الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله تعالى في حقهم: قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ
«1» . وطابق فعله قوله، ورفض الكفّار الذين لا يحلّ له أن يتّخذهم حوله؛ وأرسل إلينا رسولا من جهته يرتّل آيات الصلح ترتيلا، ويروق خطابه وجوابه حتّى يتلو كلّ أحد عند عوده: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
«2» .
صارت حجّتنا وحجّته مركبة على من خالف ذلك، وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك في سائر الممالك؛ ومظافرتنا له تكسب الكافرين هوانا، والشاهد لمصافاتنا مفاد قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً
«3» . وينتظم إن شاء الله تعالى شمل المصالح أحسن انتظام، ويحصل التمسك من الموادعة والمظافرة بعروة لا انفصال لها ولا انفصام، وتستقرّ قواعد الصّلح على ما يرضي الله تعالى ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام.
الحالة الثانية (ما كان عليه رسم المكاتبة في الدولة الناصرية
«محمد بن قلاوون» إلى أبي سعيد بهادرخان بن خدابندا «4» : آخر ملوك بني هولاكو، ملك إيران) قال في «التعريف» : وهو كتاب يكتب في قطع البغداديّ الكامل؛ يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة الغراء المكتتبة بالذهب المزمّك «5» ، بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات «6» ؛ ثم تكمّل الخطبة وتفتتح ببعديّة إلى أن تساق الألقاب،
وهي: «الحضرة الشريفة، العالية، السلطانية الأعظميّة، الشاهنشاهيّة، الأوحدية، الأخويّة، القانية، الفلانية» من غير أن يخلط فيها «الملكيّة» لهوانها عليهم وانحطاطها لديهم ثم يدعى له بالأدعية المعظّمة المفخّمة الملوكية: من إعزاز السلطان ونصر الأعوان، وخلود الأيام، ونشر الأعلام، وتأييد الجنود، وتكثير الوفود. وغير ذلك مما يجري هذا المجرى. ثم يقال ما فيه التلويح والتصريح بدوام الوداد، وصفاء الاعتقاد، ووصف الأشواق، وكثرة الأتواق، وما هو من هذه النسبة. ثم يؤتى على المقاصد، ويختم بدعاء جليل، وتستعرض المراسيم «1» والخدم، ويوصف التطلع إليها، ويظهر التهافت عليها.
وهذا الكتاب تكتب جميع خطبته وطغراه [وعنوانه]«2» بالذهب المزمّك، وكذلك كلّ ما وقع في أثنائه من اسم جليل، وكلّ ذي شأن نبيل: من اسم لله تعالى، أو لنبينا صلى الله عليه وسلم، أو لأحد من الأنبياء، أو الملائكة عليهم السلام، أو ذكر دين الإسلام، أو ذكر سلطاننا، أو السلطان المكتوب إليه، أو ما هو متعلّق بهما. مثاله «عندنا وعندكم» و «لنا ولكم» و «كتابنا وكتابكم» . كلّ هذا يكتب بالذهب؛ وما سواه يكتب بالسّواد.
فأما العنوان، فهو بهذه الألقاب إلى أن ينتهي إلى اللّقب الخاص، ثم يدعى له بدعوة أو اثنتين، نحو:«أعزّ الله سلطانها، وأعلى شانها» أو نحو ذلك. ثم يسمّى اسم السلطان المكتوب إليه؛ ثم يقال «خان» كما كنا نكتب، فنقول:«بو سعيد بهادرخان» فقط. ويطمغ بالذهب بطمغات «3» عليها ألقاب سلطاننا، تكون على الأوصال، يبدأ بالطّمغة على اليمين في أوّل وصل، ثم على اليسار في ثاني
وصل، ثم على هذا النمط إلى أن ينتهي في الآخر إلى اليمين. ولا يطمّغ على الطرّة البيضاء. والكاتب يخلي لمواضع الطمغة مواضع الكتابة، تارة يمنة، وتارة يسرة.
