الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع
«1» )
المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)
النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)
وهي اليمين العامة التي يحلّف بها أهل الدولة: من الأمراء والوزراء والنوّاب، ومن يجري مجراهم.
وهذه نسخة يمين أوردها في «التعريف» وهي:
أقول وأنا فلان: والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، والله العظيم الذي لا إله إلا هو، الباريء الرحمن الرحيم، عالم الغيب والشهادة، والسّر والعلانية، وما تخفي الصّدور، القائم على كلّ نفس بما كسبت، والمجازي لها بما عملت، وحقّ جلال الله، وقدرة الله، وعظمة الله، وكبرياء الله، وسائر أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا إنّني من وقتي هذا، وما مدّ الله في عمري، قد أخلصت نيّتي، ولا أزال مجتهدا في إخلاصها، وأصفيت طويّتي، ولا أزال مجتهدا في إصفائها، في طاعة مولانا السلطان فلان الفلاني- خلّد الله ملكه- وخدمته ومحبّته، وامتثال مراسيمه، والعمل بأوامره، وإنني والله العظيم [حرب
لمن حاربه، سلم لمن سالمه، عدوّ لمن عاداه، وليّ لمن والاه من سائر الناس أجمعين، وإنني والله العظيم] «1» لا أضمر لمولانا السلطان فلان سوءا ولا غدرا، ولا خديعة ولا مكرا، ولا خيانة في نفس ولا مال، ولا سلطنة، ولا قلاع ولا حصون، [ولا بلاد ولا غير ذلك]«2» ولا أسعى في تفريق كلمة أحد من أمرائه، ولا مماليكه، ولا عساكره، ولا أجناده، ولا عربانه ولا تركمانه ولا أكراده، ولا استمالة طائفة منهم لغيره، ولا أوافق على ذلك بقول ولا فعل ولا نيّة ولا بمكاتبة [ولا مراسلة]«3» ، ولا إشارة ولا رمز، ولا كناية ولا تصريح؛ وإن جاءني كتاب من أحد من خلق الله تعالى بما فيه مضرّة على مولانا السلطان أو أهل دولته لا أعمل به، ولا أصغى إليه، وأحمل الكتاب إلى ما بين يديه الشريفتين، هو ومن أحضره إن قدرت على إمساكه.
وإنني والله العظيم أفي لمولانا السلطان بهذه اليمين من أوّلها إلى آخرها، لا أنقضها ولا شيئا منها، ولا أستثني فيها ولا في شيء منها، ولا أخالف شرطا من شروطها، ومتى خالفتها أو شيئا منها، أو نقضتها أو شيئا منها، أو استثنيت فيها أو في شيء منها طلبا لنقضها، فكلّ ما أملكه: من صامت وناطق صدقة على الفقراء والمساكين، وكلّ زوجة في عقد نكاحه أو يتزوّجها في المستقبل فهي طالق [ثلاثا بتاتا على سائر المذاهب]«4» ، وكلّ عبيدي وإمائي أحرار لوجه الله؛ وعليه الحجّ إلى بيت الله الحرام بمكّة المعظّمة، والوقوف بعرفة ثلاثين حجّة متواليات متتابعات كوامل، حافيا ماشيا، وعليه صوم الدّهر كلّه إلا المنهيّ عنه، وعليه أن يفكّ ألف رقبة مؤمنة من أسر الكفّار، ويكون بريئا من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم ومن دين الإسلام إن خالفت هذه اليمين أو شرطا من شروطها.
وهذه اليمين يميني وأنا فلان، والنّيّة فيها بأسرها نيّة مولانا السلطان فلان، ونيّة مستحلفيّ له بها، لا نيّة لي في باطني وظاهري [سواها]«5» ؛ أشهد الله عليّ بذلك، وكفى بالله شهيدا؛ والله على ما أقول وكيل.
قلت: عجيب من المقرّ الشّهابي رحمه الله ما أتى به في نسخة هذه اليمين، فإنه أتى بها بلفظ التكلم إلى قوله:«وكلّ زوجة» فعدل عن التكلم إلى الغيبة، وقال في نكاحه، وكذلك ما بعده إلى قوله «من أسر الكفار ويكون بريئا من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم إن خالفت هذه اليمين» وأتى بصيغة التكلم إلى آخر الكلام. فإن كان فرّ في قوله:«وكل زوجة في نكاحه» خوفا من أن يقول «في نكاحي» فتطلق زوجته هو، فلا وجه له: لأن الحاكي لا يقع عليه الطّلاق، وكذا ما بعده من العتق وغيره.
وأعجب من ذلك كلّه قوله: ويكون بريئا من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن دين الإسلام إن خالفت؛ فجمع بين الغيبة والتّكلّم في حالة واحدة!!. على أن ما ذكره بلفظ الغيبة إنما هو فيما سطّره في النّسخة. أما إذا كتبت اليمين التي يحلّف بها، فإنها لا تكون في الجميع إلا بلفظ التكلّم؛ فما المعنى في أنّه خاف من الوقوع في المحذور عند حكاية القول، ولم يخف مثل ذلك فيما يكتبه في نفس اليمين؟.
وقد ذكر صاحب «التثقيف» جميع ذلك بلفظ التكلم، مع المخالفة في بعض الألفاظ وزيادة ونقص فيها.
