الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوم بالتخلّق بخلائق العرب في الحلّ والتّرحال، يغربون إلى القيروان وقابس «1» ، ويفدون على الحضرة السلطانية وفود أمثالهم من أمراء العرب. وذكر أن الإمرة فيهم في زمانه، كانت في محمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدّم «2» وقال:
إنّ رسم المكاتبة إلى كلّ منهما: «هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأمير» والعلامة السلطانية «أخوه» ولم يتعرّض لتعريفهما، والذي يظهر أن تعريف كلّ منهما اسمه.
أما بعده، فقد تغيّرت تلك الأحوال، وتناقصت رتبة عرب البحيرة، وزالت الإمرة عنهم، ولم يبق فيهم إلا مشاع عربان ذو وأموال جمّة، كان منهم في الدولة الأشرفية «شعبان بن حسين» رحاب، وموسى بن خضر، وأولاد بدران الغريني، ومن جرى مجراهم، ثم صار اليوم بها «3» بن رحاب، وخضر بن موسى.
الضرب الثاني (عرب الشّرقية)
وقد ذكر في «التعريف» : أنه كان في زمانه منهم نجم بن هجل شيخ عائد «4» وذكر أنه دون محمّد بن أبي سليمان وفائد بن مقدّم «5» : أميري عرب
البحيرة. ثم قال: ورسم المكاتبة إليه: «هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير» .
قلت: ثم تغيرت الأحوال بعد ذلك وصارت رياسة عرب الشرقية متداولة في جماعة، إلى أن كان منهم في الدلة الظاهرية «برقوق» محمد بن عيسى أمير «1» وأولادهم، وكانت الإمرة فيهم أوّلا في «2» ثم قتل بسيف السلطان في الدولة الناصرية «فرج بن برقوق» واستقرّ مكانه
…
«3»
وأما عرب الوجه القبليّ، فقد ذكر في «التعريف» أنه كان منهم في زمانه نفران: أحدهما ناصر الدين عمر بن فضل. وذكر أنّ رسم المكاتبة إليه «هذه المكاتبة إلى المجلس السامي» أيضا. وثانيهما سمرة بن مالك «4» قال: وهو ذو عدد جمّ، وشوكة منكية، يغزو الحبشة وأمم السّودان، ويأتي بالنّهاب والسّبايا؛ وله أثر محمود، وفعل مأثور. وفد على السلطان وأكرم مثواه، وعقد له لواء وشرّف بالتشريف، وقلّد ذلك، وكتب إلى ولاة الوجه القبليّ عن آخرهم وسائر العربان به بمساعدته ومعاضدته، والركوب للغزو معه متى أراد. وكتب له منشور بما يفتح من البلاد، وتقليد بإمرة العربان القبلية مما يلي قوص إلى حيث تصل غايته «5» ثم قال: ورسم المكاتبة إليه «السامي الأمير» كمن تقدّم.
قلت: ثم كان بعد ذلك عدد من أمراء العربان، كان آخرهم أبو بكر بن الأحدب. ثم لما انتقلت هوّارة «6» إلى الوجه القبلي، صارت الإمرة فيهم في
الصعيد الأدنى، في بني غريب، وأميرهم الآن «1» وفي الصعيد الأعلى في بني عمر، وأميرهم محمد بن عمر، ورسم المكاتبة إلى كل منهما
…
«2»
وأما عرب برقة، فقد ذكر في «التعريف» أنه لم يبق منهم في زمانه من يكاتب إلا جعفر بن عمر»
، وأنه كان لا يزال بين طاعة وعصيان، ومخاشنة وليان؛ وأن أمراء عرب البحيرة كانت تغري به، وتغيّر خاطر السلطان عليه، وأنّ الجيوش كانت تمتدّ إليه، وقلّ أن ظفرت منه بطائل، أو رجعت بمغنم إن أصابته نوبة من الدّهر. وكان آخر أمره أنه ركب طريق الواح «4» حتّى خرج من الفيّوم، وطرق باب السلطان لائذا بالعفو، ولم يسبق به خبر، ولم يعلم السلطان به حتّى استأذن المستأذن عليه وهو في جملة الوقوف بالباب؛ فأكرم أتمّ الكرامة، وشرّف بأجل التشاريف، وأقام مدّة في قرى الإحسان وإحسان القرى. وأهله لا يعلمون بما جرى، ولا يعرفون أين يمّم، ولا أيّ جهة نحا، حتّى أتتهم وافدات البشائر. وقال له السلطان: لأيّ شيء ما أعلمت أهلك بقصدك إلينا؟ قال: خفت أن يقولوا:
يفتك بك السلطان، فأتثبّط. فاستحسن قوله، وأفاض عليه طوله؛ ثم أعيد إلى