الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّخْفِيف - تأبد، و [أما مدية] بِكَسْر [الْمِيم] وَضمّهَا وَفتحهَا سَاكِنة الدَّال، وَهِي السكين، سميت مدية؛ لِأَنَّهَا تقطع مدى حَيَاة الْحَيَوَان. و «أنهر الدَّم» أَي: أساله، وَالْمَشْهُور أَنه بالراء الْمُهْملَة.
قَالَ القَاضِي عِيَاض - وَذكره يَحْيَى بالزاي -: والنهز بِمَعْنى الدّفع. وَهُوَ غَرِيب، وَقَوله:«لَيْسَ السن وَالظفر» هما منصوبان بليس، وَقد أوضحت الْكَلَام عَلَى هَذِه الْأَلْفَاظ وَغَيرهَا فِي شرحي للعمدة، فراجع ذَلِك مِنْهُ فَإِنَّهُ مُهِمّ.
الحَدِيث الْخَامِس
عَن أبي العشراء الدَّارمِيّ، عَن أَبِيه أَنه قَالَ:«يَا رَسُول الله، أما تكون الذَّكَاة إِلَّا فِي الْحلق واللبة؟ فَقَالَ (: وَأَبِيك لَو طعنت فِي فَخذهَا لأجزأك» ، وَيروَى «أَنه سَأَلَ عَن بعير نادٍ - وَيروَى أَنه لَو تردى لَهُ بعير فِي بِئْر - فَقَالَ (: لَو طعنت فِي خاصرته لحل لَك» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأول بِدُونِ الْقسم أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَالْبَيْهَقِيّ وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف؛ فَإِن أَبَا العشراء
الدَّارمِيّ - بِضَم الْعين وبالمد عَلَى الْهَمْز - فِيهِ جَهَالَة وَقد تكلم البُخَارِيّ وَغَيره فِي حَدِيثه.
قَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَأَلت الإِمَام أَحْمد عَن حَدِيثه هَذَا فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي غلط، وَلَا يُعجبنِي، وَلَا أذهب إِلَيْهِ إِلَّا فِي مَوضِع ضَرُورَة.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد.
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه» : فِي حَدِيث أبي العشراء واسْمه وسماعه من أَبِيه نظر.
وَأما ابْن حبَان فَذكره فِي «ثقاته» فِي التَّابِعين فَقَالَ: أَبُو العشراء الدَّارمِيّ اسْمه عَامر بن أُسَامَة بن مَالك بن قهطم، يروي عَن أَبِيه وَله صُحْبَة، رَوَى عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة.
وَقَالَ ابْن سعد فِي «الطَّبَقَات» : أُسَامَة بن مَالك بن قهطم أَبُو العشراء الدَّارمِيّ لَهُ حَدِيث، رَوَى عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة. وَقَالَ الْخطابِيّ: ضعفوا هَذَا الحَدِيث؛ لِأَن رَاوِيه مَجْهُول، وَأَبُو العشراء لَا يُدْرَى من أَبوهُ، وَلم يروه غير حَمَّاد بن سَلمَة. وَكَذَا قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب «الْوَهم وَالْإِيهَام» : عِلّة هَذَا الحَدِيث أَن أَبَا العشراء لَا يعرف حَاله وَلَا يعرف لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَلَا نَعْرِف رَوَى عَنهُ إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة. وَقَالَ ابْن الصّلاح: هَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ حَمَّاد بن سَلمَة
عَن أبي العشراء الدَّارمِيّ عَن أَبِيه.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث ضَعِيف؛ فقد اتَّفقُوا عَلَى أَن مَدَاره عَلَى أبي العشراء، قَالُوا: وَهُوَ مَجْهُول لَا يعرف إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَلم يرو عَنهُ غير حَمَّاد بن سَلمَة، وَقد اتّفق أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ عَلَى أَن من لم يرو عَنهُ غير وَاحِد فَهُوَ مَجْهُول إِلَّا أَن يكون مَشْهُورا بِعلم أَو صَلَاح أَو شجاعة وَنَحْو ذَلِك، وَلم يُوجد شَيْء من هَذِه الْأَشْيَاء فِي أبي العشراء فَهُوَ مَجْهُول، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنه لم يرو عَنهُ غير حَمَّاد بن سَلمَة. وَأما عبد الْحق فَذكره من طَرِيق أبي دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ وَهُوَ قَاض بِصِحَّتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ فِي خطْبَة كِتَابه، وَلَيْسَ بجيد مِنْهُ، وقولة ابْن حبَان الشائعة «تفرد بهَا» فَلَا تصلح أَن تكون سندًا لَهُ.
