الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استجلائه، وتحقّق أنبائه، لتسحبوا له أثواب الجذل ضافية، وتردوا به موارد الأمل صافية؛ فإنما هو ستر الله شمل أنفسكم وحريمكم، وأمانه كفل ظاعنكم ومقيمكم، فقرّطوا به الآذان [وبشّروا به الإقامة والأذان]«1» وتملّوا بالعيش في ظلّه، وواظبوا حمد الله وليّ الحمد وأهله، وانشروا فوق أعواد المنابر من خطابه راية ميمونة الطائر، واجعلوا هذه البشارة سجلّا في فرقان البشائر؛ فشكر الله سبحانه يستدعي المزيد من نعمه، ويضمن اتّصال كرمه، وعرّفوا بذلك من يليكم من الرعيّة ليأخذ مثل أخذكم، ويلحظ هذا الأمر بمثل لحظكم، فحقيق عليكم أن تشيدوا بهذا الخبر في الحاضر والباد، وتجعلوا يوم عاشوراء الذي تجلّى فيه هذا الصّنع ثالث الأعياد، والله سبحانه يجعله للمسرّات عنوانا ويطلع علينا وعليكم وجوه صنعه غرّا حسانا، والسلام الكريم يخصّكم ورحمة الله وبركاته.
الأسلوب الثالث (أن تفتتح المكاتبة بلفظ «أما بعد» )
والرسم فيه أن يقال أما بعد حمد الله، أو أما بعد فالحمد لله، ويؤتى بخطبة.
ثم يقال: فإنا كتبناه إليكم من موضع كذا كتب الله لكم كذا وكذا؛ ثم يتخلّص إلى المقصود ويؤتى عليه إلى آخره، ويختم بالدعاء ثم بالسلام.
كما كتب ابن الخطيب عن ابن الأحمر من الأندلس.
أما بعد حمد الله محسن العواقب، ومخلّد المناقب، ومعلي المراقي في درج عليّة المراقب، ومسخّر النجم الثاقب، في الغسق الواقب «2» ، والكفيل بالحسنى للمتوكّل عليه المراقب، ناسخ التمحيص، بالعناية والتخصيص، لتظهر حكمة المثيب والمعاقب.
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله الماحي الحاشر العاقب، ذي القدر المسامي للزّهر المصاقب.
والرضا عن آله الذين كانوا في سماء ملّته لهداية أمته كالشّهب الثّواقب، فإنا كتبناه إليكم- كتب الله لكم توالي المواهب، ووضوح المذاهب، ووقوف الدهر لديكم موقف الثائب من القدح النائب، ووالى لديكم مفاتحة الكتب المهنّئة بفتوح الكتائب- من حمراء غرناطة- حرسها الله- وفضل الله بتعرّف صنعه لكم هامي السّحائب، وكفيل بنيل الرغائب؛ والسرور بما سناه الله لكم من استقامة أحوالكم شأن الشاهد والغائب، والرائح والآئب.
والحمد لله على ما توالى من الألطاف والعجائب. وقد وصل كتابكم الذي أكّد السّرور وأصّله، وأجمل مقتضى البشرى وفصّله، ونظّم خبر الفتح ووصّله، وراش سهم السّعادة والسّداد والعناية والإمداد، ونصّله «1» ، وأحرز حظّ السعادة وحصّله، تعرفون ما أتاح لكم اللطيف الخبير، والوليّ النصير، من الصّنع الذي اتّسق نظامه، والنصر الذي سنّت في أمّ الكتاب أحكامه، والعز الذي خفقت أعلامه، والتوفيق الذي قرطست الغرض «2» سهامه، وأنكم من بعد الكائنة التي راش «3» لطف الله بها وجبر، وأحسن الخير وأدال الخبر، وجعل العاقبة الحسنى لمن صبر، جهزتم الجيوش المختارة، والعساكر الجرّارة، يقودها الخلصان من الوزراء، وتتقدّم رايتها ميامن الآراء، فكتب الله ثبات أقدامها، وتولّى نصر أعلامها؛ ولم يكن إلا أن حمي وطيس النّزال، ورجفت الأرض لهول الزّلزال، وتعوطيت كؤوس الآجال، في ضنك المجال؛ ودجا القتام «4» ، وتوهّم مع فضل الله الاغتنام، وعبس الوجه العبّاس وضحك النّصل البسّام، وأورد الخيل موارد الطّعان الإقدام، فكان لحزبكم الظهور الذي حكّم المهنّدة في الرّقاب، والسّمر الطّوال في الثّغر ثم في الأعقاب، وبشّرت برؤية هلال الفتح عيون الارتقاب، وحطّ عن