الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم هذه المملكة بيد ثلاثة ملوك عظام من بني جنكزخان.
الأوّل- صاحب خوارزم ودشت القبجاق. وتعرف في القديم بمملكة صاحب السّرير، ثم عرفت في الدولة الجنكزخانيّة ببيت بركة «1» ، نسبة إلى بركة بن طوجي خان بن جنكزخان. وقاعدتها مدينة السّراي «2» وهي مدينة على نهر إتل «3» ، بناها بركة بن طوجي خان المقدّم ذكره. وقد تقدّم الكلام على ذلك مستوفى في الكلام على المسالك والممالك.
ثم فيها جملتان:
الجملة الأولى (في رسم المكاتبة إلى قانها القائم بها)
قال في «التعريف» : وكان صاحبها في الأيام الناصريّة «4» (يعني محمد بن قلاوون)«أزبك خان» . وقد خطب إليه السلطان فزوّجه بنتا تقرّبا إليه. قال: وما زال بين ملوك هذه المملكة وبين ملوكنا قديم اتّحاد، وصدق وداد؛ من أوّل أيام الظاهر بيبرس وإلى آخر وقت. ثم قال: والملك الآن فيهم [في أولاد أزبك]«5» :
إماتني بك، وإما جاني بك، وأظّنّها في تني بك. وقد تقدّم أن الملك بعد أزبك كان جاني بك لا تني بك، على خلاف ما ظنه في التعريف.
ورسم المكاتبة إلى قانها الجامع لحدودها قال في «التعريف» : والأغلب أن يكتب إليه بالمغليّ. وذلك مما كان يتولّاه ايتمش المحمّدي، وطايربغا الناصري،
وإرغدلق التّرجمان. ثم صار يتولّاه قوصون الساقي. ورأيت في بعض الدساتير نقلا عن القاضي علاء الدين بن فضل الله أنه كتب له مسودّة على أن تكتب له بالعربيّ ثم بطل وكتب بالمغلي. قال: فإن كتب له بالعربيّ، فرسم المكاتبة إليه ما يكتب إلى صاحب إيران.
وقد تقدّم نقلا عن «التعريف» أنه يكتب في قطع البغداديّ الكامل، يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة المكتتبة بالذهب المزمّك- بألقاب سلطاننا على عادة الطّغراوات؛ ثم تكمل الخطبة، ويفتتح ببعدية إلى أن تساق الألقاب، وهي:
«الحضرة الشريفة، العالية، السلطانية، الأعظميّة، الشاهنشاهيّة، الأوحدية، الأخوية، القانية. ولا يخلط فيها «الملكيّة» لهوانها عليهم. ثم يدعى له بالأدعية المعظّمة المفخّمة الملوكية: من إعزاز السلطان، ونصر الأعوان، وخلود الأيام، ورفع الأعلام، وتأييد الجنود، وتكثير البنود، وما يجري هذا المجرى. ثم يؤتى بذكر دوام الوداد والشّوق؛ ثم يذكر القصد؛ ثم يختم بدعاء جليل وتستعرض المراسيم ويوصف التطلّع إليها والتهافت عليها.