وَأما اللَّفْظ الثَّانِي الَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ فَغَرِيب جدًّا، ونقلها ابْن الصّلاح عَن الشَّيْخ أبي حَامِد أَنه قَالَ فِي بعض الْأَخْبَار «أَنه سُئِلَ عَن بعير تردى فِي بِئْر فَقَالَ: أما تصلح الذَّكَاة إِلَّا فِي الْحلق واللبة؟
…
» وَذكر الحَدِيث. ثمَّ قَالَ ابْن الصّلاح: وَذَلِكَ بَاطِل لَا يعرف. وَأما الرِّوَايَة الثَّالِثَة الَّتِي فِيهَا ذكر الخاصرة فتبع الرَّافِعِيّ فِي إيرادها الْغَزالِيّ فِي «وسيطه» وَالْغَزالِيّ تبع فِي إيرادها شَيْخه إِمَام الْحَرَمَيْنِ.
قَالَ ابْن الصّلاح فِي «مشكلات الْوَسِيط» : وَهُوَ غلط، وَالْمَعْرُوف فِي الحَدِيث ذكر الْفَخْذ. قَالَ: وَذكر الخاصرة ورد فِي أثر رَوَيْنَاهُ، وَذكره الشَّافِعِي قَالَ:«تردى بعير إِلَى بِئْر فطعن فِي شاكلته، فَسئلَ عبد الله بن عمر عَن أكله فَأمر بِهِ» . قَالَ: والشاكلة: الخاصرة. هَذَا آخر كَلَامه.
وَلَيْسَ بغلط من هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة بل هُوَ مَرْوِيّ كَمَا ذكره، رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي جمعه لأحاديث أبي العشراء من حَدِيث حَمَّاد بن زيد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي العشراء الدَّارمِيّ، عَن أَبِيه قَالَ:«قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا تكون الذَّكَاة إِلَّا فِي اللبة أَو الْحلق؟ قَالَ: لَو طعنت فَخذهَا أَو شاكلتها وَذكر اسْم الله - تَعَالَى - لأجزأ عَنْك» وَورد فِي حَدِيث آخر بدل «الْحلق» : «الخاصرة» .
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي «مُعْجَمه» : ثَنَا عَلّي بن مسْهر، وَبِه حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب، ثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، ثَنَا مَالك بن أنس، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي العشراء، عَن أَبِيه قَالَ:«قلت: يَا رَسُول الله، أما تكون الذَّكَاة إِلَّا فِي الخاصرة واللبة؟ قَالَ: لَو طعنت فِي فَخذهَا لأجزأت عَنْك» .
تَنْبِيهَات: أَحدهَا: وَقع غلط لإِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي هَذَا الحَدِيث فِي موضِعين أَحدهمَا: أَنه جعل أَبَا العشراء الدَّارمِيّ هُوَ الَّذِي خاطبه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا هُوَ أَبوهُ، وَأَبُو العشراء تَابِعِيّ مَشْهُور. ثَانِيهَا: أَنه ذكر تردي الْبَعِير فِي متن الحَدِيث، وَلَيْسَ ذَلِك من الحَدِيث، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِير من أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، قَالُوا: هَذَا عِنْد الضَّرُورَة فِي المتردي فِي الْبِئْر وأشباهه.
الثَّانِي: اخْتلف أهل الحَدِيث فِي اسْم أبي العشراء وَاسم أَبِيه، فَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ أُسَامَة بن مَالك بن قحطم - يَعْنِي بحاء مُهْملَة وبكسر الْقَاف - وَكَذَا قَالَه أَحْمد بن حَنْبَل وَيَحْيَى بن معِين، وَقيل: عُطَارِد بن برز - بِفَتْح الرَّاء وسكونها - وَقيل: عُطَارِد بن بَلْز. وَقيل: يسَار بن بلز