وأوضح ذلك في «التثقيف» وبيّنه، فقال: والمكاتبة إليه في عرض البغداديّ الكامل، والطرّة ثلاثة أوصال، والبسملة ذهب مزمّك بألفات طوال بالمسطرة بخطّ الذهب؛ ثم الخطبة، وأولها «الحمد لله» والسطر الذي يلي البسملة الشريفة وثانية من أوائل الورق زائدان عن بقيّة السطور التي من أول السطر الثالث إلى آخر الكتاب. وبين هذين السطرين المذكورين، (وهو موضع بيت العلامة الشريفة) طرّة ذهب بالألقاب الشريفة؛ ثم بعد هذين السطرين الملاصقين للطرّة المذكورة بقيّة السطور بهامش جيّد في يمين الورق على العادة. وجميع السطور مكملة إلى آخر الورق، لا يخلى فيها للطّمغة مكان. وبعد الخطبة ما يناسب الابتداء إن كان، أو الجواب إلى أن يتصل الكلام بالألقاب، وهي:«الحضرة، الشريفة، العالية، السلطانية، الأعظميّة، العالمية، العادلية، الأكمليّة، القانيّة، الشاهنشاهية، الولديّة، العزيزية، الملكية، الفلانية» . ثم الدعاء. وفي أثناء خطابه «الحضرة الشريفة» تارة، وتارة «الحضرة العالية» والدعاء في أوساطه نحو «زيدت عظمته، ودامت معدلته، وأعلى الله مقامه، وأعزّ الله شانه» . والخطبة جميعها بالذهب المزمّك. وبعدها بالأسود خلا ذكر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما أضيف إليهما، أو ما يعظّم ذكره: كالحق والعدل وأمثالهما، أو كلّ لقب أو نعت، أو كلمة مضافة إلى المكتوب عنه أو المكتوب إليه، أو ضمير فيهما، فإنه بالذّهب.
والعنوان بألقابه كاملة، وفي آخرها الدعاء له من غير توقّف.
قال: وكان قد استقر من أمر العلامة الشريفة أن يكتب على جانب يمين السطرين: الثاني والثالث، وهو مما يلي بيت العلامة «المشتاق محمد» . ثم قال: ورأيت بخط القاضي المرحوم ناصر الدين بن النّشائيّ أنّ ذلك نظير الكتاب الوارد منه في رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة. ثم قال: وقد ذكر في «التعريف»
ثلاثة أمور زائدة «1» التنبيه عليها.
أحدها- أنه يذكر تعريفه في العنوان. فيكتب بعد ذكر الاسم «خان» .
فيقال: «بو سعيد بهادرخان» .
ثانيها- أنه تستعمل الطّمغات على الأوصال.
ثالثها- أنه لا يكتب في ألقابه «الملكية» . وذكر أنه لم يكتب لأحد بهذه المكاتبة بعد السلطان أبي سعيد، خلا ما ذكر القاضي ناصر الدين بن النّشائي أنه كتب نظير ذلك بعد أبي سعيد لطغاي تمرخان. قال: ولو كتب بالمغلية كتب في القطع المذكور. أما الملطفات «2» ، ففي قطع الثلث.
