الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده مقاليد السماوات والأرض، وهو وحده الممسك لهما أن تزولا .. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ترك الناس على المحجة البيضاء .. فتفرقت ببعضهم السبل- لضعف في الثبات على طريق الهدى .. أو لغلبة الهوى- والموفق من عصمه الله من الفتن .. وسار على طريق محمدٍ ومن بسنته اقتفى .. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أيها المسلمون المباني الدراسية ذات شأن في العملية التعليمية، فتهيئة المكان المناسب، وتوفير وسائل التبريد والتدفئة- ووجود ساحات ينطلق فيها الطلاب يروحون عن أنفسهم، وتوفر المعامل اللازمة لتدريب الطلبة، ووجود مكتبة عامرة يأوي إليها الطلاب والطالبات وينهلون من علومها، ويستعيرون منه ما لا يسعفهم وقت المدرسة بقراءته .. إلى غير ذلك من أمورٍ تُسهم في مسيرة العملية التعليمية بحيوية وراحة ونشاط.
أما المناهج الدراسية فهي والطالب المقصودة أساسًا بالتعليم ولهما يوفر المعلمون والمعلمات، ومن أجلهما تنشأ المباني وتوفر المعامل .. وتنفق النفقات.
ولذا فحريٌّ بنا معاشر المدراء والمعلمين والأولياء والطلبة .. أن نوليها من العناية ما تستحق، وأن نهتم مع جهات الاختصاص دائمًا في مزيد العناية بها وتطويرها للأفضل.
ومحور التطوير ينبغي أن يقوم على الأصول والثوابت وأن يبرز الهوية،
ويصون القيم، وأن يقدر تأريخ الأمة في فترات عزها ويسعى لتحقيقه، ويسبر أغوار ضعف الأمة ويجنب الناشئة سلوكه كما ينبغي أن تقوم المناهج كذلك على استثمار وسائل التقنية الحديثة، وطرق التربية النافعة وأن تصل الطالب بماضيه ولا تفصله عن حاضره، وأن تَبْنيَ هذه المناهج في الدارسين قوة العلم واليقين، والقدرة على تحدي ومنافسة الآخرين، بسلاح العلم والثقافة وأن تُخرج أجيالًا قادرة على التفكير، مستعدة للعطاء، نافعة لنفسها وللمجتمع من حولها.
أجل إن المناهج الدراسية بإلزاميتها للجميع قادرةٌ على رفع مستوى الأمة، إذا توفر لها مخططون مخلصون، يرون مواقع الضعف فيعالجونها .. ومواقع القوة الغائبة عن النشء فيعيدونها عبر المناهج بالوسائل المختلفة ..
وإذا كان زماننا زمان صراع حضاري وعقائدي بين الأمم فإن من علائم إخلاص ووعي المعنيين بالمناهج .. اعتبار هذا التحدي والتركيز على المنطلقات العقدية والفكرية الصحيحة في بناء المناهج وصياغتها، وتوزيع التخصصات فيها، وحجم الساعات المقدرة لكل منها.
وعلينا مدراء، ووكلاء ومعلمين، ومرشدين، وطلبة نابهين أن نُسهم بالرأي والمشورة، من خلال تجاربنا وتدريسها أو إشرافنا أو اطلاعنا على هذه المواد، وبوركت الأمةُ المتناصحة فيما بينها، وبوركت الجهود المبذولة من هنا وهناك والقرار في النهاية لأولي الأمر والعلم والاختصاص. كان الله في عونهم وسدد على طريق الخير خطاهم، وجنبهم الزلل وأقال عثرتهم، ونفع الأمة بجهودهم.
أيها المسلمون بقيت همسةٌ لطيفة، فقد تشتد ظروف الحياة على بعض الدارسين أو الدارسات .. وقد يشق عليهم توفيرُ ما يستطيع نظراؤهم توفيره .. فهل يجد هؤلاء من المدرسة رعاية خاصة وبطريقة مناسبة، لا تجرح شعورًا ولا تقلل قدرًا .. لكنها تُحسن وتبر وتتخذ من المدرسة جسرًا للمحبة والوصال
والنصيحة. بل وما أجمل المدرسة تكون مصدر إشعاع لأهل الحي تعين الضعيف، وتقوِّم المنحرف، وتعلم الجاهل، وتبصِّر الأسرة المحتاجة لسلوك الطريق القويم.
إنها رسالة المدرسة التربوية المتكاملة، ينبغي أن يحسَّ بها ويعمل لها العاملون المخلصون .. والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا وما فتئ المسؤولون في التعليم يقولون: إن من الخسارة ألا يستفاد من المباني المدرسية إلا بضع ساعات، ومن هنا جاء تأكيدهم على افتتاح مراكز الأحياء، وافتتاح المراكز الرمضانية في المدارس .. فهل نستفيد من المدارس بأكبر حجم ممكن- اللهم اهدنا لليسرى.