الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة
(فيما يكتب في طرخانيّات أرباب الأقلام) وهو قليل نادر قلّ أن يكتب؛ وإذا كتب فغالب ما يفتتح برسم، ويسمّى ما يكتب فيه تواقيع.
وهذه نسخة طرخانية كتب بها عن الملك الناصر محمد بن قلاوون للقاضي قطب الدين بن المكرّم أحد كتّاب الدّرج الشريف بالأبواب الشريفة، عند إقامته بالحجاز الشريف، بأن يستقر طرخانا بنصف معلومه الذي كان له على كتابة الدّرج الشريف وأن يقيم حيث شاء؛ وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زال يأمر فيطاع، ويصل فيعين على الانقطاع، ويرى على اقتراح الآمل جوده المكرر المكرم فالآمل يقترح ما استطاع- أن يستقرّ للمجلس السامي القضائي فلان بن المكرّم نفع الله به من معلومه عن كتابة الدرج الشريف الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت النّصف من كل شهر، على الأدعية الصالحة لهذه الدولة القاهرة، ويقيم حيث شاء، ثم يستقرّ ذلك لأولاده من بعده، ثم لأولاد أولاده بالسّويّة إعانة له على بلوغ قصده ورغائبه، واستعانة بحاضر الجود دون غائبه، وإكراما لجانبه؛ وطالب وجه الله تعالى [يعان]«1» على الفوز بكنوز مطالبه.
وما كنا لنسمح ببعده عن أبوابنا الشريفة، ولا نجيبه لمفارقة ما بيده من وظيفة، لأنه ما يدرك أحد من أبناء عصره مدّه ولا نصيفه؛ ولديوان إنشائنا جمال بعقود كتابته النظيمة ومعاني ألفاظه اللطيفة؛ وإنّما لإقباله على الآجلة، وإعراضه عن العاجلة، واستيعاب أوقاته بأداء الفريضة والنافلة، أسعفنا سؤاله بالإجابة، وأعنّاه على الإنابة، وأجزلنا سهمه من الإحسان فبلغ سهمه الإصابة، ومن أحسن سبيلا ممن أخذ لنفسه قبل الحين، ونفض يديه من الدنيا فراح بالخير مملوء اليدين، فنظر إلى معاده فأقبل على الله قرير العين؛ وها نحن قد كرّمناه في وقت واحد بانشاء ولدين.
فليشكر لصدقاتنا هذه النّعم المتزايدة، والصّلات العائدة، والإحسان إليه وإلى بنيه جملة واحدة، وليدع لدولتنا القاهرة حين يقوم لله قانتا، وحين يقول ناطقا وحيث يفكّر صامتا، وعند فطره من صومه، وفي أعقاب الصلوات في ليلته ويومه، وليوصّل إليه هذا المرتّب ميسّرا لا يكدّر مورده بتأخير، وليصرف إليه مهنّأ لا يشان طوله بتقصير، ولا يحوج إلى عناء وطلب، ولا يلجأ في تناوله إلى كدّ وتعب، بل يرفّه خاطره عمّا فاز به من حسن المنقلب؛ والله تعالى يمدّه بعونه وفضله، وينجب فرعه ببركة أصله؛ والخطّ الشريف أعلاه حجة فيه، إن شاء الله تعالى.