الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا غير؛ وأيّ جاندار تعدّى وأخذ غير ذلك يؤدّب ويصرف من تلك الولاية.
- فصل:
تكتب الحجج على كل وكيل يقبض لمخدومه شيئا من مغلّه أو جهته: من الديوان أو الفلّاحين، ولا يسلّم له شيء إلا بشهادة بحجج مكتتبة عليه، تخلّد منها حجّة الديوان المعمور بما قبضه من جهته أو إقطاعه، وتبقى الحجج حاصلة حتى إذا شكا أحد إلينا وسيّرنا عرّفناهم بمن يشكو من تأخّر حقه، يطالعوننا بأمر وكيله وما قبض من حقه، وتسيّر الشهادة عليه طيّ مطالعته، (ويحترز من الشهادات) بما وصل لكلّ مقطع، حتّى إنا نعلم من مضمون الحجج والشهادات متحصّل المقطعين من البلاد والجهات مفصّلا وجملة ما حصل لكل منهم: من عين وغلة وما تأخّر لكل منهم، ويعمل بذلك صورة أمور البلاد والمقطعين وأحوالهم، ويزيل شكوى من تجب إزالة شكواه، وتعلم أحوالهم على الجليّة.
- فصل:
تقرأ هذه التذاكر على المنابر فصلا فصلا، ليسمعها القريب والبعيد، ويبلّغها الحاضر والغائب، ويعمل بمضمونها كل أحد؛ ومن خرج عنها أو عمل بخلافها فهو أخبر بما يلقاه من سطواتنا وشدّة بأسنا؛ والسلام.
الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)
والعادة فيها أن يكتب فيها باعتماد الكشف عن أحوال القلعة وأسوارها وعرض حواصلها، ومقدّمي رجالها، وترتيب الرجال في مراكزهم، وكشف مظالم الرعايا، والنظر في الاحتراز على القلعة وعلى أبوابها، والاحتفاظ بمفاتيحها على العادة، وتحصيل ما يحتاج إليه فيها من الزاد والحطب والملح والفحم وغير ذلك، والمطالعة بمتجدّدات الأخبار.
وهذه نسخة تذكرة كتب بها عن السلطان الملك المنصور قلاوون بسبب قلعة صرخد من الشام، عند استقرار الأمير سيف الدين باسطي نائبا بها، والأمير عز الدين واليا بها في سنة تسع وسبعين وستمائة، من إنشاء القاضي محيي «1» الدّين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية؛ وهي:
تذكرة مباركة نافعة، لكثير من المصالح جامعة، يعتمد عليها الأميران: سيف الدين وعزّ الدين عند توجّههما إلى قلعة صرخد «2» المحروسة:
يعتمدان العدل في الرعية، وسلوك منهج الحق في كل قضيّة، واعتماد ما يرضي الله تعالى ويرضينا؛ وليكن الإنصاف لهما عقيدة والتقوى دينا، ولا يتطلّع أحدهما إلى ما في يد أحد من مال ولا نشب «3» ، ولا يعارض أحد أحدا بلا سبب، وليتّقوا «4» الله ويخشوه، ويتجنّبوا الباطل ولا يغشوه، ولا يظنّ أحد منهم أن قد بعد عنا فيطمح إلى الظلم أو يطمع، فإنا منهم بمرأى ومسمع، وليكونوا على المصالح متفقين، وبأذيال الحق متعلّقين، وعلى الرعيّة مشفقين.
- فصل:
يتقدّمان بكشف أسوار القلعة المنصورة وأبراجها وبدناتها وأبوابها، وما
يحتاج إلى إصلاح وترميم وعمارة، ويحرّران أمر ذلك تحريرا، ويجتهدان في إصلاح ما يجب إصلاحه وترميم ما يجب ترميمه، والمطالعة بما كشفاه وما اعتمداه.
- فصل:
يتقدّمان بعرض حواصل القلعة المنصورة، والخزانة المعمورة، ويحقّقون ما بها من الأموال والغلال والذخائر والحواصل، ويعملون بذلك أوراقا محرّرة، ويسيّرون نسختها إلى الباب الشريف.
- فصل:
يتقدّمان بعرض مقدّمي رجال القلعة، وأرباب الجامكيّات «1» والرواتب بها، ويحرّران أمر مقرراتهم: من جامكية وجراية، ويجريان في صرف ذلك على العادة الجارية المستقرّة.
- فصل:
يستوضحان من الأمير عزّ الدين والأمير علم الدين المنصرفين عن المصالح المختصّة بهذه القلعة وعن أمورها، جليلها وحقيرها، فإنهما قد أحسنا في ذلك التدبير، وأجملا التأثير، وسلكا أجمل مسلك، ويهتديان بما يوضّحانه لهما من المصالح والمهمّات ليكون دخولهما في هذا الأمر على بصيرة.
- فصل:
يكون أمر النيابة والحكم العامّ في القلعة المنصورة، وتنزيل الرجال واستخدامهم وصرف من يجب صرفه- للأمير سيف الدّين باسطي بمشاركة الأمير عز الدين في أمر الرجال والاستخدام والصّرف، ويكون أمر النيابة راجعا للأمير سيف الدين باسطي والحكم فيها له، ويكون أمر ولاية القلعة للأمير عزّ الدين، ويجريان في ذلك على عادة
من تقدّمهما في هذه النيابة والولاية؛ ويكون الأمير سيف الدين في الدار التي كان يسكنها الأمير عزّ الدين؛ وحكمه في النيابة كحكمه؛ ويسكن الأمير عزّ الدين في الدار التي كان يسكن فيها الأمير علم الدّين، وحكمه في الولاية كحكمه. ولا يتعدّى أحد طوره، ولا يخرج عما قرّر فيه، ويرعى كلّ منهما لصاحبه حقّه فيما رتّب فيه، ويتفقان على المصالح كلّها، ويكونان كروحين في جسد واحد.