قال في «التثقيف» : وكان يكتب إلى أزبك في الأيام الناصرية «محمد بن قلاوون» في ورق عرض البغداديّ الكامل. وبعد البسملة الشريفة سطران هكذا:
بقوّة الله تعالى وميامن الملّة المحمدية ثم يخلى موضع بيت العلامة؛ ثم تكتب الألقاب السلطانية، وهي:
«السلطان الأعظم» وبقية الألقاب الشريفة على العادة حسب ما يأتي ذكره. ثم بعد الحمدلة وخطبة مختصرة جدّا: «فقد صدرت هذه [المكاتبة] إلى الحضرة الشريفة العالية، حضرة السلطان الكبير، الاخ، الشّفيق، العالم، العادل، القان الأعظم، الأوحد، شاهنشاه، الملك، أزبك إل خان؛ سلطان الإسلام والمسلمين، أوحد الملوك والسلاطين، عمدة الملك، سلطان المغل والقبجاق والتّرك، جمال ملوك الزمان، ركن بيت جنكزخان، معز طغاج، صاحب التّخت
والتاج، عضد المتقين، ذخر المؤمنين. والدعاء بما يناسبه. «فإننا نخصّه بالسلام واستعلام أخباره ونفاوض علمه الشريف» . قال: والكتابة بالذهب والأسود حسب ما تقدّم في المكاتبة إلى أبي سعيد، وكذا العنوان. ثم قال: ولم يكاتب أحد بعده بنظير ذلك. وكان قد ورد على الأبواب الشريفة في سنة ست وخمسين وسبعمائة كتاب جاني بك ابن أزبك، وكتب إليه الجواب الشريف بنظير الكتاب الوارد من عنده، وهو في ورق دون البغداديّ بثلاث أصابع مطبوقة، والافتتاح بخطبة مناسبة مكتتبة بالذهب جميعها، ثم أما بعد بالأسود خلا ما تقدّم ذكره في مكاتبة أبي سعيد. والعنوان بالذهب. والذي كتب إليه من الألقاب:«الحضرة الشريفة، العالية، السلطانيّة، الأعظميّة، العالمية، العادليّة، الأكملية، القانيّة، الأخويّة، العزيزية، الملكيّة، الشرفيّة زيدت عظمتها» . قال: ولما كان في العشر الآخر من ربيع الأوّل سنة ست وسبعين وسبعمائة، رسم لي بالكتابة إلى القان محمد ببلاد أزبك، وهو القائم مقام أزبك على ما قيل، على يد رسل الأبواب الشريفة، بالسلام والمودّة واستعلام الأخبار ونحو ذلك فكتبت إليه في عرض البغداديّ الكامل حسب ما رسم به، بخطبة مختصرة بالذهب، والبقيّة بالأسود والذهب على ما تقدّم ذكره في مكاتبة القان أبي سعيد. وكتب له من الألقاب بعد المراجعة:«المقام العالي، السلطانيّ، الكبيريّ، الملكيّ، الأكرميّ، الأعدليّ، الشمسيّ، شمس الدنيا والدين، مؤيّد الغزاة والمجاهدين، قاتل الكفرة والمشركين، وليّ أمير المؤمنين خلّدت سلطنته» . والعنوان بالذهب بغير تعريف. وعلم له في بيت العلامة الشريفة بالمغرة «1» العراقيّة «المشتاق شعبان» .
وهذه نسخة ما كتب إليه بعد البسملة الشريفة.
الحمد لله الذي وهبنا ملكا دانت له ملوك الأقطار؛ وازدانت الأسرّة والتّيجان بما له من عظمة وفخار؛ وأذعنت العظماء لعزّة سلطانه الذي شمل الأولياء وقصم
الأعداء ببرّه الجابر وقهره الجبّار؛ وقاد الجيوش إلى أن فتح الله على يديه الشريفتين معاقل الكفّار، بأمره الجاري على الرّقاب وعسكره الجرّار؛ ومنحه خدمة الحرمين الشريفين اللذين لم يزل لهما منه الانتصاب وبهما له الانتصار.
نحمده على أن جعل مملكتنا الشريفة هي محلّ الإمامة العباسية فلا جحود ولا إنكار، ومرتبتنا المنيفة بما عهد به إلينا أمير المؤمنين إلى قيام الساعة عليّة المقدار؛ ونشكره على أن أورثنا ملك أسلافنا الشّهداء فأقرّ العيون وسرّ الأسرار، وجعل السلطنة المعظمة في بيتنا المكرّم تنتقل تنقّل البدور في بروجها إلا أنها آمنة من السّرار «1» . ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لم نزل قائمين بنصرتها، قانتين بالإخلاص في كلمتها. لنعدّ بذلك من الأبرار، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله المؤيّد بملائكته، المخصوص بنبوّته ورسالته، الذي عظّم الله قدره على سائر الرّسل كما جاءت النصوص والأخبار، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل الدّار، صلاة دائمة باقية بدوام الليل والنهار، وسلّم.
