المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرقة الثالثة- الزرادشتية - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌الفرقة الثالثة- الزرادشتية

‌الملة الثالثة (المجوسيّة

: وهي الملّة التي كان عليها الفرس ومن دان بدينهم) وهم ثلاث فرق:

‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- نسبة إلى كيومرث، ويقال: جيومرت بالجيم بدل الكاف. وهو مبدأ النّسل عندهم كآدم عليه السلام عند غيرهم، وربّما قيل:

إن كيومرث هو آدم عليه السلام. وهؤلاء أثبتوا إليها قديما وسمّوه يزدان، ومعناه النّور، يعنون به الله تعالى، وإلها مخلوقا سمّوه أهرمن، ومعناه الظّلمة، يعنون به إبليس. ويزعمون أن سبب وجود أهرمن أنّ يزدان فكّر في نفسه أنه لو كان له منازع كيف يكون، فحدث من هذه الفكرة الرّدية أهرمن، مطبوعا على الشّرّ والفتنة والفساد والضّرر والإضرار، فخرج على يزدان وخالف طبيعته، فجرت بينهما محاربة كان آخر الأمر فيها على أن اصطلحا أن يكون العالم السّفليّ لأهرمن سبعة آلاف سنة، ثم يخلّي العالم ويسلّمه ليزدان. ثم إنه أباد الذين كانوا في الدّنيا قبل الصّلح وأهلكهم، وبدأ برجل يقال له كيومرت، وحيوان يقال له الثّور، فكان من كيومرت البشر ومن الثّور البقر وسائر الحيوان.

وقاعدة مذهبهم تعظيم النور، والتّحرّز من الظّلمة، ومن هنا انجرّوا إلى النار فعبدوها: لما اشتملت عليه من النور. ولمّا كان الثّور هو أصل الحيوان عندهم المصادف لوجود كيومرت، عظّموا البقر حتّى تعبّدوا بأبوالها.

‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- وهم على رأي الكيومرتيّة في تفضيل النّور والتحرّز من الظّلمة، إلا أنهم يقولون: إن الاثنين اللذين هما النور والظلمة قديمان.

‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

الدائنون بدين المجوسيّة- وهم أتباع زرادشت الذي ظهر في زمن كيستاسف «1» السّابع من ملوك

ص: 294

الكيانية، وهم الطّبقة الثانية من ملوك الفرس، وادّعى النبوّة وقال بوحدانيّة الله تعالى، وأنّه واحد لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ، وأنه خالق النّور والظّلمة ومبدعهما، وأن الخير والشّرّ والصّلاح والفساد إنما حصل من امتزاجهما، وأن الله تعالى هو الذي مزجهما لحكمة [رآها] في التركيب، وأنهما لو لم يمتزجا لما كان وجود للعالم، وأنّه لا يزال الامتزاج حتّى يغلب النّور الظّلمة، ثم يخلص الخير في عالمه وينحطّ الشّر إلى عالمه، وحينئذ تكون القيامة. وقال باستقبال المشرق حيث مطلع الأنوار، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، واجتناب الخبائث. وأتى بكتاب قيل صنّفه، وقيل أنزل عليه.

قال الشّهرستاني: اسمه «زندوستا» «1» وقال المسعوديّ في «التنبيه والإشراف» : واسم هذا الكتاب «الإيستا» وإذا عرّب أثبتت فيه قاف فقيل:

«الإيستاق» وعدد سوره إحدى وعشرون سورة، تقع كلّ سورة في مائتي ورقة؛ وعدد حروفه ستّون حرفا، لكلّ حرف سورة مفردة، فيها حروف تتكرر وفيها حروف تسقط. قال: وزرادشت هو الذي أحدث هذا الخطّ والمجوس تسمّيه: دين تبره، أي كتاب الدين.

