المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المذهب الأول (أن يفتتح ما يكتب ب «أما بعد» ) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٣

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث عشر]

- ‌المقالة السادسة فيما يكتب في [الوصايا الدينية

- ‌الباب الأوّل في الوصايا الدينيّة؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأول فيما لقد ماء الكتّاب من ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول من المقالة السادسة (فيما يكتب من ذلك في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب عن الأبواب السلطانية)

- ‌الضرب الثاني (مما يكتب في الأوامر والنّواهي الدينية- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك)

- ‌الباب الثاني فيما يكتب في المسامحات والإطلاقات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يكتب في المسامحات

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌المرتبة الأولى- المسامحات العظام

- ‌المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة مفتتحة برسم بالأمر الشريف

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشاميّة)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السادسة

- ‌الطرف الأوّل (فيما يكتب عن الأبواب السلطانية؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا بالحمد لله؛ وهو أعلاها)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح بأما بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (مما يكتب به في الاطلاقات)

- ‌الباب الثالث من المقالة السادسة في الطّرخانيّات

- ‌الفصل الأوّل في طرخانيّات أرباب السّيوف

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (أن يفتتح مرسوم الطّرخانية ب «أما بعد» )

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة السادسة

- ‌الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الفصل الأوّل [فيما يكتب في التوفيق بين السنين؛ وفيه طرفان:

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

- ‌المذهب الثاني (مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب في الدولة الأيوبية)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب به في زماننا)

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع من المقالة السادسة

- ‌الضرب الثاني (ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية)

- ‌الضرب الثالث (ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند استقرار النائب بها، وإما في خلال نيابته)

- ‌المقالة السابعة في الإقطاعات والقطائع؛ وفيها بابان

- ‌الباب الأوّل في ذكر مقدّمات الإقطاعات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في ذكر مقدّمات تتعلّق بالإقطاعات؛ وفيه ثلاثة أطراف

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى الإقطاعات وأصلها في الشرع)

- ‌الطرف الثاني (في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش، وكيفيّة ترتيب منازل الجند فيه، والمساواة والمفاضلة في الإعطاء)

- ‌الطرف الثالث (في بيان من يستحق إثباته في الديوان، وكيفية ترتيبهم فيه)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة السابعة (في بيان حكم الإقطاع)

- ‌الضرب الأوّل (إقطاع التّمليك)

- ‌الضرب الثاني (من الإقطاع إقطاع الاستغلال)

- ‌الباب الثاني من المقالة السابعة (فيما يكتب في الإقطاعات في القديم والحديث؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في أصل ذلك

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة السابعة

- ‌الطرف الأوّل (فيما كان يكتب من ذلك في الزّمن القديم)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب عن الخلفاء؛ ولهم فيه طريقتان)

- ‌الطريقة الأولى (طريقة كتّاب الخلفاء العبّاسيّين ببغداد)

- ‌الطريقة الثانية (ما كان يكتب في الإقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)

- ‌الطريقة الثانية (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبيّة بالديار المصرية)

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الأسلوب الثاني (أن يفتتح التوقيع بالإقطاع بلفظ: «أما بعد فإنّ كذا» )

- ‌الأسلوب الثالث (أن يفتتح التوقيع المكتتب بالإقطاع بما فيه معنى الشجاعة والقتال وما في معنى ذلك، وهو أدنى من الذي قبله رتبة)

- ‌الطرف الثاني (ما يكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش

- ‌الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربّعة الجيشية

- ‌الضرب الثاني (فيما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء؛ وفيه خمس جمل)

- ‌الجملة الأولى (في ذكر اسم ما يكتب في الإقطاعات من ديوان الإنشاء)

- ‌الجملة الثانية (في بيان أصناف المناشير

- ‌الصّنف الأوّل- ما يكتب في قطع الثّلثين وهو لأعلى المراتب من الأمراء

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في قطع النّصف

- ‌الصنف الثالث- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌الصنف الرابع- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ

- ‌الجملة الثالثة (في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطّرّة والمتن)

- ‌الجملة الخامسة (في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الإقطاعات في زماننا)

- ‌النوع الأوّل (ما يفتتح ب «الحمد لله» ، وهو على ثلاثة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (مناشير أولاد الملوك)

- ‌الضرب الثاني (من نسخ المناشير المفتتحة بالحمد مناشير الأمراء مقدّمي الألوف)

