الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سِيَاق الْكَلَام، وَإِلَّا فجذعة الضَّأْن تجزى، وَالْمعْنَى أَنَّهَا الْوَاجِب عَن أحد بعْدك.
الحَدِيث الْعَاشِر
عَن عقبَة [بن] عَامر رضي الله عنه قَالَ: «قسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا [فَأَعْطَانِي] عنَاقًا جَذَعَة فَقلت: عنَاق. فَقَالَ: ضح بِهِ» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: «قسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين أَصْحَابه ضحايا فَصَارَت لعقبة جَذَعَة فَقلت: يَا رَسُول الله، أصابني جذع. فَقَالَ: ضح بِهِ أَنْت» . وَفِي رِوَايَة لَهما «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعطَاهُ غنما يقسمها عَلَى أَصْحَابه فَبَقيَ عتود، فَذكره للنَّبِي (فَقَالَ: ضح بِهِ أَنْت» . وَقد أوضحت الْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث، وَالْجمع بَينه وَبَين الَّذِي قبله فِي شرحي للعمدة فَرَاجعه مِنْهُ.
الحَدِيث الْحَادِي عشر
«عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن مَاذَا يتقَى من الضَّحَايَا، فَقَالَ (: العرجاء الْبَين ظلعها - وَيروَى: عرجها - والعوراء
الْبَين عورها، والمريضة الْبَين مَرضهَا، والعجفاء الَّتِي لَا تنقي» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَأحمد فِي «مُسْنده» ، وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة د ت ق ن وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمْ» ، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَهُوَ حَدِيث عَظِيم، أصل من أصُول هَذَا الْبَاب، قَالَ الإِمَام أَحْمد: مَا أحْسنه من حَدِيث. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح لَا أعرفهُ إِلَّا من حَدِيث عبيد بن فَيْرُوز عَن الْبَراء، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أهل الْعلم. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
قلت: ومداره عَلَى عبيد بن فَيْرُوز، وَهُوَ أَبُو الضَّحَّاك مولَى بني شَيبَان عَن الْبَراء، وَرَوَاهُ جمَاعَة عَنهُ مِنْهُم عَمْرو بن الْحَارِث. قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: عبيد بن فَيْرُوز هَذَا من أهل مصر، وَلم يدر ألقيه عَمْرو بن الْحَارِث أم لَا، فَنَظَرْنَا فَإِذا عَمْرو بن الْحَارِث لم يسمعهُ من عبيد بن فَيْرُوز، إِنَّمَا سَمعه من يزِيد بن أبي حبيب عَنهُ، ثمَّ نَظرنَا فَإِذا يزِيد بن أبي حبيب لم يسمعهُ من عبيد بن فَيْرُوز، إِنَّمَا سَمعه من سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبيد بن فَيْرُوز لَكِن لم يذكر سَماع سُلَيْمَان بن عبد
الرَّحْمَن من عبيد، ثمَّ نَظرنَا فَإِذا سُلَيْمَان هَذَا لم يسمعهُ من عبيد بن فَيْرُوز، وَإِنَّمَا رَوَاهُ لَيْث بن سعد، عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْقَاسِم مولَى خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة، عَن عبيد بن فَيْرُوز. قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: فَإِذا الحَدِيث حَدِيث لَيْث بن سعد، عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن
…
إِلَى أَن قَالَ: قَالَ عُثْمَان بن عمر: فَقلت لليث بن سعد: يَا أَبَا الْحَارِث، إِن شُعْبَة يروي هَذَا الحَدِيث عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع عبيد بن فَيْرُوز. قَالَ: لَا، إِنَّمَا حَدثنَا بِهِ سُلَيْمَان، عَن الْقَاسِم مولَى خَالِد، عَن عبيد بن فَيْرُوز. قَالَ عُثْمَان بن عمر: فَلَقِيت شُعْبَة فَقلت لَهُ: إِن ليثًا حَدثنَا بِهَذَا الحَدِيث عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْقَاسِم، عَن عبيد بن فَيْرُوز. قَالَ: فَقَالَ شُعْبَة: هَكَذَا حفظته كَمَا حدثت بِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ عُثْمَان بن عمر، عَن لَيْث بن سعد. وَقد رَوَاهُ يَحْيَى بن بكير، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبيد بن فَيْرُوز، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يزِيد بن أبي حبيب وَشعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَذكر شُعْبَة سَماع سُلَيْمَان من عبيد بن فَيْرُوز. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فِيمَا بَلغنِي عَن التِّرْمِذِيّ، عَن البُخَارِيّ أَنه كَانَ يمِيل إِلَى تَصْحِيح رِوَايَة شُعْبَة وَلَا يرْضَى رِوَايَة عُثْمَان بن عمر.