- فصل:
يتقدّمان بأن يترتّب الرجال في مراكزهم ومنازلهم على العادة في الليل والنهار، والحرسيّة «1» على العادة في الليل والنهار. وإن كان ثمّ خلل في ذلك أو تفريط أو إهمال، فليستدرك الفارط ويرتّب الأمر فيه على أحسن ترتيب.
- فصل:
ينتصبان في أوقات العادة في باب القلعة لكشف مظالم الرعية في القلعة والبرّ، ويعتمدان إنصافهم، وتلبية داعيهم، وسماع كلمهم، وكفّ ظالمهم وإعانة مظلومهم، واعتماد ما يجب من العدل وبسطه في الرعية، وكفّ الأيدي العادية.
- فصل:
أبواب القلعة إذا أغلقت في كل ليلة تبيّت المفاتيح عند النائب في المكان المعتاد بعد ختم الوالي عليها على العادة؛ وإذا تسلّمها يتسلّمها بختمها على العادة.
- فصل:
الذّخائر والغلال يجتهد في تصحيلها بالقلعة؛ ولا تخزن غلة جديدة على غلة عتيقة. وكلّ هري يخزن فيه غلّة يحرّر أمرها وتشال عيّنتها في كيس وتجعل في الخزانة ويختم عليها؛ ولا يصرف من الجديد قبل نفاد العتيق، ولا يترك العتيق ويصرف من الجديد. وكذلك بقية الحواصل يسلك فيها هذا المسلك.
- فصل:
مهما جرت العادة بتثمينه على أرباب الجامكيّات والمقرّرات، فليجر الأمر فيه على العادة من غير حيف، وليدخل الديوان والمباشرون في التثمين لئلّا يسلك أمر التثمين على الرّجّالة والضّعفاء مع قلّة معلومهم «1» ويوفّر من ذلك أرباب الدّواوين مع كثرة معلومهم، بل يكونوا أوّل من يثمّن عليه؛ ومن لا قدرة له: مثل راجل ضعيف أو ربّ معلوم قليل، فليرفق به في ذلك، نظرا في حقّ الضعفاء.
- فصل:
يكثّرون من الأحطاب ومن الفحم والملح بالذخائر، وكذلك من كلّ ما تدعو الحاجة إليه، ويجتهدون في تحصيل الأموال وتوفيرها بالخزانة المعمورة:
بحيث لا يكون لهما شغل يشغلهما عن ذلك، بل يصرفان الهمّة في غالب أوقاتهما إلى الفكرة في مال يحصّلونه، أو صنف يدّخرونه، ولا يهملان ذلك.
- فصل:
يطالعان الأبواب العالية في غالب أوقاتهما بما يتجدّد عندهما من المصالح، وبما يتميّز من الأموال، و [بما] حمل إلى الخزائن وإلى الأهراء من الأموال والغلال. وكذلك يطالعان نائب السلطنة بدمشق المحروسة على العادة في ذلك؛ ولتكن مطالعتهما جامعة وعليها خطّهما. ومن لاحت له مصلحة في بعض الأوقات واختار أن يطالع بانفراده فليطالع.
- فصل:
لا يمكّنان أحدا من الرجال المرتّبين بالقلعة المحروسة وأرباب النّوب أن يخلّ بنوبته ولا يفارقها، ولا يخرج من القلعة أحد من الرجال إلا بدستور «2» ويعود في يومه والله الموفق.
قلت: وبالجملة فالتذاكر منوطة بحال المكتوب له التذكرة، والمكتوب بسببه؛ فيختلف الحال باختلاف الأسباب، ويؤتى لكل تذكرة بفصول تناسبها بحسب ما تدعو الحاجة إليه.
واعلم أنّ اللائق بالتذاكر الخارجة من ديوان الإنشاء أن تكون في الفصاحة والبلاغة على حدّ الرسائل، فيعلو شأن التّذكرة باعتبار اشتمالها على الفصاحة والبلاغة، وينحطّ بفواتهما؛ وانظر إلى تذكرة القاضي الفاضل المبتدإ بها؛ وما اشتملت عليه من الفصاحة والبلاغة، وأين هي من التذكرتين اللتين بعدها؛ فإنه قد أهمل فيهما مراعاة الفصاحة والبلاغة جملة، بل لم تراع في الأخيرة منهما قوانين النحو، إذ يكون يتكلّم بصيغة التثنية على سياق ما عقدت له التذكرة لاشتمالها على اثنين فإذا هو قد عدل إلى لفظ الجمع، ثم يعود إلى لفظ التثنية؛ هذا، وهي منسوبة إلى القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، صاحب ديوان الإنشاء يومئذ، وهو من بيت الكتابة والبلاغة، إلا أنه قد يريد بعدوله من التثنية إلى الجمع أن ينتقل إلى خطاب جمع المتحدثين في القلعة فيما يتعلّق بذلك الفصل الذي يكون فيه، وإلا فلا يجوز صدور مثل ذلك عنه وتكراره المرّة بعد الأخرى.