المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختص به كل واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختص به كل واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

الشّهب، مفيض القوى على الكواكب، وباثّ الأرواح في الصّور، مكوّن الكائنات، ومنمّي الحيوان والمعدن والنبات، وإلّا فلا رقيت روحي إلى مكانها، ولا اتّصلت نفسي بعالمها، وبقيت في ظلم الجهالة وحجب الضّلالة؛ وفارقت نفسي غير مرتسمة بالمعارف ولا مكمّلة بالعلم، وبقيت في عوز النّقص وتحت إمرة الغيّ، وأخذت بنصيب من الشّرك، وأنكرت المعاد، وقلت بفناء الأرواح، ورضيت في هذا بمقالة أهل الطبيعة، ودمت في قيد المركّبات وشواغل الحس، ولم أدرك الحقائق على ما هي عليه، وإلا فقلت: إن الهيولى غير قابلة لتركيب الأجسام، وأنكرت المادّة والصّورة، وخرقت النواميس، وقلت: إن التّحسين والتّقبيح إلى غير العقل، وخلّدت مع النفوس الشّرّيرة، ولم أجد سبيلا إلى النّجاة، وقلت: إن الإله ليس فاعلا بالذات، ولا عالما بالكلّيات، ودنت بأن النبوّات متناهية وأنها غير كسبيّة، وحدت عن طرائق الحكماء، ونقضت تقرير القدماء، وخالفت الفلاسفة، ووافقت على إفساد الصّور للعبث، وحيّزت الرّبّ في جهة، وأثبتّ أنه جسم، وجعلته فيما يدخل تحت الحدّ والماهية [ورضيت بالتّقليد في الألوهية]«1»

‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

اعلم أن المحلوف عليه في الأيمان الملوكيّة تارة يشترك فيه جميع من يحلّف من أهل الدولة، وتارة يختلف باختلاف ما يمتاز به بعضهم عن بعض مما لا تقع الشّركة بينهم فيه.

فأما ما يقع فيه الاشتراك، كطاعة السلطان وما في معناها: من إخلاص النّيّة وإصفاء الطّويّة، وما يجري مجرى ذلك، فذلك مما يشترك فيه كلّ حالف يحلف

ص: 307

للسلطان على اختلاف عقائدهم: من مسلم: سنّيّ أو بدعيّ، وكافر: يهوديّ أو نصرانيّ، أو غيرهما. فكلّ أحد يحلّف بما تقتضيه عقيدته في التعظيم، على ما تقدّم بيانه في أيمان الطوائف كلّها.

فإذا انتهى إلى المحلوف عليه، قال: إنّني من وقتي هذا ومن ساعتي هذه وما مدّ الله في عمري قد أخلصت نيّتي ولا أزال مجتهدا في إخلاصها، وأصفيت طويّتي ولا أزال مجتهدا في إصفائها، في طاعة مولانا السلطان المالك الملك الفلانيّ فلان الدنيا والدّين فلان، ابن السلطان السّعيد الشّهيد الملك فلان الدّنيا والذّين فلان خلد الله تعالى ملكه، وفي خدمته ومحبّته ونصحه، وأكون وليّا لمن والاه، عدوّا لمن عاداه، سلما لمن سالمه، حربا لمن حاربه من سائر الناس أجمعين، لا أضمر له سوءا ولا مكروها ولا خديعة ولا خيانة، في نفس ولا مال ولا ملك ولا سلطنة ولا عساكر ولا جند ولا عربان ولا تركمان ولا أكراد ولا غير ذلك، ولا أسعى في تفريق كلمة أحد منهم عن طاعته الشريفة. وإنّني والله العظيم أبذل جهدي وطاقتي في طاعة مولانا السلطان الملك فلان الدّنيا والدّين المشار إليه، وإن كاتبني أحد من سائر الناس أجمعين بما فيه مضرّة على ملكه لا أوافق على ذلك بقول ولا فعل ولا عمل ولا نيّة، وإن قدرت على إمساك الذي جاءني بالكتاب أمسكته وأحضرته لمولانا السلطان الملك فلان المشار إليه أو النائبه القريب منّي.