- ‌الضرب الثالث- مما يفتتح بالحمد مناشير أمراء الطبلخاناه

- ‌النوع الثاني

- ‌الضرب الأوّل (في مناشير العشرات، كائنا ذلك الأمير من كان)

- ‌الضرب الثاني (في مناشير أولاد الأمراء

- ‌النوع الثالث (من المناشير ما يفتتح بخرج الأمر الشريف)

- ‌الباب الأوّل في أصول يتعيّن على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل فيما يقع به القسم؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز)

- ‌الضرب الأوّل- ما أقسم الله تعالى فيه بذاته أو صفاته؛ والمقصود منه مجرّد التأكيد

- ‌الضرب الثاني- ما أقسم الله تعالى فيه بشيء من مخلوقاته ومصنوعاته

- ‌الطرف الثاني (في الأقسام التي تقسم بها الخلق؛ وهي على ضربين)

- ‌الضّرب الأوّل (ما كان يقسم به في الجاهليّة)

- ‌الضرب الثاني (الأقسام الشرعية)

- ‌الصنف الأوّل- اسم الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره

- ‌الصنف الثاني- اسم الله تعالى الذي يسمّى به غيره على سبيل المجاز

- ‌الصنف الثالث- ما يستعمل في أسماء الله تعالى مع مشاركة غيره له فيه

- ‌الصنف الرابع- صفات الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الثامنة

- ‌الطرف الأوّل (في بيان معنى اليمين الغموس، ولغو اليمين)

- ‌الطرف الثاني (في التّحذير من الوقوع في اليمين الغموس)

- ‌الباب الثاني من المقالة الثامنة (في نسخ الأيمان الملوكيّة؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في نسخ الأيمان المتعلّقة بالخلفاء؛ وهي على نوعين

- ‌النوع الأوّل (في الأيمان التي يحلّف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته؛ وهي الأصل في الأيمان الملوكية بأسرها)

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثامنة: (في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك؛ وفيه خمسة مهايع

- ‌المهيع الأوّل (في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون: أيمان أهل السّنّة)

- ‌النوع الثاني (من الأيمان التي يحلّف بها المسلمون أيمان أهل البدع؛ والذين منهم بهذه المملكة ثلاث طوائف)

- ‌الطائفة الأولى (الخوارج)

- ‌الطائفة الثانية (الشّيعة)

- ‌الفرقة الأولى (الزّيديّة)

- ‌الفرقة الثانية (من الشّيعة: الإمامية)

- ‌الفرقة الثالثة (من الشّيعة: الإسماعيلية)

- ‌الفرقة الرابعة (من الشّيعة: الدّرزيّة)

- ‌الفرقة الخامسة (من الشّيعة: النّصيريّة؛ بضم النون وفتح الصاد المهملة)

- ‌الطائفة الثالثة (من أهل البدع: القدريّة)

- ‌المهيع الثاني (في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر ممّن قد يحتاج إلى تحليفه؛ وهم على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (من زعم منهم التّمسّك بشريعة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام؛ وهم أصحاب ثلاث ملل)

- ‌الملّة الأولى (اليهود)

- ‌الطائفة الأولى (المتّفق على يهوديّتهم؛ وهم القرّاؤون)

- ‌الطائفة الثانية (من اليهود: السّامرة)

- ‌الفرقة الأولى (الملكانيّة)

- ‌الفرقة الثانية (اليعقوبيّة)

- ‌الفرقة الثالثة (النّسطوريّة)

- ‌الملة الثالثة (المجوسيّة

- ‌الفرقة الأولى- الكيومرتيّة

- ‌الفرقة الثانية- الثّنويّة

- ‌الفرقة الثالثة- الزّرادشتية

- ‌المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)

- ‌الصنف الأوّل- البراهمة

- ‌الصّنف الثاني- حكماء العرب

- ‌الصّنف الثالث- حكماء الروم

- ‌الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)

- ‌الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)

- ‌المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)

- ‌المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)

- ‌الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)

- ‌الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)

- ‌الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر

- ‌الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)

- ‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)

- ‌المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ

- ‌المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها

- ‌الطرف الأوّل (في أصله)

- ‌الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)

- ‌النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

- ‌المذهب الأوّل

- ‌المذهب الثاني

- ‌النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق

- ‌الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)

- ‌الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)

- ‌الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)

- ‌الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)

- ‌الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)

- ‌الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان

- ‌الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)

- ‌الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)

- ‌الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين

- ‌الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة

- ‌الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد

- ‌الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها

- ‌الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه

- ‌الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة

- ‌الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة

- ‌الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم

- ‌ثبت المراجع

- ‌[فهرس]

الفصل: ‌المذهب الأول (أن يفتتح ما يكتب ب «أما بعد» )

(وهي سنة الطاعون الجارف العامّ) إلى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وألغوا سنة خمسين. وكان يقال: مات في تلك السنة كلّ شيء حتّى السنة؛ وسيأتي ذكر المرسوم المكتتب بها في تحويل السنين في هذه المقالة، إن شاء الله تعالى.