قلت: وَكَذَلِكَ أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، رَوَاهُ أَحْمد، عَن عَفَّان، نَا شُعْبَة، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة شُعْبَة بِهِ، وَمن رِوَايَة يزِيد بن أبي حبيب عَن سُلَيْمَان بِهِ، وَرَوَاهُ
النَّسَائِيّ من رِوَايَة شُعْبَة بِهِ، وَمن رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث وَاللَّيْث، عَن سُلَيْمَان بِهِ، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة شُعْبَة بِهِ. قَالَ الْمزي فِي «أَطْرَافه» : وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل ابْن أبي أويس، عَن مَالك بن أنس، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عبيد، عَن الْبَراء، وَخَالف روح بن عبَادَة فَرَوَاهُ عَن أُسَامَة بن زيد، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبيد.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من رِوَايَة شُعْبَة أَيْضا ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح وَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ وَمُسلم لقلَّة رِوَايَات سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَقد أظهر عَلّي بن الْمَدِينِيّ فضائله وإتقانه. قَالَ: وَلِهَذَا الحَدِيث شَوَاهِد مُتَفَرِّقَة بأسانيد صَحِيحَة ثمَّ سَاقهَا بِإِسْنَادِهِ. هَذَا كَلَامه فِي أَوَاخِر كتاب الْحَج من «مُسْتَدْركه» ثمَّ أَعَادَهُ فِي كتاب الضَّحَايَا مِنْهُ من رِوَايَة أَيُّوب بن سُوَيْد - وَقد ضعفه أَحْمد - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عبد الله بن عَامر، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن الْبَراء، وَمن رِوَايَة أَيُّوب الْمَذْكُور، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْبَراء. قَالَ الْحَاكِم: قَالَ الرّبيع فِي (كتابي) بالإسنادين. قَالَ الْحَاكِم: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. قَالَ: إِنَّمَا أخرج مُسلم حَدِيث سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد
بن فَيْرُوز، وَهُوَ مِمَّا أَخذ عَلَى مُسلم لاخْتِلَاف الناقلين فِيهِ. هَذَا آخر كَلَامه، ودعواه أَن مُسلما أخرج الحَدِيث من الطَّرِيق الْمَذْكُور عَجِيب مِنْهُ؛ فَلَيْسَ هُوَ فِيهِ أصلا، بل لم يخرج مُسلم فِي «صَحِيحه» عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن وَلَا عَن عبيد بن فَيْرُوز أصلا [لَا] الحَدِيث الْمَذْكُور وَلَا غَيره، وَالْحَاكِم مِمَّن قَالَ فِي أَوَاخِر كتاب الْحَج فِي حَدِيث سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد بن فَيْرُوز: لم يُخرجهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. ثمَّ شرع بعد ذَلِك يعْتَذر عَن السَّبَب الْمُوجب لعدم تخريجهما لَهُ، وَهَذَا من أعجب الْعجب مِنْهُ إِذا عرفت طرق هَذَا الحَدِيث فهاك أَلْفَاظه:
فَلفظ أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبيد بن فَيْرُوز قَالَ: «سَأَلنَا الْبَراء عَمَّا لَا يجوز فِي الْأَضَاحِي فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأصابعي أقصر من أَصَابِعه، وأناملي أقصر من أنامله - فَقَالَ: أَربع - وَأَشَارَ بِأَرْبَع أَصَابِعه - لَا تجوز فِي الْأَضَاحِي: العوراء بيَّن عورها، والمريضة بيِّن مَرضهَا، والعرجاء بيِّن ظلعها، والكسير الَّتِي لَا تنقي. ثمَّ قَالَ: قلت: فَإِنِّي أكره أَن يكون فِي السن نقص. قَالَ: مَا كرهت فَدَعْهُ وَلَا تحرمه عَلَى أحد» وَفِي رِوَايَة للنسائي: «والعجفاء الَّتِي لَا تنقي» بدل «الكسير» وَلَفظ التِّرْمِذِيّ أَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يضحى بالعرجاء بَين ظلعها، وَلَا العوراء بَين عورها، وَلَا بالمريضة بَين مَرضهَا، وَلَا بالعجفاء الَّتِي لَا تنقي» .
وَلَفظ «الْمُوَطَّأ» نَحْو رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إِلَى قَوْله: «لَا تنقي» ،
وَجعل بدل «الكسير» : «الْعَجْفَاء» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِكُل هَذِه الْأَلْفَاظ، وَلَفظ أَحْمد وَالْحَاكِم وَابْن حبَان بِنَحْوِ مَا تقدم.
فَائِدَة: قَوْله عليه السلام: «الْبَين ظلعها» هُوَ بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام. قَالَ صَاحب «المعرب» : وَهُوَ الصَّوَاب. وَقَالَ غَيره: قد تسكن اللَّام، وَهُوَ العرج. قَالَ الْجَوْهَرِي فِي «ظلع» بالظاء الْمُعْجَمَة: ظلع الْبَعِير يظلع ظلعًا: أَي غمز فِي مَشْيه. انْتَهَى. وَكتبه بَعضهم بالصَّاد الساقطة غير الْمُعْجَمَة. وَقَوله: «الَّتِي لَا تُنْقِي» هُوَ بِضَم التَّاء، وَإِسْكَان النُّون، وَكسر الْقَاف أَي: لَا (نِقْى) لَهَا - بِكَسْر النُّون، وَإِسْكَان الْقَاف - وَهُوَ المخ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقيل: هِيَ الَّتِي يُوجد فِيهَا شَحم يُقَال: أنقت الْإِبِل وَغَيرهَا إِذا سمنت، وَصَارَ فِيهَا نقي وَهُوَ المخ، وَهَذِه نَاقَة منقية، وناقة لَا تُنقى.