وأما ما يقع فيه الاختلاف، فما يتباين الحال فيه باختصاص ربّ كلّ وظيفة بما لا يشاركه فيه الآخر. وقد أشار في «التّعريف» إلى نبذة من ذلك فقال: وقد يزاد نوّاب القلاع ونقباؤها والوزراء وأرباب التّصرّف في الأموال والدوادارية وكتّاب السّرّ زيادات، يعني على ما تقدّم.

فأما نوّاب القلاع ونقباؤها فيزاد في تحليفهم: وإنّني أجمع رجال هذه القلعة على طاعة مولانا السلطان فلان وخدمته في حفظ هذه القلعة وحمايتها وتحصينها، والذّبّ عنها، والجهاد دونها، والمدافعة عنها بكلّ طريق، وإنّني أحفظ حواصلها

ص: 308

وذخائرها وسلاح خاناتها على اختلاف ما فيها من الأقوات والأسلحة، وإنّني لا أخرج شيئا منها إلا في أوقات الحاجة والضّرورة الدّاعية المتعيّن فيها تفريق الأقوات والسلاح، على قدر ما تدعو الحاجة إليه، وإنّني أكون في ذلك كواحد من رجال هذه القلعة، وكلّ واحد ممن يتبعني كواحد ممن يتبع أتباع رجال هذه القلعة، لا أتخصّص ولا أمكّن من التخصيص، وإنّني والله والله والله لا أفتح أبواب هذه القلعة إلا في الأوقات الجاري بها عادة فتح أبواب الحصون، وأغلقها في الوقت الجاري به العادة، ولا أفتحها إلا بشمس، ولا أغلقها إلا بشمس، وإنّني أطالب الحرّاس والدرّاجة وأرباب النّوب في هذه القلعة بما جرت به العوائد اللازمة لكلّ منهم مما في ذلك جميعه مصلحة مولانا السلطان فلان، وإنّني لا أسلّم هذه القلعة إلا لمولانا السلطان فلان، أو بمرسومه الشّريف وأمارته الصحيحة وأوامره الصريحة، وإنّني لا أستخدم في هذه القلعة إلا من فيه نفعها وأهليّة الخدمة، لا أعمل في ذلك بغرض نفسي، [ولا أرخّص فيه لمن يعمل بغرض نفس له]«1» ، وإنّني أبذل في ذلك كلّه الجهد، وأشمّر عن ساعد الجدّ، قال: ويسمّي القلعة التي هو فيها.

وأما الوزراء وأرباب التّصرّف [في الأموال]«2» فمما يزاد في تحليفهم:

وإنّني أحفظ أموال مولانا السلطان فلان- خلّد الله ملكه- من التّبذير والضّياع، والخونة وتفريط أهل العجز، ولا أستخدم في ذلك ولا في شيء منه إلا أهل الكفاية والأمانة، ولا أضمّن جهة من الجهات الديوانية إلا من الأمناء الأتقياء القادرين، أو ممن زاد زيادة ظاهرة وأقام عليه الضّمّان الثّقات، ولا أوخّر مطالبة أحد بما يتعين عليه بوجه حقّ من حقوق الديوان المعمور والموجبات السلطانية على اختلافها. وإنّني والله العظيم لا أرخّص في تسجيل ولا قياس، ولا أسامح أحدا بموجب يجب عليه، ولا أخرج عن كلّ مصلحة تتعيّن لمولانا السلطان فلان ولدولته، ولا أخلي كلّ ديوان يرجع إليّ أمره، ويعدق بي أمر مباشرته من تصفّح

ص: 309

لأحواله، واجتهاد في تثمير أمواله، وكفّ أيدي الخونة عنه، وغلّ أيديهم أن تصل إلى شيء منه، ولا أدع حاضرا ولا غائبا من أمور هذه المباشرة حتّى أجدّ فيه، وأبذل الجهد الكلّيّ في إجراء أموره على السّداد وحسن الاعتماد، وإنّني لا أستجدّ على المستقرّ إطلاقه ما لم يرسم لي به إلا ما كان فيه مصلحة ظاهرة لهذه الدّولة القاهرة، ونفع بيّن لهذه الأيام الشريفة، وإنّني والله أؤدّي الأمانة في كلّ ما عدق بي وولّيت: من القبض والصّرف، والولاية والعزل، والتأخير والتقديم، والتقليل والتكثير، وفي كلّ جليل وحقير، وقليل وكثير.