ونقل ذلك لتأخير وقع من إغفال تحويل سنة سبعمائة وثلاثين المتقدّمة الذكر، وآخر سنة حوّلت في زماننا سنة

«1» .

‌الطرف الثاني (في صورة ما يكتب في تحويل السنين؛ وهو على نوعين)

«2»

‌النوع الأوّل (ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)

‌المذهب الأوّل (أن يفتتح ما يكتب ب «أمّا بعد» )

وعلى ذلك كان يكتب من ديوان الخلافة ببغداد.

وهذه نسخة ما ذكر أبو الحسين بن علي الكاتب المقدم ذكره أنه كتب به في ذلك في نقل سنة ثمان وسبعين ومائتين إلى سنة تسع وسبعين ومائتين في خلافة المعتضد بالله أمير المؤمنين؛ وهي «3» :

أمّا بعد، فإنّ أولى ما صرف إليه أمير المؤمنين عنايته، وأعمل فيه فكره ورويّته، وشغل به تفقّده ورعايته، أمر الفيء الذي خصّه الله به وألزمه جمعه وتوفيره، وحياطته وتكثيره، وجعله عماد الدّين، وقوام أمر المسلمين، وفيما يصرف منه إلى أعطيات الأولياء والجنود، ومن يستعان «4» به لتحصين البيضة والذّبّ عن الحريم، وحجّ البيت، وجهاد العدوّ، وسدّ الثّغور، وأمن السبل، وحقن الدّماء، وإصلاح ذات البين، وأمير المؤمنين يسأل الله راغبا إليه، ومتوكّلا

ص: 67

عليه، أن يحسن عونه على ما حمّله منه، ويديم توفيقه لما أرضاه، وإرشاده إلى ما يقضي [بالخير]«1» عنه وله.

وقد نظر أمير المؤمنين فيما كان يجري عليه أمر جباية هذا الفيء في خلافة آبائه [الخلفاء]«2» الراشدين فوجده على حسب ما كان يدرك من الغلّات والثّمار في كل سنة أوّلا أوّلا على مجاري شهور سني الشمس في النّجوم التي يحلّ مال كلّ صنف منها فيها، ووجد شهور السنة الشمسية تتأخّر عن شهور السنة الهلاليّة أحد عشر يوما وربعا وزيادة عليه، ويكون إدراك الغلات والثّمار في كل سنة بحسب تأخّرها.

فلا تزال السنون تمضي على ذلك سنة بعد سنة حتى تنقضي منها ثلاث وثلاثون سنة وتكون عدّة الأيام المتأخّرة منها أيام سنة شمسيّة كاملة، وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم وزيادة عليه، فحينئذ يتهيّأ بمشيئة الله وقدرته إدراك الغلّات التي تجري عليها الضرائب والطّسوق «3» في استقبال المحرّم من سني الأهلّة. ويجب مع ذلك إلغاء ذكر السنة الخارجة إذ كانت قد انقضت ونسبتها إلى السنة التي أدركت الغلّات والثمار فيها، وإنه وجد ذلك قد كان وقع في أيام أمير المؤمنين المتوكّل على الله رحمة الله عليه عند انقضاء ثلاث وثلاثين سنة، آخرتهن سنة إحدى وأربعين ومائتين، فاستغني عن ذكرها بإلغائها ونسبتها إلى سنة اثنتين وأربعين ومائتين؛ فجرت المكاتبات والحسبانات وسائر الأعمال بعد ذلك سنة بعد سنة إلى أن مضت ثلاث وثلاثون سنة، آخرتهنّ انقضاء سنة أربع وسبعين ومائتين، [ووجب إنشاء الكتب بإلغاء ذكر سنة أربع وسبعين ومائتين]«4» ونسبتها إلى سنة خمس وسبعين ومائتين، فذهب ذلك على كتّاب أمير المؤمنين [المعتمد على الله وتأخّر الأمر أربع سنين إلى أن أمر أمير المؤمنين]«5» المعتضد بالله رحمه الله في سنة

