الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمامُ المتقين وسيدُ ولدِ آدم أجمعين .. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين.
معاشر المسلمين من السنةِ أن يذبح الإنسانُ أضحيته بنفسه رجلًا كان أو امرأة (1)، وتقول حال الذبح: بسم الله والله أكبر اللهم هذا عن فلان- ويسمي نفسه ومن أشركهم في أضحيته- فعل ذلك رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم.
فإن كان لا يحسن الذبحَ فليشهده ويحضره- إن كان حاضرًا- أو ينيب عنه من يذبحها له أن كان مسافرًا.
ومن السنة شحذُ المدية، وإرجاع الذبيحة على شقها الأيسر ويضع الذابحُ رجله اليمنى على عنقها، مستقبلًا بها القبلة ويسمي ويكبر، ويقوله: اللهم منك وإليك اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، قال ابن تيميه يرحمه الله: ومن أضجعها على شقها الأيمن وجعل رجلَه اليسرى على عنقِها فهو جاهلٌ بالسنة، مُعذبٌ لنفسه وللحيوان (2).
أما الإبلُ فالسُّنة نحرها قائمةً معقولةً يدُها اليسرى قائمةً على ما بقي من قوائمها، ومن أضضعها خالف السنة أخرج البخاريُ ومسلم وأبو داود عن زياد بين جبير قال: رأيت ابنَ عمر رضي الله عنهما أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، فقال ابعثها قيامًا مقيدةً، فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم (3).
(1) جامع الأصول 3/ 356.
(2)
الفتاوي 26/ 309.
(3)
جامع الأصول 3/ 354.
ومن السنةِ كذلك أن يأكل منها ويهدي ويتصدق .. قال العلماء: ولا يجوز بيعُها ولا يبيعُ جلدها، ولا يعطى الجزارُ من لحمها شيئًا كأجرٍ، وله أن يكافئه نظير عمله (1).
عباد الله تأكدوا- في ضحاياكم وهديكم- من السِّن المجزئ في الأضاحي والهدي .. ويجزئ من الإبلِ ماله خمسُ سنين، ومن البقر ماله سنتان، ومن المعز ماله سنة ومن الضأن ماله سنة أو ستةُ أشهر - على خلاف بين الأئمة- (2).
واحذروا من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّنُ عورُها والمريضة بينٌ مرضُها، والعرجاءُ بين ضلعها، والكسيرة التي لا تُنقي» - وفي رواية: «العجفاء التي لا تُنقي» ..
قال البراء- راوي الحديث- قلتُ: فإني أكرهُ أن يكون في السن أن نقص؟ قال: ما كرهتَ فدعه وإلا تُحرمه على أحد (3).
ألحق أهلُ العلم بذلك: الغضباءُ التي ذهب أكثر أذنِها أو قرنها، والهَتماء التي ذهبت ثناياها من أصلها والعصماءُ وهي ما انكسر غلافُ قرنها، والعمياء، والتولاء- وهي التي تدور في المرعى ولا ترعى- والجرباءُ التي كثر جربها (4).
عباد الله- كلوا واشكروا ربَّكم حيث أغناكم وهيأ لكم ما تذبحون وتأكلون وسخرها لكم واستحضروا تقوى الله فلن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم .. فإن فقه العبادات في الإسلام مطلبٌ وقليل من الناس من
(1) فقه السنة 3/ 324.
(2)
فقه السنة 3/ 320.
(3)
رواه أبو داود والنسائي وسنده صحيح: جامع الأصول 3/ 333، 334.
(4)
فقه السنة 3/ 322.
يتفطن لذلك .. كما أن القليلَ من عباد الله الشكور.
ومن شُكر الله ذكرُه في هذه الأيام الفاضلة وعدم التجاوز على حدود الله، فقد قال عليه الصلاة والسلام عن أيام التشويق: أيام أكلٍ وشربٍ وذكر لله وهنا فائدتان: الأولى كما قال ابنُ رجب رحمه الله: وفي هذا الحديث إشارةٌ إلى أن الأكل والشربَ في أيام العيد إنما يُستعان بها على ذكر الله وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة .. فمن استعان بنعم اللهِ على معاصريه فقد كفر نعمة الله، وبدلها كفرًا وهو جديرٌ أن يُسلبها كما قيل:
إذا كانت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله فشكرُ الإله يزيل النقم (1)
الفائدة الثانية: إنه لا يجوز التطوعُ بصيام أيام التشريق لأنها أعيادُ أهل الإسلام، كما ورد في الحديث:«يوم عرفة ويومُ النحرِ، وأيام التشريق عيدُنا أهل الإسلام» (2).
اللهم هييء للمسلمين حجهم، وتقبل من الصائمين والمضحين والمتقربين إلى الله أعمالهم آمين.
(1) اللطائف لابن رجب ص 332 عن الفوزان، مجالس عشر ذي الحجة.
(2)
الفوزان: مجالس عشر ذي الحجة ص 116، 117.