الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخالفة، وقد أمّنكم أمير المؤمنين، فأنتم آمنون بأمان الله تعالى وأمان جدّنا محمد رسوله وأبينا أمير المؤمنين: عليّ بن أبي طالب، صلى الله عليهما، وأمان أمير المؤمنين، على نفوسكم وأهليكم وأموالكم وما تحويه أيديكم ويحوزه ملككم، ويشتمل عليه احتياطكم، لا ينالكم في شيء من ذلك مكروه، ولا سبب مخوف، ولا يمسّكم سوء، ولا تخشون من ضيم، ولا تقصدون بأذيّة، ولا يغيّر لكم رسم، ولا تنقض لكم عادة، وأنتم مستمرّون في واجباتكم وإقطاعاتكم على ما عهدتموه، ولا تنقصون منها، ولا تبخسون فيها. هذا إذا رغبتم في الإقامة في ظلال الدّولة؛ فإن آثرتم ما كنتم تذكرون الرّغبة فيه من العودة إلى دياركم عند انفتاح البحر، فهذا الأمان لكم إلى أن تتوجّهوا مشمولين بالرعاية، ملحوظين بالعناية، ولكم الوفاء بجميع ذلك؛ والله لكم به وكيل وكفيل، وكفى به شهيدا.
المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد
، ثم يقال:«ولما كان كذا وكذا اقتضى حسن الرّأي الشريف كذا وكذا» ثم يقال:
«فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يكون كذا وكذا» على نحو ما يكتب في الولايات.
وعلى ذلك كتب عن السلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» أمان لفراكس صاحب السّرب «1» من ملوك النصارى بالشّمال وزوجته ومن معهما من الأتباع، عند طلبهم التّمكين من زيارة القدس الشريف، وإزالة الأعراض عنهم، واستصحاب العناية بهم، إلى حين عودهم آمنين على أنفسهم وأموالهم، من إنشاء الشريف شهاب الدّين كاتب الإنشاء.
ونصّه بعد البسملة:
أمّا بعد حمد الله الذي أمّن بمهابتنا المناهج والمسالك، ومكّن لكلمتنا المطاعة في الأقطار والآفاق والممالك، وأعان على «2» لساننا بدعوة الحقّ التي
تنفي كلّ كرب حاك وتكفي كلّ كرب حالك، والشّهادة له بالوحدانية التي تنفي المشابه والمشارك، وتفي بالميعاد من الإصعاد على الأرائك، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أنجده ببعوث الملإ الأعلى من الملائك، وأيّده بالصّون الملازم والعون المتدارك، ووعده أن سيبلغ ملك أمّته ما بين المشرق والمغرب وأنجز له ذلك، وعلى آله وصحبه الذين زحزحوا عن المهالك، ونصحوا لله ورسوله وأكرم بأولئك!!! - فإنّ كرمنا يرعى الوفود، وشيمنا تدعى فتجود، وذممنا بها لحظ الحقوق وحفظ العهود؛ فبخدمنا ينجح كلّ مقصود، وبنعمنا تمنح الأمانيّ والمنى وهما أعظم نعمتين في الوجود؛ فليس آمل عن أبواب سماحنا بمردود، ولا متوسّل إلينا بضراعة إلا ويرجع بالمرام ويعود.
ولما كانت حضرة الملك الجليل، المكرّم، المبجّل، العزيز، الموقّر، «إستيفانوس فراكس» : كبير الطائفة النّصرانية، جمال الأمّة الصّليبيّة، عماد بني المعمودية، صديق الملوك والسلاطين، صاحب السّرب- أطال الله بقاءه- قد شمله إقبالنا المعهود، ووصله إفضالنا الذي يحجز عن ميامنه السّوء وينجز الوعود- اقتضى حسن الرّأي الشريف أن نيسّر سبيله، ونوفّر له من الإكرام جسيمه كما وفّرنا لغيره من الملوك مسوله، وأن يمكّن من الحضور هو وزوجته ومن معهما من أتباعهما إلى زيارة القدس الشريف، وإزالة الأعراض عنهم، وإكرامهم ورعايتهم، واستصحاب العناية بهم، إلى أن يعودوا إلى بلادهم، آمنين على أنفسهم وأموالهم، ويعاملوا بالوصيّة التامّة، ويواصلوا بالكرامة والرعاية إلى أن يعودوا في كنف الأمن وحريم السّلامة؛ وسبيل كلّ واقف عليه أن يسمع كلامه، ويتبع إبرامه، ولا يمنع عنهم الخير في سير ولا إقامة، ويدفع عنهم الأذى حيث وردوا أو صدروا فلا يحذروا إلمامه؛ والله تعالى يوفّر لكلّ مستعين من أبوابنا أقساط الأمن وأقسامه، ويظفر عزمنا المحمديّ بالنّصر السّرمديّ حتّى يطوّق الطائع والعاصي حسامه. والعلامة الشريفة أعلاه حجّة فيه؛ والخير يكون إن شاء الله تعالى.