الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الكريم، ويؤكّد ما عنده في الخدمة والتصميم؛ والخيرات بسبيل الاتصال، والمسرّات واردة مع البكور والآصال.
والحمد لله الجسيم فضله، والعظيم نيله، فاحمدوا الله على ما يسّر لنا ولكم، واستوزعوه «1» شكر ما خوّلنا وخوّلكم؛ واعلموا أنّا نرعاكم كما رعى أوّلنا أولاكم؛ وقد عيّن لموضعكم كذا وكذا فأنفذوا إلينا بعضكم معجلا، واستشعروا إنماء الأثرة واطّراد النّصرة، حالا ومستقبلا؛ والحركة الكبرى- يمّنها الله- قد شرع في أسبابها، وأتي ما يؤتي بمشيئة الله الفتح القريب من بابها؛ ولا غنى بما يدار في ذلك عن فلان وقد خوطب بالوصول، ووجّه إليكم فلان واليا عليكم، وثاويا «2» لديكم؛ وهو ممن خبرت كفايته، وارتضيت لجبر أحوالكم سياسته، وشكر هنا فأوثرتم به هنالكم؛ وقد فوّض إليكم من نظر «3» لخاصّتكم وجمهوركم، وقلد بما يستقلّ أتمّ الاستقلال من تدبير أموركم؛ وأمضي معه من الأجناد طائفة يحسنون الدفاع والذّياد، ولا يفارقون الجدّ والاجتهاد؛ ووراء هذا من كريم العناية وجميل النظر، ما يقضي لكم بالفلج والظّفر، ويديلكم بالأمانة الشاملة من الذّعر والحذر، إن شاء الله تعالى والسلام.
الأسلوب الثالث (أن تفتتح المكاتبة بلفظ «كتابنا إليكم من موضع كذا، والأمر على كذا وكذا» ويؤتى على المقصد إلى آخره ويختم بالسلام)
وربما قيل: «هذا كتابنا إليكم» وربما قيل: «كتبنا إليكم» ونحو ذلك.
كما كتب أبو المطرّف بن عميرة «1» عن ابن هود في البشارة بفتح حصن، وهو:
كتابنا إليكم- أطلع الله عليكم من البشائر أنورها جبينا، وأوضحها صبحا مبينا- من فلانة في يوم كذا.
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي تكفّل بنصر من ينصره، ونصلّي على سيدنا محمد الكريم محتده الزاكي عنصره؛ ونجدّد مشفوع الصلوات، ونردّد مرفوع الدعوات، للإمام الخليفة «المستنصر بالله أمير المؤمنين» ذي المناقب التي لا عادّ يعدّها، ولا حاصر يحصرها.
والحمد لله الذي أنعم علينا بتقليد إمامته، التي لا تعقد معها إمامه، وأقامنا لإقامة دعوته، التي لا تجوز على غيرها إقامه، وجعلنا نرمي الغرض باسمه الأشرف فنصيبه، ونستوهب فضل الله سبحانه فيتوفّر قبلنا نصيبه، ونستنزل بخلافته المباركة جوامع النصر، كما استنزل الفاروق بغرّة «2» جدّه هوامع القطر؛ فتسير أمام رايته السّوداء بالأثر المبيض، وتروى هذه أوام «3» كما أروى ذلك أوام الأرض؛ وما زلنا منذ كان النزول على هذا الحصن نتعرّف فيه من مخايل النّجح، ودلائل الظّفر والفتح، ما أعطانا فثلج اليقين «4» بأنا نفصم عروته، ونفرع ذروته، ولم يزل العزم
يذلّل شماسه «1» ، ويقلّل ناسه؛ حتّى أذعنوا لما عرّفتم به من النزول لوقت معدود، وأمد محدود. ثم إنهم خامرهم طارق الوجل، فعجّلوا أداء دينه قبل حلول الأجل؛ وأمكن الله من هذا المعقل الفذّ في المعاقل، وقتل الظانين لا متناعهم والحسام إن شاء الله تعالى في يد القاتل؛ وقد صعدت راياتنا على السّور، وسعدت إدارتنا بالعزم المنصور، وشيّد الله من هذا الفتح الجليل أقصى الفتوح بعلوّ، وأشجاها للعدوّ، وأدلّها على نجح عمل مستأنف وبلوغ أمل مرجوّ.
والحمد لله الذي ردّ حقّنا المغتصب، وكفانا في وجهنا هذا التعب والنّصب؛ وعرّفناكم بهذا الخبر الذي هو غذاء للرّوح، والمنبيء عن فتح الفتوح: لتشكروا الله عليه شكرا، وتوفّوه حقّه إذاعة له ونشرا، وتجدّدوا بحمد الله [على] ما أولى من خالص النّعم، ووافر القسم، ما يطيب به المعرّس «2» والمقيل «3» ، ويستقصر به الأمد الطويل. واكتبوا من خطابنا هذا نسخا إلى الجهات ليأخذ منها كلّ بحظه، وينعم القريب والبعيد بجلالة معناه وجزالة لفظه؛ أعاننا الله وإيّاكم على شكر إحسانه الجزيل، ولا أخلى من لطفه العميم ونظره الجميل، بمنّه والسلام.
الحالة الثانية (ما الأمر مستقرّ عليه الآن مما كان عليه علّامة متأخرى كتّاب المغرب أبو عبد الله محمد بن الخطيب «4» وزير ابن الأحمر «5» : صاحب حمراء غرناطة من الأندلس)
والأمر فيها على نحو ما تقدّم في الحالة الأولى: من التعبير عن المكتوب إليه