ص: 68

سبع وسبعين ومائتين بنقل خراج سنة ثمان وسبعين ومائتين إلى سنة تسع وسبعين ومائتين؛ فجرى الأمر على ذلك إلى أن انقضت في هذا الوقت ثلاث وثلاثون سنة: أولاهنّ السنة التي كان يجب نقلها فيها، وهي سنة خمس وسبعين ومائتين، وآخرتهن انقضاء شهور خراج سنة سبع وثلاثمائة، ووجب افتتاح خراج ما تجري عليه الضرائب والطسوق في أوّلها [وإن]«1» من صواب التدبير واستقامة الأعمال، واستعمال ما يخفّ على الرعية معاملتها به نقل سنة الخراج لسنة سبع وثلاثمائة إلى سنة ثمان وثلاثمائة، فرأى أمير المؤمنين- لما يلزمه نفسه ويؤاخذها به «2» ، من العناية بهذا الفيء وحياطة أسبابه، وإجرائها مجاريها، وسلوك سبيل آبائه الراشدين رحمة الله عليهم فيها- أن يكتب إليك وإلى سائر العمّال في النواحي بالعمل على ذلك، وأن يكون ما يصدر [إليكم]«3» من الكتب وتصدرونه عنكم وتجري عليه أعمالكم ورفوعكم وحسباناتكم وسائر مناظراتكم على هذا النّقل.

فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين واعمل به مستشعرا فيه وفي كلّ ما تمضيه تقوى الله وطاعته، ومستعملا [عليه]«4» ثقات الأعوان وكفاتهم، مشرفا عليهم ومقوّما لهم، واكتب بما يكون منك في ذلك، إن شاء الله تعالى.

وهذه نسخة ما كتب به أبو إسحاق الصابي عن المطيع لله بنقل سنة ستّ «5» وثلاثمائة إلى سنة سبع وثلاثمائة؛ وهي:

أما بعد، فإنّ أمير المؤمنين لا يزال مجتهدا في مصالح المسلمين، وباعثا لهم على مراشد الدنيا والدّين، ومهيّئا لهم إلى أحسن الاختيار فيما يوردون ويصدرون، وأصوب الرأي فيما يبرمون وينقضون؛ فلا تلوح له خلّة داخلة على

ص: 69

أمورهم إلا سدّها وتلافاها [ولا حال عائدة بحظّ عليهم إلا اعتمدها وأتاها]«1» ولا سنّة عادلة إلا أخذهم باقامة رسمها، وإمضاء حكمها والاقتداء بالسلف الصالح في العمل بها والاتباع لها؛ وإذا عرض من ذلك ما تعلمه الخاصّة بوفور ألبابها، وتجهله العامّة بقصور أفهامها، وكانت أوامره فيه خارجة إليك وإلى أمثالك من أعيان رجاله، وأماثل عمّاله، الذين يكتفون بالإشارة، ويجتزئون بتيسير الإبانة والعبارة، لم يدع أن يبلغ من تلخيص اللفظ وإيضاح المعنى إلى الحدّ الذي يلحق المتأخّر بالمتقدّم، ويجمع بين العالم والمتعلّم؛ ولا سيّما إذا كان ذلك فيما يتعلّق بمعاملات الرعيّة، ومن لا يعرف إلا الظّواهر الجلية دون البواطن الخفيّه، ولا يسهل عليه الانتقال عن العادات المتكررة إلى الرّسوم المتغيّرة، ليكون القول بالمشروح لمن برّز في المعرفة مذكّرا، ولمن تأخّر فيها مبصّرا، ولأنه ليس من الحق أن تمنع هذه الطبقة من برد اليقين في صدورها، ولا أن يقتصر على اللّمحة الدالّة في مخاطبة جمهورها، حتّى إذا استوت الأقدام بطوائف الناس في فهم ما أمروا به وفقه ما دعوا إليه وصاروا فيه على كلمة سواء لا يعترضهم شكّ الشاكّين ولا استرابة المستريبين، اطمأنّت قلوبهم، وانشرحت صدورهم، وسقط الخلاف بينهم، واستمرّ الاتفاق فيهم، واستيقنوا أنهم مسوسون على استقامة من المنهاج، ومحروسون من جرائر الزّيغ والاعوجاج؛ فكان الانقياد منهم وهم دارون عالمون، لا مقلّدون مسلّمون، وطائعون مختارون، لا مكرهون ولا مجبرون.