وهذه نسخة مكاتبة كتب بها المقرّ الشهابيّ بن فضل الله عن السلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» إلى السلطان أبي سعيد بهادرخان المقدّم ذكره، وهي:
الحمد لله الذي جعلنا بنعمته إخوانا، وجمعنا على طاعته أصولا لا تتفرّق أغصانا؛ نحمده على ما أولانا؛ ونشكره على ما ولّانا، ونرغب إليه في مزيد ألطافه التي شملت أقصانا وأدنانا؛ ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة كالشمس لا تدع في الأرض مكانا؛ ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي شيّد بنا لشريعته أركانا، وشدّ بعضنا ببعض لنكون كما شبّهنا به بنانا أو بنيانا؛ صلى الله عليه وعلى آله صلاة لا تتوانى، ورضي الله عن أصحابه والتابعين لهم بإحسان وزادهم إحسانا، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد: فإن من أعظم المبهجات لدينا، المنهجات لطريق السّرور إلينا،
الملهجات بوصف أكرم وارد علينا، هو الكتاب الشريف، بل السّحاب المطيف، بل البحر الذي يقذف دررا، ويقصّ عن السحاب أثرا، ويرفع سررا «1» ، ويطلع قمرا؛ ويطوّل أوضاحا وغررا، ويحدّث عن العجائب خبرا؛ بل ينشر الروض حبرا، ويهبّ الرياح سحرا، ويبرق ذهبه المموّة آصالا وبكرا؛ الصادر عن الحضرة الشريفة العالية السلطانية، الأعظمية، العالميّة، العادلية، الشاهنشاهية، الأخويّة، القانيّة، زادها الله شرفا، وأدام بها تحفا، وصاغ بها لكلّ سمع شنفا، وأيّدها بزائد مزيده حتّى تقول: حسبي وكفى؛ فإنه وصل صحبة المجلس السامي الأمير، الكبير، المقرّب، المجتبى، المرتضى، المختار، شرف الدين، مجد الإسلام، زين الأنام، جمال المقرّبين، مرتضى الملوك والسلاطين، الحاجّ أحمد الأشقر، والشوق إليه شديد، والتطلّع إليه كمثل العيد؛ فقرّبناه إلينا نجيّا، وتلقّينا منه مهديّا؛ وكأنّ السماء ألقت منه حليّا، أو أقلّت كوكبا درّيّا، أو مدّت من المجرّة درجا، وعطفت من مهنّدات البروق خلجا؛ وقدّت من سواد القلوب شطر كلّ سطر فيها، وأغارت مقلة كلّ ريم قام بسواد ناظره يفدّيها؛ وسرّحنا منه الحدق في حدائق، ونفحنا به للحقائب حقائق، واستطلعنا به شموس الافتقاد، واطّلعنا منه على نفوس نفائس الوداد؛ وصادف منّا قلبا صاديا إلى ما يروق من أخباره، وشوقا إلى ما يهبّ من نسيم دياره؛ وتطلّعنا إلى من يرد من رسله الكرام، ويقصّ علينا ما لا يستقصى من مواقع الغمام؛ وعلمنا منه ومما ذكره المقرّب الحاجّ شرف الدين أحمد ما للحضرة الشريفة عليه من نعمة يلتحف بملابسها، ويقتطف من مغارسها؛ وتجري في السّيف رونقا، وتزيّن بالكواكب أفقا، وتجرّ على الكثبان من الشّموس رداء مخلّقا «2» . وأحضرنا الحاجّ شرف الدين أحمد بين أيدينا الشريفة، وشملناه بحسن ملاحظتنا التي زادت تشريفه؛ وكان حضوره وركابنا الشريف يهيجان الصيد المحمود، ونحن نلهج بذكره عند انتهاز كل فرصة في الصّيود؛ وما
حصلنا فيه على لذّة ظفر إلا وتمنّينا أن يكون له فيها مشاركة شهود، أو أن يكون حاضرا يرى كيف يسهّل الله لنا بلوغ كلّ مقصود؛ وخرج معنا إلى المصايد، وتفرّج على الصائد؛ ورأى ما حفّ بموكبنا المنصور من ذوات الوبر والجناح، وما سخّر لنا من جياد الخيول من الرّياح؛ فشاهد ما أوتينا من الملك السّليمانيّ في سرعة السير، واختلاف ما جمع لنا من الإنس والوحش والطّير؛ واستغرقت أوقاتنا الشريفة في السؤال عن مزاجه الكريم، وما هو عليه من السّرور المستديم؛ والتأييد الذي انقلب به أولياؤه بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم؛ وتجدّدت المسرّات، بهذه البشائر المسرّات «1» ؛ وأضفنا هذه النعمة إلى ما نحمد الله عليه مما أيّدنا به من النصر والظّفر والتأييد، والنعم التي توالت إلينا ونحن نرجو المزيد؛ ونضاعف الحمد والشكر لله على هذه المواهب التي أطافت بنا بطاقاتها الثمينة، وأنارت في آفاقنا أقمارها المبينة؛ وشملت ملوك الإسلام نعمها من كل جانب، وأشرقت شموسها حتّى ملأت بأنوارها المشارق والمغارب.