وذكر أنه كتب باللغة الفارسيّة الأولى في اثني عشر ألف جلد ثور بقضبان الذّهب حفرا، وأن أحدا اليوم لا يعرف معنى تلك اللغة، وإنما نقل لهم إلى هذه الفارسية شيء من السّور في أيديهم يقرؤونها في صلواتهم: في بعضها الخبر عن مبتدإ العالم ومنتهاه، وفي بعضها مواعظ. قال: وعمل زرادشت لكتاب «الإيستا» شرحا سماه «الزند» ومعناه عندهم: ترجمة كلام الرّب، ثم عمل لكتاب «الزند» شرحا سماه:«بادزنده» وعملت علماؤهم لذلك الشّرح شرحا سموه: «يازده» .

ومن حيث اختلاف الناس في كتاب زرادشت المقدّم ذكره هذا: نزّل عليه أو صنّفه قال الفقهاء: إن للمجوس شبهة كتاب: لأنه غير مقطوع بكونه كتابا منزّلا.

ص: 295

وأتى زرادشت كيستاسف الملك بمعجزات.

منها: أنه أتى بدائرة صحيحة بغير آلة، وهو ممتنع عند أهل الهندسة.

ومنها: أنه مرّ على أعمى، فأمرهم أن يأخذوا حشيشة سمّاها ويعصروها في عينيه، فأبصر. قال الشّهرستانيّ: وليس ذلك من المعجزة في شيء، إذ يحتمل أنه كان يعرف خاصّة الحشيشة.

وهم يقولون: إن الله تعالى خلق في الأوّل خلقا روحانيّا، فلما مضت ثلاثة آلاف سنة أنفذ الله تعالى مشيئته في صورة من نور متلأليء على [تركيب]«1» صورة الإنسان، وخلق الشّمس والقمر والكواكب والأرض (وبنو آدم حينئذ غير متحرّكين) في ثلاثة آلاف سنة.

ثم المجوس يفضّلون الفرس على العرب وسائر الأمم، ويفضّلون مالهم:

من مدن وأبنية على غيرها من الأبنية؛ فيفضّلون إقليم بابل على غيره من الأقاليم، ومدينته على سائر المدن، من حيث إنّ أو شهنج أوّل طبقة الكيانية «2» من ملوك الفرس هو الذي بناها؛ ويقولون: إنه أوّل من جلس على السّرير، ولبس التّاج، ورفع الأعمال، ورتّب الخراج؛ وكان ملكه بعد الطّوفان بمائتي سنة، وقيل: بل كان قبل الطوفان.

ويفضّلون الكتابة الفهلوية وهي الفارسية الأولى على غيرها من الخطوط، ويزعمون أن أوّل من وضعها طهمورث: وهو الذي ملك بعد أو شهنج المقدّم ذكره.

ويجحدون سياسة بني ساسان، وهم الطّبقة الثالثة «3» من ملوك الفرس منسوبون إلى ساسان، ويسخطون [على]«4» الروم، لغزوهم الفرس وتسلّطهم

ص: 296

عليهم ببلاد بابل، ويعبدون النّار، ويرون أنّ الأفلاك فاعلة بنفسها، ويستبيحون فروج المحارم من البنات والأمّهات، ويرون جواز الجمع بين الأختين إلى غير ذلك من عقائدهم.

ويعظّمون النّيروز: وهو أوّل يوم من سنتهم وعيدهم الأكبر. وأوّل من رتّبه جمشيد أخو طهمورث. ويعظّمون أيضا المهرجان: وهو عيد مشهور من أعيادهم.

ويسخطون [على] بيوراسب؛ وهو رابع ملوكهم: وهو الضحاك، يقال له بالفارسية: الدهاش، ومعناه عشر آفات. وكان ظلوما غشوما، سار فيهم بالجور والعسف، وبسط يده بالقتل، وسنّ العشور والمكوس واتّخذ المغنّين والملاهي، وكان على كتفه سلعتان مستورتان بثيابه يحرّكهما إذا شاء، فكان يدّعي أنهما حيّتان، تهويلا على ضعفاء العقول، ويزعم أن ما يأخذه من الرّعية يطعمه لهما ليكفّهما عن الناس، وأنهما لا يشبعان إلا بأدمغة بني آدم؛ فكان يقتل في كلّ يوم عددا كثيرا من الخلق بهذه الحجة. ويقال: إن إبراهيم الخليل عليه السلام كان في آخر أيامه.

