المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنواهي الدينية- ما يكتب عن نواب السلطنة بالممالك) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنواهي الدينية- ما يكتب عن نواب السلطنة بالممالك)

‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

وهذه نسخة توقيع كريم بمنع أهل صيدا وبيروت وأعمالهما من اعتقاد الرافضة والشّيعة وردعهم، والرّجوع إلى السنّة والجماعة، واعتقاد مذهب أهل الحق، ومنع أكابرهم من العقود الفاسدة والأنكحة «1» الباطلة، والتعرّض إلى أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وأن لا يدعوا سلوك [طريق] أهل السنة الواضحة، ويمشوا في شرك أهل الشك والضّلال، وأنّ كل من تظاهر بشيء من بدعهم قوبل بأشدّ عذاب وأتمّ نكال؛ وليخمد نيران بدعهم المدلهمّة، وليبادر إلى حسم فسادهم بكل همّة، وتصريفهم عن [التّهوّك في مهالك أهوائهم إلى ما نصّ عليه الشرع]«2» واعتبره، وتطهير بواطنهم من رذالة اعتقادهم الباطل إلى أن يعلنوا جميعهم بالترضّي عن العشرة، وليحفظ أنسابهم بالعقود الصحيحة، وليداوموا على اعتقاد الحقّ والعمل بالسنّة الصريحة- في خامس عشرين «3» جمادى الآخرة سنة أربع وستين وسبعمائة؛ وهي:

الحمد لله الذي شرع الحدود والأحكام، وجدع بالحق [أنوف]«4» العوامّ الأغتام الطّغام «5» ، وجمع الصّلاح والنّجاح والفلاح في الأخذ بسنّة خير الخلق وسيّد الأنام، وقمع الزائغين عمّا عليه أهل السنة من الحق في كلّ نقض وإبرام. نحمده على نعمه الجسام، ومننه التي تومض بروقها وتشام، وآلائه التي لا تسأم ولا تسام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ليس لمن تمسّك

ص: 14

بعروتها الوثقى انفصال ولا انفصام، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الملك العلّام، والهادي إلى الحق بواضح الإرشاد والإعلام، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم أئمة الإسلام، وهداة الخلق إلى دار السّلام، خصوصا أبا بكر الصديق الذي سبق الناس بما وقر «1» في صدره لا بمزيّة صلاة ولا بمزيد صيام، وعمر بن الخطّاب الذي كان له في إقامة الحق أعظم مقام، ومن أهل الصلاح والفساد انتقاء وانتقام، وعثمان بن عفّان الذي جمع القرآن فحصل لشمل سوره وآياته بما فعل أحسن التئام، وأنفق ماله محتسبا لله تعالى فحاز من الثواب رتبة لا ترام، وعليّ بن أبي طالب الذي كان صهر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه ووارث علمه اللهام «2» ، والمجادل عن دينه بالعلم والمجاهد بين يديه بالحسام، والباقين من العشرة الكرام، صلاة تستمدّ بركاتها وتستدام، وينمو فضلها بغير انقضاء ولا انصرام.

وبعد، فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بشرعه الذي ارتضاه، ودينه الذي قضاه، وحكمه الذي أبرمه وأمضاه، فبلّغ الرسالة، وأوضح الدّلالة، وأفصح المقالة، وجاهد في الله طوائف الأعداء، وأمال الله تعالى إلى قبول قوله وتصديقه من سبقت له العناية من الأودّاء، ونصره على مخالفيه من المشركين والحاسدين حتّى مات كل منهم بما في نفسه من الداء، وبيّن الطريق، وبرهن على التحقيق، فأعلن النّذارة والبشارة، ومهّد قواعد الدين تارة بالنص وتارة بالإشارة، وتمّ الدين بإحكام أحكامه، وشيّدت قواعده بإعلاء أعلامه، وعمّت الدعوة وتمّت، وفشت الهداية ونمت، ودخل الناس في الدين أرسالا، وبلغت نفوس المؤمنين من إعلاء كلمة التوحيد آمالا، وأصبحت الخيرات والبركات تتواتر وتتوالى، وخمدت نار الشّرك وطفئت مصابيح الضلالة ووحّد الله تبارك وتعالى.

