الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متكّلف قضية بحكمنا يعافها؛ والذي بيده لا نستكثره، بل نستقصره عن حقه ونستصغره؛ وما ناولناه لفتح أرضه السّلاح، ولا أعرناه لملك مركزه النّجاح؛ إلا على سخاء من النفس به وبأمثاله، على علم منّا أنه لا يقعد عنّا إذا قامت [الحرب] بنفسه وماله؛ فلا نكن به ظنّا أحسن منه فعلا، ولا نرضى وقد جعلنا الله أهلا أن لا نراه لنصرنا أهلا؛ وليستشر أهل الرّشاد فإنهم [لا يألونه]«1» حقّا واستنهاضا، وليعص أهل الغواية فانهم إنما يتغالون «2» به لمصالحهم أغراضا؛ ومن بيته يظعن، وإلى بيته يقفل «3» ؛ وهو يجيبنا جواب مثله لمثلنا، وينوى في هذه الزيارة جمع شمل الإسلام قبل نيّة جمع شملنا؛ ولا تقعد به في الله نهضة قائم، ولا تخذله عزمة عازم، ولا يستفت فيها فوت طالب ولا تأخذه في الله لومة لائم؛ فإنما هي سفرة قاصدة، وزجرة واحدة؛ فإذا هو قد بيّض الصحيفة والوجه والذّكر والسّمعة، ودان الله أحسن دين فلا حرج عليه إن فاء إلى أرضه بالرّجعة؛ وليتدبّر ما كتبناه، وليتفهّم ما أردناه؛ وليقدّم الاستخارة، فإنها سراج الاستنارة [وليغضب لله ورسوله ولدينه ولأخيه فانها مكان الاستغضاب والاستشارة]«4» وليحضر حتّى يشاهد أولادا لأخيه يستشعرون لفرقته غمّا، وقد عاشوا ما عاشوا لا يعرفون أن لهم مع عمّهم عمّا؛ والله سبحانه يلهمه توفيقا! ويسلك به إليه طريقا؛ وينجدنا به سيفا لرقبة الكفر مرقا «5» ولدمه مريقا؛ ويجعله في مضمار الطاعات سابقا لا مسبوقا.
الأسلوب الثالث (أن تفتتح المكاتبة بلفظ «هذه المكاتبة إلى المجلس»
وهذه نسخة كتاب من هذا الاسلوب بالإخبار بفتح أيلة التي تحت العقبة في ممّر حجّاج مصر. وهي:
هذه المكاتبة إلى المجلس الفلاني أعلى الله سلطانه، وعمر بالنجاح آماله وبالسعادة أوطانه، ولا زالت يد النصر تصرّف يوم اللّقاء عنانه، ويد لطف الله تفيض على الخلق يوم العلياء عنانه «1» ، وتمكّن من هام الأعداء ونحورهم سيفه وسنانه؛ (نشعره) أنه لم تزل عوائد «2» الله سبحانه عندنا متكفّلة ما يوجب أن يبدأ الحمد ويعاد، مقرّبة لنا من الآمال كلّ ما كان رهين نأي وبعاد، موافقة لنا بالتوفيق فكأننا وإياه على ميعاد، معينة لنا على ما يعتدّه الغاشّ معاش وعيد معاد. وقد كان ما علم من غزوتنا إلى أيلة التي اتخذها العدو معقلا، وتديّرها «3» منزلا، وعدّها موئلا؛ وغاض بها رونق الجملة «4» ، وفاض «5» بها أهل القبلة، وصارت على مدارج الأنفاس، وعلى مراصد الافتراص «6» والافتراس؛ وخصّت الحرمين بأعظم قادح، واشتد عن حادثتها «7» من لطف الله أعظم فاتح؛ ولما توجّهنا إليها، ونزلنا عليها؛ شاهدنا قلعة يحتاج راميها إلى الدّهر المديد، والأمل البعيد، والزاد العتيد، والبأس الشديد؛ تنبو بعطف جامح عن الخطبة «8» ، وتعرض بذكر مانع عن الضربة؛ وتعطف بأنف على السّحاب شامخ، وتطلع في الصباح بوجه شادخ «9» ، كأنما بينها وبين الأيّام ذمام، وكأنّ نار الحوادث إذا بلغت ماءها برد وسلام؛ فأطفنا بها متبصّرين، ونزلنا من ناحية البرّ بها مفكّرين؛ وبينا نحن نأمر بالحرب أن يشبّ أوارها، وبالخيل أن تسيّر أسرارها «10» ، وبنار اللّقاء أن يستطير شرارها، وبقناطير