وكان من شأنه أنه لما كثر جوره وظلمه على الناس، ظهر بأصبهان رجل اسمه كابي، ويقال: كابيان من سفلة الناس، قيل حدّاد، كان الضّحّاك قد قتل له ابنين فأخذ كابي المذكور درفسا، وهو الحربة، وعلّق بأعلاها قطعة نطع كان يتّقي بها النّار، ونادى في الناس بمحاربة الضّحّاك، فأجابه خلق كثير، واستفحل أمره، وقصد الضّحاك بمن معه، فهرب الضّحاك منه، فسأله الناس أن يتملّك عليهم فامتنع لكونه من غير بيت الملك، وأشار بتولية إفريدون من عقب جمشيد المقدّم ذكره، فولّوه، فتبع الضّحاك فقبض عليه وقتله، وسار فيهم بسيرة العدل وردّ ما اغتصبه الضحّاك إلى أهله، فصار لكابي المذكور عندهم المقام الأعلى، وعظّموا درفسه الذي علق به تلك القطعة من النّطع، وكللوه بالجواهر، ورصّعوه باليواقيت، ولم يزل عند ملوكهم يستفتحون به في الحروب العظيمة حتّى كان

ص: 297

معهم أيام يزدجرد آخر ملوكهم عند محاربة المسلمين لهم في زمن عثمان، فغلبهم المسلمون واقتلعوه منهم.

وهم يعظمون أفريدون ملكهم المقدّم ذكره، لقيامه في هلاك الضّحاك وقتله. وفي أوّل ملك أفريدون هذا كان إبراهيم الخليل عليه السلام. ويقال: إنه ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم.

وهم يعظمون أيضا من ملوكهم سابور الملقّب بذي الأكتاف، لأخذه بثار العجم من العرب. وذلك أنه كان يتبع العرب بالجزيرة الفراتيّة وما جاورها، وسار في طلبهم حتّى بلغ البحرين، ليهلكهم قتلا، لا يقبل من أحد منهم فداء؛ ثم أخذ في خلع أكتافهم، فلذلك سمّي ذا الأكتاف.

ويعظمون ماني بن فاتن «1» : وهو رجل ظهر في زمن سابور بن أردشير بعد عيسى عليه السلام، وادّعى النبوّة وأحدث دينا بين المجوسية والنّصرانية. وكان يقول: بنبوة المسيح عليه السلام، ولا يقول بنبوّة موسى عليه السلام، وقال: إنّ العالم مصنوع من النّور والظّلمة، وأنهما لم يزالا قديمين حسّاسين سميعين بصيرين. وله أتباع يعرفون بالمانويّة.

ويتبرؤون من مزدك: وهو رجل مشهور منسوب عندهم إلى الزندقة أيضا، ظهر في زمن قباذ أحد ملوك الفرس من الأكاسرة، وادّعى النبوّة ونهى عن المخالفة والمباغضة، وزعم أنّ ذلك إنما يحصل بسبب النساء والمال، فأمر بالاشتراك والمساواة فيهما، وتبعه قباذ على ذلك، فتوصّلت سفلة الرجال إلى أشراف النّساء، وحصل بذلك مفسدة عظيمة. وكان يقول: إن النّور عالم حساس، والظلام جاهل أعمى، والنّور يفعل بالقصد والاختيار، والظّلمة تفعل على الخبط والاتفاق، وإنّ امتزاج النّور والظّلمة كان بالاتفاق والخبط دون القصد والاختيار، وكذلك الخلاص. وله أتباع يقال لهم المزدكيّة، ولم يزل على ذلك حتّى قتله

ص: 298