فلمّا تكامل ما أراد الله تعالى إظهاره في زمانه، وتمّ ما شاء إبرازه في إبّانه، وأعلنت الهداية، ومحيت الغواية، وقام عمود الدين،

ص: 15

ودحضت حجة الملحدين، واستوسق أمر الإسلام واستتبّ، وتبّت يدا مناوئه وتبّ- اختار الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم جواره وقربه، فقضى نحبه ولقي ربّه؛ فقام خلفاؤه بعده بآثاره يقتدون، وبهديه وإرشاده يهتدون، ولأحكامه يتّبعون، ولأوامره يستمعون، ولمعاني ما جاء به يعون، وإلى قضاياه يرجعون، لا يغيّرون ولا يبدّلون، ولا يتعرّضون ولا يتأوّلون، فقضى على ذلك الخلفاء الراشدون، والأئمّة المهديّون؛ لم يتّبع أحد منهم في زمانهم عقيدة فاسدة، ولم يظهر أحد مقالة عن سواء السبيل حائدة؛ ثم تفرّقت الآراء، وتعدّدت الأهواء، واختلفت العقائد، وتباينت المقاصد، ووهت القواعد، وتصادمت الشّواهد، وتفرّقت الناس إلى مقرّ بالحقّ وجاحد، وظهرت البدع في المقالات، وضلّ كثير في كثير من الحالات، وتهافت غالبهم في الضّلالات، وقال كلّ قوم مقالة تضمّنت أنواعا من الجهالات؛ وكان من أسخفهم عقلا، وأضعفهم نقلا، وأوهنهم حجّة، وأبعدهم من الرّشد محجّة، طائفة الرافضة والشّيعة، لارتكابهم أمورا شنيعة، وإظهارهم كلّ مقالة فظيعة، وخرقهم الإجماع، وجمعهم قبيح الابتداع، فتبدّدوا فرقا، وسلكوا من فواحش الاعتقادات طرقا، وتنوّع ناسهم، وتعدّدت أجناسهم، وتجرّأوا على تبديل قواعد الدّين، وأقدموا على نبذ أقوال الأئمة المرشدين، وقالوا ما لم يسبقوا إليه، وأعظموا الفرية فيما حملوا كلام الله ورسوله- عليه السلام عليه، وباؤوا بإثم كبير وزور عظيم، وعرّجوا «1» عن سواء السبيل فخرجوا عن الصراط المستقيم، وفاهوا بما لم يفه به قبلهم عاقل، وانتحلوا مذاهب لا يساعدهم عليها نقل ناقل، وتخيّلوا أشياء فاسدة حالهم فيما نخيّلها أسو أمن حال باقل «2» ، وتمسّكوا بآثار موضوعة، وحكايات إلى غير الثّقات مرفوعة، ينقل عن أحدهم ما ينقله عن مجهول غير معروف، أو عمن هو بالكذب والتدليس مشهور وموصوف؛ فأدّاهم ذلك إلى القول بأشياء- منها ما يوجب الكفر

ص: 16

الصّراح، ويبيح القتل الذي لا حرج على فاعله ولا جناح- ومنها ما يقتضي الفسق إجماعا، ويقطع من المتّصف به عن العدالة أطماعا- ومنها ما يوجب عظيم الزّجر والنّكال- ومنها ما يفضي بقائله إلى الويل والوبال. لعب الشيطان بعقولهم فأغواهم، وضمّهم إلى حزبه وآواهم، ووعدهم غرورا ومنّاهم، وتمنّوا مغالبة أهل الحق فلم يبلغوا مناهم، مرقوا من الدّين، وخرقوا إجماع المسلمين، واستحلّوا المحارم، وارتكبوا العظائم، واكتسبوا الجرائم، وعدلوا عن سواء السبيل، وتبوأوا من غضب الله شرّ مقيل. مذهبهم أضعف المذاهب، وعقيدتهم مخالفة للحق الغالب، وآراؤهم فاسدة، وقرائحهم جامدة، والنّقول والعقول بتكذيب دعاويهم شاهدة، لا يرجعون في مقالتهم إلى أدلّة سليمة، ولا يعرّجون في استدلالهم على طريق مستقيمة، يعارضون النّصوص القاطعة، ويبطلون القواعد لمجرّد المنازعة والمدافعة، ويفسّرون كلام الله تعالى بخلاف مراده منه، ويتجرّأون على تأويله بما لم يرده الله ولم يرد عنه؛ فهم أعظم الأمة جهالة، وأشدّهم غواية وضلالة؛ ليس لهم فيما يدّعونه مستند صحيح، ولا فيما ينقلونه نقل صريح.