وأما ما أتحفت به من البلكات «2» الشريفة فقد وصلت، وتقبّلت وقبّلت؛ وأكرمت لأن مهديها كريم، وأعظمت لأنها تحفة من عظيم؛ وأثنينا عليه بما طاب، وشكر بحرنا الزاخر جود أخيه السّحاب.
وأما الإشارة العالية إلى تقاضي تجهيزة من الملاكمين والسوقات فقد رسمنا بالانتهاء إليه، لأنه لا فرق بيننا وبين أخينا فيما يخصّ مراسمنا جميعا عليه؛ وقد
جهّز من الملاكمين والطين المختوم ما أمكن الآن، ومنه ما كنّا رسمنا باستعماله من البلكات باسمه الشريف وتأخر؛ فلما فرغ جهّز معه، وبعد هذا نجهّز من يتوجّه إلى حضرته العالية ليجدّد عهدا، ويؤدّي إليه ودّا؛ وما يتأخر إلا ريثما تنجلي السّحب المتوالية، ويمكن التوصّل سالما إلى حضرته العالية.
وأما غير هذا: فهو أنّ الحاج أحمد أحضر إلينا ورقة كريمة، بل درّة يتيمة؛ بخط يد الحضرة الشريفة فأعجبنا بها، ووجدناها في غاية الحسن التي لا يعدّ زهر الرياض لها مشبها؛ وما رأينا مثل ما كتب فيها، كأن السماء قد نظّمت في سطورها النجوم الزّهر من دراريها؛ فأكرم بيد كتبت سطورا اعترف بها الرّمح للقلم! واستمدّ السّحاب من طروسها الكرم! وجرت بجامد ذهب وسائل دم، وتنافست على إثباتها صحائفه وأقلامه ودويّه والجوّ والبروق والدّيم؛ وطلعت منها تباشير النّجاح، وتحاسد عليها مسك الليل وكافور الصّباح «1» ؛ واتفقت على معنى واحد وقد تنوّعت قسما، وأشرقت فتمنّت السماء أن تكون لها صحيفة والبرق قلما؛ فأرخصت قدر ياقوت «2» في التقليب، وحسّنت بمحاسنها هجران حبيب «3» ؛ لقد أوتيت من الخطّ غاية الكمال، وبسطت يد ابن هلال «4» فيه عن فم ابن هلال؛ فأما الوليّ فإنّه من أوليائها، وأنواؤه مما فاض من إنائها؛ طالما حدّق إليه أبو عليّ «5» فاختطف برقه أباه مقله، وفطن ابن أسد أنه لو أدركه أبوه لنسي شبله؛ فسبحان من صرّف في يمينه القلم بل الأقاليم، ووهبه من أفضل كلّ شيء ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*
«6» .
وقد أعيد المقرّب شرف الدين أحمد، وحمل من المشافهات الشريفة ما تفضّ على أخينا عقوده، وتفاض بروده؛ والحضرة الشريفة لا نقطع أخبارها عنّا التي تسرّ بأنبائه، وتسيّر بنجوم سمائه؛ لا زالت مناقبه مسموعة، والقلوب على ما يجمع كلمة الإيمان مجموعة. إن شاء الله تعالى.
تنبيه- أما الملطّفات التي كانت تكتب إلى هذا القان، فقد ذكر في «التثقيف» أنها في قطع الثلث، وكذا ما يكتب به بالمغليّ، فإنه يكون في القطع المذكور أيضا.
