المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكرين الذاكرين، وأتوب - شعاع من المحراب - جـ ٤

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌المرأة والهمة والوقت

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌العقيدة الحقة .. وما يناقضها

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الخير المكروه

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌خير القرون

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌المسلمون والإعلام

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌عبودية السراء

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌اليقظة ورقة القلب

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌بين الآباء والأبناء

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌دروس من جلاء بني قينقاع

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الأيام الفاضلة والأضاحي

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الأمل والأجل بين عامين

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌انحراف الشباب مسئولية من

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطة الثانية:

- ‌العناية بالقرآن

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌يا حامل القرآن

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌آية محكمة ودلالتها

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌واجبنا مع بدء العام الدراسي

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌أين الإرهاب

- ‌الخطبة الأولي

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌فابتغوا عند الله الرزق

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌ذكرى وتنبيهات للصائمين

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌عظمة القرآن

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الحزن الممنوع والمشروع

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌طرق السعادة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌عبرة في هجرة الحبشة

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الحج والتوحيد

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌المرأة في الإسلام

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌المرأة في الحضارة المادية المعاصرة

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌عبودية السراء (الشكر)

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌وقفات من معركة القادسية

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(1) بين التطير والتفاؤل

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(2) بين التطير والتفاؤل

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

الفصل: ‌ ‌الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكرين الذاكرين، وأتوب

‌الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكرين الذاكرين، وأتوب إليه وأستغفره وأسأله المزيد من فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

إخوة الإسلام ..

أما تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته فتكون بطاعته فيما أمر واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.

ولابد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله وماله وولده والناس أجمعين: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (1).

وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» .

ولكن هذه المحبة مضبوطةٌ بضوابط الشرع، لا ينبغي أن يتجاوز المحبُّ فيها حدود الله، ولا يصرفه شيئًا من أنواع العبادة: كالدعاء والاستغاثة والنذر والتوكل ونحوها لغير الله.

وتلك مزلة غلط فيها قوم، فغلوا في حبهم، وتجاوزوا المشروع في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم، وقال قائلهم ظلمًا وعدوانًا.

(1) سورة التوبة، آية:24.

ص: 18

يا أكرمَ الخلقِ مالي من ألوذ به

سواك عند حلول الحادثِ العممِ

ولن يضيق رسول الله جافك بي

إذا الكريم تحلى باسم منتقمِ

فإن لي ذمةً منه بتسميتي

محمدًا وهو أوفى الخلفي بالذممِ

إن لم يكن في معادي آخذًا بيدي

فضلًا وإلا فقل يازلة القدمِ

وجرى آخر في شركه حتى قال:

وحُلذَ عقدةَ كربي يا محمدُ مِنْ

هَمٍّ على خَطَراتِ القلبِ مُطَّردِ

أرجوك في سكرات الموتِ تشهدُني

كيما يهون إذ الأنفاس في صُعُدِ

وإن نزلت ضريحًا لا أنيس به

فكن أنيسَ وحيدٍ فيه منفردِ

وقال بعضُهم زورًا وبهتانًا:

يا سيدي يا صفي الدين يا سندي

يا عمدتي بل ويا ذخري ومفتخري

أنت الملاذُ لما أخشى ضرورته

وأنت لي ملجأٌ من حادثِ الدهرِ

إلى قوله:

وامنن عليَّ بتوفيق وعافية

وخير خاتمةٍ مهما انقضى عمري

وكفَّ عنَّا أكفَّ الظالمين إذا امتدت

بسوءٍ لأمرٍ مؤلمٍ نكري

فإنني عبدُك الراجي بودك ما

أمَّلتُه يا صفي السادة الغرر

قال بعض العلماء: فلا ندري أيَّ معنى اختصر به الخالقُ تعالى بعد هذه المنزلة، وماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث لخالقه من الأمر؟ (1).

معاشر المسلمين! هذه نماذجُ من شركيات وغلو في جانب الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت ولا تزال تتكرر في مناسبات المولد المزعوم؟

ويتجاوز المادحون فيها حدود الشرع والعقل، وما هي إلا بدعٌ ابتدعوها

(1) تيسير العزيز الحميد ص 187، 189، 191.

ص: 19

وسَنَّها أصحاب المللِ والنحلِ والطرق الصوفية، فراج سوقُها عند طوائفَ من المسلمين، ظنها البعضُ منهم عبادةً وقربة، وهي منكرات وشركيات مبتدئة. ومن عجب أن هؤلاء المادحين وأصحاب الأعياد البدعية لا يكاد بعضُهم يعرف النبى صلى الله عليه وسلم إلا بهذه المناسبة، وهم أجهل الناس بسنته، وأزهدهم في هديه، فصار حظُّهم منه صلى الله عليه وسلم وهم أجهل بالأشعار والقصائد والغلو الزائد، مع عصيانهم له في أمره ونهيه .. وذلك نوعٌ من تلاعب الشيطانِ بالإنسان، نسأل الله السلامةَ والعافية لنا ولإخواننا المسلمين.

أيها المسلمون لقد حَمى المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد، وسدَّ طرق الشرك، وهو القائل للوفدِ الذين وفدوا عليه، وقالوا له: أنت سيدُنا، فقال:«السيدُ اللهُ تبارك وتعالى» ، قالوا: وأفضلنُا فضلًا وأعظمُنا طَوْلًا، فقال عليه الصلاة والسلام، «قولوا: بقوِلكم أو بعضِ قولِكم ولا يستجرينكم الشيطان» (1).

ونهى وحذر عليه الصلاة والسلام أمتَه قبل موتِه من إطرائه والغلو فيه فقال: «لا تطووني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبد الله ورسوله» .

ومستقرٌ عند العلماء أن: «من الشرك أن يستغيث المرءُ بغير الله أو يدعو غيره، قال الله تعالى:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَاّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَاّ فِي ضَلَالٍ} (2).

وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَآدَّ

(1) رواه أبو داود بسند جيد (تيسير العزيز الحميد ص 662).

(2)

سورة الرعد، آية:14.

ص: 20

لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1).

قال شيخ الإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم، ويدعوهم ويسألهم كَفَر إجماعًا. ونقله عنه غير واحد من أهل العلم مقرين له.

وقال ابن القيم: ومن أنواع الشرك طلبُ الحوائجِ من الموتى والاستغاثةُ بهم، والتوجهُ إليهم، وهذا أصل شركِ العالم، فإن الميت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، فضلًا لمن استغاث به، أو سأله أن يشفع إلى الله، وهذا من جهله بالشافع والمشفوعِ عنده، فإن الله سبحانه لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه، والله سبحانه لم يجعل سؤال غيره سببًا لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمالُ التوحيد .. » (2).

عباد الله إن صحةَ المعتقد شرط في المغفرةِ ودخول الجنة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (3)، {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (4).

وإن فساد المعتقد وانتشار البدع في مجتمعات المسلمين معوِّق من أهم معوقات النهوض ببلاد المسلمين، ولن يستكمل المسلمون أسباب النصر حتى تصفو عقائدهم، ويصدقوا في إخلاصِ العبادة لله وحده لا شريك له. تلك خلاصة دعوة الرسل عليهم السلام وما أوحى الله به إليهم:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (5).

(1) سورة يونس، الآيتان: 106، 107.

(2)

شرح المنازل .. عن تيسير العزيز الحميد ص 195.

(3)

سورة النساء، آية:48.

(4)

سورة الكهف، آية:110.

(5)

سورة الأنبياء، آية:25.

ص: 21