وأمير المؤمنين يستمدّ الله تعالى في جميع أغراضه ومراميه، ومطالبه ومغازيه، مادّة من صنعه تقف به على سنن الصّلاح، وتفتح له أبواب النّجاح، وتنهضه بما أهّله لحمله من الأعباء التي لا يدّعي الاستقلال بها إلا بتوفيقه [ومعونته]«2» ، ولا يتوجه فيها إلا بدلالته وهدايته؛ وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل.

ص: 70

وأمير المؤمنين يرى أنّ أولى الأقوال أن يكون سدادا، وأحرى الأفعال أن يكون رشادا، ما وجد له في السابق من حكم الله أصول وقواعد، وفي النّص من كتابه آيات وشواهد، وكان مفضيا بالأمة إلى قوام من دين ودنيا، ووفاق في آخرة وأولى، فذلك هو البناء الذي يثبت ويعلو، والغرس الذي ينبت ويزكو، والسّعي الذي تنجح مباديه وهواديه، وتبهج عواقبه وتواليه، وتستنير سبله لسالكيها، وتوردهم موارد السعود في مقاصدهم فيها، غير ضالّين ولا عادلين، ولا منحرفين ولا زائلين.

وقد جعل الله عز وجل من هذه الأفلاك الدائرة، والنّجوم السائرة، فيما تتقلّب عليه من اتّصال وافتراق، ويتعاقب عليها من اختلاف واتّفاق، منافع تظهر في كرور الشّهور والأعوام، ومرور اللّيالي والأيّام، وتناوب الضّياء والظلام، واعتدال المساكن والأوطان، وتغاير الفصول والأزمان، ونشء النّبات والحيوان؛ فما في نظام ذلك خلل، ولا في صنعة صانعه زلل، بل هو منوط بعضه ببعض، ومحوط من كلّ ثلمة ونقض؛ قال الله سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ

«1» ، وقال جلّ من قائل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

«2» وقال: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

«3» ، وقال عزّت قدرته: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ

«4» ففضّل الله تعالى في هذه الآيات بين الشمس والقمر، وأنبأنا في الباهر من حكمه، والمعجز من كلمه، أنّ لكلّ منهما طريقا سخّر فيها وطبيعة جبل عليها، وأن كلّ تلك المباينة والمخالفة في المسير، تؤدّي إلى موافقة وملازمة في

ص: 71

التدبير؛ فمن هنالك زادت السنة الشمسية فصارت ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربعا بالتقريب المعمول عليه؛ وهي المدّة التي تقطع الشمس فيها الفلك مرّة واحدة، ونقصت السنة الهلالية فصارت ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وكسرا، وهي المدّة التي يجامع القمر فيها الشمس اثنتي عشرة مرة، واحتيج إذا انساق هذا الفضل إلى استعمال النقل الذي يطابق إحدى السنتين بالأخرى إذا افترقتا، ويداني بينهما إذا تفاوتتا.

وما زالت الأمم السالفة تكبس زيادات السنين على افتنان من طرقها ومذاهبها، وفي كتاب الله عز وجل شهادة بذلك إذ يقول في قصّة أهل الكهف:

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً

«1» فكانت هذه الزيادة بأن الفضل في السنين المذكورة على تقريب التقريب.

فأما الفرس فإنهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التي شهورها اثنا عشر شهرا، وأيامها ثلاثمائة وستون يوما، ولقّبوا الشهور اثني عشر لقبا، وسمّوا أيام الشهر منها ثلاثين اسما، وأفردوا الأيّام الخمسة الزائدة، وسمّوها المسترقة وكبسوا الرّبع في كل مائة وعشرين سنة شهرا.

فلما انقرض ملكهم، بطل في كبس هذا الربع تدبيرهم، وزال نوروزهم عن سنّته، وانفرج ما بينه وبين حقيقة وقته، انفراجا هو زائد لا يقف، ودائر لا ينقطع، حتّى إنّ موضوعهم فيه أن يقع في مدخل الصيف وسينتهي إلى أن يقع في مدخل الشتاء، [ويتجاوز ذلك؛ وكذلك موضوعهم في المهرجان أن يقع في مدخل الشتاء]«2» وسينتهي إلى أن يقع في مدخل الصيف ويتجاوزه.

