المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأسلوب الأول (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» ) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌الأسلوب الأول (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

وكان من عادة خطبهم أن يؤتى فيها بعد التحميد بالصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم يؤتى ببعديّة، ثم يذكر ما سنح من حال السلطان، ثم يوصف صاحب الإقطاع بما تقتضيه حاله من صفات المدح، ويرتّب على ذلك استحقاقه للإقطاع. وقد كان من عادتهم أنهم يأتون بوصية على ذلك في آخره.

وهذه نسخة توقيع على هذا الأسلوب، كتب به عن السلطان صلاح الدين «يوسف بن أيوب» رحمه الله، لأخيه العادل «أبي بكر» بإقطاع بالديار المصرية، وبلاد الشام، وبلاد الجزيرة، وديار بكر، في سنة ثمانين وخمسمائة، بعد الانفصال من حرب الكفار بعكّا وعقد الهدنة معهم؛ وهي:

الحمد لله الذي جعل أيّامنا حسانا، وأعلى لنا يدا ولسانا، وأطاب محتدنا أوراقا وأغصانا، ورفع لمجدنا لواء ولجدّنا برهانا، وحقّق فينا قوله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً

«1» نحمده على سبوغ نعمته، ونسأله أن يجعلنا من الداخلين في رحمته.

ثم نصلّي على رسوله محمد الذي أيّده بحكمته، وعصمه من الناس بعصمته، وأخرج به كلّ قلب من ظلمته، وعلى آله وأصحابه الذين خلفوه فأحسنوا الخلافة في أمّته.

أما بعد، فإن فروع الشّجرة يأوي بعضها إلى بعض لمكان قربه، ويؤثر بعضها بعضا من فضل شربه؛ ونحن أهل بيت عرف منا وفاق القلوب ودّا، وإيثار الأيدي رفدا؛ وذلك وإن كان من الحسنات التي يكثر فيها إثبات الأقلام، فإنه من مصالح الملك التي دلّت عليها تجارب الأيّام؛ وكلا هذين الأمرين مشكورة مذاهبه، محمودة عواقبه، مرفوعة على رؤوس الأشهاد مناقبه؛ وما من أحد من

ص: 151

أدانينا إلا وقد وسمناه بعوارف يختال في ملابسها، ويسرّ في كلّ حين بزفاف عرائسها، ولم نرض في بلّ أرحامهم بمواصلة سلامها دون مواصلة برّها وإدناء مجالسها؛ ولإخوتنا من ذلك أوفر الأقسام، كما أنّ لهم منّا رحما هو أقرب الأرحام؛ وقد أمرنا بتجديد العارفة لأخينا الملك العادل، الأجلّ، السيد، الكبير، سيف الدين، ناصر الإسلام «أبي بكر» أبقاه الله. ولو لم نفعل ذلك قضاء لحقّ إخائه الذي ترفّ عليه حواني الأضالع، لفعلناه جزاء لذائع خدمه التي هي نعم الذّرائع؛ فهو في لزوم آداب الخدمة بعيد وقف منها على قدم الاجتهاد؛ وفي لحمة شوابك النّسب قريب وصل حرمة نسبه بحرمة الوداد؛ وعنده من الغناء ما يحكم لآماله ببسطة الخيار، ويرفع مكانته عن مكانة الأشباه والأنظار، ويجعله شريكا في الملك، والشريك مساو في النقض والإمرار؛ فكم من موقف وقفه في خدمتنا فجعل وعره سهلا، وفاز فيه بإرضائنا وبفضيلة التقدّم فانقلب بالمحبّذين إرضاء وفضلا؛ ويكفي من ذلك ما أبلاه في لقاء العدوّ الكافر الذي استشرى في هياجه، وتمادى في لجاجه، ونزل على ساحل البحر فأطلّ عليه بمثل أمواجه، وقال: لا براح، دون استفتاح؛ الأمر الذي عسرت معالجة رتاجه، وتلك وقائع استضأنا فيها برأيه الذي ينوب مناب الكمين في مضمره، وسيفه الذي ينسب من الاسم إلى أبيضه ومن اللّون إلى أخضره؛ ولقد استغنينا عنهما بنضرة لقبه الذي تولّت يد الله طبع فضله، وعنيت يد السّيادة برونق صقله؛ فهو يفري قلوب الأعداء قبل الأجساد، ويسري إليهم من غير حامل لمناط النّجاد، ويستقصي في استلابهم حتّى ينتزع من عيونهم لذّة الرقاد؛ وليس للحديد جوهر معدنه المستخرج من زكاء الحسب، وإذا استنجد قيل له: يا ذا المعالي! كما يقال لسميّه: يا ذا الشّطب؛ ولو أخذنا في شرح مناقبه لظلّ القلم واقفا على أعواد منبره، وامتدّ شأو القول فيه فلم ينته مورده إلى مصدره؛ فمهما خوّلناه من العطايا فإنه يسير في جنب غنائه، ومهما أثنينا عليه فإنّه سطر في كتاب ثنائه.

وقد جعلنا له من البلاد ما هو مقتسم من الديار المصرية والشاميّة، وبلاد

ص: 152

الجزيرة وديار بكر: ليكون له من كلّ منها حظّ تفيض يده في أمواله، ويركب في حشد من رجاله، ويصبح وهو في كلّ جانب من جوانب ملكنا كالطّليعة في تقدّم مكانها، وكالرّبيئة «1» في إسهار أجفانها.

فليتسلّم ذلك بيد معظّم قدرا، ولا يستكثر كثرا، ويحمل منها رفدها غيثا أو بحرا؛ وكذلك فليعدل في الرعيّة الذين هم عنده ودائع، وليجاوز بهم درجة العدل إلى إحسان الصنائع؛ فإذا أسند هذا الأمر إلى ولاته فليكونوا تقاة لا يجد الهوى عليهم سبيلا، ولا يحمد الشيطان عندهم مقيلا، وإذا حمّلوا ثقلا لا يجدون حمله ثقيلا.

وقد فشا في هذا الزمن أخذ الرّشوة وهي سحت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبذه، ونهى عن أخذه، وعن الرغبة في تداوله؛ وهو كأخذ الرّبا الذي قرنت اللّعنة بمؤكله وآكله.

وأما القضاة الذين هم للشريعة أوتاد، ولإمضاء أحكامها أجناد، ولحفظ علومها كنوز لا يتطرّق إليها النّفاد، فينبغي أن يعوّل فيهم على الواحد دون الاثنين، وأن يستعان منهم في الفصل بذي الأيدي وفي اليقظة بذي اليدين؛ ومن رام هذا المنصب سائلا فليلمه وليغلظ القول في تجريع ملامه، وليعرف أنه ممّن رام أمرا فأخطأ الطّريق في استجلاب مرامه؛ وأمر الحكّام لا يتولّاه من سأله، وإنما يتولّاه من غفل عنه وأغفله.

وإذا قضينا حقّ الله في هذه الوصايا فلنعطفها على ما يكون لها تابعا، ولقواعد الملك رافعا؛ وذاك أنّ البلاد التي أضفناها إليك: فيها مدن ذات أعمال واسعة، ومعاقل [ذات] حصانة مانعة، وكلّها يفتقر إلى استخدام الفكر في تدبيره، وتصريف الزمان في تعميره؛ فولّ وجهك إليها غير وان في تكثير قليلها، وترويض مخيلها، وبثّ الأمنة على أوساطها، وإهداء الغبطة إلى أفئدة

ص: 153