وأما الدّواداريّة وكتّاب السّرّ فيزاد فيهما: وإنّني مهما اطلعت عليه من مصالح مولانا السلطان فلان- خلّد الله ملكه- ونصائحه، وأمر داني ملكه ونازحه، أوصّله إليه، وأعرضه عليه، ولا أخفيه شيئا منه ولو كان عليّ، ولا أكتمه ولو خفت وصول ضرره إليّ.

ويفرد الدّوادار: بأنّي لا أؤدّي عن مولانا السلطان رسالة في إطلاق مال، ولا استخدام مستخدم، ولا إقطاع إقطاع، ولا ترتيب مرتّب، ولا تجديد مستجدّ، ولا شادّ شاغر «1» ، ولا فصل منازعة، ولا كتابة توقيع ولا مرسوم، ولا كتاب، صغيرا كان أو كبيرا، إلّا بعد عرضه على مولانا السلطان فلان ومشاورته، ومعاودة أمره الشريف ومراجعته.

ويفرد كاتب السر: بأنّه مهما تأخرت قراءته من الكتب الواردة على مولانا السلطان فلان من البعيد والقريب، يعاوده فيه في وقت آخر، فإن لم يعاوده فيه بمجموع لفظه، لطوله الطّول المملّ، عاوده فيه بمعناه في الملخّصات، وأنه لا يجاوبه بشيء لم ينصّ المرسوم الشريف فيه بنصّ خاصّ، وما لم تجر العادة بالنصّ فيه لا يجاوب فيه إلا بأكمل ما يرى أن فيه مصلحة مولانا السلطان فلان ومصلحة دولته بأسدّ جواب يقدر عليه، ويصل اجتهاده إليه، وأنه مهما أمكنه

ص: 310

المراجعة فيه لمولانا السلطان فلان راجعه فيه وعمل بنص ما يرسم له به فيه. (هذا ما انتهى إليه كلامه)«1» قال في «التثقيف» «2» : ويزاد النّوّاب مثل قوله: ولا أسعى في تفريق كلمة أحد منهم عن طاعته الشريفة، وعليّ أن أبذل جهدي وطاقتي في ذلك كلّه وفي حفظ المملكة التي استنابني فيها، وصيانتها وحمايتها، وما بها من القلاع والثّغور والسواحل. ثم يأتي بعده: وإن كاتبني أحد الخ.

قلت: والمراد أنه يؤتى باليمين العامة التي يحلف عليها كلّ أحد، ثم يزاد لكلّ واحد من أرباب الوظائف ما يناسبه مما تقدّم، ثم يؤتى على بقيّة اليمين من عند قوله: وإنّني أفي لمولانا السلطان بهذه اليمين، إلى آخرها أو ما في معنى ذلك من أيمان أهل البدع وأصحاب الملل على ما تقدّم ذكره.

ثم قال في «التثقيف» : وقد تتجدّد وقائع وأمور تحتاج إلى التّحليف، بسببها تتغيّر صيغة المحلوف عليه بالنسبة إلى ما رسم به فيها. ثم أشار إلى أنه لم ير مدّة مباشرته بديوان الإنشاء أحدا ممن ذكره في «التعريف» من أرباب الوظائف حلّف، وإنما ذكرها لاحتمال أن تدعو الحاجة إليها في وقت من الأوقات، أو أنها كانت مستعملة في المتقدّم، فيكون في تركها إهمال لبعض المصطلح.

قلت: وقد أهملا في «التعريف» و «التثقيف» : ذكر يمينين مما رتبه الكتّاب وحلّفوا به في الزمن المتقدّم مما لا غنى بالكاتب عنه.