وأما الروم فكانوا أتقن منهم حكمة وأبعد نظرا في عاقبة: لأنهم رتّبوا شهور السنة على أرصاد رصدوها، وأنواء عرفوها، وفضّوا الخمسة الأيام الزائدة على

ص: 72

الشّهور، وساقوها معها على الدّهور، وكبسوا الرّبع في كل أربع سنين يوما، ورسموا أن يكون إلى شباط مضافا فقرّبوا ما بعّده غيرهم، وسهّلوا على الناس أن يقتفوا أثرهم، لا جرم أن [المعتضد بالله صلوات الله عليه على أصولهم بنى، ولمثالهم احتذى]«1» في تصييره نوروزه اليوم الحادي عشر من حزيران، حتّى سلم مما لحق النواريز في سالف الأزمان، وتلافوا الأمر في عجز سني الهلال عن سني الشمس، بأن جبروها بالكبس فكلّما اجتمع من فضول سني الشمس ما يفي بتمام شهر جعلوا السنة الهلاليّة التي يتّفق ذلك فيها ثلاثة عشر هلالا؛ فربّما تمّ الشهر الثالث عشر في ثلاث سنين وربّما تمّ في سنتين بحسب ما يوجبه الحساب، فتصير سنتا الشمس والهلال عندهم متقاربتين أبدا لا يتباعد ما بينهما.

وأمّا العرب فإن الله جل وعزّ فضّلها على الأمم الماضية، وورّثها ثمرات مساعيها المتعبة، وأجرى شهر صيامها ومواقيت أعيادها وزكاة أهل ملّتها، وجزية أهل ذمّتها، على السنة الهلاليّة، وتعبّدها فيها برؤية الأهلة، إرادة منه أن تكون مناهجها واضحة، وأعلامها لائحة، فيتكافأ في معرفة الغرض ودخول الوقت الخاصّ منهم والعام، والناقص الفقه والتام، والأنثى والذكر، وذو الصّغر والكبر، فصاروا حينئذ يجبون في سنة الشمس حاصل الغلّات المقسومة وخراج الأرض الممسوحة، ويجبون في سنة الهلال الجوالي والصدقات والأرجاء «2» والمقاطعات والمستغلّات، وسائر ما يجري على المشاهرات، وحدث من التعاظل والتداخل بين السنين ما لو استمر لقبح جدّا، وازداد بعدا، إذ كانت الجباية الخراجية في السنة التي تنتهي إليها تنسب في التسمية إلى ما قبلها فوجب مع هذا أن تطرح تلك السّنة وتلغى، ويتجاوز إلى ما بعدها ويتخطّى؛ ولم يجز لهم أن يقتدوا بمخالفيهم في كبس سنة الهلال بشهر ثالث عشر؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لتزحزحت الأشهر الحرم عن مواقعها، وانحرفت المناسك عن حقائقها، ونقصت الجباية عن سني

ص: 73

الأهلة القبطية بقسط ما استغرقه الكبس منها، فانتظروا بذلك الفضل إلى أن تتمّ السنة، وأوجب الحساب المقرّب أن يكون كل اثنتين وثلاثين سنة شمسية ثلاثا وثلاثين سنة هلالية، فنقلوا المتقدّمة إلى المتأخّرة نقلا لا يتجاوز الشمسية، وكانت هذه الكلفة في دنياهم مستسهلة مع تلك النعمة في دينهم.

وقد رأى أمير المؤمنين نقل سنة خمسين وثلاثمائة الخراجيّة إلى سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة الهلالية جمعا بينهما، ولزوما لتلك السّنّة فيهما.

فاعمل بما ورد به أمر أمير المؤمنين عليك، وما تضمنه كتابه هذا إليك، ومر الكتّاب قبلك أن يحتذوا رسمه فيما يكتبون به إلى عمّال نواحيك، ويخلّدونه في الدواوين من ذكورهم ورفوعهم، ويقرّرونه في دروج الأموال «1» ، وينظمونه في الدفاتر «2» والأعمال، ويبنون «3» عليه الجماعات والحسبانات، ويوعزون بكتبه من الروزنامجات «4» والبراآت، وليكن المنسوب كان «5» من ذلك إلى سنة خمسين وثلاثمائة التي وقع النقل [عنها معدولا به إلى سنة إحدى وخمسين التي وقع النقل]«6» إليها، وأقم في نفوس من بحضرتك من أصناف الجند والرعية وأهل الملّة والذمّة أنّ هذا النقل لا يغيّر لهم رسما، ولا يلحق بهم ثلما، ولا يعود على

ص: 74