الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في «التعريف» : ولهم [اعتقاد]«1» في تعظيم الخمر، ويرون أنها من النّور. ولزمهم من ذلك أن عظّموا شجرة العنب التي هي أصل الخمر حتّى استعظموا قلعها. ويزعمون أن الصّدّيق وأمير المؤمنين عمر وأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنهم تعدّوا عليه «2» ومنعوه حقّه من الخلافة، كما تعدّى قابيل بن آدم عليه السلام على أخيه هابيل، وكما اعتدى النّمرود على الخليل عليه السلام، وكما يقوم كلّ فرعون من الفراعنة على نبيّ من الأنبياء عليهم السلام.
قال في «التعريف» : وهي طائفة ملعونة مرذولة مجوسيّة المعتقد، لا تحرّم البنات ولا الأخوات ولا الأمّهات. قال: ويحكى عنهم في هذا حكايات.
وقد رتّب في «التعريف» حلفهم على مقتضى هذا المعتقد، فقال:
وأيمانهم: إنّني وحقّ العليّ الأعلى، وما اعتقده في المظهر الأسنى، وحقّ النّور وما نشأ منه، والسّحاب وساكنه، وإلّا برئت من مولاي عليّ العليّ العظيم، وولائي له، ومظاهر الحقّ، وكشفت حجاب سلمان بغير إذن، وبرئت من دعوة الحجّة نصير، وخضت مع الخائضين في لعنة ابن ملجم، وكفرت بالخطاب، وأذعت السّرّ المصون، وأنكرت دعوى أهل التّحقيق، وإلّا قلعت أصل شجرة العنب من الأرض بيدي حتّى أجتثّ أصولها وأمنع سبيلها، وكنت مع قابيل على هابيل، ومع النّمرود على إبراهيم، وهكذا مع كل فرعون قام على صاحبه، إلى أن ألقى العليّ العظيم وهو عليّ ساخط، وأبرأ من قول قنبر «3» ، وأقول: إنه بالنار ما تطهّر.
الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)
وهم القائلون بأن لا قدر سابق، وأن الأمر أنف: يعني مستأنفا؛ ولكنهم لما سمعوا قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم «القدريّة مجوس هذه الأمّة» قلبوا الدليل وقالوا بموجب
الحديث، وقالوا: القدريّة اسم لمن يقول بسبق القدر. ثم غلب عليهم اسم المعتزلة بواسطة أن واصل بن عطاء أحد أئمّتهم كان يقرأ على الحسن البصريّ فاعتزله بمسألة خالفه فيها. وهم يسمّون أنفسهم أهل التّوحيد [وأهل العدل]«1» ويعنون بالتوحيد نفي الصفات القديمة عن الله تعالى: كالحياة والعلم والإرادة والقدرة؛ وأنه تعالى حيّ بذاته، [عالم بذاته]«2» مريد بذاته، قادر بذاته، لا بحياة وعلم وإرادة وقدرة؛ ويعنون بالعدل أنّهم يقولون: إنّ العبد إنما يستحقّ الثّواب والعقاب بفعله الطاعة والعصيان، وباعتبار أنّه الخالق لأفعال نفسه دون الله تعالى، تنزيها له تعالى عن أن يضاف إليه خلق الشّرّ: من كفر ومعصية. وإذا كان العبد هو الخالق لأفعال نفسه الموجد لها فليس قدر سابق.
ولهم أئمّة كثيرة، لهم مصنّفات في الأصول والفروع: منهم واصل بن عطاء، وأبو الهذيل العلّاف، وإبراهيم النّظّام، وبشر بن المعتمر، ومعمر بن عبّاد، وأبو عثمان الجاحظ، [وأبو عليّ الجبّائي]«3» وابنه أبو هاشم، وغيرهم.
وعندهم أنّه لا قدر سابق بل الأمر أنف، وأن الله تعالى إنما يخلق الأفعال والمشيئة، وأن العبد هو المكتسب لأفعاله كما تقدّم.
وممّن علت رتبته فيهم الجعد بن درهم، اجتمع على مروان بن محمد آخر خلفاء بني أميّة، وأخذ عنه مروان مذهبه في القول بالقدر وخلق القرآن، وعلت رتبته عنده، وبه سمّي مروان المذكور الجعديّ «4» وكانت له واقعة مع هشام بن عبد الملك بن مروان. ويستعظمون الإيمان بالقدر: خيره وشرّه، ويتبرؤون منه، وينكرون القول بأنّ ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ويقولون: إذا كان أمر مفروغ منه ففيم يسدّد الإنسان ويقارب؟. ويطعنون في رواة حديث: «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له» . ويتأوّلون قوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِ