الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض التشريعات والأحداث في السنة الثانية للهجرة
.
1 - تحويل القبلة:
كان صلى الله عليه وسلم يصلى إلى قبلة المقدس، ويحب أن يًصْرَف إلى الكعبة، وقال لجبريل:"وددت أن يَصْرِف اللهُ وجهي عن قبلة اليهود" فقال: إنّما أنا عبدٌ، فادع ربّك، واسأله (2).
فجعل يقلّب وجهه في السماء، يرجو ذلك؛ حتى أنزل الله عليه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
…
الآية} (3).
(1) سورة البقرة، الآيات 142 - 145.
(2)
ابن سعد، الطبقات الكبرى 1/ 241.من طريق الواقدي.
(3)
سورة البقرة، آية 144.
وذلك بعد ستة عشر شهرًا من مقدمه المدينة وقبل وقعة بدر بشهرين (1).
قال محمَّد بن كعب القرظي: ما خالف نبيٌّ نبيًّا قطّ في قبلة، ولا في سُنَّة إِلَّا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس حين قدم المدينة ستة عشر شهرًا. ثم قرأ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
…
الآية} (2).
وكان لله في جعل القبلة إِلى بيت المقدس، ثم تحويلها إِلى الكعبة، حِكَمٌ عظيمة، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين.
فأمّا المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
…
الآية} (3) وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم.
وأمّا المشركون، فقالوا: كما رجع إِلى قبلتنا (أي الكعبة)؛ يوشك أن يرجع إِلى ديننا، وما رجع إِليها إِلَّا أنّه الحقّ.
وأمّا اليهود؛ فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيَّا لكان يصلي إِلى قبلة الأنبياء. وأمّا المنافقون؛ فقالوا: ما يدري محمَّد أين يتوجّه، إِن كانت الأولى حقَّا فقد تركها، وإِن كانت الثانية هي الحق؛ فقد كان على باطل.
وكثرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى.:{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (4)، وكانت محنة من الله امتحن بها عباده، ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه (5).
(1) ابن القيم، زاد المعاد 3/ 66. وعند ابن اسحاق (ابن هشام) 2/ 227: أنها في رجب على رأس سبعة عشر شهرا. وهي موافقة لرواية مسلم في الصحيح عن البراء من طريق أبي الأحوص ح 525.
(2)
سورة الشورى، آية 13. وانظر ابن سعد، المصدر السابق 1/ 243.
(3)
سورة آل عمران، آية 7.
(4)
سورة البقرة، آية 143.
(5)
ابن القيم، زاد المعاد 3/ 66 - 67.