الأولى- اليمين على الهدنة التي تنعقد بين ملكين أو نائبهما، أو ملك ونائب ملك آخر، على ما سيأتي ذكره في المقالة التاسعة، إن شاء الله تعالى.

وتقع اليمين فيها على ما فيه تأكيد عقد الهدنة والتزام شروطها والبقاء عليها

ص: 311

وعدم الخروج عنها أو عن شيء من ملتزماتها، وغير ذلك مما يدخل به التّطرق إلى النّقض والتّوصّل إلى الفسخ.

وهذه نسخة يمين حلّف عليها السلطان الملك المنصور «قلاوون» على الهدنة الواقعة بينه وبين الحكّام بمملكة عكّا وصيدا وعثليث وبلادها، من الفرنج الاستبارية «1» ، في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة، في مباشرة القاضي فتح الدّين بن عبد الظاهر كتابة السّر، على ما أورده ابن مكرّم في تذكرته؛ وهي «2» :

أقول وأنا فلان: والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، والله العظيم، الطّالب، الغالب، الضّارّ، النافع، المدرك المهلك؛ عالم ما بدا وما خفي، عالم السّر والعلانية، الرّحمن الرحيم، وحقّ القرآن ومن أنزله ومن أنزل عليه، وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ وما يقال فيه من سورة سورة، وآية آية، وحقّ شهر رمضان، إنّني أفي بحفظ هذه الهدنة المباركة التي استقرّت بيني وبين مملكة عكّا والمقدّمين بها على عكّا وعثليث وصيدا وبلادها، التي تضمّنتها هذه الهدنة، التي مدّتها عشر سنين كوامل، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وعشر ساعات، أوّلها يوم الخميس خامس ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة «3» للهجرة من أوّلها إلى آخرها، وأحفظها وألتزم بجميع شروطها المشروحة فيها، وأجري الأمور على أحكامها إلى انقضاء مدّتها، ولا أتأوّل فيها ولا في شيء منها، ولا استفتي فيها طلبا لنقضها ما دام الحاكمون بمدينة عكّا وصيدا وعثليث- وهم كافل المملكة بعكّا،

ص: 312

ومقدّم بيت الرّوم «1» ، ومقدّم بيت الاستبار «2» ، ونائب مقدّم بيت الاستبار إلى الآن «3» ، ومن تولى «4» بعدهم في كفالة مملكة، أو مقدّم بيت بهذه المملكة المذكورة- وافين باليمين التي يحلّفون عليها (في «5» ولدي الملك الصالح، ولأولاده، على استقرار هذه الهدنة المحرّرة الآن) عاملين بها وبشروطها المشروحة فيها إلى انقضاء مدّتها، ملتزمين أحكامها، وإن نكثت في هذه اليمين فيلزمني الحجّ إلى بيت الله الحرام بمكّة حافيا حاسرا ثلاثين حجّة، ويلزمني صوم الدّهر كلّه إلا الأيام المنهيّ عنها.

ويذكر بقية [شروط]«6» اليمين إلى آخرها، ثم يقول: والله على ما نقول وكيل.

وهذه نسخة يمين حلّف عليها الفرنج المعاقدون على هذه الهدنة أيضا، في التاريخ المقدّم ذكره على ما أورده ابن مكرّم أيضا؛ وهي:

والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، وحقّ المسيح وحقّ المسيح، وحقّ الصّليب وحقّ الصّليب، وحقّ الأقانيم الثلاثة من جوهر واحد المكنّى بها عن الأب والابن وروح القدس إله واحد، وحقّ الصليب «7» المكرّم الحالّ في النّاسوت، وحقّ الإنجيل المطهّر وما فيه، وحقّ الأناجيل الأربعة التي نقلها متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، وحقّ صلواتهم وتقديساتهم، وحقّ التلامذة الاثني

ص: 313

عشر، والاثنين وسبعين، والثلاثمائة وثمانية عشر المجتمعين للبيعة «1» ، وحقّ الصّوت الذي نزل من السماء على نهر الأردنّ فزجره، وحقّ الله منزل الإنجيل على عيسى بن مريم روح الله وكلمته، وحقّ السيدة مارية أمّ النّور (ومارية مريم) »

