الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وباعتمادنا بحوائجك وعوارضك قبلنا؛ فأبشر بتيسير ذلك إن شاء الله.
والحمد لله أحقّ ما ابتدىء به، وختم بذكره، وصلّى الله على محمد نبيّ الهدى والرحمة، وعلى آله وسلّم تسليما.
الحالة الثانية (من حالات المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية ما كان الحال عليه بعد الدولة الفاطمية في الدولة الأيوبية)
وقد ذكر «عبد الرحيم بن شيث» «1» أحد كتّاب الدولة الأيوبية في أواخر دولتهم مصطلح «2» ما يكتب عن السلطان في خلال كلامه، فقال: إن الناس كانوا لا يكتبون «المجلس» إلا للسّلطان خاصّة، ويكتبون لأعيان الدولة من الوزراء وغيرهم «الحضرة» ثم أفردوا السلطان بالمقام والمقرّ، وصاروا يكتبون «المجلس» لمن دونه، ولم يسوّغوا مكاتبة السلطان بعد ذلك بالمجلس ولا بالحضرة. قال:
ويكتب السلطان إلى ولده المستخلف عنه «بالمجلس» دون المقام. واصطلحوا على الاختصار في نعوت الملوك المكتوب إليهم والدعاء، بخلاف من هو تحت أمر السلطان وتحت حوزته، فإنه كلّما كثرت النعوت والدعاء له في مكاتبة السلطان إليه، كان أبلغ: لأنّ ذلك في معنى التشريف من السلطان، وأنه لا يقال في المقام «السامي» بل «العالي» . وأنه إذا كتب السلطان إلى من هو دونه من ذوي الأقدار عبّر «بالمجلس السامي» ، ولا يزاد على ذلك، ثم يفرد عن النّسب بعد السامي، فيقال: الأمير الأجل من غير ياء النسب. وأنه لا يقال العالي مكان السامي في الكتابة عن السلطان، وقد يجمع بينهما لذوي الأقدار، وأنه يضاف في نعت كل أمير «عمدة الملوك والسلاطين عزّ الإسلام، أو نصرة الإسلام، أو فارس المسلمين» أو ما شابه ذلك من غير ضبط ولا تخصيص لأحد دون أحد إذا أحرزوا
النعت الذي اشتهر به المكتوب إليه. وأنه يقال: «عمدة الملوك والسلاطين» و «عدّة الملوك والسلاطين» و «ذخر الملوك» ودونها «اختيار الملوك» . وللأقارب «فخر الملوك» و «جمال الملوك» و «عزّ الملوك» و «زين الملوك» . وللأماثل «معين الملوك» و «نصرة الملوك» وما أشبه ذلك وأنه يكتب للأمراء الأعيان: «حسام أمير المؤمنين» و «سيف أمير المؤمنين» . ولكبراء الدولة من الكتّاب: «خاصّة أمير المؤمنين» و «وليّ أمير المؤمنين» و «صفوة أمير المؤمنين» . و «ثقة أمير المؤمنين» و «صنيعة أمير المؤمنين» على مقدار مراتبهم. وأن نعت الأجلّ يذكر بعد العلوّ والسّموّ بأن يقال: «المجلس العالي الأجلّ» أو «السامي الأجلّ» وربما كان بعد ذكر الإمرة أو القضاء فيقال «الأمير الأجلّ» أو «القاضي الأجلّ» . وأن السلطان لا يبتدىء بالدعاء في كتبه إلى أحد إلا من ماثله في الملك. وأن السلطان لا يكتب إلى أحد ممن هو تحت أمره «بلا زال» «ولا برح» في الدعاء، وإنما يكتب بذلك إلى من ماثله من الملوك، أو إلى ولده المستخلف عنه في الملك. وأن الدعاء للملوك يكون مثل «أدام الله أيّامه» و «خلّد سلطانه وثبّت دولته» وما أشبه ذلك.
وأن التحميد في أوائل الكتب لا يكون إلا في الكتب الصادرة عن السلطان. وأنّ غاية عظمة المكتوب إليه أن يكون الحمد ثانية وثالثة في الكتاب، ثم يؤتى بالشهادتين، ويصلّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم. وأنه يكتب في الكتب السلطانية «صدرت» و «أصدرناها» ولا يكتب «كتبت» . وأن الذي تخاطب به الخلافة عن السلطان:
«المواقف المقدّسة الشريفة، والعتبات العالية، ومقرّ الرحمة، ومحلّ الشرف» .
والذي يخاطب به الملوك: «المقام العالي، والمقرّ الأشرف» ولا يقال «المقام السامي» . والذي يخاطب به الوزراء: «الجناب العالي، والمحلّ السامي» . ومن دون ذلك «المجلس السامي» ودونه «مجلس الحضرة» . ودونه «الحضرة» . وأنه لا يكتب عن السلطان لمن هو تحت أمره إلا بنون الجمع لدلالتها على العظمة، ولا يكتب «تشعر» إلا عن السلطان خاصّة بخلاف «تعلم» وأن الكتب الصادرة عن السلطان تكون طويلة الطرّة «1» ، وتكون بقلم جليل غير دقيق. وأنه يوسّع بين