المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطرف الثاني (في بيان أول من وضع ديوان الجيش، وكيفية ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌الطرف الثاني (في بيان أول من وضع ديوان الجيش، وكيفية ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

ذلك، وأقطع خبّاب بن الأرتّ وسعد بن أبي وقّاص وسعيد بن زيد والزّبير، وأقطع طلحة أجمة الجرف «1» : وهو موضع النّشاستج «2» ، فكتب إلى سعيد بن العاص وهو بالكوفة أن ينفّذها له.

‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

ذكر أبو هلال العسكري في «الأوائل» والماورديّ في «الأحكام السلطانية» أن أوّل من وضع الديوان في الإسلام أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. قال الماورديّ: واختلف [الناس]«3» في سبب وضعه [له]«4» : فقال قوم:

سببه أن أبا هريرة قدم عليه بمال من البحرين، فقال له عمر: ما جئت به؟ قال خمسمائة ألف درهم، فاستكثره عمر، وقال: أتدري ما تقول؟ قال نعم! مائة ألف خمس مرات، فقال عمر: أطيّب هو؟ قال لا أدري. فصعد عمر المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيّها الناس! قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلنا لكم كيلا، وإن شئتم عددنا لكم عدّا، فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين: رأيت الأعاجم يدوّنون ديوانا، فدوّن أنت لنا ديوانا.

وذهب آخرون إلى أن سبب وضع الديوان أنّ عمر بعث بعثا وعنده الهرمزان «5» ، فقال لعمر: هذا بعث قد أعطيت أهله الأموال، فإن تخلّف منهم

ص: 113

رجل وأخلّ بمكانه، فمن أين يعلم صاحبك به؟ فأثبت لهم ديوانا، فسأله عن الدّيوان ففسّره له.

ويروى أنّ عمر رضي الله عنه استشار المسلمين في تدوين الدواوين، فقال عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه: تقسم كلّ سنة ما اجتمع إليك من المال، ولا تمسك منه شيئا. وقال عثمان: أرى مالا كثيرا يسع الناس، فإن لم يحصوا حتّى يعلم من أخذ ممن لم يأخذ، خشيت أن ينتشر الأمر- فقال خالد بن الوليد «1» رضي الله عنه: قد كنت بالشام فرأيت ملوكها دوّنوا ديوانا وجنّدوا جنودا، فدوّن ديوانا وجنّد جنودا، فأخذ بقوله ودعا عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم، (وكانوا من شباب «2» قريش) فقال: اكتبوا [الناس]«3» على منازلهم! فبدأوا ببني هاشم فكتبوهم، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه، [ثم عمر وقومه]«4» وكتبوا القبائل ووضعوها على الخلافة، ثم رفعوه إلى عمر، فلما نظر فيه، قال: لا! وما وددت أنه هكذا، ولكن ابدأوا بقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأقرب فالأقرب حتّى تضعوا عمر حيث وضعه الله، فشكره العبّاس على ذلك، وقال: وصلتك رحم.

وروى زيد بن أسلم عن أبيه «5» : أن بني عديّ جاءوا إلى عمر، فقالوا:

إنك خليفة أبي بكر، وأبو بكر خليفة رسول الله، فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم الذين كتبوا؟ فقال: بخ. بخ يا بني عديّ!! إن أردتم إلّا الأكل على ظهري، وأن أذهب «6» حسناتي لكم، لا والله! حتّى تأتيكم الدعوة ولو انطبق «7» عليكم الدفتر. يعني ولو أن تكتبوا آخر الناس. إنّ صاحبيّ سلكا طريقا، فإن خالفتهما خولف بي؛ والله ما أدركنا الفضل في الدنيا والآخرة «8» ، ولا نرجو الثواب

ص: 114

عند الله على عملنا إلا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهو أشرفنا، وقومه أشرف العرب، ثم الأقرب فالأقرب؛ وو الله لئن جاءت الأعاجم بعمل وجئنا بعمل دونهم، لهم أولى بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم منّا يوم القيامة: فإنّ من قصّر به عمله لم يسرع به نسبه.