ويوحنّا المعمودي ومرتمان ومرتماني، وحقّ الصّوم الكبير، وحقّ ديني ومعبودي وما أعتقده من النّصرانية، وما تلقّيته عن الآباء والأقسّاء المعمودية- إنّني من وقتي هذا وساعتي هذه، قد أخلصت نيّتي، وأصفيت طويّتي في الوفاء للسلطان الملك المنصور ولولده الملك الصالح ولأولادهما، بجميع ما تضمّنته هذه الهدنة المباركة التي انعقد الصّلح عليها، على مملكة عكّا وصيدا وعثليث وبلادها الداخلة في هذه الهدنة، المسماة فيها، التي مدّتها عشر سنين كوامل، وعشرة أشهر، وعشرة أيّام، وعشر ساعات، أولها يوم الخميس ثالث حزيران سنة ألف وخمسمائة وأربع وتسعين للإسكندر بن فيلبس اليوناني، وأعمل بجميع شروطها شرطا شرطا، وألتزم الوفاء بكلّ فصل في هذه الهدنة المذكورة إلى انقضاء مدّتها. وإنّني والله والله وحقّ المسيح، وحقّ الصّليب، وحقّ ديني لا أتعرّض إلى بلاد السّلطان وولده، ولا إلى من حوته وتحويه من سائر الناس أجمعين، ولا إلى من يتردّد منهم إلى البلاد الداخلة في هذه الهدنة بأذيّة ولا ضرر في نفس ولا في مال. وإنّني والله وحقّ ديني ومعبودي أسلك في المعاهدة والمهادنة والمصافاة والمصادقة وحفظ الرّعية الإسلامية، المترددين في البلاد السلطانية، والصادرين منها وإليها- طريق المعاهدين المتصادقين الملتزمين كفّ الأذيّة والعدوان عن النّفوس والأموال، وألزم الوفاء بجميع شروط هذه الهدنة إلى انقضائها، ما دام الملك المنصور وافيا باليمين التي حلف بها على الهدنة، ولا أنقض هذه اليمين ولا شيئا منها، ولا أستثني فيها ولا في شيء منها طلبا لنقضها، ومتى خالفتها ونقضتها فأكون بريئا من ديني واعتقادي ومعبودي، وأكون مخالفا للكنيسة، ويكون عليّ الحجّ إلى القدس الشريف ثلاثين حجّة حافيا حاسرا،

ص: 314

ويكون عليّ فكّ ألف أسير مسلم من أسر الفرنج وإطلاقهم، وأكون بريئا من اللاهوت الحالّ في النّاسوت، واليمين يميني وأنا فلان، والنية فيها بأسرها نيّة الملك المنصور، ونية ولده الملك الصالح، ونية مستحلفيّ لهما بها على الإنجيل الكريم، لا نيّة لي غيرها، والله والمسيح على ما نقول وكيل.

وكذلك كتبت اليمينان، من جهة السلطان الملك الظاهر بيبرس، ويمين صاحب بيروت وحصن الأكراد والمرقب من الفرنج الاسبتارية في شهر رمضان سنة خمس وستين وستمائة.

قلت: ومقتضى ما ذكره ابن المكرّم في إيراد هذه الأيمان أن نسخة اليمين تكون منفصلة عن نسخة الهدنة كما في غيرها من الأيمان التي يستحلف عليها، إلا أنّ مقتضى كلام «موادّ البيان» : أن اليمين تكون متّصلة بالهدنة. والذي يتّجه أنه إن تيسّر الحلف عقب الهدنة- لوجود المتحالفين- كتب في نفس الهدنة متّصلا بها، وإلّا أفرد كلّ واحد من الجانبين بنسخة يمين، كما في غيرها من الأيمان. وربّما جرّدت الهدنة عن الأيمان، كما وقع في الهدنة الجارية بين الظاهر بيبرس وبين دون حاكم الريد أرغون «1» ، صاحب برشلونة من بلاد الأندلس، في شهر رمضان سنة سبع وستين وستمائة على مقتضى ما أورده ابن المكرّم في تذكرته.