الجملة الثانية (في المكاتبات إلى من ملك توريز «1» وبغداد بعد موت أبي سعيد)
قد تقدّم أنه ملك توريز وبغداد بعد السلطان أبي سعيد (موسى خان) ثم محمد بن عبدجي «2» ، ثم الشيخ حسن الكبير، ثم ابنه الشيخ أويس، ثم ابنه حسن، ثم أخوه أحمد. ومنه انتزعها تمرلنك. وذكر في «التثقيف» أنّه ملك بعد أبي سعيد أرفاخان، ثم موسى خان، ثم طغاي تمرخان؛ بعد أن ذكر أنه لم يكتب إلى أحد بعد أبي سعيد بالمكاتبة المتقدّمة. ثم قال: ورأيت بخط القاضي ناصر الدّين بن النّشائي أن مكاتبة طغاي تمرخان كانت نظير مكاتبة أبي سعيد. ثم قال:
وهذا يدل على أنه لم يكاتب بذلك بعد أبي سعيد غير طغاي تمرخان المذكور.
قلت: وقد وقفت على مكاتبة عن الملك الناصر «محمد بن قلاوون» إلى
موسى خان المقدّم ذكره من إنشاء المقرّ الشهابيّ بن فضل الله، فيما ذكره صاحب «الدّرّ الملتقط» «1» جوابا عن كتاب ورد منه يذكر فيه النّصرة على عدوّ له؛ والقائم بتدبير دولته يومئذ علي باشا. بدأ فيها بعد الافتتاح بآية من القرآن الكريم في معنى النصر بقوله:
«إلى الحضرة الشريفة» إلى آخر الألقاب المناسبة «من أخيه ومحبه» ؛ ثم خطبة بعد ذلك مفتتحة ب «الحمد لله» . ثم «وبعد، فقد ورد الكتاب الشريف» . والخطاب ب «الحضرة الشريفة» . والاختتام بالدعاء. ولا خفاء في أن هذه نحو المكاتبة إلى أبي سعيد، لكني لم أقف على مقدار قطع الورق فيها، ولا صورة الكتاب. وهذه نسختها:
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
«2» .
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
«3» .
إلى الحضرة الشريفة العالية، السلطانيّة، الأعظميّة، العالميّة، العادليّة، الأوحديّة، الشاهنشاهيّة، القانيّة، الأخوية، الأخ العزيز، الكبير، المعظّم، موسى خان، أعزّ الله سلطانه، وثبّت بسعادة ملكه أوطانه. من أخيه ومحبّه، المخلص في حبّه، الصادق المودّة له في بعده وقربه.
الحمد لله الذي أيّد الإسلام بنصره، وضيّق على أعدائه مجال حصره، وجدّد بتأييده في زمانه ما تتحلّى به أعطاف عصره. نحمده عن الدّين الحنيف على نصرة أضاء لها الوجود بأسره، وأوقعت كلّ خارجيّ على الدّين والملك في قبضة أسره؛ ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة يخلص قائلها غاية اجتهاده،
ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حقّ جهاده، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تستقلّ ببشائرها أعباء عباده؛ وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فقد ورد الكتاب الشريف من الحضرة الشريفة العالية، السلطانيّة، القانيّة، أخينا وولدنا العزيز، المؤيّد بالنصر على الأعداء والفتح الوجيز؛ لا زالت دولته الشريفة دائمة الإقبال، متزيّدة تزيّد الهلال، على يد المجلسين الساميين، الأميرين، الكبيرين، عضدي الملوك والسلاطين:«دلنجي، وكراي» أدام الله تعالى عزّتهما- بالبشائر بنصرة الإسلام، وتأييد أخينا على عدوّه الخارجيّ على الدّين والملك. وحمدنا الله تعالى على هذه النّصرة، وتضاعفت