع: عَن عَائِشَة رضي الله عنها «أَنَّهَا أَهْدَت هديين فأضلتهما، فَبعث ابْن الزبير إِلَيْهَا هديين فنحرتهما، ثمَّ عَاد الضالان فنحرتهما وَقَالَت: هَذِه سنة الْهَدْي» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة الْقَاسِم عَنْهُمَا بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ ابْن الْقطَّان: كل إِسْنَاده ثِقَات إِلَّا سعد بن سعيد
الْأنْصَارِيّ فَإِنَّهُ ضَعِيف بِالنِّسْبَةِ إِلَى من فَوْقه، وَقد أخرج لَهُ مُسلم حَدِيث:«من صَامَ رَمَضَان ثمَّ أتبعه ستًّا من شَوَّال» وَأعله عبد الْحق بِأَن قَالَ: لَا يحْتَج بِإِسْنَادِهِ. فَاعْترضَ عَلَيْهِ ابْن الْقطَّان بِمَا ذَكرْنَاهُ عَنهُ قَالَ: وَلَعَلَّه اشْتبهَ عَلَيْهِ سعد هَذَا بِسَعْد بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري.
الْأَثر الْخَامِس: عَن عَلّي رضي الله عنه «أَنه قَالَ فِي خطبَته بِالْبَصْرَةِ: إِن أميركم هَذَا قد رَضِي من دنياكم بطمريه وَإنَّهُ لَا يَأْكُل اللَّحْم فِي السّنة إِلَّا الفلذة من كبد أضحيته» .
هَذَا الْأَثر غَرِيب لَا يحضرني من خرجه عَنهُ، قَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : هَذَا الْأَثر إِن صَحَّ فَيكون «طمريه» بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْمِيم أَي: ثوباه الخلقان. قَالَ: والفِلذة - بِكَسْر الْفَاء ثمَّ لَام سَاكِنة ثمَّ ذال مُعْجمَة -: الْقطعَة.
الْأَثر السَّادِس: عَن عَلّي أَيْضا «أَنه رَأَى رجلا يَسُوق بَدَنَة مَعهَا وَلَدهَا، فَقَالَ: لَا تشرب من لَبنهَا إِلَّا مَا فضل عَن وَلَدهَا» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة سُفْيَان، عَن زُهَيْر بن أبي ثَابت، عَن مُغيرَة بن حذف الْعَبْسِي قَالَ:«كُنَّا مَعَ عَلّي رضي الله عنه بالرحبة فجَاء رجل من هَمدَان يَسُوق بقرة مَعهَا وَلَدهَا فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتهَا أضحي بهَا وَإِنَّهَا ولدت. قَالَ: فَلَا تشرب من لَبنهَا إِلَّا فضلا عَن وَلَدهَا، فَإِذا كَانَ يَوْم النَّحْر فانحرها هِيَ وَوَلدهَا عَن سَبْعَة» وَقَالَ أَبُو زرْعَة فِيمَا حَكَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» عَنهُ -: هَذَا حَدِيث صَحِيح.