فلذاك كانوا أقلّ رتبة في المناظرة، وأسو أالأمّة حالا في الدنيا والآخرة، وأحقر قدرا من الاحتجاج عليهم، وأقلّ وضعا من توجيه البحث إليهم؛ أكابرهم مخلّطون، وأصاغرهم مثلهم ومعظمهم مخبّطون؛ بل كلّهم ليس لأحد [منهم] حظّ في الجدال، ولا قدم في صحة الاستدلال؛ ولو طولب أحد منهم بصحّة دعواه لم يجد عليها دليلا، ولو حقّق عليه بحث لم يلق إلى الخلاص سبيلا؛ غاية متكلّمهم أن يروي عن منكر من الرجال مجهول، ونهاية متعلّمهم أن يورد حديثا هو عند العلماء موضوع أو معلول؛ يطعنون في أئمة الإسلام، ويسبّون أصحاب النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، ويدّعون أنهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بريء منهم، منزّه عما يصدر عنهم، فقدره أرفع عند الله والناس، ومحلّه أعلى بالنص والقياس، ويحرم أن ينسب إليه الرّضا بهذه العقائد، أو التقرير لهذه المفاسد، فإن طريقته هي المثلى، وسيرته هي العليا؛ فالأخذ بالحق إليه يؤول، والصواب معه حيث يفعل أو يقول، ولا يصحّ نقل شيء من هذا

ص: 17

عنه، ولا يحل نسبه شيء إليه منه؛ ومنصبه أجلّ من ذلك، ومكانه أعزّ مما هنالك؛ غير أنّ هؤلاء يعرض لأحدهم في دينه شبهة، يقلّد فيها مثله في الضلالة وشبهه، ويتردّد في نفسه من الغمّ برهة لا يجد لخلاصه منها وجهة، ولا يوجّه قلبه إلى طلب النجاة منها وجهه، ولا يقع نظر بصيرته على طريق الصواب ولا يحقّق كنهه، فيرتكب خطرا يوجب توبيخه في القيامة وجبهه، وتسودّ في الموقف ناصية منه وجبهة، ويعدم لتحيّره في الضلال عقله وفهمه وفقهه؛ قد صرفوا إلى الطعن في العلماء، ومخالفة ربّ الأرض والسماء، همّهم وهممهم، وافتروا على الله كذبا فذمّهم وأباح دمّهم، وقال لسان حال أمرهم أرى قدمهم أراق دمهم، وهان دمهم فها ندمهم.

وقد بلغنا أن جماعة من أهل بيروت وضواحيها، وصيدا ونواحيها، وأعمالها المضافة إليها، وجهاتها المحسوبة عليها، ومزارع كل من الجهتين وضياعها، وأصقاعها وبقاعها، قد انتحلوا هذا المذهب الباطل وأظهروه، وعملوا به وقرّروه، وبثّوه في العامّة ونشروه، واتخذوه دينا يعتقدونه، وشرعا يعتمدونه، وسلكوا منهاجه، وخاضوا لجاجه، وأصّلوه وفرّعوه، وتديّنوا به وشرعوه، وحصّلوه وفصّلوه، وبلّغوه إلى نفوس أتباعهم ووصّلوه، وعظّموا أحكامه، وقدّموا حكّامه، وتمّموا تبجيله وإعظامه؛ فهم بباطله عاملون، وبمقتضاه يتعاملون، ولأعلام علمه حاملون، وللفساد قابلون، وبغير السّداد قائلون، وبحرم حرامه عائذون، وبحمى حمايته لائذون، وبكعبة ضلاله طائفون، وبسدّة شدّته عاكفون؛ وإنهم يسبّون خير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، ويستحلّون دم أهل السّنّة من المسلمين، ويستبيحون نكاح المتعة ويرتكبونه، ويأكلون مال مخالفيهم وينتهبونه، ويجمعون بين الأختين في النكاح «1» ، ويتديّنون بالكفر الصّراح، إلى

