الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوقوف عند أمره الذي عدم من مال فردّه، وليقرّ في يد الديوان حجّة لمودعه بعد نسخه في الدواوين بالحضرة، إن شاء الله تعالى.
الضرب الثاني (مما كان يكتب في الإقطاعات في الزمن المتقدّم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العبّاس)
وطريقتهم فيه أن يكتب في الابتداء: «هذا كتاب» ونحو ذلك، كما كان يكتب عن خلفاء بني العبّاس في ذلك، ثم يذكر عرض أمره على الخليفة، واستكشاف خبر ما تقع عليه المقاطعة من الدواوين، وموافقة قولهم بما ذكره في رقعته، ويذكر أنّ أمير المؤمنين وذلك السّلطان أمضيا أمر تلك المقاطعة وقرّراه.
ثم ربّما وقع تسويغ ما وجب لبيت المال لصاحب المقاطعة زيادة عليها ليكون في المعنى أنّه باشرها.
وهذه نسخة مقاطعة بضيعة كتب بها عن صمصام الدولة [بن عضد الدولة]«1» بن ركن الدولة بن بويه؛ وهي:
هذا كتاب من صمصام الدولة، وشمس الملّة، أبي كاليجار، بن عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ مولى أمير المؤمنين، لمحمد بن عبد الله بن شهرام.
إنك ذكرت حال ضياعك المعروفة برسدولا والبدريّة من طسّوج نهر الملك «2» ، والحظائر والحصّة بنهر قلّا من طسّوج قطربّل «3» ، وما لحقها: من
اختلال الحال ونقصان الارتفاع، [واندثار]«1» المشارب، واستئجام «2» المزارع، وطمع المجاورين، وضعف الأكرة والمزارعين، وظلم العمّال والمتصرّفين، لتطاول غيباتك عنها، وانقطاعك بالأسفار المتصلة عن استيفاء حقوقها، وإقامة عماراتها، والإنفاق على مصالحها، والانتصاف من المجاورين لها والمعاملين فيها؛ ووصفت ما تحتاج إلى تكلّفه من الجملة الوافرة: لاحتفار أنهارها، وإحياء مواتها، واعتمال متعطّلها، وإعادة رسومها، وإطلاق البذور فيها، وابتياع العوامل لها، واختلاف الأكرة إليها.
وسألت أن تقاطع عن حقّ بيت المال فيها وجميع توابعه، وسائر لزومه، على ثلاثة آلاف درهم في كلّ سنة، معونة لك على عمارتها، وتمكينا من إعادتها إلى أفضل أحوالها، وتوسعة عليك في المعيشة منها.
فأنهينا ذلك إلى أمير المؤمنين الطائع لله، وأفضنا بحضرته فيما أنت عليه من الخلائق الحميدة، والطرائق الرّشيدة، وما لك من الخدمات القديمة والحديثة، الموجبة لأن تلحق بنظرائك من الخدم المختصّين، والحواشي المستخلصين، بإجابتك إلى ما سألت، وإسعافك بما التمست، فخرج الأمر- لا زال عاليا- بالرجوع في ذلك إلى كتّاب الدواوين، وعمّال هذه النّواحي، وتعرّف ما عندهم فيه مما يعود بالصّلاح، ويدعو إلى الاحتياط. فرجع إليهم فيما ذكرته وحكيته، فصدّقوك في جميعه، وشهدوا لك بصحّته، وتردّد بينك وبينهم خطاب في الارتفاع الوافر القديم، وما توجبه العبر لعدّة سنين، إلى أن استقرّ الأمر على أن توقّعت على هذه الضّياع المسمّاة في هذا الكتاب خمسة آلاف درهم ورقا مرسلا بغير كسر، ولا كفاية، ولا حقّ خزن، ولا جهبذة ولا محاسبة، ولا غير ذلك من المؤن كلّها.
