الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَاضِي عِيَاض: قَالَ الْأصيلِيّ: لَا يَصح مَرْفُوعا إِنَّمَا هُوَ من قَول ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَو يُعْطَى النَّاس بدعواهم لَا دعى رجال دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ، لَكِن الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِين عَلَى من أنكر» . وَوَقع فِي «كِفَايَة ابْن الرّفْعَة» فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس السالف قبل قَوْله: «وَالْيَمِين عَلَى الْمُدعَى عَلَيْهِ» : «لَكِن الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي» فِيهِ، وَعَزاهَا إِلَى مُسلم وَهُوَ وهم، فَلَيْسَ لفظ «الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي» فِيهِ. وَهَذَا الحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة من قَوَاعِد أَحْكَام الشَّرْع أَنه لَا يقبل قَول الْإِنْسَان فِيمَا يَدعِيهِ بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ؛ بل يحْتَاج إِلَى الْبَيِّنَة أَو تَصْدِيق الْمُدعَى عَلَيْهِ، فَإِن طلب يَمِين الْمُدعَى عَلَيْهِ فَلهُ ذَلِك.
الحَدِيث الثَّالِث
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم مُنْفَردا بِهِ من رِوَايَة وَائِل بن حجر رضي الله عنه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، قَالَ عبد الْحق: وَلم يخرج البُخَارِيّ عَن
وَائِل فِي كِتَابه شَيْئا. وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «إِنَّه فَاجر لَيْسَ يتورع من شَيْء» لَيْسَ فِيهَا إِلَّا سماك بن حَرْب وَهِي فِي سَنَد مُسلم، وَأما ابْن حزم فَإِنَّهُ أخرج الحَدِيث بطرِيق مُسلم من طَرِيق ابْن وضاح وَالنَّسَائِيّ، ثمَّ ذكر أَن لَفْظَة «انْطلق» من رِوَايَة سماك بن حَرْب وَهُوَ يقبل التَّلْقِين.
فَائِدَتَانِ: أَحدهمَا: حَضرمَوْت بِفَتْح الْحَاء وَإِسْكَان الضَّاد الْمُعْجَمَة. قَالَ أهل اللُّغَة: حَضرمَوْت اسْم لبلد بِالْيمن وَهُوَ أَيْضا اسْم لقبيلة، وَاخْتلف المتكلمون عَلَى الحَدِيث وألفاظ «الْمُهَذّب» فِي المُرَاد بحضرموت فِي هَذَا الحَدِيث؛ فَقيل: الْبَلدة. وَقيل: الْقَبِيلَة. قَالَ النَّوَوِيّ فِي «التَّهْذِيب» : وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر.
الثَّانِيَة: هَذَا المخاصم للحضرمي اسْمه: امْرُؤ الْقَيْس بن عَابس - بِالْمُوَحَّدَةِ وَالسِّين الْمُهْملَة - الْكِنْدِيّ، كَذَا جَاءَ فِي «صَحِيح مُسلم» وَغَيره، قَالَ الْخَطِيب فِي «المبهمات» : وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة من يُسمى «امْرُؤ الْقَيْس» غَيره.
قلت: وَقد ذكر ابْن عبد الْبر فِي «الِاسْتِيعَاب» ابْن عَابس هَذَا وَذكر بعده امْرأ الْقَيْس بن الْأَصْبَغ الْكَلْبِيّ وَقَالَ: بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَاملا عَلَى [كلب] وَذكر أَنه خَال أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.