أما بعد، فإنّ قلوب الأولياء وإن تناءت الأجسام متعارفة بالائتلاف، متقاربة على بعد الديار حيث لا تناكر بينها ولا اختلاف، لا سيّما ملوك الإسلام، الذين هم متّحدون بالمصافة والاستسلام؛ فإن سرائرهم لم تزل متدانية، وضمائرهم متكافية؛ هذا والمحبّة لبيته «2» الكريم قديمة، والمودّة بين الأسلاف لم تزل مستديمة؛ فلم نكن ورثنا ذلك عن كلالة «3» ، بل تبعنا فيه سبيل السلف الصالح على أحسن حالة: لما هو محكم من عقود الاتّحاد والولاء، حيث المحبة في الآباء صلة في الأبناء؛ وكان لنا مدّة مديدة وقد تأخرت رسلنا عن حضرته ولم تصدر من جهتنا الشريفة، كذلك ولا وردت رسل من جهته؛ ولم يشغلنا عن ذلك إلا
مواقعة الفرنج المخذولين أعداء الدين، ومقارعتهم في سائر السّواحل بشدّة البأس والتّمكين؛ إلى أن امكن الله عز وجل من نواصيهم وصياصيهم بنصر من عنده، كما قال تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
«1» .
والآن فقد صدرت هذه المكاتبة إلى المقام العالي السلطاني- وبقية الألقاب والنّعوت إلى آخرها حسب ما تقدّم ذكره- تخصّ مقامه بسلام أرقّ من النّسيم، وألطف مزاجا من التّسنيم «2» ؛ وثناء قد ازرى نشره بالعبير، وسرى بشره فغدت تتهلّل به الأسارير. وتبدي لعلم المقام العالي زيدت معدلته أنه لما يبلغنا من عدل الحضرة الشريفة، وإنصافة للرّعايا وتأمين سبل الجور المخيفة؛ وسلوكه سنن الإحسان، وتأكّد عقود المحبة على عادة من سلف في سالف الزمان؛ قصدنا مفاتحته بهذه المكاتبة، وأردنا بداءته بهذه المخاطبة؛ ليعلم ما نحن عليه من صحيح الوداد، وأكيد الاتّحاد، وجميل الاعتقاد، وحسن الموالاة الخالصة من شوائب الانتقاد؛ وجهّزنا بها رسلنا فلان وفلان ومن معهما نستدعي ودّه، ونستدني ولاءه الذي أحكم عقده، لتأكّد المصافاة بين هاتين الدّولتين، والمخالصة من كلتا الجهتين، والموالاة بين المملكتين؛ ويأمر المقام العالي لا زال عاليا بتردّد التّجّار من تلكم الديار، والمواصلة بالأخبار على حسب الاختيار؛ ومتابعة الرّسل والقصّاد، على أجمل وجه معتاد.