ثم أنهينا ذلك إلى أمير المؤمنين الطائع لله، فأمر- زاد الله أمره علوّا- بإمضاء ذلك، على أن يكون هذا المال، وهو خمسة آلاف درهم مؤدّى في الوقت الذي تفتتح فيه المقاطعات: وهو أوّل يوم من المحرّم في كلّ سنة، على استقبال السنة الجارية، سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة الخراجية، عن الخراج في الغلّات الشّتويّة والصّيفية، والمحدثة والمبكّرة الجارية على المساحة، والحاصل من الغلّات الجارية على المقاسمة والجوالي، والمراعي، والأرحاء «1» ، وسائر أبواب المال، ووجوه الجبايات وتقسيط المصالح، والحماية، مع ما يلزم ذلك من التوابع كلّها: قليلها وكثيرها، والرسوم الثابتة في الدواوين بأسرها، وعن كلّ ما أحدث ويحدث بعدها على زيادة الارتفاع ونقصانه، وتصرّف جميع حالاته: مقاطعة مقرّرة مؤبّدة، ممضاة مخلّدة، على مرور الليالي والأيّام، وتعاقب السنين والأعوام، لك ولولدك، وعقبك من بعدك، ومن عسى أن تنتقل هذه الضياع إليه بميراث، أو بيع، أو هبة، أو تمليك، أو مناقلة، أو وقف، أو إجارة، أو مباذرة، أو مزارعة أو غير ذلك من جميع الوجوه التي تنتقل الأملاك عليها، وتجري بين الناس المعاملات فيها، لا يفسخ ذلك ولا يغيّر، ولا ينقض ولا يبدّل، ولا يزال عن سبيله، ولا يحال عن جهته، ولا يعترض عليك ولا على أحد من الناس فيه ولا في شيء منه، ولا يتأوّل عليك ولا على غيرك فيه، بزيادة عمارة، ولا زكاء ريع، ولا غلوّ سعر، ولا إصلاح شرب، ولا اعتمال خراب، ولا إحياء موات، ولا بغير ذلك من سائر أسباب وفور الارتفاع ودرور الاستغلال.
وحظر مولانا أمير المؤمنين الطائع لله، وحظرنا بحظره على كتّاب الدّواوين: أصولها وأزمّتها، وعمّال النواحي، والمشرفين عليها، وجميع المتصرّفين على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم، الاعتراض عليك في هذه المقاطعة، أو إيقاع ثمن أو مساحة على ما كان منها جاريا على الخراج، أو تقرير
أو حزر «1» ، أو قسمة على ما كان منها جاريا على المقاسمة، أو أن تدخلها يد مع يدك لناظر أو حاظر أو مستظهر أو معتبر أو متصفّح، إذ كان ما يظهر منها من الفضل على مرور السنين مسوّغا لك، لا تطالب به، ولا بمرفق عنه، ولا على ما ظهر عليه وعلى شيء منه، ولا يلتمس منك تجديد كتاب، ولا إحضار حجّة، ولا توقيع به ولا منشور بعد هذا الكتاب: إذ قد صار ذلك لك وفي يدك بهذه المقاطعة، وصار ما يجب من الفضل بين ما توجبه المسائح والمقاسمات وسائر وجوه الجبايات، وبين مال هذه المقاطعة المحدودة المذكورة في هذا الكتاب خارجا عمّا عليه العمّال، ويرفعه منهم المؤتمنون، ويوافق عليه المتضمّنون، على مرور الأيّام والشهور، وتعاقب السنين والدّهور؛ فلا تقبل في ذلك نصيحة ناصح، ولا توفير موفّر، ولا سعاية ساع، ولا قذف قاذف، ولا طعن طاعن.
ولا يلزم عن إمضاء هذه المقاطعة مؤونة، ولا كلفة، ولا مصانعة، ولا مصالحة، ولا ضريبة، ولا تقسيط، ولا عمل بريد، ولا مصلحة من المصالح السلطانية، ولا حقّ حماية، ولا خفارة، ولا غير ذلك من جميع الأسباب التي يتطرّق بها عليك، ولا [على من]«2» بعدك، لزيادة على مالها المحصور المذكور في هذا الكتاب، ولا حقّ خزن ولا جهبذة، ولا محاسبة ولا مؤونة ولا زيادة.
ومتى استخرج منك شيء أو من أحد من أنسبائك، أو ممّن عسى أن تنتقل إليه هذه المقاطعة بشيء زائد عليها على سبيل الظلم والتّأوّل والتعنّت لم يكن ذلك فاسخا لعقدها، ولا مزيلا لأمرها، ولا قادحا في صحّتها، وكان لك أن تطالب بردّ المأخوذ زائدا على مالها، وكان على من ينظر في الأمور إنصافك في ذلك وردّه عليك، وكانت المقاطعة المذكورة ممضاة على تصرّف الأحوال كلّها.
ثم إنّا رأينا بعد ما أمضاه مولانا أمير المؤمنين، وأمضيناه لك من ذلك وتمامه وإحكامه ووجوبه وثبوته، أن سوّغناك هذه الخمسة آلاف درهم المؤدّاة