ص: 18

غير ذلك من فروع هذا الأصل الخبيث، والمذهب الذي ساوى في البطلان مذهب التثليث- فأنكرنا ذلك غاية الإنكار، وأكبرنا وقوعه أشدّ إكبار، وغضبنا لله تعالى أن يكون في هذه الدولة للكفر إذاعة، وللمعصية إشادة وإشاعة، وللطاعة إخافة وإضاعة، وللإيمان أزجى بضاعة، وأردنا أن نجهّز طائفة من عسكر الإسلام، وفرقة من جند الإمام، تستأصل شأفة هذه العصبة الملحدة، وتطهّر الأرض من رجس هذه المفسدة؛ ثم رأينا أن نقدّم الإنذار، ونسبق إليهم بالإعذار، فكتبنا هذا الكتاب، ووجّهنا هذا الخطاب، ليقرأ على كافّتهم، ويبلّغ إلى خاصّتهم وعامّتهم، يعلمهم أن هذه الأمور التي فعلوها، والمذاهب التي انتحلوها، تبيح دماءهم وأموالهم، وتقتضي تعميمهم بالعذاب واستئصالهم؛ فإنّ من استحلّ ما حرّم الله تعالى وعرف كونه من الدين ضرورة فقد كفر، وقد قال الله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ

«1» عطفا على ما حكم بتحريمه، وأطلق النصّ فتعيّن حمله على تعميمه؛ وقد انعقد على ذلك الإجماع، وانقطعت عن مخالفته الأطماع، ومخالفة الإجماع حرام بقول من لم يزل سميعا بصيرا وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً

«2» ونكاح المتعة منسوخ «3» ، وعقده في نفس الأمر مفسوخ، ومن ارتكبه بعد علمه بتحريمه واشتهاره، فقد خرج عن الدّين بردّه الحقّ وإنكاره، وفاعله إن لم يتب فهو مقتول، وعذره فيما يأتيه من ذلك غير مقبول، وسبّ الصحابة رضوان الله عليهم مخالف

ص: 19

لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تعظيمهم، ومنابذ لتصريحه باحترامهم وتبجيلهم، ومخالفته عليه السلام فيما شرعه من الأحكام، موجبة للكفر عند كل قائل وإمام، ومرتكب ذلك على العقوبة سائر، وإلى الجحيم صائر. ومن قذف عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها بعدما برّأها «1» الله تعالى فقد خالف كتابه العظيم، واستحقّ من الله النّكال البليغ والعذاب الأليم، وعلى ذلك قامت واضحات الدلائل، وبه أخذ الأواخر والأوائل، وهو المنهج القويم، والصّراط المستقيم، وما عدا ذلك فهو مردود، ومن الملّة غير معدود، وحادث في الدين، وباعث من الملحدين، وقد قال الصادق في كل مقالة، والموضّح في كل دلالة:«كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة» ؛ فتوبوا إلى الله جميعا، وعودوا إلى الجماعة سريعا، وفارقوا مذهب أهل الضّلالة، وجانبوا عصبة الجهالة، واسمعوا مقالة الناصح لكم في دينكم وعوا، وعن الغيّ ارجعوا، وإلى الرّشاد راجعوا، وإلى مغفرة من ربّكم وجنة عرضها السموات والأرض باتّباع السنة بادروا وسارعوا؛ ومن كان عنده امرأة بنكاح متعة فلا يقربها، وليحذر من غشيانها وليتجنّبها، ومن نكح أختين في عقدين فليفارق الثانية منهما فإنّ عقدها هو الباطل، وإن كانتا في عقد واحد فليخرجهما معا عن حبالته «2» ولا يماطل، فإنّ عذاب الله شديد، ونكال المجرم في الحميم كلّ يوم يزيد، ودار غضب الله تنادي بأعدائه هل من مزيد؛ فلا طاقة لكم بعذابه، ولا قدرة على أليم عقابه، ولا مفرّ للظالم منه ولا خلاص، ولا ملجأ ولا مناص؛ فرحم الله تعالى امرأ نظر لنفسه، واستعدّ لرمسه، ومهّد لمصرعه، ووطّأ لمضجعه، قبل فوات الفوت، وهجوم الموت، وانقطاع الصّوت، واعتقال اللسان، وانتقال الإنسان، قبل أن تبذل التوبة ولا تقبل، وتذرى الدموع وتسبل،