وقد وجّهنا إلى المقام العالي أعلى الله شأنه صحبة رسلنا المذكورين من الأقمشة السّكندريّ وغيرها على سبيل الهديّة، والمواهب السنيّة، ما تضمّنته الورقة المجهّزة طيّها؛ فليأمر المقام العالي دامت معدلته بتسليم ذلك، ويتيقّن وفور المحبة من سلطاننا المالك، وتأكّد أسباب المودّة على أجمل المسالك؛ والله تعالى يجمّل ببقاء سلطانه ملك الممالك، ويديم عدله المبسوط على الأولياء
ويرمي ببأسه الأعداء في مهاوي المهالك، ويخلّد ملكه الذي تفتخر بالملك من مقامه العالي السّرور والأرائك؛ بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّ صاحب «التثقيف» قد ذكر أن المكتوب إليه بهذه المكاتبة هو القائم مقام أزبك، وأن اسمه محمد، وأن المكاتبة إليه كانت في سنة ستّ وسبعين وسبعمائة. وقد تقدّم ذكر من ولي هذه المملكة بعد أزبك ولم يكن فيهم من اسمه محمد. وقد كان القائم بهذه المملكة في سنة ستّ وسبعين المذكورة اسمه «أرص» وهو الذي انتزع المملكة من أيبك خان المقدّم ذكره؛ وأصله من خوارزم على ما مرّ ذكره في الكلام على المسالك والممالك، فيحتمل أن يكون اسمه محمد وأرص لقب عليه، كما كان خدابندا والد أبي سعيد من ملوك إيران، اسمه محمد، ولقبه خدابندا. والأمر في ذلك راجع إلى النقل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قلت: وقد كتب في الدولة الناصرية «فرج» «1» بن الظاهر برقوق، للقان القائم بها في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة في قطع البغداديّ الكامل من الورق المصريّ المعمول على هيئة البغداديّ، ابتديء فيه بعد خمسة أوصال بياض بالبسملة في أعلى الوصل السادس، ببياض من جانبيها عرض إصبعين من كل جهة، والسطر الثاني على سمته في آخر الوصل، بخلوّ بياض من الجانبين بقدر السطر الأوّل، والطّغراة بينهما بألقاب سلطاننا على العادة، مكتوبة بالذهب بالقلم المحقّق مزمّك بالسواد، بأعلى الطّغراة قدر عرض ثلاثة أصابع بياضا، ومثل ذلك من أسفلها، وباقي السّطور بهامش من الجانب الأيمن على العادة، وبين كلّ سطرين قدر نصف ذراع القماش القاهريّ، والأسماء المعظّمة: من اسم الله
تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، واسم سلطاننا والسلطان المكتوب إليه، والضمير العائد على واحد منهما بالذّهب المزمّك كما تقدّم تقريره في الكلام على مكاتبة صاحب إيران في القديم.
وهذه نسخة مما أنشأته، كتبت بإشارة المقر العالي الفتحيّ: صاحب ديوان الإنشاء الشريف وهي:
الحمد لله مؤيّد سلطاننا «الناصر» بعزيز نصره، ورافع قدر مقامنا الشريف بإعلاء مناره وإعظام ذكره، ومشيّد أركان ملكنا الشامخ بإسعاد جدّه العالي والله غالب على أمره. نحمده على ما جنّب من مواقع الحرج، وجعل أمور رعايانا بمعدلتنا الشريفة بعد الضّيق إلى فرج؛ ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يتوارثها عظماء الملوك كابرا عن كابر، ويتناقلها منهم الخلف بعد السّلف فيسندها الناصر عن الظاهر؛ ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل نبيّ جمع بعموم دعوته مفترق الأمم، ووفّق بحنيفيّ ملّته بين أقيال العرب وأساورة العجم «1» ؛ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين آخى بينهم فسنّ المؤاخاة، ونقّى من نغل «2» الضّغائن صدورهم ففازوا بأكمل المصافاة وأتمّ الموافاة؛ صلاة تسير بفضلها الرّكائب، وتترنّم بذكرها الحداة فتعمّ نفحاتها المشارق والمغارب، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإنّ الأرواح إذا تمازجت تناجت بالضّمائر، والقلوب إذا تآلفت اغتنت بشواهد الحال عن إبراز ما في السّرائر، والأجساد إذا تباعدت تعلّلت
بالمكاتبات في بلوغ الأوطار، والدّيار إذا تناءت اكتفت بالمراسلة عن تقارب الدّار، والمودّة إذا صفت لا يؤثّر فيها البعاد، والمحبّة إذا صدقت لا تزال كلّ يوم في ازدياد؛ (والأذن تعشق قبل العين أحيانا) ، والوصف يحرّك من الشّوق أغصانا وأفنانا.
