الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَقد تقدم بَيَانه مَبْسُوطا فِي آخر كتاب الْغَصْب.
الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر الرَّهْط العرنيين أَن يشْربُوا من أَبْوَال الْإِبِل» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من روايه أنس رضي الله عنه «أَن نَاسا من عكل أَو عرينة اجتووا الْمَدِينَة، فَأمر لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم بلقاح وَأمرهمْ أَن يشْربُوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا، وَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صحُّوا قتلوا الرَّاعِي وَاسْتَاقُوا الْغنم، فجَاء الْخَبَر فِي أول النَّهَار فَبعث فِي آثَارهم، فَلَمَّا ارْتَفع النَّهَار جِيءَ فَأمر بِقطع أَيْديهم وأرجلهم وسملت أَعينهم، وَتركُوا فِي الْحرَّة يستسقون فَلَا يسقون.
قَالَ أَبُو قلَابَة أحد رُوَاة الحَدِيث: هَؤُلَاءِ سرقوا وَقتلُوا وَكَفرُوا بعد إِيمَانهم وحاربوا الله وَرَسُوله» .
قَالَ قَتَادَة: فَحَدثني ابْن سِيرِين أَن ذَلِك كَانَ قبل أَن تنزل الْحُدُود.
فَائِدَة: قَالَ ابْن شاهين: هَذَا الحَدِيث نسخه حَدِيث عمرَان بن حُصين قَالَ: «مَا قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا إِلَّا أمرنَا بِالصَّدَقَةِ ونهانا عَن الْمثلَة» . قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث ينْسَخ كل مثلَة كَانَت فِي الْإِسْلَام. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «الْإِعْلَام» : ادِّعَاء النّسخ يحْتَاج إِلَى تَارِيخ، وَقد قَالَ الْعلمَاء: إِنَّمَا سمل أعين أُولَئِكَ، لأَنهم سملوا الرعاء فاقتص مِنْهُم بِمثل
مَا فعلوا، وَالْحكم بذلك ثَابت. وَمَا ادَّعَاهُ ابْن شاهين من نسخ حَدِيث العرنيين هَذَا سبقه بِهِ إمامنا الشَّافِعِي فَحَكَى الإِمَام فِي «نهايته» عَنهُ أَنه قَالَ: هَذَا حَدِيث مَنْسُوخ؛ إِذْ فِيهِ أَنه مثل بهم ثمَّ مَا قَامَ فِي مقَام الْأَمر بِالصَّدَقَةِ وَنَهَى عَن الْمثلَة.
فَائِدَة ثَانِيَة: اسْم راعي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَذْكُور «يسَار» ذكره ابْن عبد الْبر فِي «الِاسْتِيعَاب» . قيل: كَانَ نوبيًّا وَكَذَا قَالَ الْبَغْدَادِيّ فِي «مبهماته» : إِن اسْم الرَّاعِي «يسَار» . قَالَ: وَكَانَ غُلَاما للنَّبِي (فَأعْتقهُ. وَكَذَا جزم بِهَذَا أَبُو نعيم فِي «معرفَة الصَّحَابَة» . وَفِي رِوَايَته «أَنهم ذبحوه وَجعلُوا الشوك فِي عَيْنَيْهِ» . قَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين: وَكَانَت قصَّة العرنيين سنة سِتّ من الْهِجْرَة. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «المبهمات» : عدد العرنيين ثَمَانِيَة. كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي «مُسْنده» ، وَهَذَا عجب مِنْهُ فَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنهم ثَمَانِيَة فعزوه إِلَيْهَا أولَى.
وَمَعْنى «اجتووا الْمَدِينَة» : استوخموها. وَفِي «مُسْند أَحْمد» «شكوا حمى الْمَدِينَة» . وَفِي «الْمُسْتَدْرك» لأبي عبد الله الْحَاكِم، عَن أنس «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا سمل أَعينهم؛ لأَنهم سملوا أعين الرعاء» وَهَذَا لَا يسْتَدرك؛ لِأَنَّهُ فِي «صَحِيح مُسلم» . وَوَقع فِي «مُصَنف عبد الرَّزَّاق» «أَنهم من بني فَزَارَة قد مَاتُوا هزلا» . قَالَ ابْن الطلاع: وَفِي حَدِيث آخر «من بني سليم» .