ص: 20

وتنقضي الآجال وينقطع الأمل، ويمتنع العمل، وتزهق من العبد نفسه، ويضمّه رمسه، ويرد على ربه وهو عليه غضبان، وإنّ سخطه عليه بمخالفة أمره قد بان، ولا ينفعه حينئذ النّدم، ولا تقال عثرته إذا زلّت به القدم؛ وقد أعذر من أنذر، وأنصف من حذّر؛ فإنّ حزب الله هم الغالبون، والذين كفروا سيغلبون، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون. ألهمنا الله وإيّاكم رشدنا، ووفّق إلى مراضيه قصدنا، وجمعنا وإياكم على الطاعة، وأعاننا جميعا على السّنّة والجماعة، بمنّه وكرمه!.

وهذه نسخة مرسوم كتب به عن نائب المملكة الطرابلسيّة إلى نائب حصن الأكراد «1» ، بإبطال ما أحدث بالحصن: من الخمّارة، والفواحش، وإلزام أهل الذّمّة بما أجري عليهم أحكامه من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب «2» رضي الله عنه في أواخر جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة؛ وهو:

المرسوم بالأمر العاليّ- لا زال قصده الشريف المثابرة على تغيير المنكر، وشدّ أزر المنكر، مشمّرا في إراحة القلوب بإزاحة مواطن الفواحش: من سفاح ومخدّر وميسر ومسكر- أن يتقدّم الجناب الكريم باستمرار ما وفّقنا الله تعالى له ورسمنا به، وأعطيناه دستورا يجده من عمل به يوم حسابه: من إبطال الخمّاره، وهدم مبانيها بحيث لا يبقى للنّفس الأمّارة عليها أمارة، وإخفاء معالمها التي توطّنها الشيطان فقطن، وإزالة ما بها من الفواحش التي ما ظهر منها أقلّ مما بطن، وإخلاء تلك البلاد من هذا الفساد الموجب لكثرة المحن والاختلاف وإراقة ما بها من الخمور، التي هي رأس الإثم والشّرور، وإحراق كل مخدّر مذموم في الشّرع محذور، وإذهاب اسم الحانة بالكليّة بحيث لا يتلفّظ به مسلم ولا كافر، ولا يطمع نفسه في الترتيب عليها من هو على خزيه وبغيه مظافر. وقد غيّرنا هذا المنكر بيد

ص: 21

أطال الله بفضله في الخير باعها، وغنمنا إزالة هذه المفسدة فأحرزنا برّها واصطناعها، خوفا من وعيد قوله تعالى: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ

«1» ورجاء أن نكون من المراد بقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

«2» وعملا بقوله عليه السلام: «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده» ، وعلما بأنّ أمير الرعية إذا لم يزل المنكر من بينهم فكيف يفلح في يومه وحال السّؤال عنهم في غده.

