الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاقْتصر الْمزي فِي «تهذيبه» وتلميذه الذَّهَبِيّ عَلَى ذَلِك، وَلَيْسَ بجيد لما عَلمته، وَالْأَمر كَمَا قَالَه أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي جَهَالَة أم مُحَمَّد هَذِه، فَلَا أعلم حَالهَا بعد الْكَشْف التَّام عَنْهَا.
وَرَوَى هَذَا الحَدِيث ابْن مَاجَه بالسند الْمَذْكُور عَن أم بِلَال بنت هِلَال، عَن أَبِيهَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يجوز الْجذع من الضَّأْن أضْحِية» . وهلال ذكره ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة، وَذكره ابْن حزم بعد ذَلِك من الطَّرِيق السالفة ثمَّ قَالَ: أم مُحَمَّد لَا يُدْرَى من هِيَ، وَزَاد هُنَا أَن أم بِلَال مَجْهُولَة لَا يُدْرَى ألها صُحْبَة أم لَا. وَقد علمت حَالهَا فِيمَا قدمنَا.
الحَدِيث الثَّامِن
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نعمت الْأُضْحِية الْجذع من الضَّأْن» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي كباش قَالَ: «جلبت غنما جذعًا إِلَى الْمَدِينَة فكسدت عليّ، فَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَسَأَلته فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: نعم - أَو نعمت - الْأُضْحِية الْجذع من الضَّأْن. قَالَ: فانتهبه النَّاس» رَوَاهُ من حَدِيث عُثْمَان بن وَاقد - وَهُوَ مِمَّن اخْتلف فِي توثيقه، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وَقَالَ أَحْمد: لَا أرَى بِهِ بَأْسا. وَضَعفه أَبُو دَاوُد - عَن كدام - بِالدَّال - بن عبد الرَّحْمَن - وَهُوَ
السّلمِيّ - عَن أبي كباش، وَلَا أعلم حَالهمَا فَيَأْتِي فيهمَا الْخلاف فِي الِاحْتِجَاج بالمستور. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب وَفِي بعض نسخه: حسن. قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا. قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس، وَأم بِلَال بنت هِلَال عَن أَبِيهَا، وَجَابِر، وَعقبَة بن عَامر، وَغَيرهم. وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمد فِي «الكنى» بِالْإِسْنَادِ السالف لَكِن بِلَفْظ:«نعم الْأُضْحِية الْجذع السمين من الضَّأْن» وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخه» ، والسياق لَهُ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:«جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْأَضْحَى فَقَالَ [لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: يَا جِبْرِيل] كَيفَ رَأَيْت نسكنا هَذَا؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، لقد باهى بِهِ أهل السَّمَاء، وَاعْلَم يَا مُحَمَّد أَن الْجذع من الضَّأْن خير من الثَّنية من الْمعز وَالْإِبِل وَالْبَقر، وَلَو علم الله - تَعَالَى - فِيهِ [ذبحا] أفضل مِنْهُ لفدى بِهِ إِبْرَاهِيم» قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد.
قلت: مُنكر، إِنَّمَا فدى بِهِ ابْن إِبْرَاهِيم، وَقَالَ الْعقيلِيّ: هَذَا حَدِيث رَوَاهُ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْجَنبي، وَقد قَالَ البُخَارِيّ: فِي حَدِيثه نظر، وَلَا يُتَابِعه عَلَى هَذَا الحَدِيث ثِقَة.
قلت: هُوَ هَالك، وَهِشَام بن سعد لَيْسَ بمعتمد، قَالَ ابْن عدي: مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه. قَالَ الْعقيلِيّ: وَيروَى من حَدِيث زِيَاد بن مَيْمُون
أَيْضا عَن أنس، وَزِيَاد هَذَا يكذب. وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَإِنَّهُ ذكره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة - التِّرْمِذِيّ - وَمن طَرِيق الْعقيلِيّ وَالْحَاكِم، لَكِن أخرج هَذَا مُخْتَصرا بِلَفْظ:«إِن جِبْرِيل قَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمَّد، إِن الْجذع من الضَّأْن خير من المسنة من الْمعز» ثمَّ قَالَ: وَطَرِيق أبي هُرَيْرَة الأول أسقطها كلهَا وفضيحة الدَّهْر؛ لِأَنَّهُ عَن عُثْمَان بن وَاقد - وَهُوَ مَجْهُول - عَن كدام بن عبد الرَّحْمَن - وَلَا نَدْرِي من هُوَ - عَن أبي كباش الَّذِي جلب الكباش الْجَذعَة إِلَى الْمَدِينَة فبارت عَلَيْهِ. هَذَا نَص حَدِيثه، وَهنا جَاءَ مَا جَاءَ أَبُو كباش، وَمَا أَدْرَاك مَا [أَبُو] كباش. والطريقة الثَّانِيَة فِيهَا هِشَام بن سعد وَهُوَ ضَعِيف.
قلت: أما كدام فقد رَوَى عَنهُ أَبُو حنيفَة [و] ابْن وَاقد، فارتفعت جَهَالَة عينه كَمَا سلف، وَبقيت جَهَالَة حَاله. وَأما عُثْمَان بن وَاقد فحاشاه من الْجَهَالَة، وَقد علمت أَنه مِمَّن اخْتلف فِيهِ كَمَا سلف لَك، وَقد رَوَى عَنهُ خلق. وَأما أَبُو كباش فَلَا أعلم رَوَى عَنهُ غير كدام، وَلَا رَوَى عَن غير أبي هُرَيْرَة. وَأما هِشَام فَقَالَ فِيهِ هُنَا مَا عَلمته، وَذكر عقبه أَنه ضَعِيف ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل، وأساء القَوْل فِيهِ جدًّا وأطرحه، وَلم يجز الرِّوَايَة عَنهُ يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان، وَلَا ابْن معِين وَلَا غَيرهمَا، وَهِشَام هَذَا قَالَ ابْن معِين فِي حَقه فِي رِوَايَة صَالح: لَيْسَ بمتروك الحَدِيث. وَقَالَ فِي أُخْرَى: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: مَحَله الصدْق. وَقَالَ الْعجلِيّ: جَائِز