الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وهذا الأمان أوّله ملفّق من كلام «التعريف» وغيره، وآخر كلام سوقيّ مبتذل نازل، ليس فيه شيء من صناعة الكلام.
(تنبيه) من غرائب الأمانات ما حكاه محمد بن المكرّم في كتابه: «تذكرة اللّبيب» أن رسل صاحب اليمن وفدت على الأبواب السلطانية، في الدولة المنصورية «قلاوون» في شهر رمضان، سنة ثمانين وستمائة، وسألوا السلطان في كتب أمان لصاحب اليمن، وأن يكتب على صدره صورة أمان له ولأولاده، فكتب له ذلك وشملته علامة السلطان، وعلامة ولده وليّ عهده «الملك الصالح علي» وأعلمهم أنّ هذا ممّا لم تجربه عادة، وإنّما أجابهم إلى ذلك إكراما لمخدومهم، وموافقة لغرضه واقتراحه.
الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)
وهو على نحو ما تقدّم ذكره مما يكتب عن الأبواب السلطانية، إلا أنه يزاد فيه:«وأمان مولانا السّلطان» وتذكر ألقابه المعروفة، ثم يؤتى على بقيّة الأمان، على الطريقة المتقدّمة، ويقال في طرّته:«أمان كريم» . ويقال في آخره:
«والعلامة الكريمة» كما تقدّم في التواقيع.
وهذه نسخة أمان كتب به عن نائب السّلطنة بحلب في نيابة الأمير قشتمر «1» المنصوريّ، في الدولة الأشرفية «شعبان بن حسين» لبعض من أراد تأمينه؛ وهي:
هذا أمان الله سبحانه وتعالى، وأمان نبيّه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأمان مولانا السلطان الأعظم، العالم، العادل، المجاهد، المرابط، المثاغر، المؤيّد،
المالك، الملك الأشرف، ناصر الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين، محيي العدل في العالمين، منصف المظلومين من الظالمين، قامع الكفرة والمشركين، قاهر الطّغاة والمعتدين، مؤمّن قلوب الخائفين والتائبين، ملك البحرين، صاحب القبلتين خادم الحرمين الشريفين، وارث الملك، سلطان العرب والعجم والتّرك، ملك الأرض، الحاكم في طولها والعرض، سيّد الملوك والسلاطين، قسيم أمير المؤمنين «شعبان» ابن الملك الأمجد جمال الدّنيا والدّين «حسين» ابن مولانا السلطان الشّهيد الملك الناصر، ناصر الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين «محمد» ابن مولانا السلطان الشهيد الملك المنصور «قلاوون» - خلّد الله ملكه، وجعل الأرض بأسرها ملكه- إلى فلان بالحضور إلى الطاعة الشريفة: طيّب القلب، منبسط الأمل، آمنا على نفسه وماله وأولاده، وجماعته وأصحابه ودوابّه، لا يخاف ضررا ولا مكرا، ولا خديعة ولا غدرا؛ وله مزيد الإكرام والاحترام، والرعاية الوافرة الأقسام، والعفو والرّضا، والصفح عمّا مضى.
فليتمسّك بعروة هذا الأمان المؤكّد الأسباب، الفاتح إلى الخيرات كلّ باب، وليثق بعروته الوثقى، فإنّه من تمسّك بها لا يضلّ ولا يشقى؛ وليشرح بالصّفح عما مضى صدرا، ولا يخش ضيما ولا ضرّا، ولا يعرض على نفسه شيئا مما جنى واقترف، فقد عفا الله عمّا سلف؛ والخطّ الكريم- أعلاه الله تعالى- أعلاه حجّة فيه.
قلت: ومما ينبغي التنبيه عليه في الأمانات، أنه إن احتاج الأمر في الأمان إلى الأيمان، أتى بها بحسب ما يقتضيه حال الحالف والمحلوف له، على ما تقدّم ذكره في المقالة الثامنة.