وقد صار حصن الأكراد بهذه الحسنة في الحصن المنيع، وأهله المتمسّكون بالعروة الوثقى في مربع خصيب مريع، وضواحيه مطهّرة من خبث السّفاح ونجاسة الخمور، ونواحيه كثيرة السّرور قليلة الشّرور، قد أعلى الله تعالى به كلمته، وأجاب لصغيره وكبيره في هذا الأمر دعوته؛ وما ذلك إلا بتوفيق من أهّلنا لذلك، وألهمنا رشدنا وطهّرنا من هذه المفاسد تلك المسالك، وله الحمد على ما وفّق إليه، وأعان عبده في ولايته عليه؛ فإن المنكر إذا فشا ولم ينكر آن خراب الديار، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«إنّ الله ليغار» ، فعند ذلك تمنع السماء درّها، وتمسك الأرض بذرها، ويجفّ الضّرع، وييبس الزّرع، وتعطش الأكباد، وتهلك البلاد.

فليبسط الجناب الكريم يده في إزالة ما بقي من منكر، متفقّدا لجليله وحقيره بالفحص الشديد وما على ذلك يحمد بكل لسان ويشكر، مترقّبا من يدخل البلد ذلك ليقابله بالضرب بالسياط، آخذا في تتبّع خلاله بالحزم والتحرّي والاحتياط، إلى أن تصل بنا أخباره، ويعلو لدينا في سياسته ونهضته مناره، وتحمد عندنا إيالته وآثاره، وهو بحمد الله كما نعهد شديد على كل مفسد ومعاند، سديد الآثار والأثارة والمقاصد.

وأما أهل الذمّة فما رفع عنهم السيف إلا بإعطاء الجزية والتزام الأحكام،

ص: 22

وأخذ عهود أكيدة عليهم من أهل النقض والإبرام.

فليتقدّم الجناب الكريم بإلزامهم بما ألزمهم به الفاروق رضوان الله عليه، وليلجئهم في كل أحوالهم إلى ما ألجأهم إليه: من إظهار الذّلّة والصّغار، وتغيير النّعل وشدّ الزّنّار، وتعريف المرأة بصبغ الإزار؛ وليمنعوا من إظهار المنكر والخمر والناقوس، وليجعل الخاتم أو الحديد في رقابهم عند التجرّد في الحمّام، وليلزموا بغير ذلك من الأحكام التي ورد بها المرسوم الشريف من مدّة أيّام؛ ومن لم يلتزم منهم بذلك وامتنع، وأعلن بكفره وأعلى كلمته ورفع، فما له حكم إلا السيف، وغنم أمواله وسبي ذراريّه وما في ذلك على مثله حيف؛ فهاتان مفسدتان أمرنا بالزامهما فرارا من سخط الله تعالى وحذارا، إحداهما إبطال الحانة والثانية إخفاء كلمة اليهود والنّصارى.

فليتقدّم الجناب المشار إليه باستمرار ما رسمنا به فهو الحق الذي لا شكّ فيه، والنّور الذي يتبعه المؤمن ويحكيه، ونرجو من كرم الله تعالى استمرار هذه الحسنة مدى الأزمان، واستثمار شجرها المائد الأغصان، وإبطال هذا الحزن المسمّى ظلما بالفرح «1» ، وإعمال السيف في عنق من ارتضاه بين أظهر المسلمين فانهتك سرّه وافتضح.

وليقمع أهل الشرك والضلال، بما يلزم الصّغار عليهم والإذلال، إلى أن لا يرفع لهم راس، ولا يشيّدوا كيدا إلا على غير أساس، وليستجلب الجناب الكريم لهذه الدولة الشريفة ولنا الدعاء من المسلمين، والفقراء والصالحين والمساكين، وليطب قلوبهم باستمرار ما أزلناه، ومحونا آثاره وأبطلناه، وقصدنا بإبطاله من تلك الأرض، مسامحة من الحكم العدل يوم العرض؛ ومن أعاد ما أبطلناه أو أعان على إعادته، أو أمر بتشييده وبناء حجارته، أو رتّب مرتّبا على خدر بغيّ وموّه ودلّس بالأفراح، أو أطلق أن يباع منكر أو سوّل له شيطانه أنه من الأرباح، فإن الله تعالى يحاكمه وهو أحكم الحاكمين، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

ص: 23