بها المسرّة؛ ونحن كنّا خارجين بجميع العساكر والجيوش المنصورة الإسلاميّة، لنتساعد كلّنا على نصرة الإسلام. وما تأخّرنا إلا لمّا جاءت إلينا ممارى «1» الأخبار وما كنا تحقّقناها ثم تحقّقنا بحمد الله تعالى هذه الأخبار؛ وضربنا لها البشائر في سائر الأقطار، وعرفنا بها عناية الله تعالى بأخذ المسلمين بنواصي الكفّار؛ وقيام الجناب الكريم العالي الأمير الكبير النّوين «2» العادل المعظّم علي باشا، أعزّ الله تعالى نصرته في إعادة الحقّ إلى أهله، وصبره على ما سبق به كلّ أحد إلى جميل فعله، واجتهاده في هذا الأمر الاجتهاد الذي ما كان يطلب إلا من مثله؛ وكذلك الجنابات العالية الأمراء النّوينات الأكابر، زيدت سعادتهم! فإنّهم سارعوا إلى ما كان يجب ويتعين عليهم في خدمة سلطانه، ومن هو أحقّ بهم وأولى من عظيم عظم قانهم؛ وما من الأمير النّوين العادل علي باشا وبقية الأمراء الأكابر إلا من قام بما كان عليه من العهود، وبذل اجتهاده حتّى حصل بحمد الله المقصود؛ وما قصّروا في قيامهم حتّى تسلم المستحقّ حقّه وميراثه وما هو أحقّ به وأولى. وهم- جزاهم الله الخير-
قد عملوا ما يجب عليهم، وبقي ما يجب على الحضرة الشريفة من الإحسان إليهم.
وأما قول الحضرة الشريفة: إنه مثل ولدنا فهو هكذا مثل الولد وأعزّ من الولد، وكلّ أحد منّا لأخيه في الاتّفاق على المصالح الإسلامية عضد ويد، وذخر وسند؛ وقد سبق من تآلف القلوب ما اشتدّت به الآن أواخيه، وأضحى له منّا شفقة الوالد على الولد وتوقير الأخ لأخيه؛ وقد أعدنا رسله الكرام وحمّلناهم مشافهة ووصية للحضرة الشريفة في أمور تقتضيها مصلحته، فإنه عندنا أعزّ من الولد. وما القصد إلّا الاتفاق على مصالح الإسلام، وما فيه نظام كلمة الوفاق [والوثام] ، فيديم المواصلة بكتبه وأخباره السارّة، والله تعالى يديم مسارّه ويضاعف مبارّه؛ إن شاء الله تعالى.
ولم أقف لهذه المكاتبة على قطع ورق، والظاهر أنها في قطع النصف لما سيأتي أنه الذي عليه الحال في مكاتبة صاحب بغداد وتوريز، فيما بعد إن شاء الله تعالى.
واعلم أن صاحب «التثقيف» قد ذكر أن المكاتبة إلى الشيخ أويس «1» :
صاحب بغداد وتوريز، وابنه حسن بعده في ورق قطع النصف. ورسمها:«أعزّ الله تعالى أنصار المقام الشريف العالي، الكبيريّ، السلطانيّ، العالميّ، العادليّ، المجاهديّ، المؤيديّ، المرابطيّ، المنصوريّ، الملكيّ، الفلانيّ» بلقب السلطنة «الفلانيّ» بلقبه الخاص. والدعاء بما يناسبه «أصدرناها إلى المقام الشريف تهدي وتبدي» و «القصد من المقام الشريف» . ويختم بدعاء يناسب، مثل:«أعز الله أنصاره» ونحو ذلك. ومخاطبته ب «المقام الشريف» . والعنوان «المقام الشريف» إلى آخر الألقاب المذكورة. والدعاء «أعز الله تعالى أنصاره» . وتعريفه «فلان بهادرخان» مثل أن يقال: «الشيخ حسن
بهادرخان» . والعلامة إليه «أخوه» . قال في «التثقيف» : وكان الشيخ أويس المذكور عند استقراره بتوريز وبغداد يكتب له «المقام العالي» ، ثم كتب له بعد ذلك «المقام الشريف» .