واعلم أنه قد يكتفى باليمين عن الهدنة [باليمين]«2» في عقد الصّلح.

وقد ذكر القاضي تقيّ الدّين ابن ناظر الجيش في «التثقيف» : أنه رتّب يمينا حلّف عليها الفرنج بالأبواب السلطانية بالديار المصرية عند عقد الصّلح معهم، في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، فيها زيادات على ما ذكره المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في «التعريف» ؛ وهي:

ص: 315

والله والله والله العظيم، إله إبراهيم، مالك الكلّ، خالق ما يرى وما لا يرى، صانع كلّ شيء ومتقنه، الربّ الذي لا يعبد سواه، وحقّ المسيح، وحقّ المسيح، وحقّ المسيح، وأمّه السيدة مريم، وحقّ الصليب، وحقّ الصليب، وحقّ الصليب، وحقّ الإنجيل، وحقّ الإنجيل، وحقّ الإنجيل، وحقّ الأب والابن وروح القدس إله واحد من جوهر واحد، وحقّ اللاهوت المكرّم، الحالّ في النّاسوت المعظّم، وحقّ الأناجيل الأربعة التي نقلها متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، وحقّ اللاهوت والنّاسوت وصليب الصّلبوت، وحقّ التلاميذ الاثني عشر، والاثنين وسبعين، والثلاثمائة وثمانية عشر المجتمعين على البيعة، وحقّ الصّوت الذي نزل على نهر الأردنّ فزجره، وحقّ السيدة مارية أمّ النّور، وحقّ بيعة وقديس وثالوث، وما يقوله في صلاته كلّ معمدانيّ، وحقّ ما أعتقده من دين النصرانية، والملّة المسيحية- إنّني أفعل كذا وكذا، ومتى خالفت هذه اليمين التي في عنقي، أو نقضتها أو نكثتها، أو سعيت في إبطالها بوجه من الوجوه، أو طريق من الطّرق- برئت من المعمودية، وقلت: إن ماءها نجس، وإن القرابين رجس، وبرئت من مريحنّا المعمدان، والأناجيل الأربعة، وقلت: إنّ متّى كذوب، وإن مريم المجدلانية باطلة الدّعوى في إخبارها عن السّيد اليسوع المسيح، وقلت في السيدة مريم قول اليهود، ودنت بدينهم في الجحود، وبرئت من الثالوث، وجحدت الأب، وكذبت الابن، وكفرت بروح القدس، وخلعت دين النصرانية، ولزمت دين الحنيفيّة، ولطخت الهيكل بحيضة يهوديّة، ورفضت مريم، وقلت:

إنها قرنت مع الأسخر يوطي في جهنّم، وأنكرت اتحاد اللاهوت والنّاسوت، وكذّبت القسوس، وشاركت في ذبح الشّمامس، وهدمت الديارات والكنائس، وكنت ممن مال على قسطنطين بن هيلاني، وتعمدت أمّه بالعظائم، وخالفت المجامع التي اجتمعت عليها الأساقف برومية والقسطنطينيّة، وجحدت مذهب الملكانيّة، وسفّهت رأي الرّهبان، وأنكرت وقوع الصّلب على السّيد اليسوع، وكنت مع اليهود حين صلبوه، وحدت عن الحواريّين، واستبحت دماء الدّيرانيّين، وجذبت رداء الكبرياء عن البطريرك، وخرجت عن طاعة الباب، وصمت يوم

