الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاحمدوا الله على ما ألهم خليفتكم، من إثابة أهل السوابق منكم بأوفى سعيهم، والتطوّل على عامّة جنده بما شملهم برفقه وحسنت عليهم عائدته، وما تعطّف به على أهل التفريط: من إقالة هفواتهم وعثراتهم، حتى صرتم بنعمة الله إخوانا مترافدين، قد أذهب الله أضغانكم ونزع حسائك «1» صدوركم، وردّ ألفتكم إلى أحسن ما يكون، وصرتم بين متقدّم بغناء، ومقمع بإحسان؛ فحافظوا على ما يرتبط به راهن النّعمة، ويستدعى به حسن المزيد، إن شاء الله تعالى.
النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)
الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق
، مما كان يصدر عن وزراء الخلفاء والملوك المتغلّبين على الأمر معهم؛ ولهم فيه أسلوبان)
الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)
وهذه نسخة أمان من هذا الأسلوب، كتب بها أبو [إسحاق بن]«2» هلال الصابي، عن صمصام الدّولة، بن عضد الدّولة، بن ركن الدّولة، بن بويه الدّيلميّ لبعض من كان متخوّفا منه؛ وهو:
هذا كتاب من صمصام الدّولة وشمس الملّة أبي كاليجار، بن عضد الدّولة
وتاج الملّة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ مولى أمير المؤمنين- لفلان بن فلان.
إنّك ذكرت رغبتك في الانحياز إلى جملتنا، والمصير إلى حضرتنا، والسّكون إلى ظلّنا، والسّكنى في كنفنا، والتمست التّوثقة منّا بما تطيب به نفسك، ويطمئنّ إليه قلبك، فتقبّلنا ذلك منك، وأوجبنا به الحقّ والذّمام لك، وأمّنّاك بأمان الله جلّ ثناؤه، وأمان رسوله صلى الله عليه وسلم، [وأمان]«1» أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وأماننا- على نفسك، وجوارحك، وشعرك، وبشرك، وأهلك، وولدك، ومالك، وذات يدك: أمانا صحيحا ماضيا نافذا، واجبا لازما؛ ولك علينا بالوفاء به إذا صرت إلينا عهد الله وميثاقه، من غير نقض له ولا فسخ لشيء منه، ولا تأوّل عليك فيه على [كلّ]«2» وجه وسبب.
ثم إنّا نتناولك إذا حضرت بالإحسان والإجمال، والاصطناع والإفضال، موفين بك على أملك، ومتجاوزين حدّ ظنّك وتقديرك. فاسكن إلى ذلك وثق به، وتيقّن أنك محمول عليه، ومفض إليه. ومن وقف على كتابنا هذا: من عمّال الخراج والمعاون وسائر طبقات الأولياء والمتصرّفين في أعمالنا، فليعمل بما فيه، وليحذر من تجاوزه أو تعدّيه، إن شاء الله تعالى.
وعلى نحو من ذلك كتب أبو إسحاق الصابي، عن صمصام الدّولة المقدّم ذكره، الأمان لجماعة من عرب المنتفق «3» ، بواسطة محمد بن المسيّب «4» ؛ وهو:
هذا كتاب منشور من صمصام الدّولة، وشمس الملّة، أبي كاليجار، بن عضد الدّولة وتاج الملّة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ، مولى أمير المؤمنين لجماعة من العرب من المنتفق، الرّاغبين في الطاعة والداخلين فيها مع أولياء الدّولة.
إن محمد بن المسيّب سأل في أمركم، وذكر رغبتكم في الخدمة، والانحياز إلى الجملة، والتمس أمانكم على نفوسكم وأموالكم، وأهلكم وعشيرتكم، على أن تلزموا الأستقامة، وتسلكوا سبيل السّلامة، ولا تخيفوا سبيلا، ولا تسعوا في الأرض فسادا، ولا تخالفوا للسلطان وولاة أعماله أمرا، ولا تؤوا له عدوّا، ولا تعادوا له وليّا، ولا تجيروا أحدا خرج عن طاعته، ولا تذمّوا لأحد طلبه، ولا تخونوه في سرّ ولا جهر، ولا قول ولا عمل، فرأينا قبول ذلك منكم، وإجابة محمد إلى ما رغب فيه عنكم، وتضمّنته العهدة فيما عقد من هذا الأمان لكم على شرائطه المأخوذة عليكم: في الكفّ عن الرّعيّة والسّابلة، وأهل السّواد والحاضرة، وترك التّعرّض للمال والدّم، أو الانتهاك لذمّة أو محرم، أو الارتكاب لمنكر أو مأثم.
فكونوا على هذه الحدود قائمين، وللصّحّة والاستقامة معتقدين، ولأحداثكم ضابطين، وعلى أيدي سفهائكم آخذين؛ وأنتم مع ذلك آمنون بأمان الله جل جلاله، وأمان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمان مولانا أمير المؤمنين، وأماننا: على نفوسكم وأموالكم وأحوالكم، وكلّ داخل في هذا الأمان وشرائطه معكم: من أهلكم وعشيرتكم وأتباعكم، ومن ضمّته حوزتكم.
ومن قرأ هذا الكتاب من عمّال الخراج والمعاون، والمتصرّفين في الحمّارة والسّيارة وغيرهم من جميع الأسباب، فليعمل بمتضمّنه، وليحمل جماعة هؤلاء القوم على موجبه، إن شاء الله تعالى.