وهذه نسخة مكاتبة كتب بها إلى الشيخ أويس المقدّم ذكره، جوابا عن كتاب ورد منه، من إنشاء القاضي تقيّ الدين ابن ناظر الجيش «1» ، حين كان يكتب إليه «المقام العالي» لابتداء أمره، على ما تقدّم، وهي:
أعزّ الله تعالى أنصار المقام العالي، إلى آخر ألقابه، ولا زال الملك زاهرا زاهيا بشرف سلطانه، والفلك يجري بإعزاز قدره، وإحراز نصره، مدى زمانه؛ والفتك منه بالأعداء يسرّ الأولياء من أهل مودّته وإخوانه، وسلك جواهر عقد ولائه منظّما من الإخلاص بجمانه؛ ولا برح مؤيّدا بأنصار الإسلام وأعوانه، مجدّدا سعده الذي يبلّغه جميل أوطاره في جميع أوطانه.
أصدرناها إلى المقام العالي تصف ما لدينا من المحبّة التي ظهر دليلها بواضح برهانه، وتبثّ إلينا مكنون المودّة التي تغنى عن صريح القول وتبيانه؛ وتبدي لعلمه الكريم أن كتابه الكريم ورد على يد فلان رسوله فأقبلنا عليه، وصرفنا وجه الكرامة إليه؛ وعلمنا ما تضمّنه من محبّته وموالاته، ومخالصته ومصافاته؛ وما اشتمل عليه ضميره من صحيح الوداد، وصريح الاتّحاد؛ وجميل الاعتقاد، وجزيل المخالصة التي يتم بها الأمل والمراد. وأن المقام العالي جهز رسوله المشار إليه ليوضّح إلينا ما هو عليه من ذلك، وينهي إلينا أسباب الائتلاف التي عمرت أرجاء الجهتين هنا وهنالك؛ ويبدي ما تحمّله عنه من المشافهات، وتفهّمه من الرسائل والإشارات؛ وقد أحطنا علما بذلك ووصل رسوله المذكور، وتمثّل
بمواقف سلطاننا المنصور؛ وشمله إقبالنا الشريف، وإنعامنا المطيف؛ وسمعنا جميع كلامه، وما تحمّله من المشافهة الكريمة من عالي مقامه؛ وشكرنا محبّة المقام العالي وودّه الجميل، وأثنينا على موالاته التي لا نميد عنها ولا نميل، وابتهجنا بسلامة مقامه الجليل. وقد أعدنا فلانا رسوله المذكور بهذا الجواب الشريف، إلى المقام العالي أعزّ الله أنصاره، فيتحف بمكاتباته ومهمّاته، والله تعالى يمدّه بالتأييد في حركاته وسكناته، ويعزّ نصره ويزيد في حياته.
أما المنفرد بتوريز خاصّة، فقد ذكر في «التثقيف» أنّ المكاتبة إلى الأشرف (ابن علاء الدين تمرتاش) الذي كان قد وثب على تبريز خاصّة فملكها، في قطع الثلث بقلم التوقيعات «ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميريّ الكبيريّ» وبقية الألقاب والنّعوت، ومنها النّوينيّ. ثم الدعاء. «صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي وتوضّح» والعلامة «أخوه» . وتعريفه «الأشرف بن تمرتاش» .
ثم ذكر أنّ أخي حق الذي وثب عليه وقتله واستولى على تبريز بعده استقرّت مكاتبته كذلك، وأنه كان يكتب في تعريفه «أخي» لا غير. ثم قال: وقد ماتا وبطل ذلك.
(أبو بكر بن خواجا على شاه) وزير صاحب تبريز «الاسم» و «السامي» وتعريفه أبو بكر ابن الخواجا المرحوم علي شاه. قال في «التثقيف» : ولم أعلم وزّر في زمن من من المتولّين.
(عمر بك) أحد أمراء الأشرف بن تمرتاش صاحب تبريز في قطع الثلث، الدعاء «1» و «العالي» والعلامة «أخوه» وتعريفه «عمر بك» . قال في «التثقيف» : وهذا ممن بطل حكمه بزوال مخدومه.