ص: 316

الفصح الأكبر، وقعدت عن أهل الشّعانين، وأبيت عيد الصليب والغطاس، ولم أحفل بعيد السّيّدة، وأكلت لحم الجمل، ودنت بدين اليهود، وأبحت حرمة الطّلاق، وهدمت بيدي كنيسة قمامة، وخنت المسيح في وديعته، وتزوّجت في قرن بامرأتين، وقلت: إن المسيح كآدم خلقه الله من تراب، وكفرت بإحياء العيازرة، ومجيء الفارقليط الآخر، وبرئت من التلامذة الاثني عشر، وحرّم عليّ الثلاثمائة وثمانية عشر، وكسرت الصّلبان، ودست برجلي القربان، وبصقت في وجوه الرّهبان عند قولهم: كير اليصون «1» ، واعتقدت أن (بعسه كفر الجون)«2» ، وأنّ يوسف النّجّار زنى بأم اليسوع وعهر، وعطّلت النّاقوس، وملت إلى ملّة المجوس، وكسرت صليب الصّلبوت، وطبخت به لحم الجمل، وأكلته في أوّل يوم من الصّوم الكبير، تحت الهيكل بحضرة الآباء، وقلت في البنوّة مقال نسطورس، ووجّهت إلى الصّخرة وجهي، وصدّيت عن الشّرق المنير حيث كان المظهر الكريم، وإلّا برئت من النّورانيين والشّعشانيين، وأنكرت أنّ السّيد اليسوع أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص، وقلت: إنّه مربوب، وإنه ما رؤي وهو مصلوب، وأنكرت أن القربان المقدّس على المذبح ما صار لحم المسيح ودمه حقيقة، وخرجت في النّصرانية عن لا حب الطريقة، وإلّا قلت بدين التوحيد، وتعبّدت غير الأرباب، وقصدت بالمظانيات غير طريق الإخلاص، وقلت: إن المعاد غير روحانيّ «3» ، وإن بني المعمودية لا تسيح في فسيح السماء، وأثبتّ وجود الحور العين في المعاد، وأنّ في الدار الآخرة التلذذات الجسمانية، وخرجت خروج الشّعرة من العجين من دين النصرانية، وأكون من ديني محروما، وأقول: إن جرجيس لم يقتل مظلوما، وخرقت غفارة الرّب، وشاركت الشّرير في سلب ثيابه، وأحدثت تحت صليبه، وتجمّرت بخشبته، وصفعت الجاثليق. وهذه اليمين

ص: 317

يميني وأنا فلان، والنّية [فيها] بأسرها نية مولانا السلطان الملك الأشرف، ناصر الدّنيا والدّين «شعبان» ونيّة مستحلفيّ، والإله والمسيح على ما أقول وكيل.

قلت: خلط في هذه اليمين بعض يمين اليعاقبة الخارجة عن معتقد الفرنج الذين حلّفهم من مذهب الملكانية؛ يظهر ذلك من النّظر فيما تقدّم من معتقدات النصرانية قبل ترتيب أيمانهم. على أنه قد أتى فيها بأكثر ما رتّبه المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في تحليفهم على صداقته، وزاد ما زاد من اليمين المرتّبة في التّحليف على الهدنة السابقة وغيرها.

اليمين الثانية- مما أهمله في «التعريف» يمين أمير مكّة.

والقاعدة فيها أن يحلّف على طاعة السلطان، والقيام في خدمة أمير الرّكب، والوصيّة بالحجّاج، والاحتفاظ بهم.

وهذه نسخة يمين حلّف بها الأمير نجم الدّين أبو نميّ أمير مكّة المشرّفة، في الدّولة المنصورية قلاوون الصالحي، في شعبان سنة إحدى وثمانين وستمائة.

ونسختها على ما ذكره ابن المكرّم «1» في تذكرته بعد استيفاء الأقسام:

إنّي أخلصت نيّتي، وأصفيت طويّتي، وساويت بين باطني وظاهري في طاعة مولانا السلطان الملك المنصور، وولده السلطان الملك الصالح، وطاعة أولادهما وارثي ملكهما، لا أضمر لهم سوءا ولا غدرا في نفس ولا ملك ولا سلطنة. وإنّني عدوّ لمن عاداهم، صديق لمن صادقهم؛ حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم. وإنّني لا يخرجني عن طاعتهما طاعة أحد غيرهما، ولا أتلفّت في ذلك إلى جهة غير جهتهما، ولا أفعل أمرا مخالفا لما استقرّ من هذا الأمر، ولا أشرك في تحكمهما عليّ ولا على مكّة [المشرّفة]«2» وحرمها وموقف جبلها زيدا ولا عمرا. وإنّني ألتزم ما اشترطته لمولانا السلطان ولولده في أمر الكسوة الشريفة

ص: 318