هذا وإنّ أحقّ ما اتّخذته الملوك ذريعة لدواعي الابتهاج، وأهمّ ما اهتمّ به متخّت بتخت أو متوّج بتاج؛ إحياء مذاهب الملوك السالفة في الوداد، واقتفاء آثارهم الجميلة في موارد المكاتبات على التّنائي والبعاد؛ ومن ثم صدرت هذه المكاتبة إلى المقام العالي، السلطانيّ، الكبيريّ، الأخويّ، الفلانيّ، ركن الملّة الإسلامية، عماد المملكة الجنكزخانيّة، ذخيرة الدين، خليل أمير المؤمنين- زيدت عظمته، ودامت معدلته- تخصّه بسلام تهبّ به الجنوب فتؤثّر به في الشّمال القبول «1» ، وتخصّ به إلى السّراى سراها ليكون لها ببيت بركة أشرف قدم وأكرم وصول؛ وتمدّ على خوارزم والدّشت فضل رواقه المديد؛ وتنشر على مملكة السّرير «2» لواءه فيعم ما بين جيحون وطرنا «3» ويشمل ما بين الخطا «4» والباب الحديد. وتناجي علمه الشريف بأنه غير خاف عن شريف مقامه أن من سلف من ملوك مملكتنا العالية الذّرى، والمملكة القانيّة المرفوعة الذّكر رفع نار القرى؛ لم تزل ملوكهم مجتمعة مع تنائي الدّيار، مؤتلفة على المحبّة وإن شطّ المزار، محافظين على تتابع الرّسل وإن حال دونهم الصّفاح «5» ، مثابرين على توارد الكتب
ولو على أجنحة الطير ومتون الرّياح؛ وقد مضت مدّة مديدة لم يقدم علينا من المقام الشريف- عظّم الله تعالى شأنه- رسول يطفيء لواعج الاشتياق، ولا ورد عنه كتاب يتعلّل المحبّ بتلقّيه عن حقيقة التّلاق؛ بل سدّ باب المكاتبة حتّى كأنّ المكاتبة لم تخلق؛ وأغلق باب المراسلة وإن كان باب المحبّة- بحمد الله- لم يغلق؛ فطمح بخاطرنا الشريف طامح الشوق المتزايد، وحملنا موصول المحبّة المستغني بمواصلته عن الصّلة والعائد، أن نفاتح المقام العالي دامت معدلته بهذه المفاوضة: لتجدّد من العهود القديمة رسومها، وتطلع من مشارق المخاطبة نجومها؛ وتنسخ آية الهجران وتمحوها، وتصقل مرآة المصافاة وتجلوها، وتستجلب الأنس وإن صحّ الميثاق، وتذكّر الخواطر الوداد وإن ثبتت منه الأصول ورسخت الأعراق، وتنوب عن نظرنا الشريف في مشاهدة محيّاه الكريم، ومصافحة كفّه التي حديث ودّها قديم، وتستطلع أخباره، وتستعرض على تعاقب الأزمان أوطاره.
وقد اخترنا لتبليغ رسالتها، وأداء أمانتها، المجلس السامي المقرّب الأمين خواجا فلان أعزّه الله تعالى، وحمّلناه من السلام ما يهتدي بضوئه الساري، ويفوق بعرفه العنبر الشّحريّ «1» والمسك الدّاري «2» : ليحكم بحسن السّفارة من المخالصة مبانيها، ويعقد منها بمتابعة الرّسل والقصّاد أواخيها؛ وجهّزنا صحبته كذا وكذا على سبيل الهديّة المندوب بذلها وقبولها، والحاكم بصحة عقد المحبّة كثيرها وقليلها؛ والله تعالى يزيد في ارتفاع قدره الخطير، ويحوط به من ملكه الجنكزخاني ما يحقّق أنه صاحب التاج والسّرير.