وروي أنّ عمر رضي الله عنه حين أراد وضع الديوان «1» ، قال: بمن أبدأ؟

فقال له عبد الرحمن بن عوف: ابدأ بنفسك، فقال عمر: أذكر أنّي حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يبدأ ببني هاشم وبني عبد المطّلب؛ فبدأ بهم عمر، ثم بمن يليهم من قبائل قريش بطنا بعد بطن، حتى استوفى جميع قريش، ثم انتهى إلى الأنصار، فقال عمر: ابدأوا برهط سعد بن معاذ من الأوس «2» ، ثم بالأقرب فالأقرب لسعد.

وأما المساواة والمفاضلة في العطاء فقد اختلف فيه: فكان أبو بكر رضي الله عنه يرى التسوية [بينهم]«3» في العطاء [ولا يرى التفضيل بالسابقة]«4» كما حكاه عنه الماورديّ في «الأحكام السلطانية» .

قال أبو هلال العسكري في «الأوائل» : وقد روي عن عوانة أنه قال: جاء مال من البحرين إلى أبي بكر رضي الله عنه فساوى فيه بين الناس، فغضبت الأنصار، وقالوا له: فضّلنا، فقال: إن أردتم أن أفضّلكم فقد صار ما عملتموه للدّنيا، وإن شئتم كان ذلك لله، فقالوا: والله ما عملناه إلا لله! وانصرفوا؛ فرقي أبو بكر رضي الله عنه المنبر؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر الأنصار لو شئتم [أن]«5» تقولوا: إنا آويناكم وشاركناكم أموالنا ونصرناكم بأنفسنا لقلتم، وإنّ لكم من الفضل ما لا يحصى له عدد، وإن طال الأمد، فنحن وأنتم كما قال الغنويّ:

ص: 115

جزى الله عنّا جعفرا حين أزلقت «1»

بنا نعلنا في الواطئين «2» فزلّت

أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمنّا

تلاقي الّذي لا قوه «3» منّا لملّت

هم أسكنونا في ظلال بيوتهم

ظلال بيوت أدفأت وأكنّت

قال الماورديّ: وإلى ما رأى أبو بكر رضي الله عنه ذهب عليّ رضي الله عنه في خلافته، وبه أخذ الشافعيّ ومالك.

وكان عمر رضي الله عنه يرى التفضيل بالسابقة في الدّين، حتّى إنه ناظر أبا بكر رضي الله عنه في ذلك، حين سوّى بين الناس، فقال: أتساوي بين من هاجر الهجرتين وصلّى إلى القبلتين وبين من أسلم عام الفتح خوف السيف؟! - فقال أبو بكر: إنما عملوا لله، وإنما أجورهم على الله، وإنما الدّنيا [دار]«4» بلاغ [للراكب]«5»

، فقال له عمر: لا أجعل [من قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كمن قاتل معه؛ فلما وضع الديوان جرى]«6» على التفضيل بالسابقة؛ ففرض لكلّ رجل شهد بدرا من المهاجرين [الأوّلين]«7» خمسة آلاف درهم كلّ سنة، ولكل من شهد بدرا من الأنصار أربعة آلاف درهم «8» ، ولكلّ رجل هاجر قبل الفتح ثلاثة آلاف درهم، ولكلّ رجل هاجر بعد الفتح ألفين؛ وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين والأنصار أسوة من أسلم بعد الفتح؛ وفرض للناس على منازلهم، وقراءتهم القرآن، وجهادهم بالشام والعراق؛ وفرض لأهل اليمن وقيس: لكل رجل من ألفي درهم إلى ألف درهم، إلى خمسمائة درهم، إلى ثلاثمائة درهم «9» ، ولم ينقص

ص: 116