وهذه نسختها؛ وهي:
أقول وأنا فلان بن فلان: والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، والله الذي لا إله إلا هو، الباريء الرحمن الرحيم، عالم الغيب والشّهادة، والسّر والعلانية، وما تخفي الصّدور، القائم على كلّ نفس بما كسبت، والمجازي لها بما احتقبت، وحقّ جلال الله، وعظمة الله، وقدرة الله، وكبرياء الله، وسائر أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا، وحقّ هذا القرآن الكريم ومن أنزله، ومن أنزل عليه- إنني من وقتي هذا، ومن ساعتي هذه، وما مدّ الله في عمري قد أخلصت نيّتي، ولا أزال مجتهدا في إخلاصها، وأصفيت طويّتي، ولا أزال مجتهدا في إصفائها- في طاعة السلطان الملك الفلانيّ، فلان الدنيا والدّين فلان- خلّد الله ملكه- وفي خدمته ومحبّته ونصحه، وأكون وليّا لمن والاه، عدوّا
لمن عاداه، سلما لمن سالمه، حربا لمن حاربه: من سائر الناس أجمعين؛ لا أضمر له سوءا ولا مكرا، ولا خديعة ولا خيانة في نفس، ولا مال، ولا ملك؛ ولا سلطنة، ولا عساكر، ولا أجناد، ولا عربان، ولا تركمان، ولا أكراد، ولا غير ذلك، ولا أسعى في تفريق كلمة أحد منهم عن طاعته الشريفة، وإنّني والله العظيم أبذل جهدي وطاقتي في طاعة مولانا السلطان الملك الفلانيّ، فلان الدنيا والدين المشار إليه؛ وإن كاتبني أحد من سائر الناس أجمعين بما فيه مضرّة على ملكه لا أوافق على ذلك بقول ولا فعل ولا نيّة؛ وإن قدرت على إمساك الذي جاءني بالكتاب أمسكته، وأحضرته لمولانا السلطان الملك الفلانيّ المشار إليه، أو النائب القريب منّي. وإنّني والله العظيم أفي لمولانا السّلطان المشار إليه بهذه اليمين من أوّلها إلى آخرها، لا أستثني فيها ولا في شيء منها، ولا استفتي فيها ولا في شيء منها. وإن خالفتها أو شيئا منها، أو استثنيت منها، أو استفتيت طلبا لنقضها أو نقض شيء منها، فيكون كلّ ما أملكه من صامت وناطق صدقة على الفقراء والمساكين من المسلمين، وتكون كلّ زوجة في عقد نكاحي أو أتزوّجها في المستقبل طالقا ثلاثا بتاتا على سائر المذاهب، وتكون كلّ أمة أو مملوك في ملكي الآن أو أملكه في المستقبل أحرارا لوجه الله تعالى، ويلزمني ثلاثون حجّة متواليات متتابعات، حافيا حاسرا، وعليّ صوم الدّهر بجملته إلا الأيام المنهيّ عن صومها.
وهذه اليمين يميني، وأنا فلان بن فلان، والنّيّة في هذه اليمين بأسرها نيّة مولانا السلطان الملك الفلانيّ المشار إليه، ونيّة مستحلفيّ له بها، لا نيّة لي في غيرها، ولا قصد لي في باطني وظاهري سواها. أشهد الله عليّ بذلك، وكفى بالله شهيدا، والله على ما أقول وكيل.
قلت: وربّما كان للسلطان وليّ عهد بالسّلطنة فيقع التّحليف للسّلطان ولولده جميعا، وهي على نحو ما تقدّم، لا يتغير فيها إلا نقل الضمير من الإفراد إلى التّثنية.
وهذه نسخة يمين حلّف عليها العساكر للسلطان الملك المنصور «قلاوون» في سنة ثمان وسبعين وستمائة له ولولده وليّ عهده الملك الصالح علاء الدين «عليّ» أوردها ابن المكرّم في تذكرته؛ وهي:
والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، والله العظيم الذي لا إله إلا هو، الرحمن الرحيم، الطّالب الغالب، المدرك المهلك، الضارّ النافع، عالم الغيب والشّهادة، والسّرّ والعلانية وما تخفي الصدور، القائم على كلّ نفس بما كسبت، والمجازي لها بما احتقبت، وحقّ جلال الله، وعزّة الله، وعظمة الله، وسائر أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا- إنّني من وقتي هذا، ومن ساعتي هذه، وما مدّ الله في عمري قد أخلصت النّيّة، ولا أزال مجتهدا في إخلاصها، وأصفيت طويّتي ولا أزال مجتهدا في إصفائها، في طاعة السّلطان فلان، وطاعة ولده وليّ عهده فلان، وخدمتهما وموالاتهما، وامتثال مراسيمهما، والعمل بأوامرهما. وإنّني والله العظيم حرب لمن حاربهما، سلم لمن سالمهما، عدوّ لمن عاداهما، وليّ لمن والاهما. وإنّني والله العظيم لا أسعى في أمر فيه مضرّة على مولانا السلطان، ولا في مضرّة ولده، في نفس ولا سلطنة، ولا إستمالة لغيرهما، ولا أوافق أحدا على ذلك بقول ولا فعل، ولا مكاتبة ولا مشافهة، ولا مراسلة، ولا تصريح. وإنّني والله العظيم لا أدّخر عن السّلطان ولا عن ولده نصيحة في أمر من أمور ملكهما الشريف، ولا أخفيها عن أحدهما، وأن أعلمه بها في أقرب وقت يمكنني الإعلام له بها، أو أعلم من يعلمه بها، وأن الخ «1» .......